منصورة عزّ الدين في 'وراء الفردوس'

ثقافة, كتاب وراء الفردوس, منصورة عزّ الدين, دار العين, جائزة الشيخ زايد للكتاب

01 أكتوبر 2009

الكتاب: «وراء الفردوس»
المؤلفة: منصورة عز الدين
الناشر: دار العين، ٢٠٠٩

عالم الأحلام والأوهام والهواجس هو العالم الذي تتبناه الروائية المصرية منصورة عزّ الدين كأرضية أساسية تبني عليها رواياتها من «ضوء مهتزّ» و«متاهة مريم» إلى «وراء الفردوس». إلاّ أنّ هذه الأخيرة تعرض الأحلام في شكل أقوى وهي أيضاً تُفرّغها من بُعدها الكابوسي لتتقاطع أكثر مع مفهومها وتفاسيرها في التراث الإسلامي. فتستشهد على سبيل المثال بكتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين، محاولة بذلك تخليص الأحلام من عبثيتها وإعطائها أفقاً أوسع. إنّها تتمسّك بالأحلام لتصنع عالماً أكثر حقيقة وعمقاً وإيحاءً، خصوصاً أنّ الكاتبة معروفة ببنائها السردي الذي يمزج الحلم باليقظة وتستخدمه ربما لتكريس أهمية الحلم الذي يُعدّ من وجهة نظرها جزءاً طبيعياً وجوهرياً من واقعنا. فالأحلام نتاج حياتنا العملية اليومية، لذلك تجد الكاتبة في عملية تفكيكها وإعادة بنائها إكتشافاً لحقيقة الواقع المُعاش.

العنوان يعكس محاولة الكاتبة في البحث عن مسألة ميتافيزيقية تتمثّل في أسئلة بطلة الرواية «سلمى» المتمحورة حول معنى «الفردوس» الشامل بكلّ ما يحمله من دلالات جميلة وإيجابية في زمن يغرق في الجحيم.

الريف هو الفضاء المركزي في الرواية، وبالرغم من أنّه مُقدّم في شكل مغاير لطبيعة الريف التي عرفناها في معظم الروايات المصرية، إلاّ أنّه ظلّ المكان الذي يؤثر الأسطورة على الواقع والحلم على الحقيقة.

فالأسطورة والحكايات الشعبية هي جزء من الوعي الريفي وهي تتواجد بكثافة في رواية منصورة عزّ الدين، ما يؤكّد أنّ ذاكرة المؤلفة مشبّعة بالموروث الأسطوري الذي أعطي المنجز الأدبي بعداً فلسفياً وأوجد فيه مناخاً روائياً خاصاً مفعماً بالعجائبي والغرائبي. ففي رواية «وراء الفردوس» نعثر على شخصيات تُعاني مأزقاً وجودياً فعلياً، لذلك تسير هذه الشخصيات معاً باتجاه حلم واحد: «الفردوس»... فتبحث كلّ واحدة منها عن فردوسها الخاص لإيجاد خلاصها الفردي من شرور الحياة وظلمها. وبالرغم من أنّ الراوية سلمى هي أنثى وتُعاني مشكلة حقيقية مع عائلتها التي لا تحترم فرديتها، إلاّ أنّ الرواية لا تندرج ضمن خانة الروايات «النسوية» الطاغية على كتابات الروائيات العربيات اليوم. فمنصورة عزّ الدين لم تنشغل بالهمّ النسائي بقدر اهتمامها بالهمّ الإنساني الذي غالباً ما يشغل رواياتها.