حلم مارون بغدادي كما يراه ابراهيم العريس

ابراهيم العريس, كتب, كتاب

05 سبتمبر 2013

بعد فترة وجيزة على وفاة المخرج اللبناني مارون بغدادي، أصدر الكاتب والناقد ابراهيم العريس كتاباً يحكي عن مارون بغدادي وسينماه.
فكان كتاب «الحلم المعلّق» من أوائل الأعمال التي تُكتب عن سينما مارون وأهمّها. وبمناسبة ذكرى مرور عشرين عاماً على وفاته، يصدر كتاب «الحلم المعلّق» بطبعة ثانية عن دار «الفارابي».
وفيه ينشر العريس مقدّمة الكتاب الأولى (1994)، ومقدّمة أخرى خاصة بالطبعة الجديدة عنوانها «بعد عشرين عاماً»، وفيها يقول: «كأنّه رحل عنّا أمس فقط. ومع هذا ها هي عشرون عاماً مرّت منذ ودّعنا مارون بغدادي وحمل ابتسامته الحلوة الضجرة، ورحل.
ولكن هل تراه رحل حقّاً؟ كان جان كوكتو يقول إنّ الشعراء لا يموتون بل هم يبقون مع قصائدهم محلقّين في فضاء الطرقات.
وما لم يقله كوكتو هو أنّ الشعراء ايضاً ماكرون. إنّهم يضعون حياتهم وروحهم وأحلامهم في أعمالهم فيبقى كلّ هذا داخل هذه الأعمال في لعبة اسمها الخلود». حسبنا اليوم أن نشاهد أي فيلم من أفلام مارون بغدادي للتيّقن من هذا...».

يستهلّ العريس كتابه بوصف مشهد النهاية في حياة المخرج «البطل»، ذاك المشهد الذي لم يُشاركه فيه أحد. فيصوّر مارون بغدادي وهو يصعد الدرج راكضاً قبل أن يقع من أعلى طبقة ويرتطم رأسه أرضاً.
ولا يكتفي العريس بتصوير بغدادي لحظة وفاته، وإنما يضع له سيناريو النهاية أيضاً، من خلال تقديم مقاربة بين المخرج نفسه وأبطاله: «كان أبطال مارون بغدادي يركضون دائماً.
ولكن ما من واحد منهم كان يركض لاعباً، أو لفرط سعادته، أو تلقّفاً لنبـأ طيّب يصله، أو وصولاً إلى برّ أمان يسعى إليه.
إنهم يركضون نحو مصيرهم، نحو ذلك الهبوط إلى الجحيم الذي ينتهون إليه»، أمّا مارون بغدادي فهو «يركض صاعداً الدرج على عادته، ويحلم وهو يركض على عادته، يحلم ويُفكّر بألف أمر وأمر، وفي خياله يرسم بسرعة عجيبة مشاهد فيلمه المُقبل، مشاهد، ربما كان من بينها مشهده هكذا وهو يصعد الدرج راكضاً.
فجأة ينتبه إلى أنّه صعد طابقاً زيادة. يخجل من نفسه ويدور على عقبيه في أعلى الدرج مُتمتماً بالفرنسية Merde، وغايته أن ينزل طابقاً.
ومن دون أن ينتبه وبسبب اعوجاج في مشيته لم يتمكّن من مداواته قط، وبسبب عجلته التي لم يجد لها أي ترياق، يخبط رأسه بالجدار ويسقط من أعلى إلى أسفل...».

في القسمين الأوّل والثاني من الكتاب، يقدّم العريس قراءة لأفلام مارون بغدادي، من خلال تسليط الضوء على ارتباط هذه الأعمال بحياته القصيرة (1950-1993)، فيتابع الكاتب مسار سينما هذا المخرج الذي يُعتبر أحد أبرز مؤسسي تيار التجديد في السينما اللبنانية، منذ فيلمه الروائي الطويل «بيروت يا بيروت»، وصولاً إلى فيلمه الأخير «فتاة الهواء»، مروراً بالعديد من الأفلام التي حققها بين لبنان وفرنسا التي عاش فيها سنواته الأخيرة.
ويتوقف العريس في القسم الثالث من الكتاب عند المشاريع التي وضعها بغدادي ولم يمهله القدر حتى يُنفذّها، ومنها فيلمه «زوايا» الذي كان من المفروض أن يبدأ تصويره، كنوع من المصالحة مع الوطن، قبل أن يرحل في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1993.

ويُرفق العريس كتابه بملف صور من أفلام مارون بغدادي وكواليسها مثل فيلم «خارج الحياة»، «حكاية قرية وحرب»، «حروب صغيرة»، «همسات»، «بيروت يا بيروت»...