الدكتورة غادة عبدالرحيم «سفيرة السعادة»: أتمنى تغيير الصورة السلبية عن المرأة العربية

الدكتورة غادة عبدالرحيم,سفيرة السعادة,الصورة السلبية,المرأة العربية,الثقافة الصعيدية,التسمية,الدكتورة غادة الأم,الحملات,المؤسسات,حملة «ولادها سندها»,صناع الأمل,الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم,دبي,الأطعمة المصرية,اللاجئات السوريات,مواهب,التوعية الصحية,الأمراض الخطيرة,قضايا المرأة,التكريمات المصرية

جمال سالم (القاهرة) 30 يوليو 2017

على رغم صغر سنها، إلا أنها تمتلك إرادة حديدية للنجاح في مختلف المجالات، فهي ليست فقط أستاذة جامعية لعلم النفس بجامعة القاهرة، بل صاحبة العديد من المبادرات، التي تستهدف كل فئات المجتمع، بخاصة المرأة، وحصلت على الكثير من التكريمات المصرية والعربية والدولية، وقبل هذا كله هي أم ناجحة وتعتز جداً بلقب «سفيرة السعادة»، إنها الدكتورة غادة عبدالرحيم، التي كان لنا معها هذا الحوار.


- منذ متى بدأ اهتمامك بقضايا المرأة؟
منذ الصغر، لأنني اجتماعية بطبعي، ولهذا كان اختياري الطالبة المثالية على مستوى جامعة القاهرة نقطة فاصلة، حيث شعرت حينها بالمسؤولية والسعادة لخدمة الآخرين، ووجدتها فرصة ذهبية لي كفتاة لكسر الاحتكار الشبابي للنشاط الطالبي، كما كنت رئيسة اللجنة الثقافية، إضافة إلى شغفي الكبير بالتطوع.

- هل كان لجذورك الصعيدية وما تتعرض له المرأة في الصعيد من ظلم، دور في إصرارك على النهوض بالمرأة ومحاربة كل أشكال الظلم الذي تتعرض له؟
نعم، لأنني من محافظة المنيا، ومن المعروف أن المرأة في الصعيد مهمشة إلى أبعد الحدود، على رغم أن كل شيء في الحياة قائم على مشاركة المرأة، بدءاً من الدعم الاقتصادي لزوجها بعملها إلى جانبه في الزراعة، ووجدت أنها تحتاج إلى الدعم الاجتماعي والنفسي، فاتجهت بأعمالي التطوعية إلى الصعيد لمكافحة ما تعانيه المرأة من مشكلات كبيرة جداً، وكانت البداية بمحاربة ختان الإناث هناك، فكانت أولى الحملات التي قمت بتدشينها حملة «بلاش تجرحوها»، لمناهضة ختان الإناث، وواجهنا صعوبة كبيرة جداً في هذه الحملة بالتحديد، لأن الختان عادة متأصلة في جنوب مصر بنسبة 95 في المئة تقريباً.

- قمت بالعديد من الحملات التي تستهدف التوعية الصحية للمرأة ضد الأمراض الخطيرة، فما أهمها؟
أطلقت حملة «حياة» للتوعية بخطورة سرطان الثدي وكيفية الوقاية والعلاج، وبدأنا حملات توعية في قرى محافظة المنيا بالتعاون مع المجلس القومي للأورام، حيث قمنا بتدريب الرائدات الريفيات في القرى على تعليم السيدات بكيفية الفحص الذاتي والدوري لأنفسهن، وتوسعت التجربة إلى مختلف المحافظات، والحمد لله هناك استجابة إيجابية جداً، وتتم محاصرة هذا المرض الخبيث وعلاجه.

- قمت بالعديد من الحملات التي تستهدف اكتشاف مواهب وقدرات مدفونة لدى الفتيات، بخاصة في الصعيد، فماذا تم في هذه الحملات؟
قمنا بتدشين حملة «مصرية بـ100»، التي تقوم على اكتشاف القدرات الاقتصادية للفتيات في القرى، من خلال الأعمال اليدوية التي يستطعن القيام بها، مثل الفخار والنول والمشغولات اليدوية، لكن ينقص هذه القدرات عنصرا التمويل والتسويق للنجاح، فقمنا من خلال الحملة بتجميع 100 مشروع ناجح من كل المحافظات، وأقمنا تعاوناً مع اتحاد المصريين بأوروبا، للاطلاع على كيفية التسويق لهذه المنتجات، من خلال البيت المصري في لندن، وانطلقنا إلى كل الجاليات المصرية في أوروبا، وبدأنا بالعمل على المشغولات اليدوية ذات الطابع السيناوي أو الفرعوني، والتي لها شعبية كبيرة في دول الغرب، ويتم في النهاية تجميع هذه المشروعات في مشروع بعنوان «الشارع المصري»، وسنذهب قريباً إلى لندن بـ100 مشروع لـ100 سيدة لعرضها هناك، والنقطة المهمة في هذا المشروع أننا سنسوق للسياحة وللمنتجات المصرية، التي ستحمل عنوان made in Egypt، واسم المحافظة التي أنشئ فيها كل منتج.

- قمت بدور كبير في دعم اللاجئات السوريات عملياً ليقهرن الظروف الصعبة، فماذا قدمت لهن؟
الحمد لله، قمنا بتدشين حملة باسم «إيلان» لمساعدة اللاجئين السوريين في مصر وتشغيلهم، وللمناسبة فإن إخواننا اللاجئين السوريين موجودون معنا في كل الحملات، مشاركون في التنظيم والإعداد، لأنهم أصبحوا جزءاً من المجتمع المصري في السنوات الأخيرة، وجاء ذلك كخطوة لاهتمامنا بتشغيل ومساعدة جميع عناصر المجتمع المصري، سواء داخل مصر أو في الخارج، وقد اجتمعت بعدد من اللاجئات السوريات أكثر من مرة، للنقاش معهن حول المواهب والمهارات التي لديهن، لعمل مشروعات مشتركة مع السيدات المصريات، لما تمتلكه السوريات من موهبة كبيرة في أصناف كثيرة من الأطعمة، لافتتاح مشروعات مشتركة هي مزيج بين الأطعمة المصرية - السورية، كما أن الأطفال السوريين يحتاجون إلى دعم نفسي ومعنوي قوي جداً لما تعرضوا له من مآسٍ داخل بلادهم في السنوات الأخيرة، فقمنا بأكثر من جلسة لإرجاع هؤلاء الأطفال إلى طفولتهم، بالألعاب والألوان المبهجة لتنظيف ذاكرتهم من المشاهد الدموية.

- تعتبر حملة «ولادها سندها» هي الأشهر وقد شاركت في مسابقة صناع الأمل التي يرعاها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، فما هو هدفها؟
هدفها توفير أكبر دعم للشباب والفتيات من أصحاب الكفاءات، لأن بلادنا تخسر سنوياً بلايين الدولارات بسبب هجرة العقول، ولهذا كنت أحلم بجمع المتفوقين علمياً والمبتكرين في المجال الثقافي والعلمي تحت مظلة واحدة، بهدف إنتاج أفكار إبداعية وتخريج أجيال قادرة على قيادة المجتمع، فأسست جمعية «ولادها سندها» مطلع 2015، التي استلهمت فكرتها من أحد المشروعات الشبابية في نيجيريا، الذي يجمع سنوياً 100 شاب وشابة في مكان واحد، بهدف توليد 100 فكرة إبداعية تعود بالفائدة على مجتمعهم، وأسعى إلى تأهيل 100 شاب وشابة مصريين من أصل آلاف الشباب الذين ينتمون إلى الجمعية، وتدعم الجمعية اليوم أكثر من 500 من شباب مصر، ممن يمتلكون أكثر من 500 مشروع علمي قادر على دعم مسيرة التنمية وقيادة مشروعات مستقبلية، وأحلم بالحصول على الدعم الكافي والقادر على تمويل آلاف المشروعات الصغيرة، التي قد تصل إلى 20 ألف مشروع، لدعم مسيرة التنمية والاقتصاد ومستقبل مصر، لأنني أعتبر أن مستقبل الأمة كلها وليس مصر فقط يكمن في شبابها، الذين هم في حاجة الى اكتشاف مواهبهم وتحفيزهم على الابتكار والبحث العلمي، إلى جانب كل الفنون، وهذا الأمر يحتاج إلى تخطيط وجهد منظم ووعي، لتفجير الطاقات واكتشافها ومساندتها، وتمتلك الحملة سفراء موزعين في العديد من الدول حول العالم، حتى أن العالم المصري الدكتور فاروق الباز وكبار الفنانين والمثقفين أعلنوا دعمهم للحملة.

- كيف يمكن تعريب حملة «ولادها سندها» لتنتقل إلى مختلف الدول؟
أنا سعيدة بأن «ولادها سندها» خرجت من النطاق المحلي إلى النطاق العربي، فقد تحدثت صحف عربية كثيرة عن الحملة، بخاصة أننا شاركنا في مسابقة «صناع الأمل» على مستوى الوطن العربي، وأقمنا منذ فترة معرضاً لمنتجات يدوية مصرية لاقى استحسان كثير من الزائرين الخليجيين في مصر، كما أن لدينا موقعاً إلكترونياً على الإنترنت، وصفحة على «فايسبوك» باسم «ولادها سندها»، ومستعدون للتعاون مع كل من يريد نقل التجربة وتطويرها في البلاد العربية.
أرى أنه لا بد من استثمار طاقة الشباب، وأن نستمع إلى صوتهم وندعمهم لتحقيق أحلامهم، لأن الطاقة إذا لم يتم استثمارها في شكل صحيح فإنها ستتحول إلى طاقة سلبية في صورة بلطجة، عنف، أمراض نفسية، وستضر بالمجتمع ككل، لأن الدول تتقدم بمقدار استثمارها الموارد البشرية التي بداخلها، وألمانيا واليابان خير مثال، فما حدث لهما في الحرب العالمية الثانية تأثرتا به لفترة قصيرة ثم أصبحتا من أهم دول العالم بالقوى البشرية، ونحن هدفنا تشغيل العقول والطاقات الإيجابية، ولهذا أطمح الى تعاون بين مؤسسة «ولادها سندها» والمؤسسات العربية المشابهة، بخاصة أن هناك من يريدون نقل التجربة إلى دول عربية أخرى، وهدفي الوصول إلى المجتمعات العربية والدولية.

- هذا الجهد وتلك الحملات هل وجدت تكريماً وتقديراً من بعض المؤسسات التي تكرم المتميزات؟
حصلت على لقب «المرأة الأهم»، من مؤسسة مصر للصحة والتنمية عام 2015، ولقب «سفيرة السعادة» من مؤسسة المنجزين العرب مع الدكتور مجدي يعقوب والشيخة حصة في الكويت والشيخة نوال المحمودي والشيخة هند القاسمي من دولة الإمارات، وكنت سعيدة بأنني الأصغر بينهن، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن المرأة المصرية تستطيع أن تنجح في كل المجالات، كما حصلت على لقب «أفضل امرأة عربية» في مهرجان المرأة العربية بشرم الشيخ، كما تم اختياري كمستشار للشباب باتحاد الجاليات المصرية بأوروبا.

- ما أحلامك بالنسبة إلى المرأة العربية؟
أن تتولى رئاسة الدولة أو رئاسة الوزارة، وأن نرى مرشحات للرئاسة من السيدات مثل الدول المتقدمة، وعلى الصعيد الاجتماعي والعلمي، أن تكون المرأة العربية مثالاً مشرفاً على المستوى الدولي، وتظهر مجهوداتها الحقيقية في مختلف المجالات، فهذا يغير الصورة السلبية عن المرأة العربية في الخارج.

- ماذا عن الدكتورة غادة الأم؟
الحمد لله، أنا أم ناجحة لثلاثة أبناء، الابن الأكبر يوسف عمره ثماني سنوات، والثاني محمد عمره سبع سنوات، والصغير علي عمره خمس سنوات، ومنذ ولادتهم أحلم أن تتاح لهم الفرص لتحقيق ذاتهم داخل المجتمع، لممارسة الرياضة التي يحبونها وتحقيق طموحاتهم، وهذا كان دافعاً للعمل في المجال الاجتماعي ومحاولة إعطاء فرصة للشباب. وللمناسبة، فأبنائي فخورون بي جداً، ويشعرون دائماً بالحماسة لما أقوم به، لدرجة أنهم أطلقوا عليَّ اسم «سوبر مامي»، لأنني أقوم بتلبية احتياجاتهم على أكمل وجه والحمد لله، إلى جانب عملي بالجامعة وقيادتي مؤسسة صحافية ناجحة، وعملي المجتمعي، فأنا دائماً ما أطلعهم على ما أقوم به، وأصطحبهم معي في بعض النشاطات، مثل حفلات الأيتام وتوزيع مساعدات على الفقراء، حتى ينشأوا على حب مساعدة الغير.

- سفيرة السعادة لقب تعتزين به، فكيف جاءت التسمية والتكريم؟
من أجمل الذكريات في حياتي، عندما كنا نقيم حفلة للأيتام، وكنت أرتدي ملابس المهرج لإسعادهم وإضحاكهم، ولا أستطيع أن أصف مدى السعادة التي شعرت بها بسبب سعادتهم، فأطلقوا عليَّ حينها لقب «سفيرة السعادة»، وأنا فخورة جداً بهذا اللقب، وأتمنى لو يعطيني الله القدرة على إسعاد كل الناس، لأن السعادة من أسمى وأنبل المعاني في هذا الكون، ويجب الاهتمام بها، ولهذا أنشأت دولة الإمارات المتحدة وزارة خاصة بالسعادة، ومصر أم الدنيا وكذلك كل الدول العربية تستحق أن تكون دولاً سعيدة وصانعة للأمل.

- في النهاية، من المثل الأعلى بالنسبة إليك؟
أوبرا وينفري، لأنها مرت بظروف صعبة على المستوى الأسري، ولأنها من أسرة فقيرة وواجهت مشكلات شخصية كثيرة، حتى أنها تعرضت للاغتصاب وقهرت الاضطهاد وساعدت الناس، وليست أنانية ولديها إرادة حديدية، وهذا ما أعشقه فيها. وعلى المستوى العربي، السفيرة ميرفت تلاوي، رئيسة منظمة المرأة العربية، وصاحبة الإنجازات الكبرى على المستوى العربي والدولي. وعلى المستوى الشخصي والدتي ووالدي، لأنهما أكثر من دفعاني إلى النجاح.


كيف استطعت مواجهة عادة متجذرة في الثقافة الصعيدية بهذا الشكل؟
اعتمدت في الحملة على علماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي والأطباء من الشباب والفتيات، وبدأنا بتوعية الناس بخطورة الختان صحياً، وعدم وجود أصل له في الدين، بل إنه عادة أفريقية، والدليل أنه لو كان مرتبطاً بالدين الإسلامي لكانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي طبّقته. وقد لاقت هذه الحملة صدى كبيراً جداً، وظهر أثرها مباشرة أثناء حملات التوعية، والحمد لله فالنسبة في تراجع مستمر، وحملتنا مستمرة حتى نقتلع هذه العادة السيئة، التي لا علاقة لها بالدين أو الشرف والأخلاق إطلاقاً.

CREDITS

إعداد: أحمد الشايب