الضعف الجنسي يخفي وراءه أحياناً مشكلة عضوية خطيرة

كارين اليان ضاهر 19 أغسطس 2017


قبل سنوات كانت المشكلات الجنسية التي يعانيها الرجل تسبب له الكثير من الحرج فيفضل عدم التحدث عنها ويختار الانطواء على نفسه مما يزعزع ثقته بنفسه ويؤثر سلباً في حياته الزوجية. اما اليوم، ومع ازدياد الوعي في مختلف الميادين، صار الرجل يتحدث بسهولة عن الموضوع باعتباره مشكلة صحية أو نفسية طبيعية تستدعي المعالجة ويمكن التغلب عليها مع تطور الوسائل العلاجية المتاحة.
رئيس قسم جراحة وأمراض المسالك البولية البروفيسور اللبناني سليم زينه تحدث عن كل المشكلات الجنسية التي قد يعانيها الرجل على اختلاف أسبابها النفسية والعضوية، مشيراً إلى أنه في كثير من الأحيان لا تقتصر الحالة على مشكلة جنسية بل تخفي وراءها مشكلة عضوية قد تكون خطيرة، خصوصاً أن المريض لا يكون على علم بها. فعلى سبيل المثال يعتبر الضعف الجنسي العارض الاول لانسداد شرايين القلب.

متى يمكن القول ما إذا كان الرجل يعاني مشكلة جنسية؟
عندما يشكو الرجل من عدم القدرة على القيام بالعمل الجنسي بشكل طبيعي، يمكن القول إنه يعاني مشكلة جنسية. وبالتالي المسألة مرتبطة به وبما إذا كان يعاني في هذا الإطار.

ما أنواع المشكلات الجنسية التي يمكن أن يعانيها؟
قد يعجز الرجل عن القيام بالعمل الجنسي بشكل طبيعي نتيجة ضعف في الانتصاب، وهذه الحالة الأهم والأكثر شيوعاً بين مختلف المشكلات الجنسية التي يمكن أن يعانيها.
علماً ان هذا الضعف يكون عادةً بسيطاً ثم تزداد الحالة سوءاً تدريجاً، فيشكو الرجل صعوبة في إنجاز العمل الجنسي. وإلى جانب الضعف في الانتصاب، يمكن ان تكون هناك مشكلة لجهة القذف السريع إلى درجة ان الرجل يعاني صعوبة في القيام بالعمل الجنسي. هذا إضافةً إلى نقص الشهوة التي يشكو منها البعض.

هل يتحدث الرجل عن المشكلة الجنسية بصعوبة في أيامنا هذه أم أن الأمر بات أسهل له؟
قبل سنوات من الآن، كان الرجل يخجل من القول إنه يعاني مشكلة جنسية. لذلك عندما كان يلجأ إلى الطبيب، كان يبرر ذلك بكونه يعاني التهاباً في البول، ثم يتبين على اثر الفحوص أنه يعاني مشكلة جنسية. أما اليوم، ومنذ بضع سنوات، ازداد الوعي بشكل واضح وأصبح الرجل يجد سهولة أكثر في اللجوء إلى الطبيب بسبب مشكلة جنسية يعانيها.

إلى أي مدى يلعب العامل النفسي دوراً في المشكلات الجنسية التي يعانيها الرجل؟
للعامل النفسي دور في المشكلات الجنسية التي يعانيها الرجل، لكن ما كنا نقوله بأن العامل النفسي هو الأهم في الإصابة بالمشكلات الجنسية، ليس صحيحاً.
قد تكون المشكلة نفسية كما يمكن أن تكون عضوية. قد تنتج المشكلة النفسية عن توتر أو عن مشكلات زوجية أو عن إرهاق جسدي، لكن يمكن ان تكون المشكلة عضوية أيضاً.

هل يمكن أن تخبئ المشكلة الجنسية مشكلة صحية معينة؟
من الضروري البحث عن مشكلة عضوية عند إجراء الفحوص اللازمة المرتبطة بالمشكلة الجنسية. العارض الأول لمرض القلب هو عدم القدرة على الانتصاب، فإذا حصل انسداد في الشرايين يبدأ بشريان العضو الذكري. لذلك عند البحث ما وراء المشكلة الجنسية، قد يتبين وجود مشكلة في القلب.
كما يمكن ان تظهر الفحوص وجود مشكلة السكري دون علم المريض. ويمكن أن تخفي المشكلات الجنسية وراءها أيضاً مشكلة ارتفاع الضغط او غيرها.

لكن، هل تتزامن المشكلة الجنسية مع ظهور المشكلة العضوية، إذا كانت تخفيها وراءها؟
إذا كانت المشكلة في القلب ، يبرز العارض الأول في المشكلة الجنسية. لكن في حالة السكري مثلاً يتطلب ظهور المشكلة الجنسية وقتاً وتزداد سوءاً مع الوقت.

هل هذا يعني أن المشكلة الجنسية قد تكون مؤشراً وقد تسمح باكتشاف مرض لا علم للمريض بإصابته به؟
يحصل ذلك في أحيان كثيرة، فكثر لا يدركون أنهم يعانون أمراضاً ويكتشفون إصابتهم بها من خلال الفحوص المرتبطة بالمشكلة الجنسية التي يشكون منها.

ما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى مشكلات جنسية معينة والتي تزيد احتمال حصول خلل في القدرة على الانتصاب؟
في ما يتعلّق بالمشكلات العضوية يسبب النقص في هرمون التيستوستيرون ضعفاً في الانتصاب. وعندها تسوء الحالة تدريجاً مع الزمن.
كذلك في ما يتعلّق بالسكري الذي يمكن أن يكون سبباً، وانسداد الشرايين وأمراض الجهاز العصبي وارتفاع الضغط. او يمكن أن تنتج عن خلل في غدة الدماغ.
كما يمكن ان تحصل المشكلة على أثر التعرض لحادث أو غيره. إضافةً إلى المشكلة النفسية التي يمكن أن تكون سبباً. لكن في معظم الحالات تكون المشكلة صحية أو يمكن أن يكون السبب مجهولاً.

متى يتم اللجوء إلى العلاج النفسي لمعالجة المشكلة الجنسية؟
ثمة حالات معينة تحتاج إلى العلاج النفسي وتستفيد منه، لكن قد يكون العلاج بالأدوية ضرورياً وإن لفترة قصيرة في الوقت نفسه. في الواقع، عند التحدث مع المريض للمرة الأولى، يمكن تحديد ما إذا كانت هناك مشكلة نفسية معينة تستدعي العلاج النفسي فيحال المريض على المعالجة النفسية. أما إذا لم تلاحظ أي مشكلة، فيكفي العلاج بالحبوب.

هل يمكن أن تختلف المشكلة بحسب السنّ؟
عندما يكون الرجل قد تخطى سن 60 سنة، تنتج المشكلة غالباً عن الكسل الناتج عن التقدم في السن. أما إذا كان الرجل شاباً، فلا بد من البحث عن مشكلة صحية.

هل من سنّ معينة تبرز فيها أكثر المشكلات الجنسية لدى الرجال؟
عادةً تظهر معظم المشكلات الجنسية بين سن 50 و70 سنة، وفي 30 في المئة من الحالات تظهر حالات دون الخمسين.

هل من أدوية معينة يمكن ان تسبب مشكلة جنسية؟
يمكن أن تسبب بعض الأدوية مشكلة جنسية أبرزها أدوية الضغط والقلب. في هذه الحالة يطلب من طبيب القلب تغيير الدواء حتى لا يسبب ضعفاً جنسياً للرجل ويتابع حياته بشكل طبيعي. لكن بشكل عام وفي معظم الحالات، تكون لدى الرجل مشكلة معينة او ضعف وتزداد حالته سوءاً بسبب الدواء فلا يكون الأخير هو المسبب الأساسي للمشكلة.

كيف يتم تشخيص المشكلة الجنسية؟
بالدرجة الأولى، لا بد من أن يخضع الرجل لفحص سريري وتقويم عام لحالته. كما يتم التأكد من نبض القدمين والأعضاء السفلى عامةً ومن عدم وجود التهاب في البروستات. ويجرى فحص شامل للكوليسترول والشحوم الثلاثية والسكري والضغط. وعند التأكد من عدم وجود مشكلة في الشرايين يبدأ العلاج.

على ماذا يرتكز علاج المشكلات الجنسية؟
يعتبر العلاج بالحبوب الحل الأول الذي يتم اللجوء إليه وهي من نوع PDE5 Inhibitors التي أحدثت ثورة في العلاج بدءاً من عام 1998. قبل ذاك التاريخ لم تكن هناك أدوية جدية تسمح بالتغلب على الضعف الجنسي. وقد كانت هذه الحبوب تعطى لمعالجة مشكلات في القلب ولوحظ عندها تحسن في الحياة الزوجية للمرضى، فتم تبديل استعمالها بحيث أصبحت تعالج المشكلات الجنسية وضعف القدرة على الانتصاب بدلاً من مشكلات القلب.
أما إذا لم يظهر العلاج بالأدوية فاعلية خلال شهر أو اثنين من التجربة، فقد تكون هناك حاجة إلى اللجوء إلى الحقن. اما الحل الثالث في حال فشل الوسائل العلاجية الأخرى، فيقضي بإجراء عملية إذا كان الدم لا يصل إلى العضو فيتم فيها وصل الشريان بالتقنية الجراحية، على أن تجرى صورة ملوّنة قبل الجراحة للكشف. لكن بشكل عام، تصل نسبة الحالات التي ينجح معها العلاج بالحبوب إلى 80 في المئة.

هل تكون الحاجة إلى العلاج موقتة أم أن اللجوء إليه يستدعي الاستمرار فيه طيلة الحياة لتجنب عودة المشكلة؟
عادةً، لدى الشباب، خصوصاً إذا كانت المشكلة نفسية في الاساس ينجح العلاج بالحبوب خلال شهر أو اثنين ويتمكن الشخص المعني بعدها من متابعة حياته الزوجية بشكل طبيعي دون مشكلة بعد أن يكون قد استعاد ثقته بنفسه. فالدواء يعيد الثقة إلى الرجل إذا كان يعاني مشكلة معينة زعزعتها.
إلا ان البعض يجد أنه من الأسهل الاعتماد على العلاج باستمرار والبعض يلجأ إلى هذا الاختيار لكونه يجده أفضل. علماً أن ثمة حبوباً تعطى عند الحاجة بشكل استثنائي وأخرى بجرعة أصغر تعطى يومياً لتحسين الأداء الجنسي.

هل يمكن أن يسبب العلاج ردة فعل معينة أو تعارضاً مع أدوية اخرى قد يتناولها المريض؟
تبرز المشكلة فقط عند تناول ادوية خاصة للشرايين تحتوي على مادة الNitroglycerin مما قد يسبب هبوطاً في ضغط الدم أو مشكلات اخرى.

ما العادات الحياتية السيئة التي قد تكون من مسببات مشكلة جنسية معينة؟
ليست هناك عادات حياتية معينة قد تؤثر سلباً في هذه الحالة. في السابق ساد اعتقاد بأن الممارسة الزوجية المكثفة قد تؤثر سلباً مع الوقت، لكن تبين ان هذا ليس له أساس من الصحة.