رها محرق: أصغر شابة عربية وأول سعودية تقف على قمة إيفرست

المملكة العربية السعودية,رها محرق,جبل ايفرست

12 يوليو 2013

عشقت المغامرة منذ الطفولة، كبُرت وكبُر معها هذا الحلم، ليتحول إلى شغف باكتشاف قمم العالم السبع. كانت تطمح إلى عيش حياة مختلفة، بعيدة عن الملل والضجر بحسب ما ذكرت، فبدأت التسلق لتجد ذاتها، وشخصيتها، وحبها للمغامرة، واكتشاف قدراتها من خلال هذه الرياضة. في العام الماضي وصلت هي ومجموعة نساء إلى بداية قمة ايفرست في معكسر (بيس كامب)، ومنذ أن رأت القمة، أصرت على اعتلائها في السنة التالية.
بدأت تستعد لقمة ايفرست، وتتدرب بشكل مستمر، لتبقى في بنية جسدية وذهنية قوية رغبة في تسلق أعلى قمة في العالم، تبلغ الحرارة فيها 50 درجة مئوية تحت الصفر، متحمّلة البرودة الشديدة، ومشقة السير لمسافات وأشهر طويلة،  لتنال أخيراً لقب أصغر شابة عربية، وأول سعودية تقف على قمة إيفرست بعد تمضيتها 47 يوما في رحلة شاقة محفوفة بالأخطار، فاستطاعت  جذب أنظار العالم إلى ما قدّمته، وتحدّثت عنها قنوات فضائية عالمية ووكالات أنباء عالمية، رافعة علم المملكة العربية السعودية على أعلم قمة في العالم، وهي غير مصدّقة أنها تمكنت من انجاز حلم كان يراودها. «لها» التقت الشابة رها حسن محرق (27 سنة) التي حدثتنا عن رحلتها إلى إيفرست... 


ما السر الذي يكمن داخل رها في عشقها لتسلقّ الجبال؟
شغفي بتسلّق القمم والمغامرات بدأ منذ الطفولة، حين كنت أخرج مع والداي وأشقائي إلى الطبيعة لممارسة عدد من الأنشطة التي تخرج الإنسان من عالم الروتين. وبين إثبات التحدي لذاتي والإصرار على تسلقّ أعلى سبع قمم في العالم، تمكنت  خلال سنة ونصف السنة فقط من أن أحقق ما أحلم به بفضلٍ من الله ثم بدعمٍ من عائلتي.

حدثينا عن فكرة تسلقك قمة إيفرست؟ وماهي الحملة التي دعمت هذه الرحلة؟
دعيني أجيب على الشطر الثاني من السؤال، في ما يخص الحملة لم تكن إلا مساعدة شخصية مني لصاحب الحملة وزميلي في التسلّق الشيخ محمد آل ثاني، فكانت رغبتي في مساعدته ومساندة تلك الحملة والتحدث عنها لما تحمله من معانٍ إنسانية عظيمة سعياً لجمع مليون دولار، دعماً للتعليم في نيبال.
أما عن فكرة تسلقي لقمة إيفرست، فأتى ذلك الشغف بعدما كنت ضمن الفريق النسائي المكون من 10 نساء سعوديات شاركن في التسلّق والوصول إلى معسكر ايفرست (بيس كامب)على ارتفاع 5400 متر فوق سطح البحر، بقيادة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود، وبالتعاون مع جمعية «زهرة» لسرطان الثدي وذلك ضمن حملة «رحلة نساء جبل إيفرست» التي هدفت إلى التوعية بمرض سرطان الثدي. كنت أحلم بالصعود إلى القمة بشكل شخصي. كان هناك العديد من الجنسيات من جميع أنحاء العالم، وكنت الفتاة الخليجية والعربية والسعودية الوحيدة ضمن هذه المجموعة.

ما التدريبات التي خضعتِ لها قبل رحلة التسلق؟
قد يستغرق الوصول إلى قمة إيفرست شهرين كاملين، لكن التدريبات التي خضعنا لها، أخذت منا ما يقارب السنة ونصف السنة. كانت التدريبات تركّز على طرق التسلق، وقدرة جسمي على تحمل البرودة الشديدة، والأمور الواجب اتباعها، والحلول في مواجهة الأخطار أو عند الانزلاق لا سمح الله. مع التدريب المستمر على تحضير الذات نفسياً وذهنياً للتسلقّ. وما ساعدني أيضاً هو أنني سبق أن تسلقت قبل هذه القمة ثماني قمم، تأهيلاً لإيفرست.

مع بداية يوم التسلّق، ما المخاوف التي كانت تدور في خلدك؟ وكم من الوقت استغرقت رحلة التسلّق؟
استغرقت الرحلة شهرين، كنا نرتاح خلالها أياماً قليلة. وكان أكثر ما يخالجني فكرياً وجسدياً قدرتي على تحمل البرودة، فيوم التسلق كان بارداً جداً ووصلت الحرارة إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر، وهي برودة صعبة جداً ومخيفة.

ما الأخطار التي واجهتكم خلال الرحلة إلى القمة؟
هي كحياة يومية محفوفة بالأخطار. كثر لا يدركون طبيعة الأرض التي نسير عليها، فهي ليست مسطحة وسهلة المشي، وكل خطوة كنا نسير خلالها كانت محسوبة علينا، لوجود أماكن قد تنشقّ الأرض فجأة فيها، إضافة إلى وجود عدد كبير من الفجوات التي لا تًرى بالعين المجردة بسهولة. لذلك كان علينا السير بحذر ووعي، ولا يجوز السير إلا ونحن نرتدي ما يشبه حزام الأمان لزيادة الحرص علينا كمتسلّقين. وبشكل شخصي، أكثر الأخطار التي كانت تشغل تفكيري كثيراً  الخوف من عدم قدرتي على الاستمرار لشدة البرودة، أو أن أُكمل طريقي وجسدي متعب وهو ما يُشكل خطراً أكبر علي، وهذا أكثر ما كان يقلقني.

ما الدعم الذي حصلتٍ عليه من عائلتك قبل التسلّق؟
تحدثت مع والدي ووالدتي قبل أن أتسلق، وكأي عائلة كان خوفهم عليّ هاجسهم الأكبر، إلا أنهم شجعوني كثيراَ، ولم يجعلوا خوفهم يؤثّر عليّ. وما منحني القوة هو إيمانهم بقدرتي على الوصول، ولعل هذا أكثر ما يميّز عائلتي من خلال بُعد النظر الذي يتمتعون به، وتفهّمهم لرغباتي خاصة في هذه الرياضة.

صفي لنا لحظة وصولك إلى القمة، وكم من الوقت لبثتِ هناك؟
بصراحة، هو إحساس صعب أن تصفه الكلمات، لأنه حلم تحقق، وخالف كل التوقعات والمشاعر التي كنت أعتقد أنني سأعيشها عند الاقتراب والوصول، ناهيك بالمنظر الذي يفوق الوصف والخيال، ولم أكن مصدّقة حقاً أنني أقف على أعلى جبل في العالم. أول ما وصلت حمدت الله كثيراً أنني استطعت تحقيق ما حلمت به، وبدأت الاحتفال مع زملائي لتأكيد شعور الفرحة الذي راودني.  ورفعت علم المملكة العربية السعودية، وأخذت الصور إلى جانبه، وكنت فخورة بأن أضع علم بلادي على أعلى القمم في العالم. بقيت ما يقارب العشر إلى 15 دقيقة ، بحكم أننا لا يمكننا البقاء مطولاً نظراً إلى البرودة الشديدة هناك.

كيف كانت رحلة العودة؟
رحلة العودة صعبة جداً، لأن أجسادنا كانت منهكة، ومدة السير كانت لا تقل عن 10 ساعات، فمن الطبيعي أن نكون مرهقين، فالصعود إلى القمة أصعب على الجسد، لكن النزول من القمة هو الأخطر.

كم كانت كلفة هذه الرحلة؟ ومن يدعمك مادياً في مشوار تسلقك للجبال؟
بالتأكيد هي رحلة مُكلفة واسعار قمة ايفرست تراوح بين 70 ألفاً و80 ألف دولار بحسب الشركة. ودعمي كان بشكل شخصي من والدي رجل الأعمال حسن محرق، ووالدتي ياسمين الألفي، وكذلك الدعم المعنوي من أختي ايمان، وأخي محمد.

يحتاج تسلق الجبال إلى قوة جسدية وبدنية عالية، فما الرياضات التي تمارسينها من أجل ذلك؟
بالفعل هي تتطلّب قوة جسدية هائلة وكبيرة، إلا أن العزيمة والإصرار يلعبان الدور الأهم في ذلك. فالجانبان الذهني والنفسي في غاية الأهمية. خضعت لتمارين جسدية مُكثفة للقدمين، وعلى مستوى الركبتين، والعضلات لتقويتها حتى أتمكّن من تحمل مزيد من الضغوط والألم الذي يُصاحب مرحلة السير في الرحلة والتسلق، وهي مرحلة مُتعبة جداً تحتاج إلى نفس طويل، الأمر الذي استطعت التدرّب عليه من خلال رياضات أخرى كالسباحة وركوب الخيل.

بعد وصولك إلى السعودية، ما هي ردود الفعل التي واجهتك كفتاة اعتلت قمة إيفرست؟
في الحقيقة ردود الفعل كانت رائعة جداً بداية بالدعم ممن حولي، والاحتفال بما حققته لشخصي ولبلدي، كما تلقّيت الكثير من التبريكات من كل أنحاء السعودية. وما أفتخر به هو مقدرتي على تغيير آراء الناس، وتسليط الضوء على احتمالات تُمكّن أي فرد من الوصول إليها. من ناحية أخرى كان من الطبيعي أن أجد من ينتقدني بسلبية لكوني فتاة سعودية، لكنني لم أعلق على أي انتقاد سلبي لجهلهم بما قمت به، خاصة ممن اتهموني بأني قمت بهذا العمل من أجل اهتمام اعلامي وما إلى ذلك، بل على العكس كان الأمر خاصاً جداً، حتى أنه لم يكن أحد على علم بأني ذهبت في هذه الرحلة سوى عائلتي وبعض الأصدقاء المقربين جداً مني، ومنهم من قال إنه كان بالامكان أن أقوم بعمل آخر، ولمن لم يقتنع بما فعلت،أسأل: ماذا فعلتم أنتم؟ أتمنى على من ينتقدني أن يكون أكثر رُقيّاً وتحضراً في الكلام.

بعد وصولك إلى السعودية، هل هناك عروض قدّمت لكِ؟
بكل صدق، لم أتلقَّ أي عرض من داخل السعودية، لكن تلقّيت من دولة الإمارات عرضاً من شركة خاصة لتصنيع الكاميرات، ترغب في رعاية رحلتي المقبلة. ووصلني أكثر من عرض كمتحدثة عن مشواري في التسلق لأكثر من جهة، لكنني لم أوافق إلى الأن على أي عرض، وأحتاج إلى مزيد من الوقت مع عائلتي ومن ثم ألتفت إلى ما قُدّم لي من عروض.

هل هناك توجه لكتابة مذكرات أو كتاب ربما عن رحلاتك ومغامراتك في تسلق القمم؟ 
أبي من الأشخاص الذين شجعوني على كتابة مذكراتي، وبدأت الكتابة ومستمرة بها، فكنت أكتب صفحة كل يوم تقريباً، وهو الآن يقنعني بكتابة كتاب عن رحلاتي ومغامراتي في هذه الرياضة، لكني لستُ من محبي الكتابة، كما أنني أحب الاحتفاظ بخصوصياتي، خاصة أني انسانة خجولة.

بعيداً عن التسلّق، ماهي هوايتك المفضلة؟ وما الأمنيات التي ما زالت رها تسعى إلى تحقيقها؟
أحب ركوب الخيل والكرة الطائرة، كما أحب تجميع عدسات الكاميرات القديمة، والغوص، وهناك الكثير من الهوايات الأخرى التي أحبّها، خاصة أني أملك حس المغامرة والاكتشاف. أتمنى يوماً ما أن أقود طائرة، وقد نتمكن يوماً من قيادة السيارة في السعودية.

بعد إيفرست، على أي قمة سنجد رها مستقبلاً؟
من ضمن أحلامي، أن اتسلق سبع قمم في العالم، وبالإجمال بعيداً عن السبع قمم تسلّقت إلى الآن تسع قمم وهي من بين جبال التدريب من ضمنها أكثر من جبل في المكسيك. كما تسلّقت في روسيا، وغيرها من الدول، وما ينقصني من السبع قمم اثنتان، الأولى في ألاسكا، في أميركا الشمالية، والأخرى في استراليا. وأطمح إلى أن أتسلق هذه القمم قبل سن الثلاثين.