منزل في الريف الفرنسي

أثاث, أكسسوارات, صالون إستقبال, المطبخ اللبناني, فرنسا, منزل ريفي, مهندسة ديكور, ناتالي فنغو مي, قاعة /صالة / غرفة نوم, حديد مزخرف, خشب مؤكسد, محلات الأنتيكا, قاعة /صالة / غرفة الحمام

01 يوليو 2009

«مفردات جمالية بسيطة لأجواء آسرة.» بهذه العبارة يمكننا إختصار القاموس الذي تنهل منه مهندسة الديكور الفرنسية ناتالي فنغو مي من أجل تكريس رفاهية جديدة، عنوانها الدفء والأصالة.

منزل ريفي في مزرعة اشتراها أحد رجال الأعمال الباريسيين، هو مشروعها الأخير، الذي شكل تحدياً كبيراً لحل بعض المشكلات الهندسية وتحويل المساحة الواسعة بأقسامها المتداخلة، المترابطة والمنفصلة، الى مكان مميز للراحة وتمضية الاجازات السنوية. تقول ناتالي: «لم يكن لصاحب هذا المنزل الكثير من المتطلبات وخاصة التكنولوجية مثل التي يعتبرها ضرورية في منزله الرئيسي في باريس. ما يهمه هنا ان يكون المنزل مريحاً، بديكور بسيط، وألوان احادية طبيعية، مع تفضيل الأبيض كلون أساسي تتزاوج معه كل الألوان لمختلف عناصر الأثاث واكسسواراته».

وهكذا نجحت المهندسة الشابة في تحقيق طلبات المالك، من خلال عمل يوحد بين مفهومي الأناقة والبساطة، ويطرح رؤية جديدة لمفهوم الرفاهية .

ركزت ناتالي في عملها على ابراز بعض العناصر والتفاصيل الصغيرة التي تحفظ الخصوصية الهندسية للمكان. فأبقت العوارض الخشبية التي تزين السقف بعد طلائها باللون الأبيض للتخفيف من حدة ظهورها، وذلك  لمصلحة قطع الأثاث المصنوعة من الخشب القديم المؤكسد باللون الأبيض.

كما اختارت لهذا الجو بعض قطع الأثاث والأكسسوارات المصاغة من الحديد المطوَّع، لما يحمله من أجواء قديمة تتناسق مع بعض أنواع الأقمشة السميكة المصنوعة من الكتان والقطن الأبيض والملون.

المنزل بكامله يبدو كقطعة جمالية منفردة، تشيع فيه أجواء الريف الأصيل، وتحف به رفاهية مميزة. ورغم تداخل المساحات المتعددة، استطاعت المهندسة أن تمنحها الخصوصيات الواضحة التي تتضمن كل الشروط الوظيفية والجمالية، مؤكدة في الوقت نفسه تلك الصلات التي تحفظ للأمكنة أدوارها في إثارة الشعور بالرحابة والاتساع.

فنجد الصالون يتصل بغرفة الطعام، ليس فقط من خلال إلغاء فكرة الأبواب، وإنما أيضاً من خلال إمتداد الأرضيات المغطاة بالبلاط القرميدي الفاتح الأصيل، وألوان الجدران البيضاء المائلة الى الزهري، وأيضاً من خلال الأثاث بتنويعاته المؤكسدة أو المحلاة بأقمشة نبيلة.

 على أن ذلك لم يمنع من تطعيم الأثاث ببعض القطع الخشبية بلونها الأصلي الذي يكسر حدة النصاعة المخيمة، ويعيدنا الى الأجواء الريفية الأصيلة.

وكذلك في غرفة الطعام، جيث تبدو الكراسي حول الطاولة مؤهلة للأنضمام الى أثاث الصالون، بينما يأخذ مسطح الطاولة نفسه لوناً يحاكي عنصر الأثاث القديم الموجود في ركن مقابل من الصالون. والمدهش في هذا المنزل، انه يبدو -رغم جدته- مشحوناً بذكريات لا يمكن تفسير مصدرها...

فهل هي منبعثة من الأثاث وعناصره التي اختيرت ببراعة ودقة، أم أنه من السقف الذي احتفظ بعوارضه الخشبية القديمة والتي تمت معالجتها وطلاؤها باللون الأبيض المؤكسد لكي تتناغم مع الأثاث؟ أم أنها تأتي من تلك الوحدة المتماسكة التي تربط بين المكان نفسه وما يحتويه؟

شيء يشبه السر، تتكشف بعض ملامحه في الوقت الكبير الذي تمضيه «ناتالي» في أسواق بيع الأثاث القديم، ومحلات الأنتيكا. فإحساسها الفطري بالأناقة والجمال يقودها دائماً الى العناوين المناسبة، الى تلك المخازن والمحلات المتخصصة التي تشبه مغارة علي بابا كما تقول. فهناك تتقصى وتتفحص وتدقق بحثاً عن كنوز مفقودة. كنوز قد نمر بها دون التفات، لا نمنحها حق التقدير والقيمة. بينما تحتضنها «ناتالي» ببهجة وسرور، وهي ترتب لها في مخيلتها الخصبة مساراً جديداً وحياة ثانية.

أشياء كثيرة أثارت فضولها وأهتمامها، فجمعتها بشغف وحماسة، فأعادت ترميم بعضها ومنحتها ملامح مختلفة، لتتوزع في ارجاء هذا المنزل الريفي الجميل.
على أن هذا المنزل لا يخلو من مفاجآت مبهرة، إستطاعت ناتالي أن تمنحها صيغة خاصة، تؤكد مرة جديدة اسلوبها الزخرفي المميز. وتكمن واحدة من هذه المفاجآت في غرف النوم. ففي حين أن غرفة نوم سيد المكان تشكل إمتداداً مريحاً لبقية غرف المنزل، إن على مستوى الألوان أو على مستوى خيارات الأثاث، لتجعل من المنزل كله يبدو وكأنه جناح خاص، فإن غرفاً أخرى تشكل مستوى آخر في طريقة المعالجة البارعة.

مثل غرفة نوم البنات الأربع، والتي حافظت المهندسة على هندستها وشكلها المعماري الذي يختلف عن بقية هندسة المكان. وهي كما يبدو المساحة الأولى من المنزل الذي شهد في مراحل لا حقة بعض التوسعات التي جعلته يتمتع بأكثر من جو وأسلوب معماري. ففي غرفة النوم هذه، استلهمت ناتالي أجواء الطفولة والمراهقة، فصبتها في قالب بالغ البساطة والجاذبية.

وضعت سلسلة من أربعة أسرّة بسيطة تحت سقف من العقد الحجري المعالج باللون الأبيض، وألبست كل سرير لوناً حيا أضفى على المكان جواً مثيراً للأعجاب. فكانت الألوان في هذه الغرفة خروجاً جريئاً على الهدوء الذي يطبع بقية مساحات المكان. ولا يختلف الحمام الملحق بهذه الغرفة عن أجواء الغرفة نفسها من حيث الألوان. وكما في بقية الغرف الأخرى، شكل الحمام امتداداً طبيعياً، ناعماً ولطيفاً لغرفة مثالية لاجازات لا يمكن نسيانها.

منزل ريفي يمكن تصنيفه في خانة الكلاسيكي، من حيث خيارات الألوان والأثاث، ولكن بعض الأكسسوارات فيه تمتزج بعصرنة غير صادمة. وتلعب الاضاءة  المباشرة وغير المباشرة دوراً بارزاً فيه، إنما دون إفتعال.