مسلسل «القياضة» وثيقة حيّة عن الإمارات وشعبها

مسلسل,مسلسل «القياضة»,الإمارات,رجال القرية,القياضة,التراجيديا

لها (الفجيرة),لها (الامارات) لها (الفجيرة) 12 أبريل 2015

لم يكتف سلوم حداد بمغامرة إخراجية واحدة في الجزء الأول من «القياضة» الذي يعد أول مسلسل خليجي يتولى إخراجه، ليقدم نفسه مخرجاً مجدداً في جزئه الثاني مُبحراً في خصوصية التراث المحلي لإمارة الفجيرة الساحلية، كما أنه مأخوذ عن أشعار مدير الديوان الأميري في الفجيرة الشاعر محمد سعيد الضنحاني.
«لها» تلقت دعوة لمعايشة أجواء التصوير، الذي استقرّ في قرية تراثية هجرها سكانها، وتحديداً في منطقة دبا الفجيرة، المطلّة على بحر عمان.
بالقرب من المسجد القديم، في منطقة «البدية»، حيث حافظت الشركة المنتجة «أرى الإمارات»، على معالم المكان، يستعيد مسلسل «القياضة» تفاصيل ستينيات القرن الماضي. غياب الفنان سيف الغانم عن الجزء الثاني والاستعانة بالفنان حسن رجب بدلاً منه، بالإضافة إلى انضمام الفنان بلال عبدالله، وعدد من الوجوه الأخرى الشابة، أبرز ما طرأ على أسرة العمل، وهو تجديد غير يسير، نظراً إلى محورية دور كان قام به سيف الغانم، وهو كبير أهل هذه القرية وشيخها، وصاحب الصوت المسموع لدى الجميع، لا سيما أن هناك اختلافاً كبيراً بين أداء رجب الذي يميل أكثر إلى الأعمال الكوميدية، وأداء غانم الأكثر نزوعاً الى الأعمال المغرقة في التراجيديا.


شغف الحنين إلى التراث
كشف الممثل والمخرج سلوم حداد «إنه يسعى إلى تقديم رؤية بصرية متطورة عما قدمه في الجزء الأول من المسلسل، إضافة إلى المزيد من العلاقات الجديدة المتشابكة في الجزء الثاني، مشيراً إلى أن تنسيقاً كاملاً تم بينه وبين كاتب العمل لتطوير الخطوط الدرامية التي تعرّف إليها المشاهد في الجزء الأول، بما يضمن الخروج بحدوتة درامية مشوّقة تلبي بمضمونها شغف الحنين إلى التراث بكل ما فيه من عادات وتقاليد وقيم حياتية عظيمة، ضمن قالب درامي يوظّف التراث ولا يكتفي به».
وأوضح حداد: «من يتصوّر أن مهمة إخراج جزء ثانٍ قد تكون أسهل من نظيره الأول، حتى لو أخذنا في الاعتبار أنه كان بمثابة بداية مشواري كمخرج مع الدراما الإماراتية، فسيكون واهماً، كوني أبحث هنا عن مفاجأة جمهور العمل، وبالتالي كان لا بد من البحث عن حلول إخراجية جديدة ورؤى بصرية أكثر نوعية».
وأشار حداد إلى «أن العمل يضم 51 ممثلاً، معظمهم من الإمارات وبعضهم من الكويت، منهم: حسن رجب وبلال عبدالله وبدرية أحمد وأمل محمد وجمعة علي وعبير أحمد ومروان عبدالله وميثم بدر ورانيا العلي وعبدالله الباروني وخالد البناي ولطيفة المجرن وصوغة وإبراهيم سالم وجمال السميطي وعبدالله مسعود... وغيرهم».

اللعب بالنار
صاحب قصة وأشعار «القياضة» محمد سعيد الضنحاني، استبعد أن يكون جزء ثانٍ من مسلسل «القياضة»، هو بمثابة «لعب بالنار»، من وجهة نظر نقدية تتعلق بكون هذا النمط من المسلسلات «فخاً تقليدياً» سبق أن وقعت فيه غالبية الأعمال الأخرى، مؤكداً: «صناعة جزء ثان جاء وفق تسلسل الأحداث والمسار الدرامي يتيح ذلك ويفرضه.
فالحكاية التي بدأت في الجزء الأول، لم تنته مع نهاية أحداثه، ولا تزال هناك من الخيوط الممتدة التي لم تُستجمع بعد».
وعن سبب غياب المسلسل العام الماضي، وما إذا كان من الأفضل أن يتابع الجمهور العمل في عامين متتاليين، أضاف: «انشغلت شركة «أرى الإمارات» العام الماضي في إنتاج مسلسل ضخم كان محالاً أن يجاوره في الفترة ذاتها عمل آخر هو «وش رجعك»، في حين أن الرؤية للجزء الثاني فضلاً عن قرار إنتاجه، كانت جاهزة بمجرد الانتهاء من الجزء الأول».
ووفق الضنحاني، فإن «خطوط الحكاية تمتد نحو مسارب درامية جديدة، حيث سنتابع مصير سليمان وعليا الهاربين باتجاه حلمهما بالزواج لدى الشخص المخوّل عقد الزواج شرعاً «المليك» بعيداً من عيون من خرجوا للبحث عنهما... وإلى جانب حكاية حبهما، ستنمو حكايات أخرى، وقصص وفاء وتفاصيل حياتية تعكس طبيعة المجتمع الإماراتي بكل ما ينطوي عليه من مواقف أهل الإمارات، وطيبة معشرهم وتماسكهم».

الوجه الإنساني الإماراتي
أكد مؤلف «القياضة»: «يدخل الجزء الجديد فضاءات درامية جديدة تمتد إلى أعالي الجبال في منطقة دبا الفجيرة، عبر ملامح جديدة للمنطقة في ستينيات القرن الفائت، أبرزها مهنة جمع العسل قديماً، والقوانين التي تحكمها وما يترتب عليها من علاقات اجتماعية وسواها.
كما سنتعرف إلى طريقة إعداد (الغبرة) وهي عملية صنع أعلاف الحيوانات. وبشكل عام تأتي الحكايات في مجملها لتشكل واجهة الحدث الدرامي، فيما يشكل التراث والعادات البيئة الحاضنة لها، ويبرز المكان ليكون بطلاً في الحكاية إلى جانب بقية شخصياته التمثيلية».
وأشار الضنحاني إلى «أن العمل يأتي ضمن مشروع درامي كبير لشركة «أرى الإمارات للإنتاج الإعلامي» يُعنى بإنتاج سلسلة درامية ترصد تاريخ الإمارات وتراثها الإنساني الغني في قوالب حكائية درامية، تحمل بمدلولاتها هي الأخرى ما يعزز الوجه الإنساني الإماراتي. وضمن هذا المشروع يقدم «القياضة» بجزئيه وثيقة حية عن الإمارات وشعبها منذ ستينيات القرن الفائت».
وأضاف: «ندرك أن النيات الطيبة والعواطف لا تصنع مسلسلاً وحدها، لذلك وفرنا للعمل كل عوامل النجاح، من دون النظر إلى تكاليفه الإنتاجية، فاشتغلنا على أدق التفاصيل، واعتمدنا الاختصاص، كما حرصنا على تقديم نص ببناء درامي محكم، وبحثنا عن مخرج يضيف إلى النص، من دون أن نغفل أهمية وجود باحث في التراث للتدقيق في المضمون، ودعمنا كل ذلك بنخبة من نجوم الإمارات والخليج.
كما أنني مقتنع بأن النص الشعري قادر دوماً على أن يشكل نواة لقصة درامية جيدة ولكن شرط المعالجة الواعية لمضمون تلك الأشعار».

نجوم «القياضة»
أجمع عدد من نجوم «القياضة» على أن خصوصية النص المأخوذ في الأساس عن ديوان شعري للضنحاني، والنهل من سياق الستينيات لم يمنعا وجود مسار «الأكشن»، فضلاً عن الخط الأساسي للعمل الذي يروي تاريخ المكان.
ونُسجت خيوط «القياضة» في الجزء الأول انطلاقاً من قصة حب تجمع صبية تؤدي دورها الممثلة عبير أحمد (تأتي مع عائلتها أثناء فترة الارتفاع الشديد في درجات الحرارة إلى مدينة دبا الفجيرة) مع أحد شبان المكان (سليمان) ويؤدي دوره الممثل عبدالله الباروني، إلا أن هذه الحكاية سرعان ما يعكر صفوها (مانع) الذي يؤدي دوره الفنان جمعة علي، فلا يوفر فرصة أو حيلة للإيقاع بين العاشقين.
العمل الذي كتب السيناريو والحوار الخاص به فيصل جواد، يعد الأول الذي يشرف على تصويره مدير المكتب الإعلامي لحكومة الفجيرة، الإعلامي جمال آدم.

اعتذار «أبو سليمان»
من جانبه، أكد الفنان الإماراتي القدير حسن رجب أنه لم يتردد في قبول دور الشيخ «أبو سليمان» الشخص الذي يهيمن معنوياً على المكان بعد اعتذار الفنان سيف الغانم الذي أدى الشخصية ذاتها في الجزء الأول، مؤكداً أن ترشيح ممثل آخر للعمل لا يؤخذ بهذه الحساسية الموجودة في بيئات الدراما الأخرى، عندما يتعلق الأمر بالدراما الإماراتية.
وأضاف رجب: «سيف الغانم أحد أصدقائي المقربين في الوسط الفني، وشخصياً أرى أنه أبدع في الجزء الأول، على الرغم من أنني لم أتابع كل الحلقات، لكنني في كل الأحوال سأسعى إلى تقديم شخصية «أبو سليمان» وفق ملامحها النفسية الموجودة في النص، من خلال تفاعلي معها.
فأنا أميل من دون شك إلى الأدوار الكوميدية، لكنني كممثل محترف مستعد دوماً لتقديم جميع أنماط الدراما، بما فيها تلك التراجيدية، على النحو الذي أتّبعه في «القياضة، لا سيما أن «أبو سليمان» يواجه معضلتين، عبر عالم خارجي مع أهل المكان، وعالم داخلي في أسرته المليئة بالمشكلات».

رجال القرية والمرأة الجميلة
الفنانة بدرية أحمد التي قطعت إقامتها في الكويت وعادت لتستقر أخيراً في الإمارات وكانت تحمل رضيعاً لا يتجاوز عمره شهوراً، قالت مداعبةً: «هو ولدي أتيت به إلى هنا ليعيش أجواء الزمن الجميل»، لكنها أشارت بعد ذلك إلى أنه طفل أحد المصورين وقد أحضره بناء على طلب المؤلف للمشاركة في تصوير أحد المشاهد.
وأكدت بدرية أن دورها في «القياضةتطور منطقي لأحداث الجزء الأول، مضيفة: «على الرغم من ذلك، فقد حدث تطور كبير في شخصيتي مع دخول عنصر «الأكشن» على خط الرومانسية، وأصبح الدور أكثر محورية، ودخلت في علاقات متشابكة مع جميع رجال أهل القرية تقريباً، ليس لأنني قابلة فقط، بل لأن البعض يسعى إلى خطب ود تلك المرأة الجميلة التي سيطرت على عقولهم، لكنها رغم ذلك ليست لعوباً، بل قوية وذكية».
وأخيراً، وصف الفنان بلال عبدالله «القياضةبأنه أفضل وأهم أعماله في المرحلة الأخيرة، مؤكداً أن العمل ينفتح على حقيقة الحياة الاجتماعية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ولكن بإسقاط رائع على الواقع المعاصر، وهو ما أكده ايضاً الفنانون عبدالحميد البلوشي وأمل محمد وفاطمة العلي.