الأسبوع الخامس والعشرون: الليل هو الحكاية كلها!

الحمل

08 يناير 2014

ها هو بطني يصبح أكثر استدارة، مكتسباً ثقلاً قد يخلّ بتوازني أحياناً! في النهار، أمارس حياتي اليومية الروتينية كالعادة إنما بهدوء، أما الليل فله حكاية خاصة في هذه المرحلة من الحمل، لا بل هو الحكاية كلها!

كم هي طويلة لياليّ، لا يمكنني أن أخلد إلى الفراش بسلام، فأراني كثيرة الحركة، أتقلّب على إيقاع أفكار تتقاذفني بين الحين والآخر، معظمها يعكس اضطراباً عاطفياً من قلق وتوتر وتساؤلات أبرزها: هل سأكون أماً صالحة؟ هل سيكون مولوداً طبيعياً؟ كيف ستكون ولادتي يا ترى؟ هل سأقدر على أن أكون على مستوى هذا الحدث الكبير في حياتي؟

وبما أنه يصعب عليّ أن أجد أجوبة واضحة عن كل هذه التساؤلات التي تقلقني بين الساعة الثانية والساعة الثالثة من بعد منتصف الليل أستسلم للأرق وأشعر بوحدة قاتلة وكأنني أحمل للمرة الأولى أو كأني المرأة الوحيدة في العالم التي حملت بطفل.

أشعر به يتحرك أكثر فأكثر خصوصاً عند المساء من 20 إلى 60 حركة كمعدل وسطي خلال نصف ساعة. انتفض مع كل حركة، أشعر وكأن كل خلية في جسمي تشعر به وتخاف عليه.

للتخفيف من انزعاجات الليل، أحاول أن أبحث عن حلول عملية، فإرهاق المساء يولّد تعباً يرافقني طوال النهار وأحاول تعويضه بالخلود إلى الفراش مباشرة بعد تناول وجبة الغداء لأخذ قسط من الراحة.


يبدو أنه من الطبيعي أن تعيش الحامل ابتداءً من الأسبوع الخامس والعشرين هذه الانزعاجات عند المساء، وللتخفيف من حدّتها يُنصح بالتالي:

- عند الشعور بالأرق يمكن للحامل أن تشرب كوباً من الحليب وأن تستريح على كنبة في الصالون وأن تقرأ كتاباً مشوّقاً يستهويها.

- قبل الذهاب إلى الفراش عند المساء يُنصح أن تستحم الحامل بمياه معتدلة الحرارة وأن تحاول الاسترخاء وتنشّق الهواء المنعش والتأمل بهدوء على أنغام موسيقى هادئة محبّبة إلى قلبها.

عند حديثنا عن إنزعاجات الليل في هذه الفترة لا يمكننا أن نغفل تردّد الحامل كثيراً إلى الحمام للتبوّل، هذا الشعور طبيعي جداً، فالرحم كبر حجمه وأصبح يضغط على المثانة.

هذا الانزعاج لا يفترض أن يدفع الحامل إلى التخفيف من شرب الماء لأن ذلك قد يضرّ بعمل الكليتين فهما في حاجة إلى هذا الماء للتخلّص من السموم.

عند شعور الحامل بالرغبة في التبوّل يفترض بها أن تقوم بذلك بتلقائية ثم العودة بسرعة إلى النوم دون تأفّف.


فيزيولوجية الحمل

في الأسبوع الخامس والعشرين من الحمل يزن الطفل حوالي 650غراماً طوله حوالي28 سنتم من الرأس إلى الرجلين. قطر رأسه حوالي الـ 6,4 سنتم. يستمر تواصل الدماغ مع الشبكة العصبية. تتشكّل الأعصاب. تصبح الطبقة الدهنية أكثر سماكة. يتجدّد السائل السابياتي كلياً كل ثلاث ساعات تقريباً. تفرز براعم الأسنان العاج الذي سيغطي أسنان الحليب.

إختلاف الأعضاء الجنسية لدى الطفل يصبح واضحاً كلياً. فإذا كان الطفل أنثى يتحوّل مهبلها من شكل غير واضح المعالم إلى أنبوب مقعّر، أما إذا كان ذكراً فلم تتّخذ بعد خصيتاه مكانهما في الصفن (كيس الخصيتين) لكن خلاية الخصيتين المسؤولة عن إفراز الهرمون الذكري (تيستوسيترون) يزداد عددها.

إن دم الطفل أكثر إحمراراً من دم أمه وذلك يعود إلى أن كرياته الحمراء هي أكثر غنى بالحديد من الكريات الحمراء الموجودة في دم الإنسان وأكثر تعطشاً للأوكسيجين لذلك ينتقل دم الأم إلى دم الطفل بسهولة أكبر.

تصل كل خلية عصبية إلى مكانها المحدّد في الدماغ، وتمتد منها تشعبات وتطول إحداها فتحمل إسم محور عصبي.

في هذه الفترة، تشكل التشعبات شبكة إتصالات كثيفة، يتوقف حسن عمل الدماغ على عددها ونوعيتها. تتغلغل المحاور، التي يكمن دورها في إيصال السائل العصبي إلى المخ وتتجمّع على شكل ألياف عصبية أكبر حجماً لتكوّن الأعصاب وتقوم الأعصاب بإيصال السائل العصبي المحرّك من المخ إلى العضلات، مما يسمح بالحركة.

في هذه الفترة، تصبح حركة الجنين نشيطة جدّ وهو يتنقل بسهولة.

لقد كبر حجم بطني وأصبح يضغط على بعض الأعضاء، ارتفع الحجاب (مسطحة تفصل التجويف الصدري عن البطن)، الأضلاع المنخفضة ابتعدت عن بعضها فيما المعدة أضحت مكبوتة على أحد الأضلاع. هذه الاضطرابات الميكانيكية تضاف إلى أن معدّل ارتفاع هرمون البروجستيرون يخفّف من عملية الهضم. المعدة تفرغ بسرعة من محتواها، عملية الإغلاق بين المعدة والبلعوم لم تعد محكمة جيداً فيترتب عن ذلك صعود حموضة من المعدة باتجاه البلعوم.

عدد ضئيل جداً من الحوامل لا يشعرن بهذه الأعراض المزعجة في هذه الفترة من الحمل. رغم كل هذه الانزعاجات التي تطبع هذه المرحلة، ثمة شعور بلذة ترقّب مولود جديد يضفي على تلك اللحظات القدرة على الصبر والتحمّل.

ثمة طور داخلي يولّد من تلك اللحظات حميمة وخصوصية فريدة من نوعها. ثمة لغة خاصة، لغة أحرفها مشاعر صادقة لم يقدر قاموس لغوي على جمعها بعد، لغة تولد في صمت اللحظات لتحيك بين الأم وطفلها تواصلاً عميقاً، يكلّل كل مرحلة من حملها!