"مساج" رواية تعيد الى المكفوفين حقوقهم وتتحول الى فيلم

القاهرة – طارق الطاهر 11 يونيو 2020

رغم صغر سنها، إلا أن المترجمة ميرا أحمد تتمتع بإحساس عالٍ في انتقاء الأعمال التي تترجمها من اللغة الصينية إلى العربية. ومنذ أيام قليلة، صدرت لها ترجمتها لرواية "مساج"، للأديب الصيني ذائع الصيت "بي في يو"، وهي الرواية التي حققت نجاحاً باهراً عندما صدرت بلغتها الأصلية، وتحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان "مساج العميان"، وهو الفيلم الذي نال جائزة الحصان الذهبي عن أفضل فيلم في مهرجان الأفلام الآسيوية في عام 2014، وجائزة الدب الفضي عن أفضل تصوير في مهرجان برلين الدولي في عام 2014. معها كان الحوار التالي.

- ما الذي شجعك لترجمة رواية "مساج"؟

يعد مؤلفها "بي في يو" واحداً من أصحاب الأعمال الأدبية المتميزة، ووُلد في عام 1964 في بلدة شينغ هوا في مقاطعة جيانغسو، وهو إضافة إلى كونه روائياً مشهوراً، فهو أستاذ في جامعة نانجينغ، ونائب رئيس رابطة الكتاب في جيانغسو، وتخرج في كلية المعلمين بجامعة يانغتشو قسم اللغة الصينية في عام 1987، ثم حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة نفسها، وهو يشغل الآن عضوية مجلس تحرير مجلة نانجينغ، وقد بدأ حياته الإبداعية في ثمانينات القرن العشرين، وتحولت أعماله إلى أفلام ومسلسلات، وتعد روايته "السهول" التي كتبها في عام 2005، نقطة تحوّل مهمة في تاريخه الأدبي وعلامة على عبقريته في السرد الروائي.

- هل حصل "بي في يو" على جوائز عن أعماله الأدبية، ومنها روايته "مساج"؟

بالفعل فاز بالعديد من الجوائز الرفيعة على مدار مشواره الإبداعي، من أهمها الجائزة الشهرية للرواية عن "الأخوات الثلاث" و"المرضعات" و"فتاة الأوبرا"، وجائزة الجمعية الصينية للرواية عن "الأخوات الثلاث"، وجائزة لوشون للقصة القصيرة عن "المرضعات"، وجائزة مان الأدبية الآسيوية عن "الأخوات الثلاث" في عام 2011، وجائزة ماو دون الأدبية عن رواية "مساج" في عام 2011، وجائزة أفضل نثر صيني في عام 2014، وجائزة النسر الأحمر للكاتب الصيني.

- من وجهة نظرك، ما هو الجاذب في الرواية، الذي جعلها تتحوّل الى فيلم حصد العديد من الجوائز؟

في اعتقادي موضوع الرواية، التي تكشف عن معاناة الكفيف التي لا يشعر بها أحد، وحده فقط من يعاني ويتألم، ويكابد أقسى المعاناة، لكنه يجعلها في أعماق ذاته ولا يدع الآخرين يشعرون بها. في هذه الرواية، أثار مؤلفها "بي في يو" سؤالاً مهماً، حتى وإن لم يفصح عنه مباشرة: كيف يتعامل المجتمع الصيني مع الكفيف؟ هل يمد له يد العون السخية أم لا؟ وطالما أنه لم يكن سؤالاً مباشراً، فمن المؤكد أن الإجابة لم تكن مباشرة في أي حال. فمن وجهة نظري، إن المؤلف ألقى باللوم على المجتمع الصيني نحو الكفيف وعلى غفلته عنه. وفي الوقت نفسه، لم يتجاهل أن يذكر الإعانة الشهرية التي يقدمها المجتمع له ليكفر عن ذنوبه نحوه.

- بصراحة، ما السبب وراء ترجمتك هذا العمل، هل لأنه تحوّل الى فيلم وأصبح ذائع الصيت أم الرواية نفسها؟

هناك سببان وراء حماستي لترجمة هذا العمل، الأول يرجع إلى أهمية تقديم هذا الكاتب إلى القارئ العربي، على اعتبار أنه ساهم في إنعاش الأدب الصيني المعاصر والوصول به إلى زوايا جديدة، فضلاً عن تميز أعماله بلغة فلسفية تحمل بعداً فكرياً عميقاً ولغة شاعرية تلعب على أوتار القلوب، أما السبب الثاني فهو العمل نفسه، فهذه الرواية تتناول عالم المكفوفين الواقعي وتعرضه بصورة حية ومؤثرة، وتغوص في أعماقهم وتستكشف عالمهم الإنساني الداخلي، فهي رواية مليئة بالمشاعر من البداية حتى النهاية، تجعل القارئ يتعاطف مع هؤلاء المكفوفين، بل يشعر أنه أصبح واحداً منهم وينتمي إلى عالمهم المظلم.

- هل تتوقعين أن تلاقي هذه الترجمة نجاحاً مثلماً حدث مع عملك المترجم السابق؟

(تضحك)، لقد لاقت نجاحاً قبل أن تصدر، فقد فزت عن هذه الترجمة بجائزة أخبار الأدب، وتسلمت جائزتي من الكاتب الصحافي حلمي النمنم، وقيادات مؤسسة أخبار اليوم، ولجنة التحكيم. عملي الأول لاقى رواجاً كبيراً، لأن المؤلف الأصلي، وهو الأديب الصيني لو شون، يعد مؤسس الحداثة الإبداعية الصينية، والأب الروحي للأجيال الصينية التالية، وقد ترجمت عمله الفذ "مذكرات مجنون"، وهي أول ترجمة عن الأصل الصيني الى العربية مباشرة.

جدير ذكره، أن ميرا أحمد حاصلة على ليسانس اللغة الصينية من كلية الألسن جامعة عين شمس، وتعد رسالة الماجستير عن الأدب الصيني المعاصر، ولها تحت الطبع كتاب "مختارات قصصية من الأدب الصيني الحديث".