شباب السعودية في المنطقة الغربية يحافظون على الجس
فساتين الأعراس, ماجدة الرومي, شباب السعودية, العناية بالجسم, الجسّيس, المنطقة الحجازية السعودية, مكة المكرمة, المدينة المنورة, عقود القرآن, الموال الحجازي المجس, عبدالله جروان, طارق بخاري, محمد آمان, المقامات الحجازية, مرتضى هارون, ماجد جلال الدين, ط
01 مارس 2010يونس بخاري: عرفت ومارست الجس في المناسبات منذ سبع سنوات
اختلف في رأس الميلاد واجتمع مع الصحبة في فن الجس. هو من مواليد باب المجيدي في طيبة الطيبة (المدينة المنورة)، انتهى من دراسة الهندسة، وعمل في شركة الاتصالات. تعلم الفن عن طريق السماع أيضاً. «كنت في زواج شقيقتي وبدأت أجس. حينها كان التجاوب من الحاضرين مشجعاً جداً، وكانت هذه نقطة انطلاقتي. بعدها التقيت عبد الله الجروان وكنا حينها نعمل معا في موسم الحج بحكم طبيعة المنطقة الحجازية المشهور عنها بأن أبناءها يعملون في خدمة حجيج الرحمن. وقتها عرضت عليه الفكرة، وكنت قد أريته بعض الكلمات التي كتبتها في هذا المجال خصوصا أنه صاحب خبرة كبيرة في الجس، ويعد المرجع لنا حالياً. وبعدما سمع صوتي أصبحت ملازماً له في المناسبات لأسمعه، وأيضاً كنت أشارك معه في جس العريس أو بحسب من هو صاحب المناسبة».
يونس يمارس الجس منذ ما يقارب السبع سنوات. ويبين أن الجسيس في المدينة المنورة كان يدعى الخطيب والمجيب. والخطيب هو الذي يمدح أهل العريس، فيما كان دور المجيب في الرد عليه في مدح العروس وأهلها.
وقد ارتبط الجسيس قديما بالمؤذن، وهنا أوضح عبد الله جروان أن المؤذن يمتلك طبقات عالية من الصوت وطبقات مختلفة، ومن هذا المنطلق ارتبط الجسيس بالمؤذن خصوصا مؤذني الحرم المكي والمدني لأنهم قديما لم يكن لديهم مكبرات صوتية ما يجعل الجسيس يعتمد على طبقات صوته العالية.
عبد الله جروان: المجس يأتي من كلمة جس النبض وهو مرتبط مباشرة بتفاعل الجمهور
له باع طويل جداً في المجس الحجازي، ويعده الجميع عمدة في هذا المجال. ورغبته في إدخال الفرحة الى قلبي العروسين جعله يتجه إلى هذا النمط من التراث. هذا ما أوضحه عبد الله جروان قائلاً: «المجس بصفة عامة هواية، والله سبحانه وتعالى وهبني حنجرة قوية تصلح لممارسة هذه الهواية وحالياً لي في هذا المجال ما يقارب خمسة وعشرين عاماً، والمجس له مقامات مختلفة وعلى الجسيس أن يتقنها كلها، أو على الأقل أن يكون على دراية بها، والجس ليس كما يعتقد البعض، أو كما يمتهنه جيل اليوم، هو ليس وظيفة أو عملاً يتكسب منه الشخص، بل عبارة عن قول كلمات جميلة في ليلة الفرح. وفي القديم كان يطلق عليه في مكة المكرمة المذهب، وفي المدينة المنورة أطلق عليه الخطيب. فهو ليس مهنة ولا وظيفة، وحتى المقابل المادي لا يكون باشتراط معين بل ما يجود به أهل العريس، أو أهل العروس».
وأضاف: «الجس هو فن له ذويقة، وقد تطور من الزمن الماضي إلى الوقت الراهن. وسابقاً كان الجسيس في الأفراح عندما يؤدي لونه أو مواله يرمى عليه المشلح (العباءة التي يرتديها الرجل في السعودية)، أو ترمى عليه جنيهات من الذهب. وكان يؤدي المجس عن طريق المايكروفون الصغير، فيما أصبح الجسيس حالياً يستعين بمكبرات الصوت الحديثة. وقد عرف فن المقامات على مستوى المنطقة العربية، إلا أن المجس عرف فقط في الحجاز وتحديداً مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة ».
ماجد جلال الدين: بدأت الموال الحجازي منذ كنت في الثانية عشرة
ماجد جلال الدين من مكة المكرمة وتربى على المقامات الحجازية التي كان لديه حب عامر لها، وبطبيعة الحال كان متابعاً جيداً للجسيسة الذين كان يتجلى كل منهم في مناسبته التي يحييها. ومنذ الصغر كان لديه حب كبير للون الحجازي، والمقامات الحجازية مما جعله يحاول الدخول في هذا المجال وهو في الثانية عشرة. ولكن كانت الدفعة القوية بعد زواجه حين شجعته زوجته على ممارسة هذه الهواية بعدما رأت تعلقه الشديد بها. «كنت دائماً أضع محمد آمان نموذجاً أريد أن أصل إلى مستواه، حيث كان ولا يزال الأستاذ في الموال الحجازي. وكانت بدايتي في زواج ابن عمة زوجتي وكنت أعددت كلمات للمناسبة، وبعدها كان زواج لأحد الأقارب، لتخرج بعدها المسألة من المحيط العائلي إلى المعارف، ومن يطلبني للجس في عقد قرانه، أو حفلة زواجه. وبالطبع هذا جعلني اهتم بعلم الصوتيات، ومعرفة الفرق بين المقامات الحجازية تحديداً، وكنت حريص جداً على الخروج لحضور المناسبات لأعرف الفرق بين كل مقام وآخر عن طريق السمع».
ويبدع ماجد جلال الدين في مقام البنجكة، وهو أحد أهم وأشهر المقامات الحجازية. وذكر عبد الله جروان في معرض الحديث أن المقامات صنفت على أساس البيت الشعري المعروف حمر دسب، ومن هنا أخذت المقامات الحجازية تسميتها: «الحاء حسيني، والميم مايا، والراء رصد، والدال دوكة، والسين سيكة، والباء بنجكة».
وقد تأثرت هذه المقامات بالمقامات العربية بحسب جروان، ومنها المقامات العراقية والمصرية والشامية، إلا أن المقامات الحجازية لديها طابعها الخاص وهو ضمن البيت الشعري السابق الذكر. ويرتكز المقام الحجازي على أربعة أشياء أساسية هي: «البحر، القرار، المشق، المحط» والجسيس عليه أن يمتلك هذه الركائز الأربع.
ويفرق جروان بين الموال الحجازي والموال العربي مضيفا: «عرف الموال المصري على سبيل المثال بكلمة ياليل، والموال الحجازي بالال، والموال الشامي الأوف. وهناك من الأشخاص من يتقن كافة الطبقات وهذه موهبة من الله سبحانه وتعالى، وهناك من يبدع في طبقة معينة».
ماجد رضوان: الشباب حاليا هم من يطلبون الجسيس
ماجد رضوان شاب ينطق بالحياة، ولديه روح الدعابة، ولكن الأهم يمتلك حنجرة قوية خصوصا حينما جس أبياتا غزلية في معرض حديثه عن بداياته كجسيس: «أنا من مكة، من أحد أحياء الحرم، وقد كانت مكة المكرمة في القديم لا تزيد عن خمس عشرة حارة، ولكن اختلف الوضع في الوقت الحالي وأخذت مكة بالاتساع. لكن الحارة القديمة التي نشأت فيها جعلتني اتجه إلى الجس في المناسبات. فقد تربيت على أصوات الجسيس الأصيل حينما كنا نحضر المناسبات ونحن في سن صغيرة. والجسيس هو القاسم المشترك بين جميع أبناء مكة في مناسباتهم».
ويضيف أن أفراح مكة القديمة كانت جميلة بفزعة الأهل والجيران كما وصفها. شارحا كيف كان العرس يحتوي على لوحات تدل على المنطقة الغربية من أهمها حمل الأتاريك وهي الفوانيس الكبيرة، والمراكب المزينة، وبالطبع الجسيس في بداية زفة العريس.
ويوضح: «كنت متابعاً جيداً لبرنامج «وتر وسمر» من تقديم جميل محمود، وهو من الملحنين المعروفين وكانت الأشهر له أغنية «سمار يا سمار»، وكان البرنامج متابعاً جيداً لفناني مكة الشعبين، لأنه برنامج تعليمي لفن الجس الأصيل. كل هذه العوامل جعلتني أتحول من مجرد سميع لهذا الفن الى ممارس له وكنت بدأت بيني وبين الشباب من الأصحاب كدندنة. وكان في تلك الفترة مؤذن يدعى حسن عيسوي عاصر الرعيل الأول من الجسيس، وعندما سمعني أعطاني بعض الشرائط المسجلة لسماع الأساتذة في فن الجس. ومن هنا بدأت في زواج أحد الأصحاب وكنت في أوائل موكب العرس».
مرتضى هارون: بدأت في عرس أخي
مرتضى هارون أحد شباب مكة المكرمة الذي مارس المجس الحجازي منذ وقت طويل جداً قال: «كانت بداياتي في عقد قران أخي الكبير وقبل وقت الملكة بساعتين جاء في بالي أن أمارس الجس وقت الزفة وكنت قد استشرت أخواني وسمحوا لي. وبالفعل بدأت كتابة الكلمات، وأخذت المايكروفون ولم يكن حينها لدي أي إلمام بفن المقامات، ولكن قمت بالجس في ملكة أخي وكانت أول مرة في حياتي أمارس فيها هذا الفن، وبعد عامين طلب مني الجس في إحدى المناسبات، وبعدها بأسبوع جاءني عرس وطلبني العريس بنفسه بعدما أعجب بصوتي، وكانت البداية في هذا الطريق مناسبة تلو الأخرى. وأتذكر أنني في أسبوع كامل كنت أتناول سكر النبات، وهو مهم جداً للجسيس. والمفارقة انه عند الوقت المقرر لجس العريس لم أجد صوتي وخذلني».
مرتضى أيضاً أحد المستفيدين من عبد الله جروان الذي علمه المقامات الحجازية، وزوده بعدد من الأشرطة حتى يستمع أكثر الى الجسيسين أصحاب الخبرة القديمة في هذا اللون الفني التراثي. وقد قسم مرتضى ممارسي فن الجس في المنطقة الحجازية إلى ثلاثة أجيال. الجيل الأول تمثل في حسن جاوه، حسن لبني، سعيد أبو خشبة، منصور مداري، عبد الرحمن متين، العيدروس، دروش أكبر، عبد الله شرف. وصالح عمر من المدينة المنورة. الجيل الثاني كان له حظ أوفر لأن الإعلام بدأ الاهتمام بهذا اللون التراثي الجميل وأخذ يسلط الضوء عليه، وكان منه محمد آمان، العم مبارك، درويش عباس.
أما الجيل الثالث فهم شباب الجيل الحالي الذي تتلمذ على يد الجيل الثاني، وسماع الجيل الأول ومعرفة المقامات الحجازية، وتأديتها بالأسلوب الصحيح.
طارق بخاري: بدأت الجس بالصدفة البحتة
يعمل في مهنة التدريس إلا أن الجس في الأفراح له مكانة كبيرة جدا لديه خصوصا أنه يملك الصوت الجميل، ويحفظ الأبيات الشعرية التراثية التي تنشد في المناسبات. دخل طارق بخاري المجال بمحض الصدفة: «بدأت المجس عن طريق الصدفة حين كنت في النادي الأهلي، وكان لدينا بطولة السباحة التي حققنا فيها المركز الأول. وبالطبع جرت العادة أن تحتفل النوادي عند الفوز. حينها أخذت المايكروفون وبدأت بإنشاد مقاطع لفوزنا في البطولة. وكان من بين الحضور العمدة عبد الله جروان الذي سمع صوتي واكتشف ملكتي القوية في هذا المجال. حينها تحدث معي وأعطاني الإرشادات في كيفية الانتقال من مقام إلى آخر، ومن ثم بدأت التواصل معه، والتزود من معرفته لأكون جسيساً أمارس الجس ما يقارب العشر سنوات».
وقال إنه تربى على صوت الجسيس عبد الرزاق، وكذلك محمد آمان وغيرهما كثير من الأسماء.
وعن أول مجس انطلق من حنجرته في مناسبة تضم عدداً لا بأس به قال بخاري: «في حي من أحياء مكة المكرمة يدعى وضحاء قريش، كان أول مجس لي».
ولفت الى أن المقامات الحجازية لا تختلف كثيرا عن المقامات الموسيقية المعروفة، إلا أن أهل الحجاز أعطوا مقاماتهم أسماء تختص بهم، وأخذوا منها المناسب لتراثهم.
طارق هوساوي: الرديد لا غنى عنه في فن المجس
اصطلح في فن المجس أن يكون هناك من يسمى الرديد، وهو الذي يحمس الجمهور للتفاعل مع الأبيات الشعرية التي يقولها الجسيس. وطارق هوساوي هو الأشهر بينهم. يقول: «الرديد من ضمن المجموعة التي تكون مع الجسيس وهو الذي يعمل على جعل الجو أكثر اشتعالاً. لأنه اذا كان الزواج خالياً من الحماسة يمكن أن ينتهي الجسيس من مقطعه في دقائق معدودة، وهنا يكون دور الرديد الذي يدفع بالحضور الى التفاعل معه وجعل المناسبة في أوجها».
«الجسّيس» مصطلح عرفته المنطقة الحجازية السعودية، وتحديدا مكة المكرمة، جدة، والمدينة المنورة. والجسيس أو الجسّاس هو المنشد الذي يؤدي أناشيد الزيارة للمدينة المنورة، أو في المولد النبوي، أو الأعراس التي تسمى بعقود القرآن، ويقوم فيها الجسيس بمدح العروسين، والدعاء لهما في ليلة عقد القرآن، أو ليلة الزواج.
وعرف الموال الحجازي المجس منذ القرن العاشر، وتطورت أشكال نظم الموال وطرق أدائه، فتغنى به المغنون في جميع المقامات وبطرائق مختلفة، ولم يُكتفَ بالشعر الحديث بل هناك من يستعين بالشعر القديم كمواويل.
ويعد المجس من أهم أنواع التراثيات الحجازية التي بدأ الاهتمام بها من شباب المنطقة الغربية خصوصاً شباب جدة، ومكة، والمدينة، على اختلاف درجاتهم الدراسية، ووظائفهم.
«لها» التقت الجسّيسة من شباب المنطقة الحجازية لتقف على أسباب اتجاههم إلى هذا اللون التراثي.
الموال الحجازي عرف في القرن العاشر
- يغنى الموال الحجازي المجس في بيتين، أو أربعة، أو سبعة وربما أكثر... ويبدأ من مقام معين ومن ثم يذهب إلى مقام آخر بحسب إمكانية صوت المؤدي وتمكنه من المقامات. وقد عرف المجس منذ القرن العاشر وتطورت أشكاله، ونظم الموال.
- موكب العرس يسمى في مكة والمدينة «بالملكة» ويبدأ الموكب من مقر العريس باصطحاب الأهل، والموجودين والمأذون الشرعي ويؤدي الجسيس الموال أو المجس بالأبيات الشعرية التي تحوي مديح العريس والدعاء له. ومن ثم يتم التوجه إلى مقر الحفلة وحينها يقوم أيضاً الجسيس بمدح العريس والعروس وذويهما. وبعد الانتهاء من عقد القران يبتهل الجسيس الى الله ويدعو للعروسين. ويتكون الموكب من «البواخر» التي تعبأ بالحلويات، والعطور ويتم حملها على الرؤوس ليأخذ محتواها أهل العروس.
- أما المعاشر فهي أطباق مسطحة دائرية توضع علب الهدايا التذكارية التي توزع في ليله عقد القران.
- والأتاريك هو المصباح التقليدي يرافق الموكب. وتكون المصابيح مزينة بطريقة جميلة.
- وشربة الزمزم هي عبارة عن شربة نحاسية كانت تستعمل في الحرم المكي والحرم المدني ويمسكها شبل ليسقي العريس من ماء زمزم.