مهرجان فاس: فنانون عالميون ينشدون التسامح والإخاء ويحتفون بمانديلا

مهرجان فاس, نيلسون مانديلا, كاظم الساهر, الأميرة للا سلمى

12 يوليو 2014

احتفت مدينة فاس المغربية بالقيم الإنسانية العالمية وبالتقارب بين الشعوب والأمم، وذلك من خلال الدورة الـ 20 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، عبر سهرات فنية وأمسيات موسيقية قدمها فنانون كبار من مختلف البلدان والجنسيات والأعراق غنّوا للسلام وجعل القيم الروحية في خدمة الإنسان بغض النظر عن الجنس واللون والمعتقد.

ومن بين الفنانين الذين تألقوا، كاظم الساهر الذي استطاع أن يحمل الجمهور في رحلة ممتعة إلى عوالم بغداد وفضاءات الموصل والكوفة، مهد المقامات والألوان الموسيقية العريقة ومنبع التجدد والتنوع في الألحان. وتعدّ هذه الحفلة الثالثة التي يحييها القيصر بعد دورتيْ 2005 و2011.

واحتفاء بقيم التسامح والعيش المشترك، تألق كل من الفنانين باجدوب وعبد الفتاح بنيس وعبد الرحيم الصويري وسعيد الشرايبي ومروان حاجي الذين أسروا الجمهور بإبداعات فنية عريقة تتغنى بالموروث الأندلسي وتحتفي بالجمال في مختلف مظاهره وبالإنسانية بعيداً عن العرق واللون والجنس.

واحتفت دورة هذه السنة بالقارة الإفريقية في شخص الزعيم الإفريقي الجنوبي الراحل نيسلون مانديلا رمز النضال ضد الفصل العنصري، من خلال مجموعة من العروض الفنية والسهرات الموسيقية، من بينها العرض الذي جمع بين فنانين عملاقين هما السنغالي يوسو ندور والإفريقي الجنوبي جوني كليغ في أمسية كان التغني بـ«ماما أفريكا» عنوانا لها، وبالضبط بواحد من زعمائها التاريخيين هو نيلسون مانديلا. وقد استعاد يوسو ندور ذكريات ألبومه الذي أصدره عام 1986 حول نلسون مانديلا، وغنى بعضاً من أغانيه.

أما جوني كليغ، فاغتنم الفرصة لتعريف الجماهير بلمحات من كفاحه ضد نظام «الأبارتهايد» العنصري، وقدم أغاني شهيرة في هذا الإطار شكلت نضالاً فنياً ضد نظام مزق وحدة هذا البلد خلال القرن العشرين.

من جهته، أطرب المغني الفرنسي روبرتو ألانيا جماهير الدورة العشرين من مهرجان فاس بصوته القوي وألحانه الشجية، واستمتع الحاضرون بمقطوعات غنائية من موسيقى «التينور» التي تعتبر موسيقى ذكورية بامتياز، بحيث لا يؤديها غير الرجال الذين يملكون مميزات صوتية معينة. فبعد لحظات من عزف فرقته بآلات موسيقة متنوعة، قدم ألانيا ما وصفها بأغاني الفرح، قبل أن يتوقف لبضع لحظات، ليطرب الجمهور بما اعتبرها أغاني حزينة.

الدورة عرفت تنظيم « ليالي صوفية» وسهرة أندلسية كبرى إلى جانب العديد من النشاطات الفنية والثقافية الأخرى، فضلاً عن معارض للرسم لفنانين مغاربة ومن العالم وورش لفن الخط والمسرح وعروض سينمائية في أماكن مختلفة.

يذكر أن حفلة الافتتاح  للمهرجان التي تقدمتها الأميرة للا سلمى  والتي حملت عنوان «منطق الطير: عندما تسافر الثقافات»، خطفت الانظار، وجسد هذا العرض الفني المستوحى من حكاية صوفية من القرن الـ 13 لفريد الدين العطار رحلة قادها طائر الهدهد الذي قرر أن يجمع كل الطيور ليدعوها إلى رحلة طويلة تسلك خلالها الطريق الصعب للبحث الباطني على أمل لقاء ملكها الطائر العجيب المسمى «السيمرغ».

وتألقت في الحفلة المطربة اللبنانية عبير نعمة إلى درجة لم تجعلها فقط تتقمص دور الهدهد المسافر بالطيور بكثير من البراعة، بل كانت حلقة الوصل بين الأديان التوحيدية الثلاثة، وجمعت بين عدة أمم عندما شاركت المنصة مع مطربين من العمق الإفريقي، أميركا الجنوبية، الهند، والصين.

وجمعت الحفلة الافتتاحية مجموعة من كبار مطربي الموسيقى الروحية، شاركوا كلهم عبير في حكاية الهدهد المسافر، منهم موسى دينغ كالا، لوزميلا كاربيو، باراتا ناتيام، مور كارباسي، وعلي إحسان أكسو.