'سينالكول'

نقد, كاتبة, دار الآداب للنشر, إبداع, الياس خوري

23 أبريل 2012

الكتاب: «سينالكول»

الكاتب: الياس خوري

الناشر: دار «الآداب»


هي بيروت. ولا شيء غيرها. طائفية فانقسام. اختلافٌ فاغتراب. حربٌ فقتلٌ وموت... بيروت وحربها الأهلية التي امتدتّ على مدار خمسة عشر عاماً أصبحت الثيمة الأدبية الأكثر توهجاً وحضوراً في معظم الأعمال الإبداعية للكتّاب اللبنانيين منذ العام 1975 ولغاية اليوم.

بيروت وحربها الأهلية صارتا هويّة الأدب اللبناني. لم يستطع الكتّاب أن ينسلخوا عن ذاك الموضوع الأليم، الذي تحوّل في كتاباتهم إلى موضوع أثير.
ولا القارئ استطاع أن يتجاهل تلك الأعمال التي تروي له مرحلة من أكثر مراحل تاريخ بلاده حساسية وخوفاً وتطرّفاً.

بيروت وحربها الأهلية كانتا محوراً شائكاً في السياسة كما في الأدب. وظلّتا. الحرب الموجعة تلك انطفأت. إلاّ أنّ شرارتها الراكدة تحت رمادها البارد مازالت تلمع.
بين الحين والآخر تنتفض تلك الشرارة الحمراء بلون الدم لتُرعب بيروت وأهلها من اندلاع حرب جديدة مُحتملة. وموت مُفجع. وخوف متجدّد.

بيروت بحربها الأهلية عادت مرّة أخرى لتتوّج إنتاجاً أدبياً جديداً. هي رواية الكاتب والناقد اللبناني الياس خوري «سينالكول».
تنطلق الرواية من قصّة شقيقين هما نسيم وكريم يتباعدان بعد سنوات أمضياها معاً كتوأمين تاركين والدهما نصري شمّاس وحده خاسراً كلّ ما بناه في حياته، لتحكي لنا قصة لبنان المقسوم أو بالأحرى المُمزّق بين أبنائه المنشقين نتيجة إصابتهم بعلّة الطائفية التي لا شفاء منها.

أسلوب الياس خوري السردي في روايته الصادرة أخيراً عن دار «الآداب» لا يختلف كثيراً عن أسلوبه المعتاد في رواياته السابقة. «سينالكول» تحمل بصمة خوري المعروف ببنائه الروائي القائم على توالد الشخصيات والأحداث الكثيفة الواحدة من الآخرى، بطريقة سلسة ومُحكمة.

«سينالكول» هو الإسم الحركي لـ «كريم» الذي التحق خلال فترة دراسته الطبّ في بيروت بالحزب اليساري الذي واجه الأحزاب المسيحية اليمينية التي انضوى تحت لوائها أخوه الكسول في المدرسة والجريء في الحياة «نسيم».
وفي هذا الاسم الذي يعني في الإسبانية «بدون كحول» ترميز إلى الحالة الانتقالية التي عاشها لبنان من «اليسار» إلى «التديّن» بعد بروز الحركات الإسلامية المتشدّدة إثر انتهاء الحرب اللبنانية.

تنتهي الرواية بغرق شخصياتها في العتمة. ظلمة الحرب التي تهدأ دون أن تختفي. نهاية تفتح احتمالات حرب آتية. حرب متجدّدة. حرب مولودة من رحم حرب لم تنتهِ أصلاً.

رواية الياس خوري هذه قد تكون بمثابة تدوين إنساني- نفساني- اجتماعي لحقبة خطيرة كانت وما زالت راسخة في الذاكرة اللبنانية الجماعية.