إنهم يفضلون الصبي! شهادات من لبنان وسوريا
المجتمع السعودي, الولادة, إلياس الرحباني, سوريا, تربية الصبي, المجتمع السوري, إنجاب الصبية, غسان الرحباني, جيهان علامة, غرفة الأولاد, غزل البنات, المجتمع اللبناني
31 مايو 2010في سورية الصبي لا يزال يتقدم على البنت
صبي أم بنت عبارة تُسمع بين أروقة العيادات والمستشفيات، وفي البيوت والمقاهي... ومختلف المجالس لترسم معالم مجتمع منحاز الى ذكورية متسلطة، ويحمل رغبة عارمة في أن يكون المولود صبيا، ويتضايق من وجود البنت حتى من قبل أن تولد، ليصل الأمر بالكثيرين إلى عدم ذكر الإناث من الأولاد فيذكرون عدد الذكور وأسماءهم فقط امام الأقارب والأصدقاء!
المجتمع السوري لم يفلت من هذا التفكير النمطي عموما، مع الاقرار بوجود استثناءات...
هنا حصيلة جولة في سورية.
محمد طرابلسية: أعتز ببناتي الأربع وبتفوقهن العلمي
يقول محمد طرابلسية (حلاق): «أعتقد أن من يميز بين الصبي والبنت هو من مخلّفات التخلف الذي لا نزال نعانيه وقد دخلنا عصر الفضاء ووصل الغرب إلى القمر منذ عقود.
لن أخفي أني كنت أتمنى من الله أن يرزقني صبياً، ولكن عندما رزقت بناتي الأربع وشاهدت تفوقهن علمياً وثقافياً سعدت وشعرت بأن هذا شرف كبير ما بعده شرف... بناتي يحملن أعلى الشهادات، فالكبرى شاهيناز تحمل شهادة ماجستير في العلوم، والثانية شيراز دكتوراه في الاقتصاد، وشذى مهندسة زراعية، أما ربا وهي آخر العنقود فتحمل إجازة في الأدب الفرنسي».
تهاني: بنت وحزن وانزعاج
تحكي تهاني قصتها عندما حملت بالجنين الرابع بعد ثلاث بنات، وكلها أمل أن يكون المولود ذكراً، لا خوفا من الزوج أو عائلته، بل كانت هي نفسها لا تحب البنات. وعندما ولدت البنت الرابعة، صرحت أنه لولا خوفها من الله لرمت تلك البنت من النافذة من شدة حزنها وانزعاجها، لكنها مشيئة الله.
أحمد جود: بناتي السبع بركتي وكان قدومهن قدوم السعد في حياتي
أحمد جود (صاحب محل للحدادة) أب لسبع بنات وثلاتة أولاد. اعتبر أن قدوم البنات كان قدوم السعد والبركة. وقال: «في البداية كنت أعمل مع أخي في دكانه ولما جاءت ابنتي الأولى تحسنت أموري المادية وكان وجهها خيرا علي فاشتريت دكاناً. ومع البنت الثانية اشتريت منزلاً بعد أن كنت مستأجراً. مع البنت الثالثة توسعت تجارتي أكثر واشتريت الدكان الملاصق لدكاني. وهكذا كانت أمور بيتي وعائلتي مملوءة بالخير والسعادة، والله لو جاءني عشر بنات لن أغيّر رأي في البنت إطلاقاً... أنا أحب البنات أكثر لأن قدومهن يعني الخير كله».
عبد الغني كردية: الصبي يحمل هم ولديه في الكبر بينما الفتاة تتزوج لتعتني بزوجها
السيد عبد الغني كردية أب لثلاث بنات وولد، تحدث عن سبب تفضيل الصبي على البنت في مجتمعنا، فقال: «لأن هناك تصوراً أن الولد يفيد في الكبر ويحمل همّ أبويه ويكون سنداً لهما في الشيخوخة. أما الفتاة فتتزوج وتذهب إلى الغير. وهذا ما حصل معي فقد كنت أراعي والدي ووالدتي في مرضهما حتى توفيا، بينما أخواتي البنات مشغولات بأولادهن وأزواجهن. هذا لا يعني أن أخواتي كنّ غير مرضيات للوالد والوالدة، بالعكس كن في كثير من الأيام يتركن بيوتهن وأولادهن لخدمتهما، رحمهما الله».
بارعة نديم: «كانت سعادتنا كبيرة بولادة الصبي فأوْلمنا للجيران»
كان رأي السيدة بارعة نديم مختلفاً فهي أم لبنتين وصبي. قالت: «أهل زوجي كانوا يريدون صبيا لأن زوجي وحيد. بعد إنجابي ابنتين كان حملي الثالث فلم يستطع زوجي الانتظار وقمنا بزيارة مركز للتصوير لديه جهاز متطور جداً يكشف مبكراً عن جنس الجنين. كانت فرحتنا كبيرة عندما علمنا أن الصبي في طريقه إلينا، ولما رزقت الولد كانت سعادتي كبيرة وكذلك زوجي ووالده ووالدته، فذبحنا خروفا ووزعناه على الجيران والمحتاجين».
سحر مصطفى: يفضلون الذكر لأنه يمثل الفخر والعزوة
المهندسة سحر مصطفى أم لولدين صبي وبنت. قالت إن العادات والتقاليد العربية القديمة تفرض فكرة الأفضلية الذكورية على المجتمع، لأن الذكر سيكون الخلف الذي يحمل لقب العائلة.
ورأت أن هذا التمييز منتشر إلى حد كبير في المجتمعات العربية، مشيرة إلى أن ذلك يولد الكراهية والضغينة. وأضافت: «سبب تفضيل كثير من الناس المولود الذكر على الأنثى، اعتقادهم أن الذكر يمثل لهم العزوة والفخر والسند. أنا أرى أن هذا الاعتقاد خاطئ، فلا توجد أفضلية للذكر على الأنثى، ولكل منهما دوره في الحياة. كما أن طبيعة التكوين البدني للرجل تؤهله لتحمل المشاق والصعاب بخلاف الأنثى التي خلقت لتكون السكن والمودة للرجل.
وسردت لنا سحر قصة لزميلة لها في العمل كانت قد أنجبت ثلاث بنات ولما كانت حامل في شهرها الأخير هددها زوجها بأنه اذا كان المولود أنثى لن تعود إلى البيت، وان كان العكس فعلى الرحب والسعة. وهذا الكلام أدى إلى إحباطها وشعورها بالذنب ولكن أكرمها الله بالمولود الذكر وكانت فرحتها لا توصف.
خالد زيدان: «البنت ألطف في الصغر وأكثر حناناً في الكبر»
خالد زيدان أب لبنت وصبي، يقول: «أفضّل البنت على الولد كونها ألطف في الصغر وأكثر حناناً في الكبر، وهذا ما ألمسه اليوم. فالفتاة آخرها لأهلها ولأمها وهي التي تحمل الأم والأب عند الكبر أكثر من الولد. وأحمد الله عز وجل أنه رزقني إياها، وأنا سعيد بها وأشعر بأنها تزرع البسمة والحب في كل أرجاء البيت.
ومن ألطف ما قرأته عن حب الأبناء، حديث الإعرابية التي سئلت عن أي أبنائها أحب إليها، فأجابت: (صغيرهم حتى يكبر وغائبهم حتى يعود ومريضهم حتى يشفى). فالظرف الذي يمر به الابن هو الذي يحدد مقدار الاهتمام به، ولكن الحب متساوٍ بين الجميع والعاطفة واحدة فإذا كان غير ذلك فهو خلل في التركيبة المعرفية واضطراب في الشخصية وجهل في معرفة الحقيقة».
زوفاك ديرسهكيان: البنت أقرب الى أهلها
الطالبة الجامعية زوفاك ديرسهكيان قالت: «الحياة في حاجة الى الإنسان سواء كان فتاة أو شابا. وأنا أتمنى أن يكون المولود الأول بنتاً لاقتناعي بأنها أكثر حباً وحناناً من الولد، والبنت تكون أكثر قرباً من أهلها حتى بعد زواجها وهذا يرجع إلى غريزة الأمومة الموجودة لدى كل فتاة».
عبد الرحمن شريقي: بشرتني الممرضة بولادة ابني الذكر فلم أعطها الحلوان
قال السيد عبد الرحمن شريقي، وهو أب لثلاثة أولاد وبنت: « ليس كل ذكر رجلاً في أفعاله، وليست كل أنثى أنثى. ولولا المرأة لما خلق الرجل... الفتاة أفضل من الولد، ولاسيما في وقتنا الحالي، لأن لها دوراً خاصاً في الحياة العملية، فالتمايز الذكوري موجود فقط في المجتمعات القديمة، إيماناً بأنه اليد اليمنى لوالده».
وسرد لنا السيد عبد الرحمن قصة ولادة ابنه الثالث فقال: «عندما ولدت زوجتي ابني الثالث في المستشفى خرجت الممرضة من غرفة العمليات فرحة لتبشرني بخبر ولادة الصبي، فقالت وهي مبتسمة: مبروك مبروك جالك صبي، فقلت لها بلهجة منزعجة وبصوت مرتفع: ومن قال لك أريد صبيا، أريد بنتاً. فرجعت الممرضة ولم تأخذ الحلوان كالعادة، والحمد لله رزقت بعدها ابنتي رجاء، وهي كل حياتي الآن».
لماذا لا أفرح؟
روى السيد غسان ياسين قصة أحد معارفه في ردهة المستشفى، عندما وقفت السيدة أم إبراهيم خلف باب صالة الولادة تذرع المكان بخطواتها المضطربة القلقة، تنتظر ان تضع زوجة ابنها التي لها من الأولاد بنت مولودها الجديد، فتخرج الممرضة لتخبر أم إبراهيم بقدوم الوافدة الجديدة وتفرح أم إبراهيم شاكرة لله سلامة الأم والطفلة، فتقول لها الممرضة هل تفرحين ببنت أخرى؟! عجباً. وعندما سألنا الجدة أم إبراهيم عن حفيدتها الجديدة فقالت: «لماذا لا أفرح، هل أنا خلقتها؟! هل بوسعي خلق يد أم رجل؟! المهم السلامة والعافية والحمد لله على كل ما يأتي».
تقول لنا الممرضة في صالة الولادة: «القليل النادر هم من أمثال أم إبراهيم، الغالبية تستاء وتغضب من مجيء البنت خاصة البنت الثانية أو الثالثة. نحن أيضاً تولدت لدينا حالة نفسية، وبتنا نخاف عندما نخبر الناس بقدوم الفتاة، أحساس يشبه أحساس الذنب أو من يخبر بوقوع مصيبة».
ولما سألنا السيد غسان عندما تتزوج ماذا تحب أن يكون المولود الأول أجاب: «بصراحة أنا لا أفرّق بين البنت والصبي فكلاهما جميل، إنما المهم الصحة الجيدة وفاتورة المستشفى».
في لبنان: التمييز يتراجع لكنه لا يزال موجوداً
هل لا نزال نعيش أيام هنري الثامن الذي رغم زيجاته الست لم يحظَ بوريث لعرشه في القرن السادس عشر؟ أم أننا لا نريد أن نتقبل الحقيقة العلمية الكبرى التي أقرت بمسؤولية الرجل في تحديد جنس المولود لا المرأة التي إعتبرت ولادتها لأنثى تهمة أسفرت طلاقاً أو زواجاً آخر أحياناً. هل لا يزال المجتمع اللبناني يفضل إنجاب الصبي؟ هل تحديد جنس المولود فكرة تراود كل شرائح المجتمع؟ تحقيق يلقي الضوء.
جيهان العلي علامة: زوجي راغب راغبٌ في مولودة أنثى
على صعيد الحياة الزوجية، لم أكترث وراغب يوماً بجنس المولود بل الصحة الكاملة. مع الأسف لا أزال أقابل أفراداً في المجتمع الشرقي يجاهدون لإنجاب الصبي، ينجبون البنت تلو البنت ويراكمون أعدادهن حتى ولادة ولي العهد. لا يزالون يظنون أن الصبي هو الحامي ومن يرفع إسم العائلة ويشرّفها أو يكمل رسالة الأب، أو يحل مكانه أحياناً. وهذا منطقي ويجب التسليم به. لكنني لو رزقت بالبنات لن أتوق لإنجاب الصبي. يرغب راغب في مولودة أنثى، وبالنسبة إليّ وجود الفتاة في الأسرة في غاية الأهمية، لأنها تحتضن كل العائلة وهي أم ثانية في المنزل. أما الصبي فيلتفت لا محالة إلى حياته المستقبلية، والإنفصال الحتمي وإن كان نسبياً سيطرأ بعد زواجه وتأسيسه لأسرته، في حين أن الإبنة تجلب زوجها وأطفالها إلى منزلها الأوّل.
رغم ذلك، لا أشعر بالإنجذاب إلى الصغيرات بل الصبية خصوصاً أطفال صديقاتي. أخشى من تربية الفتاة فنشأتها باتت مهمة دقيقة خصوصاً أن طفلة العشر سنوات باتت أكثر وعياً من والدتها، في حين كانت «كلمة عيلتي ما بتصير إتنين». وأود أن أشير إلى أنه رغم التقدم العلمي لا تزال المرأة هي الملامة بعد إنجاب المولودة الأنثى، وأقول ذلك لأنني خبرت الأمر عن قرب وفي بيئة مثقفة حيث كانت الزوجة تحت ضغط الزوج وعائلته. لأننا في مجتمع ذكوري الرجل «ما على قلبو شر» لكنه في لبنان كتب عليه الإغتراب، وهذا تحديداً ما أخشاه، أن افارق لؤي وخالد كما أشقائي الذين هاجروا فيما أنا وشقيقتي نتولى رعاية والدينا».
نورما نعوم: ولادة سارة خالفت كل التوقعات، بات نديم والداً لخمس بنات
كل عائلة زوجها كانت في إنتظار المولود الذكر لكن ولادة سارة المنلا حالت دون ذلك، وبات المدير العام لمحطة «المستقبل» نديم المنلا والداً لخمس بنات.
تقول ملكة جمال لبنان السابقة نورما نعوم: "ولادتي الثانية خالفت كل التوقعات خصوصاً أن نديم والد لثلاث بنات من زواج سابق، فيما الرابعة كانت نور (سنة وثلاثة أشهر) والخامسة سارة (شهر ونصف الشهر) أخيراً. وهذا ما كنت أطمح إليه لأنني كنت أنتظر إنجاب شقيقة لنور. أصبح نديم اليوم أباً لخمس بنات، وأنا سعيدة جداً بأمومتي لطفلتين خصوصاً أنني وحيدة في عائلتي. أثناء مرحلة الحمل، لم أكن أنتظر بفارغ الصبر للإطلاع على جنس المولود حتى أنني نسيت طرح الأمر على طبيبي وهو من قام بتذكيري. نديم والد حنون مسرف في تدليل طفلتيه ويلاعبهن وآخر ما يحضر في ذهنه إسم العائلة، يقول لي : «ليكي يا نورما الناس بقيت تعرفك نورما نعوم رغم الزواج». من ناحية أخرى، أفضل ممارسة أمومتي مع البنات لأن الصبيان تلازمهم الفوضى فيما تفاصيل حياة الفتاة أكثر متعة. حين ولدت نور قطفت ونديم أزهار الخزامى من حديقة منزلنا الجبلي ووضعناها في أكياس داخل فساتين الكروشيه كذكرى للمهنئين، كذلك لدى ولادة سارة أخذ والدي على عاتقه مهمة تقطير هذه الزهور وتحضيرها داخل قوارير عطر تعلوها شمعة عطرة».
داليدا شماعي: ولو جيبي الصبي! معقول ما تجيبي الصبي! هل ترك باخ وبيتهوفن بعد رحيلهما صبية؟
داليدا شماعي، عضو في فريق فور كاتس وزوجة الفنان غسان الرحباني تقول: تفضيل إنجاب الصبي؟ ألم يزُلْ هذا الإعتقاد؟ أظن أن قاطني الأرياف تخلوا عن هذا التفكير الجاهل. فالفتاة باتت تتساوى مع الشاب في تحمل المسؤوليات وبناء المستقبل. لكنني لا يمكن أن أنكر أن ثمة من قال لي «ولو جيبي الصبي! معقول ما تجيبي الصبي!» في المدينة، فبمفهومهم أن إسم العائلة على المحك. لكنّ المؤلفين الموسيقيين باخ وبتهوفين لم ينجبا أبداً ورغم ذلك لا زالت أعمالهما حية وهذا غير مرتبط بإسم العائلة بل بالإنجازات. بغض النظر عن المحيط والبيئة والعائلة الكبيرة، أشعر بأن الوالدين لا يكترثان بجنس المولود حين يبصر النور لأنني شخصياً وزوجي غسان تغيّرت نظرتنا إلى الحياة بعد ولادة التوأمين كريستي وسيندي (ثلاث سنوات) ومِيَا ( عشرة أشهر). فهنّ سبب وجودنا والداعم لحياتنا الثنائية كزوج وزوجة. باتت صحة المولود هي الأهم. لقد جلبنا هدية الأمومة إلى غسان بمناسبة عيد الأم، لأنه يملك روح الأمومة أكثر من الأبوة، فهو يشاركني مهمة الإعتناء بالبنات. لا أظن أن هناك أباً يحضر يومياً في موعد الإستحمام قبل النوم للمرح مع أطفاله، كما أنه يجفف شعرهن. أمازح عمي الفنان إلياس الرحباني أحياناً وأعده بإنجاب الصبي، لكنه يقول لي إن العائلة إكتملت، ويتساءل ممازحاً أن حفيده إلياس قد يسيء إلى إسمه وعائلته وهذه مجازفة. وأود أن ألفت إلى أن أشقائي وشقيقاتي أنجبوا جميعهم إناثاً وبات في العائلة سبع حفيدات، إلاّ أن هاجس إنجاب الصبي غير موجود بتاتاً».
الممثلة كارين رزق الله: أشعر برغبة دفينة في أعماق عائلتينا في إنجاب الشقيق لنايا ونادية
بعكس الصورة التي قدمتها عن حماتها وتدخلها المستمر في شؤون أسرتها، فإن كارين لا تدع أحداً يخرق خصوصية قراراتها العائلية وزوجها فادي شربل.
تفضيل إنجاب الصبي موضة قديمة لا يتقيّد بها الأزواج اليوم. لم يعد اليوم إنجاب الصبي أقل مسؤولية كما أن التحفظ الذي كان يلازم تربية الفتاة تلاشى، فهي لم تعد فرد العائلة الأكثر ضعفاً. لطالما تمنيت أن يرزقني الله إبنة لتكون صديقة وتمضي معي أوقاتاً ولو حتى أثناء جولة تسوّق. كما أن فادي لو أنه أراد أن يعيش أبوته مع صبي فالأمر لن يكون مرتبطاً بالحفاظ على إسم العائلة بل من منطلق صداقة الإبن والأب. فادي محب جداً للصبايا الجميلات ويحب أن تحيط به الإناث طوال الوقت لرعايته. أود أن أطرح سؤالاً منطقياً: حين يغادر المرء هذه الحياة هل يعود للأمر أهمية سواء أنجبنا ذكوراً أو إناثاً؟
أشعر بالتوتر لدى الحديث عن جنس المولود رغم أنني وفادي رسمنا حدوداً لا يجرؤ أي من عائلتينا على تخطيها رغم شعوري بأنهم في أعماقهم يرغبون في مولود شقيق لإبنتي نادية (9 سنوات) ونايا (4 سنوات) اللتين تحظيان باللهو وأوقات الترفيه أكثر مع والديهما. ورغم أنني أم لطفلتين لا أفتقد المولود الذكر في أسرتي، فنايا (تقول ممازحة) كادت تولد ذكراً وقد تبدّل جنسها في آخر لحظة، فهي عنيدة وشقية للغاية ويعلو صراخها حتى تنال مرادها».
المخرج سعيد الماروق: لطالما وقفت أمام واجهات المتاجر وتمنيت لو باستطاعتي شراء تنورة صغيرة
لم يكن هاجسي يوماً أن أرزق صبياً ولا أقول ذلك كوني أباً لخمسة صبية، أربعة من زواجي السابق وتيم أخيراً من زوجتي جيهان. لطالما حلمت بأن يرزقني الله إبنة ووقفت أمام واجهات المتاجر وتمنيت لو باستطاعتي شراء تنورة صغيرة. لكن اليوم غرام إبنة زوجتي سدّت هذا الفراغ، فهي في منزلة إبنتي. الطفلة عالمها مليء بالخيارات والأفكار خصوصاً في ما يتعلّق بالتسوّق، الجوارب والحقائب والأكسسوار، أما الصبي فالأمر يقف عند الشورت والسروال. لا أفكر في إنجاب المزيد من الأطفال فغرام هي صبية العائلة وتهتم بملابسي، أما الصبية فيهتمون بسيارة الوالد.
كأب أتوخى تربية الفتاة كما الصبي دون تفرقة. أظن أن العلم أنصف المرأة حين وضع الكرة في ملعب الرجل، فهو من يحدد جنس المولود. هناك نساء ظُلمن على مر التاريخ كرمى إنجاب الصبي وهذا موضوع سأطرحه يوماً ويستفزني كمخرج. أما بالنسبة إلى البيئة التي نشأت فيها، فهي لا تكترث بضرورة إنجاب الصبي فقط بل بتراتبية إنجابه أيضاً. يجب أن يكون المولود الذكر هو البكر. لكن بالنسبة إليّ، البنت والمرأة عموماً هي النصف الأول من المجتمع وليس الثاني».
مصطفى عبد المنعم إبراهيم: «أم وأخ البنات في همّ لحد الممات»
التقينا في بيروت الصحافي المصري مصطفى عبد المنعم ابراهيم فتحدث عن التمييز بين البنت والصبي فقال: «أعمل في دولة قطر في جريدة «الراية» ومتزوج منذ أربعة أعوام ولقد رزقت ولدين، أنس (عامان ونصف العام) ومعاذ (4 أشهر). بحكم نشأتي في أقصى جنوب مصر وفي كنف مجتمع يميل بعض الشيء إلي الذكورية، شعرت بأن الذكر أفضل من الأنثى، ولازمتني هذه المشاعر حتى كبرت وتزوجت. وما عزز شعوري هذا إنتمائي إلى أسرة مكونة من سبعة أفراد، ثلاث شقيقات أكبر مني وشقيق أصغر مني. حين توفي والدي وأنا في سن مراهقة شعرت بأن والدتي قد تحملت الكثير من أجل تربيتنا، الأمر الذي دعاني إلى النظر إليها بعين الشفقة. وبعد زواج شقيقاتي، عانيت ووالدتي مشكلات عائلية بسيطة وكبيرة تحدث عادة فى كل البيوت، لكنني وجدت أن الوضع مختلف بالنسبة الى الرجل حيث أن الإبنة دائماً هى التي يتوجب عليها إقحام أهلها في مشكلاتها ليكونوا سنداً لها وعوناً. كانت والدتي تردّد على مسمعي حين أتذمر من كثرة مشكلات شقيقاتى المتزوجات «أم وأخ البنات في همّ لحد الممات». وهذه الجملة بالذات جعلتني أتمنى إنجاب الذكور لا الإناث. وفي الحقيقة أسرتي سُرّت كثيراً بعد أن رزقني الله مولودي الثاني معاذ وكان ذكراً أيضاً. ولكن زوجتي وأسرتها كانوا يتمنون ولادة أنثى. لا أعلم سبباً لرغبة داخلية تحدثني دائما أنني أتمنى أن أرزق ذكراً، ودائماً أمازح زوجتى وأقول لها إن شاء الله يكون لدينا ستة صبية وبنت واحدة فقط. أعتقد أن المنطقة العربية تحيا داخل بوتقة الذكورية منذ مئات السنين، ولما كان الرجل هو صاحب الحظوظ الوافرة في كل شيء أصبح الجميع يتمنى أن يرزق مولوداً ذكراً. ولكن في النهاية، أنا لن أعارض مشيئة الله بمولودة أنثى بل على العكس فأنا أسمع دائماً أن البنت حبيبة أبيها، وأي أسرة لديها بنات فقط فهي أسرة متميزة لأن نبينا الكريم (ص) بشّر من يرزق ثلاث بنات ويحسن تربيتهن ويزوجهن بأن له الجنة، والله أعلم».
أم جابر: أفضل الصبي على البنت وكذلك كانت والدتي
السيدة أم جابر ذات الخمسة وستين عاماً والأم لسبعة ذكور وبنتين، قالت عن تفضيلها للصبي: «بصراحة أحب الولد أكثر. أنا منذ كنت صغيرة لا أحب البنات ولكن عندما أصبح عندي بنات أحببتهن، وأظن أن هذا بتأثير أمي ـ رحمها الله ـ فهي قد فضلت الأولاد علينا في كل شيء حتى في الأكل».
وعندما سألنا أم جابر هل تعاملين ابنتيك اليوم المعاملة التي تلقيتها من والدتك، أجابت: «بالطبع لا، أنا أحب ابنتي كثيراً فهما اليوم تساعدانني في شؤون البيت وتسهران على راحتي إذا مرضت».