كتاب جديد يكشف أسرار هند رستم

طارق الطاهر (القاهرة) 25 مارس 2018

بالتأكيد تستحق الفنانة الكبيرة الراحلة هند رستم، الكثير من الألقاب التي تميزها عن أبناء جيلها، فهي الفاتنة التي استطاعت أن تحقق لنفسها أسطورتها الخاصة، فأفلامها علامات مميزة في تاريخ السينما المصرية والعربية، ورغم علاقاتها بالوسط الفني وامتلاكها أسراراً كثيرة، إلا أنها رفضت دائماً أن تكتب سيرتها الذاتية، مبرّرة ذلك بقولها: «حياتي الشخصية ليست للبيع، ثم إن فيها أطرافاً أخرى لا أستطيع أن أجرح ذكراهم وأفضح أسرارهم»، من هنا تأتي أهمية كتاب الناقد الفني والصحافي أيمن الحكيم، الصادر مؤخراً عن دار الكرمة بعنوان «ذكرياتي هند رستم»، إذ جلس معها طويلاً في العام 1994، وتمكن من أن يخرج بهذا الكنز الذي تتحدث فيه هند بصراحة وشجاعة عن شخصيات ومواقف تعرضت لها.


هند رستم تتذكر طفولتها
بعد مقدمة أيمن الحكيم، التي روى فيها تفاصيل معرفته بالفنانة الكبيرة هند رستم، والصداقة التي امتدت بينهما لسنوات طويلة، يروي جانباً من ذكرياتها، ويبدأها بحديثها عن طفولتها: «مرحلة الطفولة والصبا هي أجمل سنوات العمر، وما زالت ذكرياتي تحمل منها الكثير. أذكر مولدي في «محرم بك» بالإسكندرية، أذكر أيامي في مدرسة «سان فنسان دي بول»، وأذكر أيام الشقاوة والبراءة والمرح. والدي هو اللواء حسين مراد، كان ضابطاً بالشرطة المصرية، ما زلت أذكر ملامحه الجميلة، وسامته، وقامته الفارعة، في صباي تمنيت أن أتزوج من رجل في مثل جماله وأناقته، فعندما كان يرتدي البدلة الميري كان يشبه نجوم السينما، وأعتقد أن الأستاذ سعد الدين وهبة يعرفه، فقد عمل تحت قيادته في فترة من الفترات، عندما كان ضابطاً في البوليس، وقد رفض عملي في السينما، وقاطعني حتى تزوجت.
وتكشف هند رستم سراً من أسرارها الشخصية، تبرر فيه طريقة مشيتها اللافتة للأنظار: «بسبب شقاوتي وأنا طفلة، أصبت في حادث كاد يكلفني حياتي، فقد صدمتني سيارة مسرعة وأنا أسير بدراجتي، وانكسرت ساقي ودخلت المستشفى، وخرجت منه بعاهة في الركبة أثرت على مشيتي حتى الآن، وكثيرون رأوا في هذه المشية قمة الأنوثة والدلع، وأنها تشبه مشية ممثلة الإغراء الأميركية الشهيرة مارلين مونرو!».
شغف هند بالسينما يعود الى مرحلة الطفولة: «في طفولتي كنت أحب السينما، وتعلقت بالممثلة الشابة الجميلة الأميركية – أو الإسبانية المتأمركة وريتا هيوارث، وواظبت على حضور أفلامها.كما أعجبت بالممثلة الأميركية لانا تيرنر، وكنت شغوفة بأدوارها وأعمالها، ومع ذلك لم أفكر في هذه الفترة أن أصبح ممثلة، حتى كانت المصادفة التي أدخلتني عالم الفن».

الصدفة جعلتها ممثلة
لم تخطط هند رستم لكي تصبح ممثلة، بل قادتها الصدفة الى هذا الأمر: «الصدفة وحدها هي التي قادتني إلى طريق الفن، هذا الطريق الذي لم أكن أتخيل أنني سأسير فيه حتى النهاية، فذات يوم ذهبت لمشاهدة فيلم في سينما كوزموس، وهناك تعرفت على فتاة في مثل سني مغرمة بالفن، وبعدها عرضت عليَّ الذهاب معها إلى شركة الأفلام المتحدة، للتقدم للمسابقة التي أعلنت عنها الشركة لاختيار مجموعة من الوجوه الجديدة للاشتراك في فيلمها القادم «أزهار وأشواك»، لم أتردد وذهبت مع الفتاة، لأنني اعتقدت أنني سأقابل هناك نجوم السينما الذين أحبهم وأشاهدهم على الشاشة. وذهبنا إلى المكتب، وجلست مع المتقدمات، وبعد فترة خرج علينا الأستاذ عز الدين ذو الفقار، وكان أيامها يعمل مساعداً لمحمد عبدالجواد، ونادى على صديقتي للمثول أمام اللجنة المشكلة لاختيار أفضل الوجوه الجديدة، ثم نظر إليَّ وقال إنت بتعرفي عربي كويس، قلت: أيوه أنا مصرية، المهم عرض عليَّ العمل في الفيلم، ووافقت بدون تردد، وحصلت في هذا الفيلم «أزهار وأشواك» على أجر قدره مائة وخمسون جنيهاً، أخذتها بالتقسيط، كان ذلك في العام 1947، وأعجبني العمل، فاشتركت بعد ذلك في العديد من الأفلام.

حسن الإمام صنع مني نجمة
تعترف هند رستم في هذه الذكريات، بأن المخرج الكبير حسن الإمام هو من نقلها من الأدوار الثانوية إلى أدوار البطولة: «حسن الإمام هو الذي صنع اسم هند رستم، هذه حقيقة لم أتنصل منها يوماً، بل أفخر بها دائماً، فقبله كنت مجرد ممثلة ناشئة تؤدي الأدوار الثانوية، ولا يشعر المخرجون بموهبتها، وكان هذا يحزنني، ولذلك كنت أبحث عن مخرج كبير يخرج الطاقات المدفونة بداخلي؛ حتى عثرت على حسن الإمام. كان أول لقاء مهم بحسن الإمام في فيلم «الملاك الظالم».

يوسف شاهين من المبدعين المجانين
تروي هند علاقتها بالمخرج يوسف شاهين قائلة: «عرفت في حياتي المبدعين المجانين، وكان جو على رأسهم، يوسف شاهين من المخرجين الذين أعتز بالعمل معهم، فهو مجنون سينما، لا يهمه شيء، حتى لو الممثل حيموت قدام عينه! وكان أول لقاء بيننا في فيلم «بابا أمين» العام 1950، مع حسين رياض وكمال الشناوي وفاتن حمامة وماري منيب، ثم فيلم «أنت حبيبي» العام 1957، مع فريد الأطرش وشادية وعبدالسلام النابلسي، وكان الفيلم الثالث هو «باب الحديد» العام 1958، والذي أحب أن أعتبره علامة مميزة في تاريخي الفني».

إسماعيل يس نجم النجوم
ترى هند رستم أن إسماعيل يس هو نجم النجوم في زمنهم، وتتذكر أول عمل معه: «وكان العمل معه حلماً لأي نجمة في جيلي، أذكر أول لقاء جمعني بإسماعيل يس كان في فيلم «ابن حميدو» العام 1957، وقبل هذا الفيلم لم نتقابل رغم أنه كان نجماً، وكنت أنا قد بدأت أحصل على بطولات مطلقة، ومع ذلك لم نلتق...  أيامها كان مكسر الدنيا، وكان الممثل الوحيد اللي بتتعمل أفلام باسمه... كان إنساناً بسيطاً جداً، متواضعاً جداً، ملتزماً جداً، خاصة في مواعيد التصوير، لأنه كان يدخل الاستوديو جاهزاً للعمل، ينزل من سيارته لابس هدوم الشخصية، ويا دوب خمس دقائق يعمل ماكياج ويقول للمخرج أنا جاهز».

صداقة مع عمالقة الصحافة والثقافة
لا تكتفي هند رستم بأن تروي ذكرياتها مع الفنانين الذين عملت معهم،  بل تتذكر صداقتها مع نجوم الصحافة في وقتها، ومنهم إحسان عبدالقدوس. ومن الشخصيات الثقافية المؤثرة التي التقت بها هند رستم؛ عباس محمود العقاد، الذي قال لها: «أنا اكتشفت دلوقت أن الأصل أروع كثيراً من الصورة، يا أستاذة هند أنت أقرب واحدة لشكل وتركيبة سارة (بطلة روايته الشهيرة)؛ بس أنت عصبية عنها شوية، وأنا أرشحك لتمثيل دورها في السينما».