الأسيرة المحررة منى قعدان

مواقع الزواج الإلكتروني, أسير محرر, الإحتلال الأميركي, الضفة الغربية, المحكمة الابتدائية في الرباط., أسير / أسرى

30 مايو 2011

لحظات من القلق الشديد عاشتها الأسيرة المحررة منى قعدان بعد مضي 354 يوماً على اعتقالها للمرة الثالثة حين تم اقتيادها إلى حيث قاعة المحكمة الشرعية في مدينة الناصرة في مناطق العام 1948، وعندما دخلت القاعة فوجئت بوجود أسرة خطيبها الأسير إبراهيم حسن اغبارية، ولم تتمكن في حينها من معرفة سبب وجودهم لأن السجانين أحاطوا بها من كل جانب ومنعوها من التحدّث إلى الموجودين.

وبعد مضي الدقائق الطويلة فتح باب قاعة المحكمة الشرعية من جديد لكي يطل خطيبها الأسير إبراهيم اغبارية مقيّد اليدين، وكان قد حكم عليه بالمؤبد ثلاث مرات. وكانت ردة فعل منى عندما رأته أن تسمّرت ووقفت مذهولة لأنها المرة الأولى التي ترى فيها خطيبها وجها لوجه، لأنه خطبها وهو في المعتقل.


لحظات لا تنسى

التقت «لها» الأسيرة المحررة منى قعدان في منزل عائلتها في قرية عرابة قضاء جنين في الضفة الغربية، فتحدثت في البداية عن لقائها خطيبها الأسير إبراهيم اغبارية، وقالت: «في قاعة المحكمة الشرعية، جلس خطيبي إبراهيم على مقعد منفصل، وشعرت بأن هناك جدارا كبيرا يفصل بيننا، لأنه لم يتمكن من الجلوس بالقرب مني. ولكن الفرحة أنستني كل شيء، وازداد فرحي عندما أبلغتنا المحكمة أنه تم إحضاري مع إبراهيم اثر الدعوى التي تقدم بها، والتي وافقت عليها المحكمة. ومن ثم تقرر عقد قراننا، لكي نحقق الحلم الذي انتظرناه على مدار السنوات السبع الماضية».

وتابعت منى قولها: «لن انسى لحظات رؤيتي لخطيبي إبراهيم، رغم المعاناة التي تعرضت لها عندما استدعتني إدارة السجن ونُقلت الى المحكمة الشرعية دون إبلاغي عن السبب، فهم أرادوا أن لا نشعر بلحظات الفرح... ورغم مأساوية الموقف وتكبيلنا ارتسمت الفرحة على وجهينا، عندما شرع القاضي في مراسم عقد القران، وعندما انتهينا من توقيع العقد تعالت أصوات الفرحة في قاعة المحكمة الشرعية. وقد تعمد جنود الاحتلال الإسرائيلي الوقوف أمامي وأمام إبراهيم، وعندما انتهيت من عقد القران، طلبت مع ابراهيم من المسؤولين في المحكمة الشرعية السماح لنا بتبادل خاتمَي الخطوبة، فوافقوا على ذلك ومنحونا مهلة ربع ساعة».


«شكرني على موافقتي»

سكتت منى للحظات وكأنها عادت لتستذكر تلك الدقائق، ثم قالت: «تلك اللحظات هي أجمل لحظات حياتي، وتمنيت مع إبراهيم أن يتوقف الزمن وبدأنا بتبادل التهاني والتحدث للمرة الأولى، وشكرني على موافقتي على عقد قرانه علي رغم حكمه الطويل في السجن، وأكد لي أنه سعيد لأن بداية أحلامه بدأت تتحقق بوجودي في حياته، وهي بشرى بقرب تحرره، وكان حريصاً على رفع معنوياتي والتعبير عن تقديره لمواقفي واستعدادي للتضحية».

واضافت: «شعرت بالحسرة لان أسرتي التي تعيش في بلدة عرابة لم تتمكن من حضور مراسم عقد قراني بسبب سلطات الاحتلال الإسرائيلي. ومن جانب آخر أنا فخورة واعتز بارتباطي بخطيبي، وحريصة على أن أرفع معنوياته، وعندما تسمح الفرصة أقول له هذه القيود والسجون لن تدوم، وسنلتقي مهما طال الظلم فهو إلى زوال لتكتمل الفرحة».

وتابعت: «شعرت بسعادة كبيرة عندما اتخذت قراري ولم أندم للحظة واحدة، رغم الانتقادات الكثيرة التي سمعتها من الأصدقاء الذين استغربوا كون خطيبي محكوما بالمؤبد. وحرصت على توطيد علاقتي معه ومع عائلته، ولكن المأساة التي واجهتها هي أن قوات الاحتلال الاسرائيلي وبعد الإفراج عني في المرة الأولى منعتني من زيارته في سجنه لأني أسيرة سابقة. وحاولت جاهدة الحصول على تصريح لزيارته، ولكن دون جدوى، فلم يكن أمامنا وسيلة للتواصل سوى عن طريق عائلته التي كانت تزورني بشكل دائم أو عبر الرسائل القليلة وغير المنتظمة بسبب سياسة إدارة سجون الاحتلال التي تؤخرها تارة وتمنعها في الكثير من الأحيان».

 


مشطوب من قائمة التبادل

وعن الصعاب تحدثت منى قعدان: «واجهنا الكثير من الصعاب لكي يتم عقد قراننا بسبب الإجراءات الإسرائيلية، لان إبراهيم من سكان مناطق عام 1948، كما أن إدارة السجون رفضت عقد القران بسبب قرار إسرائيلي يمنع فلسطيني الداخل الزواج من فلسطينية من الضفة الغربية، فادعى إبراهيم على مصلحة السجون. واستمرت القضية في المحكمة ثمانية شهور، حتى أقرت المحكمة عقد القران. وبسبب وجودي في السجن في فترة الاعتقال الثالث لي، أحضرت من سجن تلموند وأحضر إبراهيم من سجن جلبوع، وتحقق حلمنا. وأشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي شطب خطيبي من كل صفقات التبادل بدعوى أنه ضمن قائمة الملطخة أيديهم بالدماء».

وتابعت منى: «لم أستسلم لمحنتي، فعملت مديرة لرياض الأطفال، وحاليا أشغل منصب رئيس جمعية البراء للفتاة المسلمة في جنين، وهي تهتم بإدارة ملف الطفل اليتيم، وتعلّم القرآن الكريم وحفظه وتجويده. وسأستمر في حياتي مع انتظاري لرفيق دربي وعمري إبراهيم اغبارية».


العائلة فخورة

من جانبه، تحدث طارق شقيق الأسيرة المحررة منى، فقال: «رغم تأثر الأسرة البالغ بحرمان الاحتلال الإسرائيلي العائلة من مشاركة منى فرحتها، شعرنا بسعادة كبيرة بعقد قران شقيقتي منى على إبراهيم. ونحن فخورون بقرار شقيقتي منى التي واجهت لحظات التحدي النفسي والصراع، ولأنها مقدمة على الارتباط بأسير مصيره مجهول... واعتبر ارتباط منى بالأسير إبراهيم بطولة وتضحية عظيمة لأنها اختارت شريك درب وعمر مجهول المصير».


دورها النضالي

وروت لنا والدة منى قصة ارتباط منى وإبراهيم، فقالت: «بدأ ارتباط ابنتي منى بخطيبها إبراهيم في أواسط عام 1999، وذلك عندما اعتقلت لأول مرة واتصل إبراهيم من معتقله بابني طارق، وطلب منه خطبتها، مع انه لم يشاهدها ولم يتحدث إليها. وابلغه انه يعرفها جيدا من خلال ما طالعه عنها من أخبار عقب اعتقالها الأول في 15-2-1999، وقال إبراهيم في وقتها «انه معجب بدورها ونضالها، لذلك قرر خطبتها دون تردد»، مع انه محكوم بالسجن المؤبد ثلاث مرات إضافة إلى عشرين عاماً».

وأضافت أم منى: «كان الأمر مفاجئا لابني طارق ولكنه أبلغ العائلة. في البداية فوجئت منى لأن كلاهما لا يعرف الآخر. ولكن بعد التفكير والتشاور وافقت لأنها كانت على اقتناع بأنه من حق كل إنسان الحياة والتخطيط لمستقبله رغم السجن. وتشجعت بسبب ما سمعته عن مواقفه الوطنية والإنسانية المشجعة وأبلغتني بالموافقة، ومن ثم حضرت عائلة إبراهيم من مدينة أم الفحم داخل مناطق عام 1948، وطلبتها رسميا وجرت قراءة الفاتحة. وهكذا أصبحت ابنتي تنتظر رفيق عمرها كي يخرج ليبني معها حياة مشتركة».