في مصر شرطة نسائية لمكافحة التحرّش!

الشرطة النسائية, التحرش, مصر, القانون, العنف, شرطة

19 يوليو 2014

نساء فرضت عليهن الوظيفة نوعاً من الحزم والصرامة، ودّعن أنوثتهن داخل ملابسهن العسكرية، وباتت الوجوه الجميلة تحمل نوعاً من القسوة تمكنها من التعامل مع العناصر الإجرامية، فاختفت الأيدي الناعمة وتحولت لأيادٍ قوية في ظل تنفيذ القانون وردع المجرمين. نماذج مشرقة لنساء مصريات نجحن في كسر قيود العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع، فالتحقن بالعمل الشرطي ليساهمن بقوة في تأسيس الشرطة النسائية المصرية التي ألقي عليها العبء الأكبر في الفترة الأخيرة في مواجهة جرائم التحرّش والعنف ضد المرأة، بحكم الظروف التي تحيط بمثل هذه النوعية من الجرائم التي قد يفشل الرجل في التعامل معها واحتوائها، بل قد تجد الضحية حرجاً في البوح بكثير من التفاصيل.

قرّرت وزارة الداخلية المصرية إنشاء أقسام شرطة بمديريات الأمن لمكافحة جرائم العنف والتحرّش ضد المرأة، بالتنسيق مع قطاع حقوق الإنسان في الوزارة، وهو القرار الذي يأتي عقب جرائم التحرش الجماعية التي وقعت في ميدان التحرير أثناء الاحتفالات بتنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في محاولة لمنع تكرارها من خلال نشر عناصر من الشرطة النسائية في وسائل النقل العامة والميادين وأماكن التجمعات لمكافحة مثل هذه الجرائم، وهو القرار الذي يهدف لتفعيل دور الشرطة النسائية في المجتمع المصري.


بداية الشرطة النسائية

رغم الظهور المكثف للشرطة النسائية الفترة الأخيرة، خاصة بعد ثورة  يناير مقارنة بالسنوات السابقة، فإنها ليست وليدة العهد، فقد بدأ قبول خريجات الجامعات المصرية في كلية الضباط المتخصصين بأكاديمية الشرطة منذ ثلاثة عقود عام 1984، بهدف وجود العناصر الشرطية النسائية في الإدارات التي لها علاقة بخدمات الجماهير، كالمرور والسجل المدني ومكافحة التسول داخل وسائل المواصلات، إلى جانب إدارات الرعاية الطبية ورعاية الأحداث والمؤسسات العقابية ومكافحة جرائم الآداب والرعاية اللاحقة وميناء القاهرة الجوي، إلى جانب استخدامهن في تدريب الطالبات الجديدات، ويتم قبول الحاصلات على مؤهلات الطب والحقوق والآداب والخدمة الاجتماعية والتربية الرياضية.


مكافحة العنف

العقيد منال عاطف واحدة من أبرز عناصر الشرطة المصرية، فهي مديرة أول إدارة لمكافحة جرائم العنف ضد المرأة، والتي تم تأسيسها العام الماضي واقتصر دورها في هذا الوقت على متابعة الحالات التي تعرضت لجرائم العنف ودعمها وإعادة تأهيلها نفسياً للاندماج مرة أخرى وسط المجتمع.
تقول: «عقب تخرجي في كلية الحقوق التحقت بالدفعة السادسة في قسم الشرطة النسائية بكلية الضباط المتخصصين بأكاديمية الشرطة، وعملت لفترة طويلة في الإدارة العامة لحماية الآداب بقسم مكافحة النشاط الخارجي، وهو القسم الذي يتولّى قضايا البغاء الدولي وتسفير النساء لاستغلالهن، بمعنى متابعة المصريين في الخارج في حالة ارتكابهم أعمالاً مخلة بالآداب، كذلك الأجانب المتواجدين في مصر، حتى إنشاء إدارة «مواجهة العنف ضد المرأة» العام الماضي، إذ كنت واحدة من أربع ضابطات شرطة تلقين تدريباً في الولايات المتحدة الأميركية على مكافحة جرائم التحرش الجنسي».

وتصف عملها بهذه الإدارة بأنه نوع من العلاج النفسي للضحية، لتمكينها من الاندماج والتواصل في المجتمع مرة ثانية، وهي رسالة لجهاز الشرطة تكون المرأة الأقدر على القيام بها، وهو ما حدث مع صيدلانية تعرضت لجريمة اغتصاب، وعقب إبلاغها الشرطة حاولت التراجع خوفاً من الفضيحة، إلا أنها من خلال الإدارة نجحت في التواصل معها وإقناعها بالعدول عن التراجع حتى ينال المجرم عقابه، وتم إخضاعها للعلاج النفسي حتى تجاوزت الأزمة وعادت إلى دراستها إنسانة طبيعية.
العقيد منال عاطف شخصية جادة تتسم بالحزم في عملها الشرطي، الأمر الذي أهلها للحصول على نوط الامتياز من الطبقة الثانية، إلا أنها فور انتهائها من عملها تتخلّى عن بدَلتها العسكرية وتعود لمنزلها كأم لطالب جامعي وابنة في المرحلة الثانوية، ومن قبل هذا زوجة لرجل يتفهم طبيعة عمل زوجته ويقدره، لتنجح منال في صياغة المعادلة الصعبة فهي «باشا» في الصباح و«هانم» في المساء.


امرأة برتبة لواء

هي ليست ضابط شرطة فحسب، لكنها صاحبة لقب أول لواء شرطة عامل في تاريخ الشرطة النسائية بوزارة الداخلية المصرية، فقبل أن تحصل على هذا اللقب كانت رتبة العميد هي أقصى ترقية تصل إليها النساء اللواتي تتم ترقيتهن لرتبة لواء مع إحالتهن على التقاعد، لكنها حصلت على الرتبة واستمرت في عملها لتشغل منصب مدير مستشفى الشرطة في القاهرة الجديدة.
اللواء عزة الجمل تخرجت في كلية الطب جامعة عين شمس، وبدلاً من أن تكتفي بلقب طبيبة، التحقت بكلية الضباط المتخصصين بعد أن وجدت أن العمل الشرطي يرسخ لمفاهيم تربت عليها واقتنعت بها، ليتم تخرجها برتبة ملازم أول وتحصل على نوط الامتياز لحصولها على المركز الأول على دفعتها، ثم التحقت بالعمل في مستشفى الشرطة بالعجوزة، انتقلت بعدها لمستشفى مدينة نصر، ومنها إلى مستشفى القاهرة الجديدة، الذي تم افتتاحه بعد الثورة داخل أكاديمية الشرطة.

 في المستشفى الجديد التحقت عزة التي كانت قد وصلت لرتبة عميد بقسم الأطفال، وهناك أسست قسم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والتخاطب، بعد أن لمست معاناة رجال الشرطة مع هذه الحالات، لتحصل على نوط الامتياز للمرة الثانية، ويقرر اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية منحها رتبة لواء عامل للمرة الأولى في تاريخ وزارة الداخلية.
«أنا شخصية تتسم بالانضباط والالتزام بالمواعيد والنظام في العمل وتحديد الأولويات»، هكذا تقول عن نفسها اللواء طبيب عزة الجمل، وتتحدث عن أسرتها التي نجحت في منحها الرعاية الكاملة بجوار عملها الشاق، فكانت زوجة فاضلة لمهندس معماري يعمل رئيساً في إحدى شركات المقاولات، وأمًّا لفتاتين، الأولى طالبة في كلية طب الأسنان، والثانية بكلية علوم الحاسبات والمعلومات.
وتصف اللواء عزة الجمل حالات العنف والتحرش التي ظهرت في المجتمع، بأنها نوع من المرض النفسي الذي يجب تضافر جميع أجهزة الدولة في علاجه واستئصاله، مشيدة بالدور الذي تلعبه الشرطة النسائية في هذا المجال.


معارضة الأهل

وجه مرعب في محطات القطار ومترو الأنفاق، ظهورها في المشهد يعني اختفاءً تاماً للباعة الجائلين والمتسولين والنشالين، العميد رقية الصيفي رئيس قسم حقوق الإنسان والتواصل المجتمعي ومكافحة العنف ضد المرأة بالإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، والمسؤولة الآن عن شن حملات يومية بمحطات المترو لمكافحة العنف والتحرش.
تلمح أداءها فتشعر أنك أمام ضابط شرطة صارم، تتعامل معها تجدها أمًّا تفيض بالحنان، صفات متناقضة تجمعها في شخصيتها، فهي تحتفظ بكونها امرأة لكنها في ذات الوقت ترى نفسها بمئة رجل.

رقية الصيفي نموذج لعناصر الشرطة النسائية القادرة على ردع المتحرشين بالفتيات والسيدات داخل وسائل النقل العامة، ترفض فكرة ضعف المرأة، فهي ترى أن أي  فتاة تستطيع أن تقوم بكل الأعمال التي يقوم بها الرجال، لكن المجتمع دائماً ما يحد من قدراتها ويجعلها تؤمن بأنها أقل قدرة من الرجل، رغم أنها تفوقه في الإمكانات، بل تتفوق عليه في كثير من الأحيان. تصف عمليات التحرش الأخيرة بأنها نوع من محاولات وقف طموح المرأة وإحباطها، بعد أن ظهر تميزها في كثير من المجالات، ترى أن نجاح المرأة يبدأ من أسرتها، فاهتمامها بزوجها وأبنائها ينعكس على تقديرهم لعملها واستيعاب متطلباته، بحيث تكون في عملها منذ السابعة صباحاً وحتى السابعة مساءً، لمواصلة الحملات التي تشنها يومياً لضبط كل أشكال الخروج على القانون.

العميد رقية لا تتوقف عن ممارسة دورها الأمني، فتجدها تقوم بحملات توعية داخل عربات السيدات بقطارات المترو لحضهن على التصدي للجرائم والقيام بدور فاعل وليس مفعولاً به، فهي ترى نفسها واحدة منهن عندما تخلع ملابسها الرسمية وترتدي الملابس المدنية عائدة إلى منزلها في القطار الذي كانت تمارس عملها فيه.
وبابتسامة تحمل الكثير من المعاني، تتذكر رقية بدايتها مع العمل الشرطي، عندما أصرّت على الالتحاق بكلية الضباط المتخصصين، رغم معارضة أهلها للفكرة التي وجدوها قد تكون سبباً في عدم اقتراب أي رجل منها، فمن يفكر في الارتباط بامرأة ضابط شرطة، لكنها نجحت في إقناعهم، وكانت مثار فخر لهم بعد ذلك.

 تقول: «نفس الفكر في التحدي لازمني على مستوى عملي الذي بدأ في بعض الإدارات الخدمية كوظيفة مكتبية، سرعان ما تمردت عليها وطلبت النزول إلى الشارع أمارس دوري كرجل شرطة».
وعن نظرة الرجال إليها وقدرتها على تحقيق عنصر الردع، أكدت أن تنفيذ القانون لا يعرف رجلاً وامرأة، فهي تطبق القواعد على الجميع، تتصدى لمحاولات الرجال ركوب عربة السيدات في قطارات المترو، بل إنها بنظرة واحدة تجبرهم على النزول منها والالتزام.


مهمة خاصة

امرأة تتسم بالرقة والنعومة، إلى درجة تجعلك لا تصدق أنها ضابط شرطة برتبة عقيد، إذا تقابلت معها بملابسها المدنية. هي نجوى درويش، رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام بشرطة النقل والمواصلات، تروي حكايتها مع العمل الشرطي، والتي بدأت عندما التحقت بكلية الضباط المتخصصين عقب تخرجها في كلية الخدمة الاجتماعية، وانهت دراستها لتلتحق بالعمل بوزارة الداخلية كملازم أول بإدارة الرعاية اللاحقة، وهي المسؤولة عن رعاية أسر المساجين والمفرج عنهم، ثم انتقلت إلى ميناء القاهرة الجوي حيث شرطة الجوازات، وأخيراً شرطة النقل والمواصلات.

 ترى أن المرأة أصبحت عنصراً فاعلاً في وزارة الداخلية، فهي تتعامل مثل أي ضابط من حيث الترقية والتمتع بكل المميزات، بل إن المهمة التي تقوم بها قد لا يستطيع الرجال أداءها، فعلى سبيل المثال لا يستطيع ضابط شرطة تفتيش النساء وتحسس أجسادهن وفتح حقائبهن، وهي متطلبات تلزم تواجد عناصر نسائية، الأمر الذي يحتاج لزيادة في الأعداد، خاصة في ظل تطور الجريمة ولعب حواء دوراً محورياً فيها.
قد لا يصدق الكثيرون أن نجوى كانت الضابط التي نجحت في الإيقاع بالشيخة منال، السيدة التي ادعت النبوة قبل سنوات وألقي القبض عليها وما زالت تقبع خلف القضبان، لكن سجلات ومحاضر الشرطة تسطر دورها في هذه القضية، عندما طمست هويتها كضابط شرطة وذهبت إلى هذه السيدة وأقنعتها أنها من مريديها، ونجحت في الإقامة معها سنة وثلاثة أشهر لتجمع المعلومات اللازمة عنها دون أن تشكك في أمرها، حتى تسببت التحريات التي  قامت بها في إلقاء القبض عليها، وهو دور لم يكن لأي رجل أن ينجح فيه مهما فعل، لتثبت مدى أهمية العناصر النسائية في العمل الشرطي.


عدم التمييز

«وزارة الداخلية لا تفرق بين ضابط وضابطة شرطة»، هكذا قالت لنا العقيد منار مختار، التي بدأت حياتها الشرطية عام 1989 بالعمل في إدارة الرعاية اللاحقة، ثم انتقلت منها إلى مديرية أمن القاهرة، حيث تم إلحاقها بالعمل في حرس الجامعة وظلت فيها ثمانية عشر عاماً، حتى انتقلت للعمل بالإدارة العامة للتأمين والمعاشات لمدة خمس سنوات، وأخيراً إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة، وهي الإدارة التي تم استحداثها العام الماضي.
تقول منار: «لم أكتف بكوني شرطية، بل حصلت على فرق متقدمة في التأهيل البدني واللياقة، الأمر الذي جعلني أجيد الرماية إجادة تامة، بل يمكنني بكل سهولة استخدام كافة أنواع الأسلحة، فأنا لست مجرد» كمالة عدد» كما يقولون في الوزارة، لكنني امرأة مؤهلة لكل أنواع المطاردات، أستطيع ملاحقة المتهمين والتعامل معهم مهما بلغت درجة إجرامهم، الجميع يتفهمون عملي ما عدا ابنتي، التي تبلغ من العمر أحد عشر عاماً، إذ يمنعها عملي من الاستمتاع بأوقاتها مثل صديقاتها، فهي لا تسافر إلا في أوقات محددة هي التي أحصل فيها على إجازة، على عكس والدها الذي يتفهم طبيعة عملي ويساعدني بقدر المستطاع في تربيتها، إلى جانب والدتي التي تحملت العبء الأكبر في رعايتها وهي طفلة رضيعة بسبب عملي، الذي يتطلب البقاء فيه لأوقات طويلة».

وترى منار أن العنف ضد المرأة موجه لكبح طموحها ونجاحها، وأن تواجد عناصر الشرطة النسائية ضروري للتصدي لمثل هذه المحاولات الفاشلة، فالمرأة المصرية أثبتت نجاحاً في الفترة الماضية، ولديها القدرة على مواصلة هذا النجاح.
وتضيف أن جرائم التحرش والاغتصاب لها خصوصية بسبب الفضيحة التي يلحقها المجتمع بالضحية، وهو السبب الذي يؤدي لعزوف الكثيرات عن الإبلاغ، خاصةً أبناء الطبقة الراقية الذين يلجأون إلى التستر على الموضوع، وفي مثل هذه الحالات يفضل عدم النشر وأن يصدر قانون في هذا الصدد حتى تلقى الضحية نوعاً من التحفيز على الإبلاغ.
وتشير إلى أن إنشاء أقسام تختص بتلقي بلاغات العنف والتحرش ضد المرأة تتولاها عناصر الشرطة النسائية هو أمر جيد في مثل هذه الحالات، فالضحية قد تجد حرجاً في أن تقص لرجل ما تعرضت له، بعكس أن تجلس مع امرأة مثلها تروي لها أدق التفاصيل، مؤكدة أن زيادة البلاغات في مثل هذه الحالات عامل مساعد على التصدي للعنف ضد المرأة، عندما يدرك الجاني أن فريسته لن تتوانى في الإبلاغ عنه.


ثورة نسائية

عندما خرج الشعب المصري ليصنع ثورته الثانية في يونيو العام الماضي، كانت وجهاً مألوفاً في الميادين بملابسها الشرطية أحياناً والمدنية أحياناً أخرى، تكون بين الجموع توزع عليهم المياه المثلجة والعصائر، تحض النساء على ترك مقاعد المتفرجين والصعود إلى خشبة المسرح، فكانت صاحبة الدور الأكبر في المشاركة الفاعلة لنساء مصر.
العقيد نشوى محمود نموذج لضابط شرطة صارم، بدأت عملها في مصلحة السجون ثم انتقلت إلى العمل في مديرية أمن القاهرة، وألحقت بالعمل في حرس الجامعة حيث كليات البنات في جامعة الأزهر والمدينة الجامعية للطالبات، تقوم بتفتيش الحقائب والتأكد من شخصية المنتقبات، وتفرض الحزم على الجميع بلا استثناء.
ملامح جادة تجعلك تخاف من الاقتراب منها، إلا أن الرهبة سرعان ما تزول بابتسامة ترتسم على وجهها عقب انتهاء عملها، وهي تعمل حالياً في إدارة العلاقات الإنسانية بمديرية أمن القاهرة عقب صدور حكم بإلغاء الحرس الجامعي.

 تروي نشوى طبيعة عملها، الذي يقوم على تقديم كل أوجه الرعاية لرجال الشرطة وأسرهم، إلى جانب الوجود في المحاكمات المهمة لتفتيش المترددات على المكان، وهو عمل لا يستطيع الرجال القيام به، إلى جانب الوجود في التجمعات والتظاهرات لتأمين السيدات والفتيات، حيث شاركت في القبض على صاحب أول حكم في قضية تحرش بعد القانون الجديد، والذي قضى بمعاقبته بالغرامة خمسة آلاف جنيه عقب القبض عليه أثناء وقفة تم تنظيمها أمام دار الأوبرا من قبل مجموعة من السيدات للتنديد بالتحرش. وأثناء ذلك مر هذا المتهم وعاكس إحدى المشاركات بقوله «يا مزة»، ورغم تنازلها في المحكمة إلا أن القاضي فرض عقوبة التحرش اللفظي عليه وهي الغرامة خمسة آلاف جنيه.
وتؤكد نشوى أن المرأة هي الأقدر على التعامل في مثل هذه المواقف، فربما الرجل لا يبالي بكلمة مثل هذه تقال لفتاة ويجدها أمراً عادياً، لكن الشرطة النسائية تعرف ماذا قد يمثل ذلك من انتهاك لخصوصية وجسد المرأة وجرح لمشاعرها.
وترى أن العمل الشرطي مثله مثل الكثير من المجالات، بل هو أقل صعوبة ومشقة من مهنة مثل الطب التي تتطلب جراحات قد تحتاج إلى قدرة فائقة على القيام بها، خاصة أمام مناظر الدماء والجروح ومشاعر أهل المرضى.


 التأمين الانتخابي

في الإدارة نفسها، هناك أيضاً العقيد حنان هجرس، وهي وجه كثر ظهوره في الانتخابات الرئاسية الماضية، حيث تتواجد في اللجان النسائية للمشاركة في عمليات التأمين وتفتيش المترددات عليها والتأكد من هويتهن.
العقيد حنان تؤكد أن عملها لا يتعارض مع كونها زوجة وأمًّا، فهي تؤدي عملاً بغض النظر عن طبيعته التي تحتاج لقدرات خاصة تؤهل صاحبها لرصد كافة أشكال الخروج على القانون، فضابط الشرطة هو شخص يرصد كل ما يحدث حوله بنظرة أمنية بعيداً عن اعتبارها أموراً عادية، حتى يسهل عليه ضبط المتهمين، وهو ما حدث في واقعة التحرش بالتحرير، حيث تواجد أحد المتهمين بدعوى مساعدة الضابط في إنقاذ الفتاة وهو في الأصل يتحرش بها، وهو ما فطن إليه الضابط وألقى القبض عليه.
وتشير إلى أن عناصر الشرطة النسائية في الملابس المدنية يقدرن على رصد مثل هذه الفئة من المتحرشين، والتي لا تفرق بين سيدة وأخرى، فهي تبحث عن فريسة وغالباً ما يفر المتحرّش هارباً بسبب عجز الضحية عن ملاحقته، لكن تواجد عناصر الشرطة النسائية المدربة سيكون مساعداً في ملاحقته، وضبطه ومن ثم القضاء على الظاهرة.