في معرض ضم أعمال 26 فناناً: الطبق برؤى فنية متنوعة

القاهرة – طارق الطاهر 14 يوليو 2019

لطالما ارتبط فن الخزف بالتعبير عن احتياجات الإنسان، فلم يكن فناً للرؤية والاستمتاع بقدر ما كان للاستخدام وتلبية الاحتياجات. وعلى مر العصور، برع الفنانون الخزّافون في تقديم الجديد والمتنوع في هذا الفن، فمثلما نجد آنية خزفية من الممكن ألاّ نكتفي بالتفرّج عليها وتأمّل زخارفها، بل نضع فيها الزهور، نجد أيضاً كوباً خزفياً نستعمله في شرب الشاي أو الماء.


هذه المرة اجتمع 26 فناناً في مركز الجزيرة للفنون في القاهرة، ليقدموا رؤيتهم الخزفية لـ"الطبق"، الذي تنوعت أشكاله وألوانه والأساليب الفنية في تناوله، فاتّخذ أحدها شكل الطبق العادي الدائري، لكن بألوان زاهية وبخطوط في عمق الطبق، وصُمّم طبق آخر على شكل سفينة، وثالث على شكل فراشة زاهية الألوان، في حين اختارت الفنانة رباب علي وهبة أن تكون مجموعتها الخزفية بعنوان "زهور الجنّة"، مستخدمةً فيها مادة البورسلين الملوّن، ورباب من مواليد العام 1974 وحاصلة على دكتوراه في فلسفة التربية الفنية، وكانت لها مشاركات عدة في مجال الخزف، توّجتها بحصولها على العديد من الجوائز، منها: شهادة صالون الشباب التاسع في مجال الخزف، الجائزة الثانية في الخزف في صالون الشباب الحادي عشر، جائزة الشباب في بينالي القاهرة الدولي للخزف، وجائزة المعرض الخاص الأول 2011 من وزارة الثقافة.

أما الفنانة د. أماني فوزي فقدمت ثلاث مجموعات من الأطباق، ضمت الأولى والثانية ثلاثة أطباق في تكوين واحد، وداخل كل طبق مجموعة من الرسومات، في حين تكوّنت المجموعة الثالثة من أربعة أطباق في مجسم واحد، وقد استخدمت في هذه الأشكال الزجاج بألوان مختلفة طغى عليها اللون الأخضر. وللدكتورة أماني تجارب دولية في فن الخزف، منها المشاركة في سمبوزيوم الخزف الدولي "زلاكوسا" في صربيا عام 2014، وسمبوزيوم الخزف الدولي في كرواتيا عام 2013، ومشاركات أخرى في عدد من المحافل المصرية.

أما الفنانة الدكتورة زينب سالم فخاضت مشواراً طويلاً مع فن الخزف، منذ حصولها على بكالوريوس الفنون التطبيقية- قسم الخزف في العام 1967، ثم الماجستير والدكتوراه، وهي من أبرز الشخصيات المصرية التي ضمّتها الموسوعة القومية الصادرة عن هيئة الاستعلامات المصرية، وخلال مشوارها الفني أقامت الدكتورة زينب عشرة معارض فردية، وشاركت في 30 معرضاً جماعياً محلياً ودولياً، ونالت العديد من الجوائز، منها: جائزة الدولة التشجيعية في الخزف عام 1985، الجائزة الكبرى في بينالي القاهرة الدولي للخزف في الدورتين الثانية والخامسة عامَي 1994 و2000، وقد مزجت في العملين اللذين قدمتهما في هذا المعرض، ما بين الطينات الأرضية والطلاءات باستخدام الزجاج. ومن الأعمال اللافتة في هذا المعرض، الطبق الذي قدّمته الفنانة الشابة الدكتورة صفاء محمد عطية، والذي جاء محمولاً على طين أبيض، وتميّز باللون التركواز، والفنانة تدرّس في كلية التربية الفنية في جامعة حلوان، وسبق أن شاركت في العديد من المعارض الجماعية وحصلت على عدد من الجوائز، منها الجائزة الكبرى عن العمل الجماعي في فن الخزف في صالون الشباب في دورته الـ27.

وجاء "طاووس" الفنان الكبير محمد مندور في ثلاثة أطباق برع فيها بتقديم "الطاووس" في حركات مختلفة، واستخدم الطين الأسوانلي ممزوجاً بأكاسيد الرصاص والنحاس والمنغنيز. والفنان محمد مندور صاحب تجربة طويلة في فن الخزف، بدأها منذ أن عمل في طفولته في فواخير الفسطاط في القاهرة، ثم التحق في العام 1976 بـ"أتيليه حلوان" الذي أنشأته الفنانة صفية حلمي حسين والمرحوم الفنان محمد هجرس. وخلال رحلته الفنية، أقام مندور 46 معرضاً خاصاً، فضلاً عن مشاركته في العديد من المعارض داخل مصر وخارجها، وحصل على الكثير من الجوائز العالمية. وتحت عنوان "هنا وهنالك" جاء عمل الفنان خالد سراج الدين، الذي مال فيه لون الطبق الى البني، مع رسومات داخلية وكلمتَي "هنا وهنالك" باللغة الإنكليزية، والفنان سراج الدين من مواليد العام 1969، وشارك في العديد من المعارض الجماعية، وله مقتنيات في أكثر من 21 متحفاً في دول العالم.

وعن أهمية هذا المعرض، يقول الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية في تقديمه لهذا الحدث: "في لقاء نوعي، تعلن مجموعة من الخزفيين المصريين حضورها بين جنبات مركز الجزيرة للفنون، يعرضون في نطاق فن الطبق الخزفي أعمالهم المتّسمة بالتنوع والثراء؛ من حيث مساحات التجريب التي مارسها كل فنان، وهي دعوة لعشاق فن الخزف لمشاهدة عرض متميز قادر على جذب عين ووجدان المتلقي لتأمل قيم الإبداع، فرغم نمطيتها، إلا أن للطين روحاً تتفاعل معنا في صورة منجز فني يحمل بصمات كل فنان".

ويقدم الفنان أمير الليثي، مدير مركز الجزيرة للفنون، رؤيته لهذا الحدث مؤكداً أن "الطبق يعد أحد الفصول المهمة في قاموس فن الخزف، ذلك الفن العريق الممتد الجذور في كل الحضارات القديمة والمستمر بخصوصيته حتى الآن، مما جعل من تنظيم قطاع الفنون التشكيلية ممثَّلاً بمركز الجزيرة للفنون لمعرض "الطبق" ضرورة ملحّة، حيث إن لهذا النوع من فن الخزف حضوره الطاغي في كل الحضارات السابقة والمدارس الفنية المختلفة، وفي هذا المعرض جمع الطبق 26 فناناً من مختلف الأجيال والمدارس الفنية؛ تنوع طرحُهم لمفهوم الطبق في خصوصية واضحة المعالم، كما تنوعت تقنياتهم ساعين جميعاً الى إيجاد حلول جديدة للطبق، وكاشفين أبعاداً وآفاقاً لإبداع حقيقي يضاف الى نجاحات الخزّاف المصري المعاصر".