المصمم ربيع كيروز: أصمم لامرأة قويّة تظهر ضعفها دون مشكلة

ربيع كيروز, تصميم أزياء, تصاميم, المرأة العربية / نساء عربيات

22 يونيو 2014

يبدو اللقاء مع المصمم ربيع كيروز عفوياً تماماً كما هي شخصيته التي تتميز بالبساطة. حتى أن تصاميمه ليست إلا انعكاساً لطبيعته هذه فميّزته بذلك عن مصممي جيله. في أحد مقاهي بيروت، كان هذا اللقاء العفوي معه ليتحدث عن بداياته وعن أول فستان صممه وعن أمور كان لها الأثر الأكبر لتأخذ حياته المنحى الذي أخذته... وغيرها من التفاصيل التي تعرفك بمصمم –فنان يستوحي من أبسط الأمور التي تحيط به لينجز تصاميم مميزة لا تشبه أخرى.  بين باريس وبيروت حكاية ربيع كيروز مع الموضة والجمال والمرأة.

يخبر معظم المصممين قصة بداياتهم في عالم تصميم الازياء التي تبدأ عامةً في محيط يغلب فيه هذا المجال، هل يخبر ربيع كيروز قصة مماثلة؟
في الواقع تبدو قصتي بعيدة تماماً عن تلك التي يخبرها معظم المصممين. إذ لم يكن لمحيطي من تاثير في هذا المجال لأن لا علاقة لعائلتي بالتصميم والخياطة كما يحصل عامةً، لا بل هم بعيدون كل البعد عن هذا المجال. في المقابل أذكر أني في عمر 12 سنة كنت قد تأكدت أني سأكون مصمم أزياء.

ما الذي كان يجذبك إلى هذا المجال تحديداً؟
أذكر أنه بالنسبة إلينا، أنا وأختي، كانت مسألة شراء الثياب تحديداً في المناسبات والأعياد في غاية الأهمية. أعتقد أننا كبقية الاطفال كنا نحصل على الملابس في مناسبات معينة فيكون لشرائها أثر مهم، خصوصاً في الأعياد. وكانت الملابس التي يشتريها أهلنا لنا مرتبة ومنسقة تماماً ومتكاملة. أما نحن فكنا نفضل الأمور البسيطة التي يرتديها الأطفال الآخرون فلا يكون مظهرنا منسقاً بهذا الشكل. ثمة تفاصيل بسيطة أثرت بي فجذبتني شيئاً فشيئاً إلى عالم الموضة.

هل كان لوالديك تأثير معين في حياتك المهنية، فتلقنت منهما دروساً معينة اعتمدتها لاحقاً؟
أبرز ما تعلمته من أهلي أن تكون قدماي على الأرض دائماً. فأهلي أناس بسطاء وعائلتي بسيطة، إذ يعمل والدي بكد وأمي ربة منزل . انتقلت إلي هذه البساطة في محيطي واكتسبتها وانعكست على أسلوب عملي الذي يميل إلى البساطة.

أي تاريخ شكل منعطفاً في حياتك؟
هو عام 1989، التاريخ الذي اتخذت فيه قرار التوجه إلى باريس والذي تغيرت فيه حياتي تماماً واتخذت منحىً آخر. كنت في سن 16 سنة حينها وأردت دراسة تصميم الازياء في باريس عاصمة الموضة، وكانت المرة لأولى التي أسافر فيها، حتى أنها المرة الأولى التي أترك فيها بلدتي وكنت لم أر العاصمة بيروت مرة. لم أكن أعرف شيئاً غير المحيط الذي تربيت فيه وانتقلت مباشرةً إلى باريس فغيّر هذا الاكتشاف حياتي، وكانت سعادتي لا توصف عندما انتقلت إلى العاصمة الفرنسية رغم اشتياقي الكبير لأهلي وعائلتي بعد أن شعرت بالانسلاخ من محيطي. هذا تحديداً ما ساهم في نمو شخصيتي كوني عشت في عالمين مختلفين، الأمر الذي صقل أسلوبي في التصميم بالشكل الذي هو عليه. ومما لا شك فيه أني اكتشفت في باريس جواً عشقته ووجدت فيها مدينة أحببتها فعلاً فوجدتها مصدر وحي لي.

اليوم، أين تجد نفسك أكثر في العاصمة الباريسية التي عشقتها بعد أن انتقلت إليها وبدلت مسار حياتك أم لبنان الذي ولدت وعشت فيه سنوات الطفولة الجميلة والمراهقة؟
لبنان وباريس في المرتبة نفسها  إذ أن ثمة «جاذبية مغناطيسية» في لبنان تشدني إليه مهما حاولت الابتعاد، وفي الوقت نفسه عائلتي الجديدة في باريس ولا يمكن أن أنكر ذلك بعد أن عشت سنوات رائعة فيها.

لكن يبدو أنك تميل أكثر إلى الأسلوب الغربي في التصميم، حتى أنك اخترت باريس لتقيم فيها بشكل أساسي وتعمل فيها، ما سبب هذا الاتجاه؟
باريس عاصمة الموضة وهذا لا يخفى على أحد. ومما لا شك فيه أن العمل فيها أسهل فنجد فيها أجمل الاقمشة والخياطين. كما أني ثقافياً أميل إليها أكثر من اي بلد آخر، إلى جانب كونها من الناحية الجمالية تجذبني وتؤثر فيّ وتبقى مصدر وحي لي في كل الأوقات سواء في طريقة العيش أو في الهندسة فيها. لذلك، عندما اخترت تصميم الملابس الجاهزة وجدت أن باريس هي الأنسب، خصوصاً أن لبنان ليس بلداً صناعياً بل حرفيٌّ أكثر . كنت أرغب في الترويج للملابس الجاهزة التي أصممها، وشيئاً فشيئاً أصبحت ملابسي من ماركة فرنسية. لم أختر فرنسا لأنها فرنسا بل أردت الأفضل والأنسب لعملي.

أي شخص التقيته في حياتك وتعلّمت منه الكثير؟
في كل يوم ألتقي فيه أشخاصاً جدداً أتأثر بهم. أتأثر بكل شخص جديد وبكل بلد أراه وأتعلم الكثير من الأمور التي تبدل في شخصيتي وحياتي . أرى في علاقات الناس غنى فعلياً لا يمكن الاستهانة به. الناس الذين نلتقيهم بعطوننا أكثر مما يأخذون. وحتى عندما يأخذون منا هم يعطوننا في المقابل فيكونون لنا مصدر غنى. أحب الناس عامةً ولا أحب الوحدة .

ألا تشكل الوحدة أحياناً مساحة تستوحي فيها في مجال عملك الذي قد يتطلب ذلك؟
لا أحب الوحدة لكني قد أختار أحياناً الانفراد بنفسي من أجل متطلبات عملي. أحب العلاقات الاجتماعية والعيش مع الناس والمشاركة معهم في أصغر الأمور الحياتية والتفاصيل.

كيف تتذكر أول تصميم لك؟
أذكر أن التصميم الأول لي كان عفوياً إلى حد كبير. أذكر كيف رسمت أول فستان زفاف وكنت في بداياتي في تصميم الازياء . لم تكن هناك معرفة سابقة بالمرأة التي صممت لها بل تعرفت إليها وطلبت مني أن أصمم لها فستان زفافها، وكانت سعادتها لا توصف عندما رأت الفستان الذي صممته لها وكنت في غاية السعادة لأنها اختارتني.

هل تعتقد أن ارتداء المشاهير أزياء المصمم عامةً يزيد شهرته ونجاحه؟
أعتقد أنه في مرحلة معينة يساعد المصمم أن يرتدي المشاهير من تصاميمه باعتبارهم تحت الأضواء والأنظار تتجه إليهم بشكل خاص. فالناس يرون الفستان الذي ترتديه النجمة. لكن شخصياً لا مشكلة عندي في ذلك ولا أعاني هذه العقدة ولا أحلم بأن ترتدي فنانة أو شخصية معينة من تصاميمي، فشرطي الاساسي أن تناسب أسلوبي في التصميم  بغض النظر عن هويتها، وأن تكون مناسبة لما أحب وما أفكر فيه وأن تشبه المرأة التي أحب أن ألبسها.

ما صفات المرأة التي يصمم لها ربيع كيروز؟
المرأة التي أصمم لها قوية لكنها غير «مستقوية» كما نقول في العامية، أي أن المرأة التي ألبسها تتمتع بشخصية قوية ولا تسعى إلى أن تظهر بغير ما هي عليه ولا مشكلة لديها في أن تظهر ضعفها وليس لديها شيء تبرهنه أو شيء تخشى إظهاره. هي تحب نفسها كما هي واثقة وعفوية وتحب أن تظهر كما هي دون مشكلة أو عقدة. هذه هي المرأة التي ترتدي الملابس التي أصممها وتكون مشرقة فيها وتجمّلها. هذا أهم من المقاسات بالنسبة إلي لتكون المرأة جميلة في تصاميمي.

هل تجد أن تصاميمك تناسب المرأة الغربية أكثر من المرأة العربية؟
المرأة امرأة بغض النظر عن انتمائها. هي مصدر وحي لي وآخذ من عملي وسيلة لجذبها أياً كانت جنسيتها. تبدلت طريقة العيش في أيامنا هذه وصار الاسلوب الذي أصمم به يناسب المرأة أكثر بحسب طريقة عيشها، سواء كانت عربية أو أجنبية فلا فرق في انتمائها.

أي فصل هو الأقرب إلى ربيع كيروز ومصدر وحي له؟
فصل الربيع هوالأقرب لما فيه من سحر وجاذبية. أجد نفسي منجذباً إلى هذا الفصل الذي يأتي بعد عواصف الشتاء فتعيش فيه الطبيعة مجدداً وتزهر . أجد فيه مدرسة حياة وأعتقد أننا عندما نعيش في الطبيعة تختلف الأمور بالنسبة إلينا بين ليلة وضحاها مع التقلبات التي تحصل فيها فنرى الأمور من منظار مختلف.

أي ألوان هي المفضلة لك؟
أحب الألوان الواضحة عامةً لا تلك التي لا يعرف ما هي فعلاً والتي تراوح بين لونين. فعلى سبيل المثال لا أحب الرمادي ولا أحب خليط الألوان.

أي عناصر تبدو أساسية لك في الوقت الذي تصمم فيه؟
بصراحة أنا أفعل ما أحبه دون تكلّف ولا اقوم بجهد خاص لأفكر بما سأصممه. لا أفكر بما سأفعله وما إذا كان على الموضة أم لا. فعلى سبيل المثال أحببت في الشتاء قماشاً صيفياً فاستخدمته لأني رأيت فيه شيئاً طبيعياً وعفوياً. هكذا أتصرف وأعمل في كل شيء بشكل عفوي تلقائي ولا مشاريع لدي.

ممَّ تستوحي بشكل خاص؟
يأتي الوحي بشكل ومضات. أتميز بحشريتي بحيث أراقب كثيراً. فقد أجلس في مقهى وأرى امرأة تتصرف بطريقة معينة أو تمشي فتوحي لي بتصميم معين.

هل تعجب بأعمال مصممين معينين تتأثر بهم في عملك؟
قد أعجب بمصممين لكن من المؤكد أني لا أقلّد أبداً مصممين من جيلي بل أنظر إلى أعمالهم وأجد في ذلك حافزاً لأتقدم كون المنافسة تعطي دفعاً لتسير الأمور بشكل أفضل.

أي نصيحة أساسية تسديها إلى المرأة؟
نصيحتي الاساسية للمراة أن تكون هي وأن تفعل ما تريد شرط أن تكون واثقة من نفسها. كما أنصحها أن يكون ينسجم مظهرها مع كلامها وتصرفاتها.

أي خطأ قد يؤثر سلباً على طلّة المرأة؟
الخطأ الأكبر الذي تقع فيه المرأة هو أن يخفي مظهرها حقيقتها.


أجمل...

لون... الأحمر.

قصة... قصة Le Quatuor d’Alexandrie قصة أوحت لي الكثير وأحلم بتحويلها إلى فيلم وبأن يرتدي الممثلون من تصاميمي.

فيلم... Wings of Desire

عطر... رائحة النظافة التي تفوح عند الاستحمام قبل وضع أي عطر.

جوهرة ثمينة... الماس.

لوحة... أعشق اللوحات والرسم عامةً وأحب مشاهدتها لكن لا أفضل لوحة معينة.