خناقة زوجية...
مشكلة / مشاكل الزواج, علم إجتماع, خلافات الزوجية, الطهو الصحي, خلافات العائلات, شهر رمضان
01 أغسطس 2011عزومات مفاجئة
رانيا إبراهيم، ربة منزل ماهرة جداً في الطهو، وزوجها عاشق للطعام الجيد، ورغم ذلك تكثر الخلافات بينهما في رمضان بسبب العزومات. وعن ذلك تقول: «زوجي أكول رغم أنه غير سمين، ولكنه يحب الأكل والاستمتاع بمذاقه الطيب. ومن نعم الله عليّ أنني ماهرة جداً في الطهو، وهو لا يكف عن إطلاق الطلبات حتى أذان المغرب، فتارة أكظم غيظي وتارة أنفجر، ولكن الانفجار الكبير يكون بعد كل عزومة مفاجئة يضعني في مواجهتها! فهو عاشق حقاً للعزومات المفاجئة، خاصة إذا قابل أحداً لم يره منذ فترة. وحاولت أكثر من مرة إقناعه بأنني يجب أن أعلم قبلها بوقت كافٍ، لأنني لا أحب أن يضعني في موقف محرج، فوارد جداً أن يكون الطعام غير لائق بالضيف أو الضيف لا يحبه، ولكن لا حياة لمن تنادي».
عبء نفسي
من جانبه، يقول أحمد عبد الحميد (باحث سياسي) إنه متزوج منذ أكثر من ست سنوات ويعيش في بيت العائلة مع أهله، ولم تسبب العزومات الرمضانية أي مشاكل بينه وبين زوجته، لأنها اجتماعية وتحب الترحيب بالضيوف، كما أنها تحب أهله لأنها ابنة عمه.
ويضيف: يبدو أن صلة القرابة بيني وبين زوجتي منحتني نعمة حُرم منها العديد من أصدقائي، فغالباً ما تزداد مشاكلهم مع زوجاتهم بسبب عزومات الأهل، فنظراً لتوتر العلاقة بين الزوجة وحماتها تشعر بأن العزومة عبء نفسي عليها، خاصة أنها محتقنة منها وتتجنبها طوال العام.
اتفاق مسبق
في المقابل تؤكد آسر ياسر، ربة منزل وناشطة حقوقية، أن رمضان شهر الخير والكرم، ولا يمكن أن ينشب بينها وبين زوجها أي خلاف بسبب العزومات، فقبل دخول رمضان يتفقان على ترتيب عزومات الأهل حيث تحتل الصدارة، وكل منهما يحدد ميعاد عزومة أهله بما يناسبهم ويخبر الآخر، بعدها تأتي عزومات الأصدقاء ويرتبانها معاً، وتقول آسر: نحن منزل منظم يتمتع بالكرم ويتهافت على الضيوف ويحب العزومات، فلا يمكن أن نختلف بسبب عزومة حتى لو كانت مفاجئة، فأهلاً بالضيف مهما كان وفي أي وقت، خاصة أن خير رمضان كثير والسفرة مستعدة للضيوف دائماً.
تكثر العزومات خلال شهر رمضان، ومعها تحدث أحياناً خلافات بين الأزواج حول تفاصيل وضيوف وتوقيتات تلك العزومات، لتشتعل الخلافات الزوجية بسبب عزومة رمضانية. فماذا يقول الأزواج والزوجات عن تلك المشاكل؟ وما هي أسبابها؟ وكيف يمكن تجنبها؟
إيمان الموجي، سكرتيرة تنفيذية، وقعت في مطب الخلافات الرمضانية الناشبة عن العزومات. تقول: «أول رمضان يمر عليّ في عش الزوجية فاجأني زوجي هيثم بعزومة كبيرة لأصدقائه ودعا إليها عدداً كبيراً، وما كان منه إلا إبلاغي بالميعاد لأستعد، وعندما رفضت لكثرة العدد اشتعلت خناقة كبرى بيننا، وأخبرني بأنه رجل المنزل وهو صاحب القرار، لتكون صدمتي الأولى في منزلي الجديد. وبعدما هدأت حاولت إقناعه بأن العدد كبير ولن تخرج العزومة بالشكل اللائق به، واقترحت عليه تقليل العدد قليلاً حتى وافق، فتنفست الصعداء». وتضيف: «زوجي دقيق في مواعيد الطعام، خاصة إذا كان لدينا ضيوف، ولا يقبل بالتأخير دقيقة في ترتيب السفرة للإفطار. لذا كانت المشكلة التالية بيننا بعد إنجاب طفلي «سيف الدين» وإبلاغه لي بأنه يريد عزومة أصدقائه على الإفطار. وبعد خناقة كبيرة استطعت إقناعه بأن يدعوهم إلى السحور حتى لا أتأخر في إعداد الإفطار خاصة أنني أعمل ولديَّ طفل رضيع أعتني به، فاقتنع ونفذ اقتراحي». وتؤكد إيمان أن العشرة بينهما جعلتها تعلم ما يريده زوجها، وبالتالي بدأت العمل على تقليل الصدامات في اختلاف الآراء، خاصة أن زوجها يريد أن يتباهى بمهاراتها المنزلية أمام أصدقائه.
يبتسم هيثم إبراهيم (مهندس كمبيوتر) ويلتقط أطراف الحديث من زوجته مؤكداً أنه زوج ديموقراطي، وقد اتفق مع إيمان منذ بداية الزواج على حل لأكبر مشكلة تثار بين الزوجين في رمضان وهي الإفطار عند أي من الأسرتين. ويقول: «تغلبت على تلك المشكلة بالاتفاق مع إيمان بأن يفطر كلانا لدى أسرته أول يوم حتى لا يُحرم أحد من أبويه، واليوم الثاني والثالث نمضيهما مع الأسرتين». ويضيف: «أنا زوج ديموقراطي ولا أفاجئها بعزومة كما يفعل الكثير من الرجال، خاصة أنها امرأة عاملة وأعلم جيداً أنها لا تتهاون في أن يبدو المنزل في أبهى صورة».
إتيكيت ومراسم
باتباع خطوات بسيطة في علم الإتيكيت يمكن للزوجين التغلب على مشاكل عزومات رمضان، هذا ما تؤكده خبيرة الإتيكيت ماغي الحكيم التي تنصح الزوجين بـ:
1- تجنب العزومات المفاجئة لأنها غير مناسبة سواء للضيف أو المضيف، ووارد أن يكون الضيف معزوماً في مكان آخر مما يوقعه في إحراج.
2- تحديد الزوجين تواريخ العزومات قبل بدء رمضان، مع وضع بدائل للتواريخ في حال اعتذار البعض عن عدم التلبية في مواعيد معيّنة.
3- تحديد مواعيد عزومات الأهل قبلها بوقت مسبق وباتفاق الزوجين. وغير مقبول عزومة أحد الطرفين لأهله فجأة، فقد يكون الآخر غير مستعد لاستقبالهما.
4- يمكن دعوة أصدقاء الزوجين حتى وإن لم يكونوا يعرفون بعضهم، فالمهم أن يكون بينهم شيء مشترك، كالهوايات أو أطفال في المرحلة العمرية نفسها.
5- يجب ألا يبالغ الزوج في الطلبات أمام الضيوف، ويمنح زوجته فرصة للترحيب بهم، لأنهم إذا شعروا بإجهادها سينصرفون مبكراً.
عادات وتقاليد
من جانبه، يرجع أستاذ علم الاجتماع الدكتور رفعت عبد الباسط الخلافات الزوجية التي تقع بسبب العزومات الرمضانية إلى العادات والتقاليد والموروث الثقافي الخاطئ «الذي هو السبب في تلك المشاكل، حتى وإن اختلفت أشكالها وصورها، لأن الزوج تربى على النظرية الذكورية وعدم مراعاة طاقة الآخر. وتحدث المشاكل الناتجة عن فرض العزومات على الزوجة دون أن يفكر في طاقتها، ولا يحاول تقليل الجهد الواقع عليها بمساعدتها، ولو في العزومات فقط، وينتظر منها أن تدير المنزل جيداً وأن تقابل الضيوف بوجه بشوش حتى لو كانت مرهقة، مما يزيد الخلافات».
ويرى الدكتور رفعت أنه من الموروث الثقافي أيضاً أن تنظر الحماة إلى زوجة الابن على إنها لصة سرقت ابنها وجعلته قاسي القلب، والكنّة أيضاً عندما تلمس ذلك الشعور تعامل حماتها بندية وجفاء... «هنا أنصح الجانب الأضعف، وهي الكنّة، بأن تعامل حماتها بشيء من الحنان، وتشعرها بأنها ابنة جديدة داخل الأسرة، لا إنسانة سرقت ابنها حتى تستطيع إنهاء هذا الجانب من الخلاف. وعلى الزوجة أن تفكر في كيفية تحسين معاملة زوجها لأمه وإخوته أكثر بعد الزواج حتى يحبوها أكثر، ولا تدع مكاناً لأي نزاع بينها وبين حماتها. هكذا تُحل الأمور بحكمة وتنتهي الخلافات». وفي النهاية ينصح عبد الباسط كل زوجة بالتفكير في حيلة ذكية تنهي بها خلافاتها مع زوجها، وينصح كل زوج بأن يكون رحيماً مع زوجته، وأن يعيشا معاً على الود والتراحم في جو سليم خالٍ من المشاكل.
حماتي
في المقابل تؤكد فاطمة (موظفة علاقات عامة) أن أكبر خلافات بينها وبين زوجها تنشب قبل عزومة حماتها وإخوته وبعدها، وتقول: «المشكلة أنهم لا يتقبلونني، ويرون أنني خطفته منهم. ورغم أن زوجي يعلم أن العلاقة بيننا غير جيدة، فإنه يصر على دعوتهم كثيراً في رمضان وأن نلبي عزوماتهم أكثر. وبالنسبة إلى حماتي فهي تتفنن في إثارة غضبي، مرة لا تأكل لأن الطعام الذي أعددته لا يعجبها، ومرة تتهمني بإهمال نظافة المنزل، ومرة تتعلل بأنها مريضة لا تأكل، وعندما نذهب إليها تلبية لعزومتها دائماً ما تتهمني بإبعاد ابنها عنها، وهي تعلم جيداً أنه يعمل في وظيفتين أكثر من 14 ساعة في اليوم».
ذكاء زوجة
أما حنان نصر، سيدة الأعمال ومنظمة مهرجان ملكة جمال العرب، فترى أنه يمكنها التغلب على أي خلاف زوجي قبل وقوعه، خاصة أنها لا تحب الصدامات والمشاكل، وتقول: «طبعاً الأولوية في العزومات للأهل، ثم الأصدقاء المقربين، ثم الأصدقاء العاديين وزملاء العمل. وأحدد غالبية المواعيد مع زوجي قبل رمضان غالباً، لأنه يعمل طياراً ويسافر كثيراً».
وتضيف: «قد أقع في مأزق عزومة أصدقاء لزوجي لا أحبهم، وأحاول تلافي سلبيات ذلك المأزق باقتراح العزومة خارج المنزل كي لا أمضي معهم وقتاً طويلاً. كما أني مقتنعة بأني لا أدخل المطبخ وأعد طعاماً إلا لمن أحبه، ورغم ذلك لا أجعل زوجي يشعر بأي تغير في معاملتي ولا يعلم حتى أنني لا أحبهم، فالزوجة الذكية هي التي لا تسمح لأي خلاف بأن يقع مع زوجها، لتستمتع بحياتها هادئة».