ذعر النجوم في مصر!
شهيرة, حسين فهمي, يسرا, معالي زايد, خالد النبوي , عادل إمام, إلهام شاهين, حبس / سجن, المخرج خالد يوسف, سميرة أحمد, قضية / قضايا إجتماعية, داوود عبد السيد, رفيق الصبان, طارق الشناوي, نجوم مصريون, ذعر, سيد خطاب
07 مايو 2012وتقول الفنانة سميرة أحمد: «الفنانون الكبار لا يستحقون ما يحدث لهم اليوم من إهانات، وخير مثال هو الفنان عادل إمام الذي لا يستحق ما يحدث له أبداً فهو فنان كبير، فبدلاً من تكريمه على مشواره نوجه له مثل هذه الضربة، لا أعرف لماذا أو ما هو مبرر من رفع هذه القضية؟ ألم يعرف أن ما قدمه عادل إمام اسمه تمثيل؟ وكيف يتم تأييد حكم بحبسه بسبب عمل فني؟ وإذا تصورنا أن العمل الفني يحاسب عليه فلماذا لم يقيموا لي تمثالاً أو يمنحوني وساماً على فيلمي «الشيماء»، الذي جسد قصة غاية في الروعة؟».
وأضافت: «ليس من المعقول أن يكون هذا مصير الفنان المصري الذي يحترمه العالم ويحتفي به الجميع خارج بلاده، ويتعرّض لمثل هذه الإهانات من أهل بلده. وعلى النقابات الفنية وجبهات الإبداع أن تصمد أمام هذه المضايقات حتى يأخذ الفنان المصري المكانة التي يستحقها في بلده».
عادل إمام: أعمالي موجودة منذ سنوات
طويلة فلماذا تحرّكت القضية الآن؟
رفض الفنان عادل إمام إطلاق أي تصريحات خلال هذه الفترة، وقال لنا: «لا أريد التحدث إلا بعد إعلان حكم المحكمة، سواء كان الحكم النهائي في مصلحتي أو ضدي ووقتها سأبدأ الحديث، وهذا لأنني لا أريد التعقيب على حكم القضاء. كما أنتظر آراء جهات الإبداع والمبدعين، لأن هناك الكثير من جهات الإبداع لم تتحدث أو تعقب على ما حدث حتى الآن، ويهمني الاستماع إلى آرائهم».
وأضاف: «الأهم من حديثي عن القضية هو الموقف الرائع للجمهور المصري والعربي عموماً، والذي كان أول من دعَّم تلك الأعمال المرفوعة ضدها القضية من خلال مشاهدته لها. والآن يقوم بعض الشباب بوقفات احتجاجية اعتراضاً على الحكم، وأيضا قام عدد من المبدعين وصناع الفن بعمل وقفة احتجاجية. وكذلك البرامج اليومية التي وقفت بجانبي وخصصت حلقات كاملة للحديث عن الأزمة، وقد رفضت إجراء مداخلات هاتفية أو الاستضافة بأي برنامج لأنني يهمني أن يدافع عني المبدعون وأصحاب الرأي أكثر من أن أظهر للدفاع عن نفسي، وبصراحة شديدة أنا ملتزم الصمت خلال هذه الفترة، وأنتظر الوقت المناسب للخروج والحديث عن كل التفاصيل، وهذا الوقت سيكون بعد إعلان الحكم النهائي».
وأضاف: «لكنني مندهش فقط من توقيت القضية، فأنا أعمل في التمثيل منذ أكثر من أربعين عاماً، وقدمت هذه الأعمال منذ سنوات طويلة، وما أريد أن أسأله هو لماذا رفعت القضية على تلك الأعمال الفنية واتهامها بأنها تسيء الى الدين الإسلامي الآن؟ وحتى الآن لا أجد إجابة واضحة وشفافة عن هذا السؤال، وأرجو أن يرد أحد على هذا السؤال. لكن في النهاية الكلمة الأخيرة والحكم الأخير للمبدعين والجمهور الذين يهمني معرفة آرائهم».
أما الناقد طارق الشناوي فقال: «هذه القضايا ليست جديدة في الوسط الفني، وهو ما حدث في فيلم «الأفوكاتو» عام 1982، عندما حررت محاضر كثيرة ضد عادل إمام واضطر الى عمل اعتذار في كل الصحف، وكثير من القضايا كانت تحرر ضد الأفلام في الوقت الماضي.
لكن الجديد هذه المرة أن التيار الذي حرر تلك القضايا هو نفسه التيار الحاكم الذي استولى على مجلسي الشعب والشورى، ومن المحتمل أن يحصل على الرئاسة أي أن الشكل السياسي يمثل كل تلك القضايا ويجعلها تثير الرعب لدى المبدعين، خصوصاً مع وجود اشتراعات قانونية تحكم الفن، فأنا أخاف من تجريم الفن والأزمة أن المجتمع المصري من الممكن ألا يكون مدركاً أهمية الدفاع عن حرية الإبداع، خصوصاً إذا ظل تصور الشارع المصري عن حرية الإبداع بأنها تقديم المشاهد الإباحية. لذلك أنا قلق على مستقبل الإبداع في مصر، ولا أستبعد أن يكون الآتي أسوأ».
ويقول الفنان حسين فهمي: «لن نقبل أن نحاكم على إبداعنا، لأن محاكمة الفنان إهانة غير مقبولة، فهل ننتظر في منازلنا أحكاماً قضائية على الأعمال التي قدمناها على مدار الخمسين عاماً الماضية؟ أم ننتظر قوانين تحكم علينا بالابتعاد عن العمل الفني والبحث عن وظيفة أخرى؟ لن نسكت على حقوقنا». وأضاف: «الإبداع موجود في الدين وغير متعارض معه، وهناك فئات يرتبط الإبداع في ذهنها بالعري والخلاعة، وهذا ليس صحيحاً».
واعتبر الناقد رفيق الصبان أن ما يحدث من كبت الإبداع الآن هو فيلم هزلي، وفيلم رعب لكل أنصار حرية الإبداع في مصر، وإذا طُبقت هذه القوانين وانصاع القضاء لهذه الأحكام فإن كل الممثلين في مصر سيدخلون السجون بدلاً من المجرمين واللصوص. وقال: «بهذه الطريقة أنا سأنتظر الحكم عليَّ في قضيه مشابهة بسبب سيناريو فيلم «الإخوة الأعداء» المأخوذ عن قصة دوستويفسكي، فأنا قدمت شخصية الملحد وكانت أقرب الشخصيات إلى قلب الجمهور، وأتوقع أنني سأواجه أزمات من الرقابة في المستقبل بسبب هذه القوانين».
أما الفنانة معالي زايد فتقول: «مثل هذا النوع من الأحكام يعيد مصر إلى الوراء مليون عام، ومن رفع هذه الدعاوى من الجماعات المتشددة لا بد أن يتحمّل هذه المسؤولية في الإساءة الى الفن والى مصر كلها، خصوصاً أن مصر اشتهرت بفنها، فليس من المعقول أن يكون هذا مصير الفن والفنانين الذين هم من رموز مصر».
وأضافت: «الغريب أن هذه الدعاوى تعتبر الأولى من نوعها في العالم كله، ولم نسمع عن محاكمة فنان في الدول المتقدمة ولا حتى المتأخرة، ولهذا أشعر بالقلق من توجيه تهم من هذا النوع لي، خصوصاً أن الاتهامات أصبحت متنوعة، فاليوم تهم مثال ازدراء الأديان وغداً تهم جديدة يتم اختراعها وتفصيلها للفنانين. وليس بعيداً أن أجد نفسي في السجن بسبب الفن الذي اجتهدت فيه، وأصبحت أتوقع أن يقوم مثل هؤلاء الأشخاص برفع دعوى على نجوم رحلوا عن عالمنا من بينهم أسماء كبيرة، مثل الفنانة الراحلة تحية كاريوكا والفنان شكري سرحان أو حتى الراحل محمود المليجي».
أما الفنان خالد النبوي فيقول: «المستقبل الفني إذا حوكم بهذا الشكل فلنقم سرادق العزاء لحرية الإبداع في مصر، ولنستعد أيضاً لدخول السجون لنصبح مجرمين مثل تجار المخدرات، فأنا قدمت فيلم «المهاجر» من إخراج الراحل يوسف شاهين، وكان فيه إسقاط على قصه حياة النبي يوسف عليه السلام، وغيرها من الأفلام التي كان فيها إسقاط على شخصيات دينية. وإذا طبّق الحكم على عادل إمام فأعتقد أننا جميعاً سنكون نزلاء سجون، ولنبحث عن مستقبلنا في الخارج، فلا يمكن أن تصبح مصر دولة رجعية بسبب تحكم البعض فيها».
وأكدت الفنانة شهيرة أن الحكم على عادل إمام في قضية إبداع يوم أسود لمصر كلها، لأنه اليوم الذي يسحب فيه البعض من المصريين كرامتهم وحريتهم. وأضافت: «الفنان المصري حر وسيظل دائماً كذلك، ولو كان عادل إمام ازدرى الأديان لكنت أول من وقف ضده، لأنني لن أقبل بإهانة ديني، وما يقوله الفنان يحاسب عليه يوم القيامة.
وما قدمه عادل إمام في أعماله كان ضد الذين يسيئون الى الإسلام ولم يتخط ذلك. ونحن كفنانين لن ننتظر حتى تكمم أفواهنا والعودة إلى الوراء، فأنا أؤيد حذف المشاهد المثيرة إلا إذا كانت بضرورة درامية، لكن حذف الرأي مرفوض لأن هذا لا يخالف الشرع».
ويقول المخرج خالد يوسف: «الدعاوى المقامة على الفنانين المصريين مهزلة، والحكم القضائي الذي صدر ضد الفنان عادل إمام كارثة حقيقية. والأمر لا يقتصر على عادل إمام، لكن هناك قضايا أخرى رفعت ضد المخرج شريف عرفة والسيناريست وحيد حامد والكاتب لينين الرملي. كيف يحدث هذا بعد ثورة «25 يناير» التي كان في طليعتها فنانو مصر؟ هذه واقعة لم تحدث في تاريخ العالم كله، لم تقم ثورة على أكتاف الفنانين سوى في مصر، هل هذا سيكون جزاء الفنانين؟ ومن الذي يقبل بهذا القمع بعد الثورة العظيمة التي حدثت؟ ولماذا يظن أصحاب التيار الديني أنهم فوق النقد ويتخيّلون أنهم امتلكوا الجميع بمن فيهم الفنانون؟ الأزمة ليست في عادل إمام، لكنها مسألة حياة أو موت لنا جميعاً».
وعن إمكان تغيير اختياراته لتتماشى مع توجه التيارات الدينية، قال: «هناك بالفعل تغيير ضروري ولن أتراجع عنه، وهو النقد اللاذع والهجوم على التيار الديني في أفلامي بشكل يفوق أفلام الزعيم عادل إمام التي أزعجتهم، لأن الفن ليس ملكاً لهم، وهم ليسوا أفضل من أحد ولا أحد فوق النقد، كما أن الفنان لابد أن يكون حراً في اختياراته ورؤيته».
تقول الفنانة يسرا: «لن يستطيع أحد أن يعيد الفن المصري الى عصور مضت، وليس من السهل أن تقيّد حرية الفكر والإبداع في هذه الأيام، ولهذا لست قلقة من هذه القضايا التي رفع مثلها من قبل، لكن دون جدوى ولم تنفع أصحابها، كما أنها لم تضرّ الفنانين والأدباء الذين تعرضوا لها. ولذلك ليس هناك مبرر لاستمرار محاولات القمع الفاشلة من جديد، لأن المجتمع المصري الذي أصبح على قدر كبير من الإنفتاح لن يسمح بها، ولا بد أن تكون هناك وقفة قوية للفنانين والمبدعين لوضع حد لمنع التدخل في شؤونهم ومنحهم الكثير من الحريات».
وعن اختياراتها الفنية المقبلة في ظل صعود تيارات متشددة، وهل ستتغير منعاً للمشاكل قالت: «هذا ليس وارداً، ولم أعتد أن أتلقّى تعليمات أو توجيهات من أحد، وسأظل أختار العمل الذي يعجبني ويرضي جمهوري ويقدم له ما هو هادف وممتع، دون الاهتمام بتيار بعينه، لأن ما يهمني هو الجمهور».
تقول الفنانة إلهام شاهين: «أصبحت أشعر برعب على مستقبل بلدي وفني، وأزمة قضية عادل إمام أصابتني بالحزن، هل هذه هي الطريقة التي نتعامل بها مع رموزنا؟ ومن المستفيد من وراء هذا؟ ولماذا يتحدثون باسم المجتمع والجمهور؟ أريد أن أقول لهم إن من سيحمي الفن هو الجمهور الذي يدعم الفن ويعشقه، ولهذا لست قلقة لأن الشعب المصري بمن فيه الفنانون، استفاقوا ولم يعد هناك خوف عليهم».
وعن اختياراتها الفنية الجديدة، قالت: «لن تتغير، القضية هي الأساس الذي أبحث عنه، ولن أسمح لأحد بأن يفرض شروطه على ما أقدمه، لأن الجمهور هو الذي يدعم هذا الفن، وهو الذي يسعى الى إبقائه، وهو أيضاً الذي سيتصدّى لمن يحاولون القضاء عليه، كما أن هناك رقابة هي الوحيدة القادرة على محاسبة العمل وصناعه، والمطالبة بالحذف أو حتى المنع. وأيضاً الإجازة ليست من المحكمة أو أحد التيارات، مهما كان اسمه، لأن الوقت لم يعد يسمح بأن يتحكم تيار في البلاد، ولن يمكّن المتشددين من الفن والإبداع».
وأعرب المخرج داود عبد السيد عن قلقه من التطورات التي تشهدها مصر والفن وأهله بوجه خاص، وقال: «الأمر بدأ بمضايقات الفنانين ومنع بعضهم من التصوير واعتراضهم، لكن لم يتوقع أحد أن يصل الأمر إلى الحكم بالسجن على الفنان عادل إمام. والأزمة لا تتمثل في عادل إمام وحده، لكن هي كارثة على الفن والفنانين بوجه عام، لهذا لا بد أن يخرج جميع الفنانين من صمتهم ويتحركوا بشكل منظم، لنثبت حق الفنان في العمل بحرية تامة، بعيداً عن القمع والتهديد اللذين وصلا الى حد الحبس وساحات المحاكم بتهمة مبتدعة اسمها ازدراء الأديان»
رغم حصول الفنان عادل إمام وآخرين، منهم المخرجان شريف عرفة ونادر جلال والمؤلفان لينين الرملي ووحيد حامد، على حكم البراءة في قضية ازدراء الأديان، فإن القضية الأولى التي حكم فيها عادل إمام بالسجن ثلاثة أشهر بالتهمة نفسها لا تزال مستمرة وتنتظر حكم الاستئناف، وهي القضية التي أثارت ذعر النجوم في مصر، وأصبح السؤال الذي يفرض نفسه: هل يعيد النجوم ترتيب أوراقهم الفنية؟ وهل يشكّل هذا الحكم تهديداً لهم لعدم الاقتراب في أعمالهم من المناطق التي قد تثير مشاكل؟
ويقول سيد خطاب، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية: « في اللحظة التي تتقدم فيها مصر بأفكارها وآرائها، نرى ما يعيدها إلى الخلف مئات السنين، ونحن ندعو كل رجال السلطة القضائية، الذين يحملون عبئاً كبيراً في اللحظة التاريخية التي تمر بها مصر، أن يحكموا لصالح مصر كرمز ثقافي وفني مهم في المنطقة العربية كلها.
وأضاف: «كلنا نستشعر الحرج خصوصاً حينما حكم بأثر رجعي وهذا منطق غير قانوني وغير دستوري، ونشعر بالتهديد لصورة مصر، والرقابة على المصنفات الفنية هي الجهة الوحيدة المنوط لها عرض الأفلام أو منعها وهي تعي تماماً دورها وتؤديه في هذه اللحظات الحرجة بمنتهى الثقة تنفيذاً للقانون واحتراماً له. وأعتقد أن الرقابة هي مجتمعية وليست دينية، فالمجتمع هو من يضع الأولويات والآداب العامة».