بعد 20 يوماً لمى الروقي تتحلل إلى أشلاء في قاع البئر التي سقطت فيها

لمى الروقي, المجتمع السعودي, المملكة العربية السعودية, وفاة, الطب الشرعي

01 فبراير 2014

بعد مضي 20 يوماً من الانتظار، وقف المجتمع السعودي موجهاً الأنظار نحو بئر وقعت فيها طفلة أثناء خروجها في نزهة مع أسرتها حين سقطت فجأة واختفت عن الأنظار... الطفلة لم تنجُ من عذاب الموت ولا من وحشة الظلام، فالنهاية المؤلمة أعلنت وسط ترقب الملايين بهذه الكلمات «توقفنا عن شفط الرمال حفاظا على ما تبقى من جسد لمى، فنشلنا أطرافها فقط، وجسدها متحلل في قاع البئر». هذا ما أعلنته الأجهزة المعنية في شمال المملكة العربية السعودية في منطقة تبوك، فعمّ البكاء والحزن أنحاء المملكة ، فهناك من سمّى مولودته لمى، وأهالي المنطقة التي لاقت الطفلة حتفها فيها حولوا اسم وادي الأسمر إلى وادي لمى.


أم لمى: أريد أن أراها قبل دفنها

أم لمى التي التقتها «لها»، لا تنقطع عن البكاء، فهي تتذكر اللحظات التي وقعت فيها الحادثة وتؤنب نفسها، لخروجهم في ذاك اليوم إلى رحلة برية وتقول: «أريد أن أدفنها، أريد أن أراها قبل دفنها... أين لمى، أريدها فهي حنونة دافئة قريبة من أخوتها. فرحت كثيرا عندما أنجبت طفلا ذكراً قبل 3 شهور، كانت تغمرها السعادة»، لم تتمالك نفسها فتبكي بحرقة وتذرف دموعها، قائلة: «أريد دفنها إكراما لها». تؤمن بقضاء الله وقدره، ويحزنها ما نشر عن ابنتها وما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول كيفية اختفاء لمى: «لن أسامح من بحث عن الشهرة واستغلّ حادثة ابنتي لمى».
 

والد لمى: سقطت بينما كانت تلعب مع شقيقتها في حفرة عميقة مَخفية وسأنتظر حتى تخرج الجثة كاملة

والد الطفلة ذات الستة أعوام، الذي فضّل البقاء في المكان وسط إصراره على استخراج جثة ابنته حتى لو بقيت عاما كاملا، يقول: «يوم الجمعة قبل نحو3 أسابيع خرجنا للتنزه في منطقة برية ما بين حقل وتبوك، وبينما بقينا أنا ووالدة لمى مع الصغير ذي الثلاثة أشهر، انصرفت لمى (6 سنوات ) وشوق ( 8 سنوات) إلى الجري واللعب في المكان. وغابتا للحظات وبعد فترة عاودتا اللعب مجددًا، ولكن هذه المرة عادت شوق راكضة لتخبرني أنّ لمى سقطت في حفرة. وعلى الفور هرعنا أنا ووالدتها إلى المكان ووصلنا إلى الحفرة التي كانت عبارة عن بئر عميقة. وعندها بدأت أنادي لمى... لمى ولكن دون أن أسمع أي رد أو أي صوت نظرًا إلى عمق الحفرة. وبدأنا أنا ووالدتها التوتر وفقدنا السيطرة على أعصابنا. واقترحت زوجتي أن نحاول إنقاذها لعلها تكون قد علقت بشيء ما، ولكنني أخبرتها بضرورة التريث وعدم المغامرة حتى لا نضاعف من المصيبة وعدد المفقودين. وعلى الفور اتصلت بالدفاع المدني وبعد نصف ساعة تقريبًا أو أكثر حضرت فرق الدفاع المدني وبدأت محاولات إنقاذ لمى مع وعود بإخراجها في أقرب وقت ممكن، ولكن الساعات تحولت إلى أيام». ويستطرد في حديثه قائلاً: «حادثة ابنتي مؤلمة، فكلما وصلت آليات لانتشال جثتها يتجدد الأمل وأعيش لحظات انتظار. رمال متحركة وأخشاب وصخور في فوهة بئر وادي الأسمر بمحافظة حقل منعت جهود الدفاع المدني من الوصول إلى لمى».


بعد 15 يوماً...

عشرات المعدات والآليات والاستعانة بخبراء من شركة هي الأضخم في البحث والتنقيب شركة ارامكو السعودية، كانت جميعها في موقع الحادثة، تبحث عن اثر إلى الطفلة، التي لم يعد لها اثر، وبعد مرور نحو 15 يوما تمكن رجال الإنقاذ من انتشال شيء من قاع البئر معتقدين أنها لمى، إلا أنهم فوجئوا بأنها دميتها التي كانت تحملها وتلهو بها وشقيقتها. وعلى رغم مشاهدة رجال الإنقاذ الجثة في المراحل الأخيرة من البحث إلا أن الصخور والأتربة وقفت عائقاً وأنزلت جثة لمى إلى أعماق البئر، مما فاقم صعوبة عمليات البحث التي بدأت من جديد.
يصل عمق البئر التي التهمت جثة الطفلة البريئة لمى إلى 114 متراً، وهي غير محاطة بأي سياج أو علامات تحذيرية، وهذا ما فجّر قضية الآبار المكشوفة في السعودية، وغياب الرقابة عليها، فأطلق شباب حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للإبلاغ عن الآبار المكشوفة، مطالبين بسرعة ردمها أو إغلاقها.

في غضون ذلك، أفتى عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي السعودي الشيخ عبدالله المنيع، بأنه يصح اعتبار البئر الارتوازية التي سقطت فيها لمى الروقي قبراً لها، وذلك بعد التأكد من وفاتها، وعدم القدرة على إخراجها. وأضاف أنه يجوز لأهلها استقبال العزاء في وفاة ابنتهم وإن لم يتم استخراجها من البئر، وأن يدعى لها بما يدعى للطفل الميت، مثل أن يقال: «الله يجعلها فرضا لوالديها ويجعلها شفيعة لوالديها»، مشيراً إلى أن سقوطها في البئر قضاء وقدر، في الوقت الذي ردت عائلة لمى على الشيخ المنيع انه «لا يمكن أن تقبل هذا على ابنتك يا شيخ بأن تدفنها في بئر وسط وادٍ».
وفي اي حال، انتهت قضية لمى، ومُنع تصوير أشلاء الجثة لقسوة المنظر، فالأطراف تم انتشالها ليتم تسليمها إلى الطب الشرعي قبل الصلاة على الفقيدة أو ما بقي منها من أجزاء وصفها البعض بأنها «بسيطة جداً». وغادر الجميع الموقع حاملين قطعاً من أطراف لمى، لتبقى صورتها جميلة في أذهان كل ما يتذكرها، والجميع يترقبون نتائج الطب الشرعي للصلاة على الفقيدة.