الترّاسات والحدائق المنزلية: أمكنة نسافر إليها ونحن جلوس!

الترّاسات, الحدائق المنزلية, منزل, طبيعة

20 أغسطس 2013

في بداية كل صيف، يبدو حضورها طاغياً على كل المساحات. ربما لأنها تتميز بأبعاد تتعدى مفهوم المساحة، وبخصائص تتجاوز مفهوم الفضاءات.
وربما
أيضاً لأنها تشكّلفي الواقعامتداداً للخارج والداخل معاً، فتأتي شروطها الجمالية والوظيفية متوافقة مع كل ما يحيط بها انفتاحاً وإنغلاقاً.


إنها التراسات والحدائق المنزلية، تلك الفضاءات الطبيعية الحالمة المسكونة بالفرح والبهجة، والمحرّضة على الانفعال والدهشة. لذلك ليس مستغرباً إهتمام المصممين والمهندسين وتركيزهم على هذه المساحات وبحثهم الدائم عن حلول ومعالجات لها وإبتكار أثاث واكسسوارات خاصة بها.
فالتصاميم الجديدة تظهر وبشكل حاسم أن هذه المساحات ليست أقل أهمية عن الداخل، بل على العكس فإن علاقتها المزدوجة مع الداخل والخارج تمنحها قيمة مضافة وتجعل منها ملعباً لمخيلات المبتكرين والمصممين وكل العاملين في مجال الديكور والزخرفة.

أفكار جديدة، طريفة أو رصينة، محافظة أو جسورة، كلها تهدف الى إثراء هذه المساحات وإبراز تقديماتها ورفدها بصياغات مبهرة، بالغة الأناقة والراحة والرفاهية.

ترجمات بارعة لتنسيقات وتشكيلات وتوزيعات مبهرة. تتولد منها لوحة بل لوحات لا يغيب عنها أي لون وإن كانت تفضل – كما يبدو – اللون الأخضر وكل ما يتعلق بالطبيعة من عناصر وتفاصيل وأشياء.

... رؤية جديدة لديكور هذه المساحات، حررتها من اجوائها النمطية وفتحت امامها آفاقاً رحبة، مثيرة، مدعومة بكل المنجزات الحديثة التي غيّرت ملامح تلك الأماكن شبه المغلقة أحياناً أو المفتوحة على الطبيعة.
وقد كان لهذه الرؤية دور كبير في رفد المشهد الزخرفي بتأثيرات إضافية، أثرت صورته ومنحت لصياغاته أبعاداً غير مسبوقة، لبت في الوقت ذاته تطلعات عشاق الحدائق والأجواء الطبيعية ورغباتهم، ووفرت لمحبي الرفاهية والراحة فرصة تحقيق أقصى مستوياتهما، من خلال تسخير أحدث التقنيات لخدمة هذا الغرض، من دون أن تؤثر على الخيارات المتعددة  لهذه المساحات، ومن دون أن تعوق تحقيق الأنماط المشتهاة، كلاسيكية كانت أو حديثة، ريفية أو مدينية بحيث تبقى محتفظة بقدرتها على صياغة الأحلام والذاكرة.

... اسمنتية أو مغطاة بالبلاط أو الخشب أو مؤطرة بحواف من التربة... لكل منها سحره الخاص، جمالياته ووظائفه وشروطه. حيث يتطلب الأمر لتحقيق الانسجام والتوازن، تطويع العناصر من أجل التناغم مع المناخات والأجواء المحيطة، ولكي تلبي كل الأذواق و تستجيب كل الميول.

تتكاثر الأفكار التي تؤججها إطلالات شمس الصيف، ودفء الطقس، فتبدو وكأنها نداء خفي من أجل ترتيب الظروف الملائمة لعودة هذه المساحات الى الحياة، وإبراز اشراقاتها وتزويدها بكل ما تحتاجه من نباتات، تسمح لها بتأمين الأجواء المناسبة لمواسم الفرح واللقاءات والاحتفالات والسهر الحميم.

وهكذا تبدو هذه الفضاءات الربيعية والصيفية، ترفل بأحلى النباتات والورود والأزهار الملونة، فتشكل في امتدادها نحو الداخل حديقة غناء، وفي إنسحابها الى الخارج واحة سكون.


شغف ومخيّلات

ولعل شغف مصمّمي الحدائق بهذه المساحات المبهرة، حرض مخيلاتهم لكي تذهب بعيداً في بحثها عن كل ما هو جديد، مدهش، ومريح، فبدت التراسات والحدائق المنزلية وكأنها مساحات يتبارى فوقها المبدعون في كل المجالات الزخرفية، فقدموا السيناريوهات البديعة لملامح زخرفية مميزة، ومنحوا تلك المساحات مظاهر، يحفها الابداع من كل جانب.

شرفات كبيرة أو صغيرة، تجد كلها الصياغات المناسبة لها لتحولها الى محور الحركة المنزلية، بأجواء صافية نقية وبأنماط وخطوط مبتكرة. يثريها أثاث بمروحة واسعة من الخيارات، ألوان وأشكال ومواد، وأيضاً اكسسوارات تضيف اليها الكثير من الفرح والمرح. 

والتصورات العديدة التي يغدقها مبدعو الديكور هنا، لا ترتكز على تنسيق المساحات بقطع من الأثاث الراقي المميز ولا بتعبئة أجواءه بانماط من النباتات المتنوعة الأشكال والألوان والعطور فحسب، بل بتلك الخيارات البارعة التي ترسم خريطة أولية للمكان بديكور يقوم على التوازن والتناغم بين البيئة المعمارية الحاضنة والطابع الزخرفي والمواد التي يمكن اعتمادها لتظهير هوية الديكور وابعاده الجمالية، حيث تتولد مزاوجات رشيقة بين قطع متجانسة من الأثاث المصنوع من المواد النبيلة مثل الخشب والحديد المطوع والحجر والمواد الحديثة المبتكرة مثل الرزين والمواد البلاستيكية الصلبة، والتي تزيدها  خيارات من الأقمشة النبيلة الحيادية الألوان أو الزاهية رونقا وحيوية.
كما تدخل في لعبة الديكور وصياغة الأجواء الجميلة  تشكيلات متنوعة من الأكسسوارات المبتكرة والتي تضفي إلى جانب مهماتها الوظيفية على التصميم رونقا وجاذبية تفتن الأنظار وترقى بالديكور الى أبعاد جمالية غير عادية، منها الوسائد والستائر التي تزيّن بعض جلسات الأرائك المستوحاة من أجواء السرير البلدقاني، يزينها سقف من القماش أو القش وستائر تخفف من وهج الشمس وترخي فوق الجلسات ظلاً ناعماً.

وسواء أردنا للشرفات والتراسات والحدائق أجواء ريفية شاعرية، أو كلاسيكية جديدة أو حديثة  أو عصرية، فإننا سنجد ان كل السيناريوهات أصبحت اليوم ممكنة، مع توافر التنويعات المدهشة للمواد و سهولة التنفيذ.
فتلبيس الأرضيات بألواح من الخشب لأجواء عصرية حديثة أو تزيينها بالبلاط وجعلها امتداداً أنيقاً لأرضيات الصالون أو الفضاءات المجاورة، أو تنسيقها باشكال من الأحجار الصخرية، لاعطاء المكان جواً ريفياً، كلها خيارات رائعة، تدعمها معالجات بارعة للجدران المحيطة، لتتحول الى مساحات تستدعي الإعجاب. أما الحدائق، فستكون أمتارها الزائدة فرصة لتنسيق أركان للجلوس والراحة.

التنوع الكبير الذي تشهده مبتكرات التراسات والحدائق، من أثاث واكسسوارات تمنح فرصاً مفتوحة لأساليب التنسيق ولتغييرات لا تتطلب الكثير من الجهد والتكاليف، وذلك للحصول في كل موسم على مكان جديد يسافر إلينا بدل أن نسافر إليه.