الكاتبة التونسية حياة الرايس: استعنت بأسطورة «عشتار» لأنها تعيد الاعتبار للمرأة

الكاتبة التونسية,حياة الرايس,أسطورة,عشتار

طارق الطاهر (القاهرة) 26 نوفمبر 2015

منذ الثمانينيات بدأ اسم الكاتبة التونسية حياة الرايس في الظهور في الأوساط الأدبية، ومع بداية التسعينيات صدرت مجموعتها القصصية الأولى «ليت هندا»، وتوالت بعد ذلك إصداراتها؛ سواء الأدبية أو البحثية، ومنها كتاب «جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجن»، الذي كان موضوعاً لدراسة دكتوراه للباحثة الإيطالية باولا مارتيني، التي قدمتها لجامعة تورينو الإيطالية.
كما نالت حياة الرايس خلال مسيرتها الإبداعية العديد من الجوائز، وصدر لها في مصر في سلسلة «آفاق عربية»، التي تصدرها هيئة قصور الثقافة، كتاباً بعنوان «طقوس سرية وجحيم»، يضم مجموعة من قصصها وعدداً من الرسائل التي هي أقرب في صياغتها إلى القصص القصيرة. وحول مشوارها الإبداعي كان هذا الحوار.


- هل تتذكرين بداياتك الأولى؟
لقد بدأت الحكاية من بغداد، على شاطئ دجلة بالذات، عند نصب شهرزاد وشهريار كشاهد أبدي على شهوة الفن للحياة وشهوة الحكاية للتجدد، حيث تقف شهرزاد قبالة شهريار شامخة كنخلة بغدادية، ملكة تمسك صولجان الكلمة بيدها وتقبض على سر الحرف الوهاج، وتعلمنا أسرار الليالي في مقاومة شهوة الموت عند مليكها شهريار، كان ذلك في الثمانينيات عندما كنت أدرس الفلسفة في جامعة بغداد.

- في روايتك «سيدة الأسرار» اعتمدت على أسطورة «عشتار» هل تعتبرين الأسطورة أحد الروافد الإبداعية التي يمكن للأديب التعامل معها في أعماله؟
بكل تأكيد، فالأسطورة أقدم المغامرات الإبداعية للمخيلة البشرية، تلك المخيلة الولادة التي ظلت تبدع وتبتكر مغامرات جديدة، وتسرد حكايات البدايات الأولى والعصور الغابرة، أضف إلى ذلك أنه من وجهة نظري أن الأسطورة ليست أيقونة في معبد أو نقشاً على حجر في معلم أثري، بل هي نص أدبي في الأصل مرتبط منذ نشأته الأولى بالحكي والقص، والسرد الذي يعيده إلى الحياة مجدداً أو يضمن له الاستمرارية.

- إذن كيف تمت الاستفادة من أسطورة «عشتار» في روايتك «سيدة الأسرار»؟
أسطورة عشتار من الأساطير التي ترد الاعتبار للمرأة المهانة في ذاتها وجسدها، ومعنى اختيار هذه الأسطورة في عملي «سيدة الأسرار» يكمن في فعل كتابة يدور حول مدارات الجنون والأحلام والسعادة والسلطة والحب والقوة والضعف.

- صدر لك في القاهرة كتاب بعنوان «طقوس سرية وجحيم» ما أهم ما يتضمنه؟
الكتاب عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة، بالإضافة إلى عشر رسائل وضعتها تحت عنوان «رسائل أخطأت عناوينها»، فضلاً عن مجموعة أخرى من الكتابات تندرج تحت ما يسمى بأدب السيرة الذاتية.

- ما أهم أعمالك التي صدرت منذ التسعينيات وحتى الآن؟
أصدرت أول مجموعة قصصية بعنوان «ليت هندا» العام 1991، وتوالى بعد ذلك في مجال الإبداع: «سيدة الأسرار»، «أنا وفرانسوا وجسدي المبعثر على العتبة»، «أنثى الريح»، «فاطمة»، وفي مجال الدراسات البحثية: «المرأة، الحرية، الإبداع»، «جسد المرأة من سلطة الإنس إلى سلطة الجن»، فضلاً عن أن عدداً من هذه الأعمال قد ترجم إلى اللغات الفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، والدانماركية، والإسبانية، والفارسية والرومانية.


نجاة الصغيرة

« نجاة الصغيرة» هذا هو عنوان الكتاب الذي يتناول حياة الفنانة نجاة الصغيرة ومشوارها الفني، بحيث اكتفت المؤلفة رحاب خاطر، بوضع اسم الفنانة فقط، من دون الحاجة لأي عنوان آخر، مثل «مشوار حياة» أو غيره...

الغريب في الكتاب أن مؤلفته لم تحترف الكتابة على الإطلاق، وهذا أول كتاب لها، وما دفعها لإصداره عن «دار الكرمة» هو عشقها لنجاة.

الكتاب يقع في 184 صفحة، وهو يرصد مشوار نجاة الفني، الذي بدأ وهي في الخامسة من عمرها وانطلق من صالون معهد الموسيقى العربية: «الصالون واسع وفخم، ومشاهير الموسيقيين يجتمعون لندوة في معهد الموسيقى العربية، وفي أحد الأركان يقف تلميذ لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، يحمل بإحدى يديه حقيبة للكمان، وباليد الأخرى تتعلق طفلة صغيرة، وقد جلس أمامهما مدير المعهد مصطفى بك رضا، يستمع باهتمام الى ما يرويه التلميذ عن موهبة شقيقته، ولما كان يتعجل العودة إلى ضيوفه، فقد قاطعه ليسألها: «إنت صحيح بتعرفي تغني؟»، وعلى الفور يتطوع شقيقها بالإجابة: «دي حافظة كل أغاني أم كلثوم»، وتحس الصغيرة بشيء من الرهبة، عندما يطلب منها مصطفى بك أن تسمعه شيئاً مما تحفظ، يهمس لها شقيقها بما يجعلها تبلل شفتيها بطرف لسانها، وتبدأ تغني قصيدة «أراك عصي الدمع»، وهنا يلتفت إليها الحاضرون جميعاً، وينظرون إليها بإعجاب، وينظر بعضهم إلى بعض في دهشة، وما إن تنتهي من الغناء حتى يحملها مصطفى بك ويقبلها وهو يقول: «دي مفاجأة كبيرة».

من هذه اللحظة تجمع المؤلفة أبرز ما كتب عن نجاة الصغيرة في كل مراحلها حتى اعتزالها، مصحوباً بمقدار كبير من الصور التي تؤرخ لرحلتها.