السعودية تحتفل باليوم الوطني الـ 88 مسيرة من الإنجازات و«رؤية» متطلعة.... ونقلات تاريخية على مختلف الصعد

منصور الجبرتي 06 أكتوبر 2018
واصلت المملكة العربية السعودية مسيرتها التنموية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وانطلقت احتفالات باليوم الوطني الـ 88 بأكثر من 896 فعالية، شملت 10 مناطق وأكثر من 331 موقعاً، وسط نقلات نوعية على مختلف الصعد ورؤية طموحة تسعى إلى «التحول» وتحقيق المزيد من النجاحات والتطور.


وكتب الملك سلمان بن عبدالعزيز على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «الحمد لله الذي مَنَّ على بلادنا بنعمة الأمن والأمان والاستقرار، وأكرمنا بخدمة الحرمين الشريفين. نتطلع مع ذكرى يومنا الوطني المجيد إلى مزيد من الإنجاز لتحقيق الخير والازدهار للوطن وشعبه».

وأكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز أن الذكرى الثامنة والثمانين للمملكة العربية السعودية، مناسبة نستذكر فيها ما قام به مؤسّس بلادنا وباني نهضتها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأبناؤه البررة من بعده، منوهاً بما تشهده المملكة من نمو وازدهار تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وقال ولي العهد في هذه المناسبة: «إننا في يوم الوطن نفتخر بما حققه وطننا الغالي من مكانة دولية وإسلامية وعربية، ودور مؤثر في تحقيق الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وإنجازات اقتصادية وتنموية بعمل مؤسسي يهدف إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي والأمن الاجتماعي بجهود أبنائه وبناته، وبتضافر جميع الجهات الحكومية وإرساء مبادئ الشفافية والعدالة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، والسعي الجاد لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي تستشرف المستقبل وتسعى لوضع بلادنا الغالية في مقدّم الأمم بمتابعة دائمة وتوجيهات كريمة ودعم مستمر من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز».

وأضاف: «إن هذه المناسبة العزيزة تستوجب منا حمد الله سبحانه وتعالى على ما أكرم به بلادنا من خدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجّاج والمعتمرين والزوّار، وهي رعاية تجلّت في النجاح الكبير لموسم الحج الأخير، والثناء الدائم ممن أكرمه الله بأداء النسك على جهود حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها المضياف، وحرصها الدائم على التطوير المستمر للمشاعر المقدسة والخدمات، بما يكفل أداء النسك بكل يسر وسهولة».

واستطرد قائلاً: «إن وطننا الغالي الذي انطلق منه الإسلام وأُضيئت منه أنوار النبوة، سيظل متمسكاً بثوابت الدين الحنيف، دين الوسطية والاعتدال، ومحارِباً بلا هوادة التطرف والإرهاب وفقاً لما أكده خادم الحرمين الشريفين حين قال إن «لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحلّ يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لتحقيق أهدافه»، ولن يسمح لأحد أياً كان أن يعتدي على سيادة وطننا أو يعبث بأمنه. ولا تفوتنا في هذه المناسبة الغالية الإشادة بجهود أبناء وطننا المعطاء في كل الميادين، وفي مقدّمهم جنود الوطن وحُماة أمنه الذين سطّروا أروع الملاحم البطولية للذود عن الدين وحياض الوطن، داعياً الله سبحانه للشهداء بالرحمة والمغفرة وللمصابين بالشفاء».

وشهدت الحالة السياسية السعودية حراكاً متواصلاً إذ يأتي الاحتفال باليوم الوطني في الوقت الذي يستذكر فيه الجميع الدور المحوري الذي لعبته المملكة في دعم القضايا العربية والإسلامية، وحرصها على أن تكون صوت السلام وداعية الاستقرار وحاملة رسالة الأمن الدولي، فيما ظلّت قضية القدس قضية محورية في السياسة السعودية، وبدا ذلك جلياً في إعلان خادم الحرمين الشريفين خلال الجلسة الافتتاحية للقمّة العربية الـ29 التي احتضنتها مدينة الظهران (شرق السعودية) تسمية القمة باسم «قمة القدس»، قائلاً: «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين».

وحرصت السعودية على تعزيز علاقاتها الدولية إذ جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا لتعمّق أواصر الصداقة بين البلدين، وقد توّجت بتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وبرامج التعاون بين حكومتَي البلدين في العديد من المجالات، فيما حققت زيارات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرسمية الى عدد من الدول الشقيقة والصديقة، نتائج إيجابية ساهمت في تعزيز العلاقات بين المملكة وتلك الدول في مختلف المجالات، وشملت الزيارات جمهورية مصر العربية وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإسبانيا.

وفي إطار دعمها للأشقاء، قادت السعودية مع الكويت والإمارات تكتلاً من أجل دعم الأردن من خلال تقديم الدول الثلاث حزمةً من المساعدات الاقتصادية للأردن يصل إجمالي مبالغها إلى بليونين وخمسمئة مليون دولار أميركي، كما شهدت جدّة الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي، فيما افتتح خادم الحرمين الشريفين ورئيس وزراء جمهورية العراق الدكتور حيدر العبادي في قصر اليمامة في الرياض، الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - العراقي.

وبفضل جهودها الإصلاحية الواسعة النطاق التي قادتها رؤية 2030، صنّف تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي، السعودية من بين أفضل 20 بلداً إصلاحياً في العالم، والثانية بين أفضل البلدان ذات الدخل المرتفع ودول مجموعة العشرين من حيث تنفيذ إصلاحات تحسين مناخ الأعمال. وجاء إصدار خادم الحرمين الشريفين أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد ومنحها صلاحيات واسعة النطاق، خطوة في إطار الإصلاح وحماية المال العام ومحاربة كل أشكال الفساد، وهي اللجنة التي شرعت سريعاً في أعمالها إذ أوقفت عدداً من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين في إطار تحقيقاتها في قضايا الفساد.

وشهدت السعودية على مدار عام سلسلة من «النقلات النوعية الفريدة» بفضل القرارات والمبادرات الكبيرة على الصعيد الثقافي والترفيهي والمجتمعي، والتي رسمت خريطة جديدة للمشهد السعودي كان أبرزها السماح بافتتاح صالات السينما والسماح للمرأة بقيادة السيارة وتجديد مفاصل الثقافة وتغيير شكل التلفزيون الرسمي السعودي ودعم الحراك الترفيهي وغيرها من القرارات التي رسمت واقعاً جديداً للسعودية تحت مظلة رؤية 2030 الطموحة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تقف السعودية على أرضية اقتصادية صلبة، لا سيما أن اقتصادها يُعدّ بين الاقتصادات الـ 20 الأقوى في العالم، فضلاً عن موازنتها العالية، إذ إن موازنة عام 2002 تعادل موازنة التعليم اليوم فقط، مما يشير بوضوح إلى النمو الكبير الذي شهده الاقتصاد السعودي في الآونة الأخيرة.

وبفضل الرؤية الطموحة والحراك الاقتصادي الدؤوب، لم تعد الرياض تعتمد على النفط فقط، والذي أصبح لا يشكل إلا 40 في المئة من حجم الاقتصاد في ظل نمو القطاع الخاص، وبدا جلياً أن الاقتصاد شرع في بناء بنية تحتية ستؤهله خلال السنوات الـ5 المقبلة للدخول في مرحلة جديدة من النمو تضعه في مقدّم دول المنطقة تطوراً.

واحتفلت المدن السعودية باليوم الوطني في عامها الـ 88 إذ غطّى «اللون الأخضر» المباني والأبراج الشامخة بأعلام الوطن راية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، التي تَحقّقت تحت بيرقها قبل ثمانية عقود وحدةُ وطن لتبقى خفّاقة تُطاول عنان السماء، وسط أكثر من 896 فعالية، تشمل 10 مناطق وأكثر من 331 موقعاً.

وعلى امتداد الطرق والشوارع والميادين والأنفاق والمواقع المخصّصة لاستقبال العائلات والشباب للاحتفال باليوم الوطني، انتشرت الأعلام الوطنية لترسم بذلك لوحة عنوانها «للمجد والعلياء»، مستمدة من عمق تاريخها، فضلاً عن اللوحات التي تحمل عبارات وطنية وأخرى تعريفية ببرامج احتفالات العاصمة باليوم الوطني لهذا العام.

وشاركت Snapchat السعوديين أفراحهم إذ أطلقت باقة جديدة من الأدوات الإبداعية التي تتيح للمستخدمين الاحتفاء بهذه المناسبة الغالية والتعبير عن فخرهم واعتزازهم بهذا اليوم المميز.

ودخلت السعودية «موسوعة غينيس» بعد إطلاقها الألعاب النارية في 13 ‏منطقة في وقت واحد، من أكثر من 58 منصة إطلاق حول المملكة.


المرأة السعودية...

عهد التحولات

يعد عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز عهد التحولات التاريخية في مسيرة المرأة السعودية، إذ شهد تمكينها في المجالات كافة، فإضافة إلى قيادة السيارة، مُنحت المرأة السعودية عام 2018 عدداً من الحقوق، من أبرزها التمكين من إجراء الخدمات الحكومية كافة من دون اشتراط موافقة ولي الأمر، وصدور قرار تنظيم صندوق النفقة للمطلّقات، والسماح للأم الحاضنة بطلب صك إثبات حضانة من دون إقامة دعوى، ومنح متدرّبات القانون رخصة مزاولة المهنة، والسماح للفتيات بممارسة الرياضة في المدارس، وأيضاً السماح لهن بدخول الملاعب الرياضية.

ويأتي احتفال هذا العام باليوم الوطني والمرأة السعودية شامخة بإنجازاتها شموخ الجبال، وطموحها يعانق هامات السُّحب، ولعل من الشواهد على ذلك نسبتها في مجلس الشورى، التي تُعد من ضمن الأعلى عالمياً، مقارنةً بالمجالس المماثلة، كما شهد عام 2018 صدور أمر من الملك سلمان بن عبدالعزيز، قضى بتعيين الدكتورة تماضر يوسف الرماح نائباً لوزير العمل والتنمية الاجتماعية، على المرتبة «الممتازة»، وهو أول منصب قيادي تتولّاه سيدة سعودية في وزارة العمل.

وتطبيقاً لـ«رؤية 2030»، التي أظهرت اهتماماً كبيراً بتمكين المرأة السعودية من المناصب القيادية، تم تعيين سيدة سعودية مديرة لمستشفى حكومي في المنطقة الشرقية، هي الدكتورة نورة الأزيمع، التي أُسند إليها منصب مديرة مستشفى الولادة والأطفال في الدمام.

أما على الصعيد البلدي فتم تعيين إيمان عبدالله الغامدي مساعداً لرئيس بلدية محافظة الخُبر لتقنية المعلومات، إضافة إلى رئاسة قسم الخدمات النسائية. فيما تم تعيين ثلاث نساء رئيسات لثلاث بلديات فرعية في مدينة جدة، إذ تم تعيين رشا غازي المهنا رئيسةً لبلدية ذهبان (50 كلم شمال جدّة)، ووهبة حسين المهنا رئيسةً لبلدية الشرفية، ومريم أبو العينين رئيسةً للبلدية النسائية الفرعية ومسؤولةً عن أي نشاطات مخصّصة للنساء.

وبدأت وزارات سعودية عدة بفتح أبوابها لتوظيف النساء، وإفساح المجال أمامهن لتولّي المناصب القيادية، بما فيها بعض القطاعات الأمنية، مثل حرس الحدود، ومكافحة المخدرات، والجوازات، والمرور، والسجون، وكذلك الجمارك والمطارات السعودية.

وللمناسبة قدّمت الهيئة العامة للترفيه واحداً من أضخم العروض الترفيهية العالمية «سيرك دو سوليه»، في قلب العاصمة الرياض، في حدثٍ نظّمته مجموعة MBC وبثّته MBC1 مباشرة على الهواء.

شهد العرض تحطيم الرقم القياسي لضمّه أكبر عدد من استعراضيي السيرك العالمي في عرضٍ واحد صُمّمت فكرته ولوحاته الحيّة خصيصاً للمناسبة، كما شهد «استاد الملك فهد الدولي» في الرياض حضوراً جماهيرياً ضخماً فاق الـ 27 ألف متفرّج.