قروض السفر لا تتجاوز 30 في المئة قلة وسائل الترفيه المحلية تدفع السعوديين إلى السفر
ما إن تسمع عن إجازة حتى تجد كثيرين قد حزموا أمتعتهم واستعدوا للسفر إلى خارج السعودية، رغبة منهم في تمضية العطلة، حتى وإن كانت لأيامِ قليلة، لذلك نجد أن بعض السعوديين يفضلون تحميل أنفسهم التزامات مالية كالحصول على قروض، أو الانتساب إلى مجموعات مع زملاء في العمل، أو الاستدانة من بعض الأقرباء، لتمضية العطلة خارج البلاد. ويعود ذلك إلى قلة وسائل الترفيه المحلية، وارتفاع أسعار السياحة الداخلية. فهل أصبح السعوديون حقاً مهووسين بالسفر؟ وهل يتزايد الطلب على القروض الاستهلاكية مع الإجازات الرسمية وعطل نهاية الأسبوع؟ وهل السعوديون هم أكثر الشعوب سياحة في الخارج؟ أسئلة كثيرة طرحتها «لها» في هذا التحقيق...
«ما قد أصرفه في السعودية يكفيني خمسة أيام في بلد آخر»
عائشة أحمد تسافر مرة واحدة كل شهرين لفترات قصيرة لا تتعدى الثلاثة إلى الخمسة أيام، إلى دول خليجية أو أوروبية. تقول: «سفراتي الطويلة هدفها العمل، ولكن في رحلات السياحة القصيرة أسافر إلى دبي مثلاً ثلاثة أيام، وإن كانت الرحلة تتطلب ساعات سفر طويلة، قد تستغرق خمسة أيام. أفضل السفر بمفردي، لأن ذلك هو المتنفس الوحيد لي، كما أن رحلاتي تكون بغرض التعرف إلى البلد الذي أقصده. ونادراً ما أسافر للتسوق». وتضيف: «أحب فرنسا، وباريس مدينة جميلة جداً، كما أن دبي هي خيار مفضل عندي». وأكدت أنها قد تدخل «جمعية لأتمكن من السفر، فالأمر بنظري يستحق التوفير، سواء من خلال إرضاء جزء من الراتب، أو بالاشتراك مع جمعية، مع زملاء المكتب». وشرحت أسباب تمضيتها إجازاتها خارج السعودية بقولها: «لا نشاطات في السعودية، كأن تكون هناك قرية ترفيهية، وحتى الأندية لدينا مُكلفة جداً، إضافة إلى أنني لا استطيع أن أستأجر شاليه على البحر وحدي كفتاة مستقلة، بل رفقة عائلة. ووسائل الترفيه التي لدينا إن وجدت فهي مُقيدة بالعائلات. حتى أن معدل الصرف الداخلي يمكنني من السفر لمدة لا تقل عن خمسة أيام إلى بلاد أخرى. فعلى سبيل المثال، إن قررت تمضية إجازتي على البحر، وأردت استئجار شاليه لمدة يومين فقط، نجد أن الأسعار تبدأ من خمسة آلاف ريال، وهذه التكاليف تستطيع أن تغطي رحلتي كاملة».
«في السفر أنقطع عن العالم باستثناء التواصل مع عائلتي»
قالت الصحافية أمل باقازي إنها تسافر مرتين في السنة، وتستغرق رحلتها رفقة زوجها من 10 إلى 15 يوماً، أما إن كانت رحلات عمل فلا تتعدى الثلاثة إلى الخمسة أيام، وإن سافرت بمفردها فلا تقل رحلتها عن أسبوع. ولفتت إلى أن «رحلتي مع زوجي تصل تكاليفها إلى 15 ألف ريال سعودي، أما إن كنت بمفردي، فأعترف بأنني مبذرة جداً، وقد تكلفني الرحلة 10 آلاف ريال سعودي. وإن رغبت في تمضية أسبوع في شاليه على البحر بحكم أنها الوسيلة الترفيهية التي قد تكون وحيدة في السعودية، خصوصاً لسكان مدينة جدة، قد تصل الكلفة في اليوم الواحد إلى ألف ريال للسكن فقط. وعندما نضيف المأكل والمشرب ونشاطات أخرى، قد تصل التكلفة إلى 20 ألف ريال في أسبوع واحد، بينما نستطيع أن نصرف هذا المبلغ خلال أسبوعين خارج السعودية».
وعن أكثر الوجهات التي تقصدها في رحلاتها قالت إن «مصر وشرق آسيا هما الوجهتان اللتان تستهويانني،حيث الأسعار معقولة مقارنة بالسعودية». وأضافت أن «القيود المجتمعية في السعودية تفرض علينا روتين حياة معينة، نشعر معها بالملل، لذلك عندما أسافر، أشعر بأن حياتي طبيعية أكثر إن أردت الخروج والسهر والاستمتاع بعيداً من المتطفلين في مجتمعنا. وفي السفر أنقطع عن العالم باستثناء التواصل مع أفراد عائلتي».
«تركيا من البلدان التي زرتها كثيراً ولا أمانع في تكرار الزيارة»
قال إبراهيم دبور إنه يُسافر مرتين في السنة «مع زوجتي وأصدقائي، ولا تقل رحلاتي عن ثمانية أو تسعة أيام، ويتراوح معدل المصروف في معظم هذه الرحلات بين 10 آلاف و12 ألف ريال، لكن رحلتي مع أصدقائي، تكون في الغالب اقتصادية، فأنا لا أحب التبذير، حتى أنني في يومياتي أحدد ما أريده، قبل أن أذهب إلى أي مكان، سواء كان السوق أو المتجر وغير ذلك». ولفت إلى أنه قد يُشارك زملاء عمله في «جمعية مرة واحدة في السنة، وليس حتمياً أن تكون كلها للسفر، فجزء منها للسفر والجزء الآخر للادخار أو الاستفادة بمسائل الإيجار، أو شراء حاجات منزلية، وغيرها من هذه الأمور. وأؤكد أن تركيا هي من البلدان التي زرتها كثيراً، ولا أمانع في تكرار زيارتها». ومن أسباب تمضية إجازاته خارج السعودية، ذكر دبور «الاستمتاع بالأجواء المختلفة عن أجواء السعودية، خصوصاً المدن الباردة، أو ذات الطقس المعتدل، بعيداً عن حرارة الأجواء. كما أن الطبيعة الخضراء نفتقدها كثيراً في السعودية، حيث هناك روتين ممل اعتدنا عليه».
«أنفقت ما يقارب 18 ألف ريال أثناء زيارتي المعارض وشراء الكتب»
أميرة يوسف سافرت قبل عامين لزيارة شقيقها الذي يدرس في ولاية بنسلفانيا الأميركية، ومنذ ذلك الوقت باتت تتمنى السفر في شكل متكرر، علماً أن أكثر ما فعلته هناك هو زيارة معارض الكتب وشراء ما أعجبها فيها. وأشارت إلى أن تكاليف الرحلة، نظراً إلى الفترة الطويلة التي أمضتها وأسرتها في زيارة شقيقها «وصلت إلى 30 ألف ريال، إن لم يكن أكثر، فقد أنفقت ما يقارب 18 ألف ريال وحدي على شراء الكتب والتسوق عموماً».
«السفر هو استجمام بعيداً من ضوضاء الأقرباء و الزملاء»
«منذ أن زُرتها قبل عامين، وأنا أسعى في كل عُطلة، إلى زيارتها مجدداً، والتمتع بها»، بهذه العبارة بدأت مها عبد اللطيف، حديثها عن زيارتها إلى تركيا، وتضيف: «زيارتي إلى تركيا حصلت قبل عامين، عندما كنّا أنا وصديقاتي في رحلة عمل، ومنذ ذاك الحين وأنا أستغل أي إجازة، وإن كانت ليوم واحد، لأسافر إلى تركيا، والاستمتاع بسحر اسطنبول، بشكل خاص».
ولفتت إلى أن تكاليف رحلتها تتراوح بين 12 ألفاً و15 ألف ريال سعودي «فمتعتي في السفر هي شراء التذكارات التي تخص كل المدن التي أزورها، لذلك أحب دائماً التجول في المدن الأوروبية لأشاهد جمال الطبيعة الخضراء التي نفتقدها في بلادنا. وسبق أن زرت وزوجي مدينة فيينا وكانت رحلة رائعة، وتعرفنا فيها إلى ثقافات مختلفة. لا أرغب في الذهاب إلى مدن عربية أو حتى خليجية، حتى لا ألتقي من يعرفني هناك. فالسفر هو استجمام بعيداً من ضوضاء الأقرباء و الزملاء».
«قروض السفر لا تتجاوز 30 في المئة من القروض في السعودية»
ذكر الكاتب والصحافي الاقتصادي جمال بنون أن «نسبة المستفيدين من قروض السفر لا تتعدى 30 في المئة من حجم القروض في السعودية، كما أنها تخص الطبقات ما فوق الوسطى. وخلال الصيف تقدم المصارف عروضاً مغرية لتشجيع الناس على السفر».
وأوضح أن «70 في المئة من القروض الاستهلاكية، هي إما لشراء سيارة أو لتملّك منزل أو لتسديد أقساط الجامعات وسوى ذلك».
«دبي الوجهة الأولى للسعوديين»
أكد مستثمرون في قطاع السياحة والسفر زيادة أعداد السياح السعوديين في هذا الصيف بنسبة 20 في المئة مقارنة بالعام الماضي، ليصل عدد المسافرين إلى ستة ملايين استناداً إلى حجم التأشيرات وتذاكر السفر المصدرة خلال الفترة الماضية.
وأكد المدير العام لإحدى شركات السياحة والسفر عادل مغربي أن «قبل سنوات كان سفر الفتاة السعودية إلى الخارج بمفردها أمراً مستنكراً لدى كثر. لكن في الآونة الأخيرة تغيرت الأمور وبدأت الفتيات يحذون حذو الشبان في السفر للسياحة وحدهن من بدون محرم من أقاربهن الرجال».
قال موظف حجوزات تذاكر طيران في وكالة «الفارس الدولي للسفر والسياحة» محمد القطب إن وجهة السعوديين الأولى هي «دبي خاصة في الإجازات القصيرة، إضافة إلى شرم الشيخ والقاهرة واسطنبول. فيما قلّ السفر إلى بيروت بسبب تردي الأوضاع السياسية والأمنية. كما تتصدر دول شرق آسيا وتحديداً ماليزيا وتايلاند، وجهات سفر يقبل عليها السعوديون».
«أسافر ثلاث مرات سنوياً»
قال معاذ العمري إنه يسافر في السنة ثلاث مرات، لفترة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، «أتنقل فيها بين بلاد الشام ودول الخليج والدول الأوروبية. وتبدأ تكاليف الرحلة من 10 آلاف ريال لتصل إلى 20 ألفاً. فأنا أعتبر أنها رحلات للاستمتاع بالأجواء والإنفاق. ولا أعتقد أنني من الأشخاص الذين يحبون الالتزام للمشاركة في جمعية مع زملاء العمل، أو الاضطرار إلى اقتراض من المصرف لأسافر، بل أدّخر جزءاً من الراتب».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024