طفلي سنة أولى حضانة

ديانا حدّارة 17 سبتمبر 2017

يشعر بعض الأمهات بالقلق عندما يقررن إرسال أطفالهن إلى الحضانة للمرة الأولى، فيما أخريات، ورغم أن أطفالهن اعتادوا الذهاب إلى الحضانة، يثير دخولهم المدرسة قلقهن بعض الشيء، فما النصائح التي يسديها الاختصاصيون الى كل أم قبل العودة إلى المدرسة؟ وما هي الإرشادات التي توجّه الى الأم التي يدخل طفلها إلى الحضانة للمرة الأولى؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في الحضانة؟
عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الاختصاصية في التربية والتعليم والمدير العام والمؤسّس المشارك لحضانة «كرييتف نست» في دبي زينة الأعسم.


ما هي النصائح الذهبية لكل أم قبل العودة إلى المدرسة؟
دائمًا ما تمثل بداية العام الدراسي مناسبة مهمة للأطفال ولأولياء أمورهم، وهي مناسبة قد يكون فيها التكيّف مع روتين جديد أمرًا صعبًا، سواء كان سيبدأ الطفل مرحلة ما قبل المدرسة أو الحضانة، للمرة الأولى، أو سيعود إلى المدرسة بعد العطلة الصيفية، وقد ترفّع إلى صف أعلى، فثمّة خطوات بسيطة يمكن الأمهات اتخاذها للتخفيف من وطأة التغيير الحاصل في هذه المناسبة:

 · البدء بالتحدّث إلى الأطفال حول الحضانة قبل أسبوعين مثلاً من بدايتها، وإيضاح حيثياتها لهم، وإطلاعهم على الأمور المثيرة التي سوف تكون في انتظارهم وتحصل معهم، مثل ممارستهم الأنشطة الفنية المختلفة وتكوين الصداقات. وهذا يساعد على الحدّ من مشاعر القلق التي قد تنتاب الأطفال أو أولياء الأمور، كما يمنح الأطفال شيئًا يُشعرهم بالحماسة تجاهه.

 · على الأم الاستعداد قبل بضعة أيام من بداية الحضانة بوضع برنامج جديد للنوم يضمن حصول طفلها على قسط وافٍ من الراحة كل ليلة. وأذكّر الأمهات بأن أطفالهن بحاجة إلى وقت للاسترخاء قبل النوم، لذا ينبغي على الأم تخصيص ما لا يقلّ عن 20 دقيقة لتقرأ لطفلها قصة، أو لتجلس إلى جانبه وتسلّيه قبل أن تطفئ الأنوار ويخلد الى النوم.

 · على الأم الانتباه إلى طعام طفلها. فالأطفال بحاجة إلى نظام غذائي صحي ومتوازن يتضمّن تناول الكثير من الفواكه والخضر وشرب كميات كافية من المياه، وسيكون من الصعب عليهم أن يفكروا أو يتعلّموا أو يلعبوا إذا كانوا يشعرون بالجوع. لذا، من الضروري أن تحرص الأم دائمًا على تزويد طفلها بوجبة إفطار مغذية في الصباح كي يبدأ يومه بمنتهى النشاط والحيوية.

 · بينما يمضي معظم الأطفال كثيرًا من أوقات العطلة الصيفية في الراحة والاسترخاء، فإن بداية المدرسة تعني بداية الانضباط والتنظيم. لذا، على الأم أن تحضّر في وقت مبكر كل المعلومات والوثائق التي قد تحتاج إليها الحضانة، حرصًا منها على سير الأمور، ومن ذلك تحديث السجلات الطبية ومعلومات الاتصال في حالات الطوارئ، وتجهيز الزي الرسمي، مع الحرص على تأمين حذاء مريح للطفل.

 

ما هي التدابير التي على الأهل اتخاذها للطفل الذي يذهب إلى الحضانة للمرة الأولى؟ وكيف تستطيع الأم تخفيف وطأة قلق الانفصال عنها؟
غالبًا ما تتساءل الأسر عما يسهّل الانتقال إلى مرحلة ما قبل المدرسة ويجعله سلسًا، وتتمثل الإجابة في عدد من الخطوات السهلة التي يمكن اتباعها:

· من المهم أن تحرص الأم على عدم إظهار علامات القلق والضغط على ملامحها. فالأطفال حسّاسون جدًا وسوف يتأثرون بهذه المشاعر إلى درجة انعكاسها عليهم. وتستطيع الأم أن تحاول في وقت مبكر قبل بدء الفصل الدراسي، وشيئًا فشيئًا، طرح فكرة الذهاب إلى الحضانة على طفلها، حتى تتاح له فرصة الاعتياد عليها قبل الموعد المحدّد للالتحاق بها. من هنا فإن قراءة كتب عن الحضانة ومحاولة تقمّص الأدوار فيها يمكن أن يكونا وسيلة ممتعة وفعالة للقيام بذلك مع الطفل.

 · الانطلاق في مرحلة ما قبل المدرسة يُعتبر محطة مهمة في حياة أي طفل. لذا، على الأم أن تحاول إحاطة هذا الحدث بمشاعر الإثارة، والتركيز على التجارب الرائعة التي سيحظى بها في هذه المرحلة، كما يمكن الاحتفاء بهذه المناسبة عبر القيام بشيء خاص، مثل شراء حقيبة لحفظ الطعام أو قنينة مياه مخصصة للمدرسة. كذلك فإن زيارة الحضانة مع طفلك قبل بدء الفصل الدراسي وتمضية بعض الوقت فيها للتعرف إلى المعلمين والأطفال الآخرين هناك، من شأنه أن يخلق بعض الألفة لدى الطفل عند الذهاب إليها في يوم دوامه الأول.

 · على الأم أن تحاول القيام بأمور يومية روتينية كل صباح، ومن أهمها أن تودّع طفلها عند توصيله إلى الحضانة، فلا تغادر الصف خلسةً من دون أن ينتبه لها الصغير، لأن ذلك من شأنه أن يزيد شعوره بالقلق ويدفعه للبكاء أكثر، بل وقد يُضعف الثقة بينه وبين أمه.

 

من المعلوم أن الطفل الذي يذهب إلى المدرسة للمرة الأولى يكون في غالب الأحيان قد اعتاد الانفصال عن والدته، خصوصًا إذا كان قد سبق له الذهاب إلى الحضانة. ما هي الصعوبات التي يمكن أن يواجهها؟
الأطفال الذين دخلوا من قبل إلى الحضانة وسيعودون إليها بعد العطلة الصيفية الطويلة، قد يواجهون بعض الصعوبة في عودتهم، وربما يستغرق الطفل بعض الوقت في التعوّد على النوم والاستيقاظ الباكر والتحوّل إلى يوم أكثر تنظيمًا.
وفي حين أن مستوى القلق المتعلق بالابتعاد عن الأمّ قد يكون أقلّ لدى الأطفال الذين اعتادوا على الحضانة من قبل، فإن التعوّد على معلمين وزملاء جدد في صفّ مختلف، أمر قد يُضطر الطفل إلى التكيّف معه.
وكما هو الحال مع الالتحاق بالحضانة للمرة الأولى، فمن المهم التروّي في التعامل مع المسائل، والحرص المبكر على غرس فكرة العودة إلى الحضانة في ذهن الطفل، فالاستعداد الجيد كفيل بتيسير الأمور.

ما هي معايير الحضانة المُثلى للطفل؟
من الضروري ألا ينسى أولياء الأمور قاعدة ذهبية مهمة عند اختيار حضانة الطفل، وهي أن الأطفال قادرون على التعلّم بطريقة طبيعية، لكنهم يحتاجون إلى البيئة المناسبة لكي ينجحوا ويتفوّقوا. فمكان مشرق وزاهٍ بمساحات داخلية وخارجية فسيحة كفيلٌ بتشجيعهم على الاستكشاف والاستفسار عما حولهم، ويُعدّ أفضل منطلق نحو الحياة المدرسية.
كذلك فإن طبيعة المرافق والتجهيزات داخل الحضانة مهمة. إذ يجب أن تكون مناسبة لسنّ الأطفال وآمنة لهم، فالمواد الطبيعية، كالخشب على سبيل المثال، أفضل بكثير وأكثر إثراءً للطفل من المواد البلاستيكية.
من المهم أيضاً لأولياء الأمور زيارة الحضانة قبل اختيارها، والتأكد أن المنهج الدراسي شامل ووافٍ وقائم على التعلم العملي من أجل إثراء تجربة التعلّم. ويجب أن يغطي المنهج مختلف مجالات التعليم في السنوات الأولى تغطية وافية، فيشمل مهارات التعامل مع الآخرين، ومهارات القراءة والكتابة، والحساب والعلوم، والتنمية البدنية، كما ينبغي أن يكون أعضاء هيئة التدريس مؤهلين في مجال تعليم الأطفال في السنوات الأولى.
ومن الضروري أن يولي الآباء والأمهات اهتمامًا كبيرًا لعدد المعلمات أو التربويات، الذي يجب أن يتناسب مع عدد الأطفال بحيث يُفترض ألا يزيد عن معلمة أو تربوية واحدة لكل أربعة أطفال. كذلك يجدر الاستفسار من الحضانة عن الإجراءات المتعلقة بالصحة والسلامة، والتي تضمن سلامة الأطفال في كل الأوقات، علاوة على ضرورة معرفة أساليب الانضباط في الحضانة والحرص على كونها تتماشى مع الطريقة التي يرغب أولياء الأمور في تنشئة أطفالهم في المنزل وفقها.

ما هو تأثير الهندسة المعمارية في التعليم وفي تحفيز التلامذة على التعلّم؟
نرى اليوم أن غالبية مدارس السنوات التعليمية الأولى تتبع نهجًا فلسفيًا راسخًا في التعليم، مثل نهج «ريجيو إميليا» ونهج «مونتيسوري»، وكلاهما يبني بيئة التعليم وفق أسس واضحة تتمثل بقيم تتمحور حول الطفل واهتماماته.
في مثل هذه البيئة التعليمية، يتم منح الأطفال حرية التجوّل بأمان في أرجاء الصف، متتبعين اهتماماتهم الخاصة، ما يجعلهم يحدّدون وتيرة التعلّم الخاصة بهم.
لذا، نجد أن هناك فرصًا لا حصر لها للتعلم في هذه البيئات، كونها تشجع على إحداث شكلٍ أكثر نشاطًا من أشكال المشاركة والانخراط في العملية التعليمية. وتساهم الهندسة المعمارية للحضانة أو المدرسة في تحديد شكل المساحات في هذه البيئات، فتصميم المباني، والمواد المستخدمة في تشييدها، وطريقة دخول ضوء الشمس، كلها أمور تساعد على تشكيل ملامح التعلّم لدى الطفل، كما أنها تساعد على إيجاد إمكانيات مبتكرة للمعلمين وتعينهم على الإبداع في طريقة تنشئة الأطفال، ليبتكروا لهم مجموعة من التجارب المبكرة التي من شأنها أن تُحدث تأثيرًا إيجابيًا في حياتهم المستقبلية وصولاً إلى مرحلة ما بعد المدرسة.


الذكاء العاطفي وتأثيره الإيجابي في العملية التعلّمية

ماذا نعني بالذكاء العاطفي؟ وما دوره في صحّة الطفل النفسية وتأثيره في أدائه المدرسي؟
الذكاء العاطفي هو قدرة الشخص على تحديد المشاعر وفهمها والسيطرة عليها والتعبير عنها، مما يساعدنا على تطوير أنماط تفكير واضحة والتعبير عن أنفسنا والتواصل مع الآخرين تواصلاً فعالاً.
في ظلّ اهتمامنا بمنح قدرة أطفالنا الفكرية وإنجازاتهم الأكاديمية الأولوية عن غيرها من الأمور في الغالب، نجد أن ثمَّة حِراكًا متناميًا في المجال التعليمي يشجّع الذكاء العاطفي ويسلّط الضوء على تأثيره الملموس في تحسين مستويات النجاح الأكاديمي والمهني للفرد وعافيته الشخصية بصورة عامة.

كيف تستطيع الأم أن تعزّز هذا الذكاء؟
إن أحد أكبر التحديات التي تواجه الطفل يتمثل في إيجاد وسيلة لتوضيح مشاعره، وهنا تلعب الأم دورًا مهمًا، إذ يمكنها مساعدة أطفالها على فهم مشاعرهم وتفسيرها، ومنحهم الأسلوب اللغوي والخطابي الذي يحتاجون إليه للتعبير عن أنفسهم.
ومن المهم أن تحرص الأم على إبداء التقدير لما يُكنّه الطفل من مشاعر وإظهار التعاطف معه ما أمكن، فالاهتمام برعاية الذكاء العاطفي لدى أطفالنا منذ نعومة أظفارهم كفيل بتسليحهم بالمهارات الأساسية التي يحتاجون إليها لعيش حياة سعيدة ملؤها الرضا والنجاح.