آمال أبو رقيق أول نجّارة في غزة

عمل المرأة, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, نساء فلسطين, غزة, نساء غزة

24 أكتوبر 2011

حملت آمال أبو رقيق من سكان مدينة النصيرات في قطاع غزة هوايتها الصغيرة حتى أصبحت الهواية حرفة ارتزقت منها في شبابها، متحدية بذلك احتكار الرجال لهذه المهنة. وتعتبر آمال من الفلسطينيات القليلات اللواتي تجرأن على العمل في المهن الشاقة. من يتجول في منجرة آمال داخل مركز التمكين يجد منحوتات متميزة كخريطة فلسطين ومفتاح العودة الخشبي الذي تصحبه معها أينما حلّت مفتخرة به، كونها تعتبره قطعة منها لا يمكن التفريط بها.


اتجهنا إلى حيث الورشة الصغيرة التابعة لمركز تمكين المرأة والمجتمع في وسط قطاع غزة، والتقينا آمال أبو رقيق (40 عاماً) التي تحدثت عن بدايتها: «في السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى كنت في زيارة لأهلي في النصيرات، ولم أستطع العودة مع ابنتي إلى حيث يقطن زوجي في مدينة الرملة في الأراضي المحتلة عام 1948. والسبب عدم حصولي على لمّ شمل أو إقامة في مدينة الرملة، كوني من سكان غزة، واحمل الهوية الفلسطينية. وقد حاولت العودة مراراً، إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل، وفي ظل تنكّر زوجي لي، وعدم اهتمامه بي وبابنتي التي تعاني من إعاقة ذهنية خفيفة، اضطررت لتطليق نفسي منه كي أحصل على تأمين صحي وشؤون اجتماعية تعينني على متطلبات الحياة».

أضافت: «حاولت البحث عن مهنة تزيد دخلي وتحقق لي حياة أفضل، إلا أن حالة البطالة حالت دون تحقيقي واحدًا من آمالي، فاتجهت إلى عالم التدريب لاكتساب مهارات وخبرات، فأرسلتني وزارة الشؤون الاجتماعية إلى مركز تمكين المرأة في وسط قطاع غزة للتدريب والتأهيل، حيث كانت الدورات كثيرة إلا أن واحدة فقط جذبتني وهي عن فنون النجارة والصناعات الخشبية. ولأنني أعشق التحف الفنية المشغولة باليد انضممت إليها مع 20 من السيدات والفتيات، لكنني الوحيدة التي استمرت لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية الدورة. ومن ثم انطلقت لكي أطوّر ما اكتسبته من مهارات، وأزيد خبراتي تارة بالتجريب، وتارة أخرى بالالتحاق بمزيد من الدورات في فنون صنع المشغولات الخشبية وطلائها، ورغم ذلك لم أحقق أملي الأول بالحصول على وظيفة تحقق لي دخلاً ثابتًاً.
ووصفت لنا أول يوم عملت فيه في النجارة: «حينما عدت إلى البيت بعد يومين من العمل شعرت بتعب شديد نتيجة حمل الأدوات الثقيلة كالمقدح الذي كان يهز جسدي مع كل حفرة، ولكني تعودت بعدها».

وحدثتنا عن إبداعاتها الفنية فقالت: «الدورات التدريبية التي تلقيتها كانت سبيلي الى إبداع قطع فنية مختلفة بتصاميم راقية، وتفصيل دقيق، فكنت أصنع المرايا والأطر الخاصة بالصور أو غيرها، بالإضافة إلى قطع فنية وتحف مختلفة. وكانت سعادتي بما أنتج كبيرة جدًا، ولكن تلك السعادة سرعان ما تبددت نتيجة عدم تسويق إنتاجي بشكل جيد بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يمرّ بها القطاع. وكنت قد شاركت في سبعة معارض منها معرض جمعية الثقافة والفكر الحر، ومعرض لمركز شؤون المرأة، وآخر للجامعة الإسلامية، ورابع لجمعية الفنون، وكانت مشغولاتي الخشبية تلقى إعجاب الزبائن، وحظيت بشهادة تكريم من وزارة الثقافة، والسبب في ذلك روعة إبداعاتي على الخشب. إلى جانب ذلك أستعمل أدواتي الخشبية من جذوع  أشجار الزيتون، وأحيانًا بعض المستلزمات البالية التي يمكن تدويرها، وإعادة العمل بها من جديد لإنتاج تحف خشبية رائعة الطلاء والتصميم ودقيقة التنفيذ».

ورفضت آمال مقولة إن مهنة النجارة تنقص من أنوثة المرأة، «وأرى أن بإمكان أي امرأة ممارستها إذا توافرت لديها الإرادة القوية والثقة بالنفس والقدرة على التحمّل».
وختمت حديثها: «أتمنى أن يتحسّن وضعي الاقتصادي بالحصول على وظيفة تمكنني من الإيفاء بمتطلبات ابنتي التي تحتاج إلى رعاية صحية مستمرة، وأطمح إلى أن يتطوّر بي الحال لإنتاج غرف نوم وأثاث كامل للبيوت بتصاميم جذابة وتنفيذ دقيق».