هل أنت مصابة بسرطان الثدي؟ إليك كل الحقائق عن العلاقة الزوجية في هذه المرحلة

كارين اليان ضاهر 08 أكتوبر 2017

مع اكشتاف إصابتها بسرطان الثدي، قد تشعر المرأة بفقدان جزء مهم من أنوثتها، مما يؤثر سلباً في كيانها ككل. ففي هذه المرحلة الدقيقة التي تمتد إلى مرحلة الجراحة والعلاج وما بعدهما، تبدو الحياة مختلفة لها وقد تفقد بعض الأمور التي كانت تعني لها الكثير من أهميتها فيما يبقى تركيزها منصباً على جانب المرض ومعالجته. وتبدو عندها العلاقة الزوجية من الأمور التي قد تخسر من أهميتها بالنسبة إليها، ويمكن أن تفقد الرغبة في الاستمرار فيها، مما يؤثر سلباً فيها أكثر فأكثر.
هذا على الرغم من أن لاستمرار العلاقة الزوجية بشكل طبيعي أو شبه طبيعي على الأقل، تأثيرات إيجابية عدة بالنسبة إليها، ويساعدها إلى حد كبير في تقبّل المرض بشكل أفضل وزيادة ثقتها بنفسها وبأنوثتها والحفاظ على شعور الحب والاهتمام والعاطفة الذي يقدمه لها زوجها، خصوصاً أنها في مرحلة تكون في أمسّ الحاجة فيها إلى هذه المشاعر، مما يؤكد أهمية الدور الذي يلعبه الزوج هنا.
الطبيبة الاختصاصية في الطب الجنسي د. ساندرين عطالله تتحدث هنا عن كل التفاصيل التي يمكن أن تهم الزوجين في هذه المرحلة حفاظاً على حسن سير علاقتهما الزوجية حتى ما بعد انقضاء هذه المرحلة الدقيقة في حياتهما.

- ما التغييرات التي تحصل في جسم المرأة في مرحلة المرض وتؤثر سلباً في العلاقة الزوجية؟
تبدأ التغييرات من مرحلة اكتشاف المرض. فهذه المرحلة تعتبر انتقالية بالنسبة الى المرأة، ومن الطبيعي أن تؤثر فيها من الناحية النفسية، وإن لم تؤثر من الناحية الفيزيولوجية. هنا لا يعود اهتمام المرأة مركزاً إلا على أفكار الخوف والموت والمرض والقلق.
لكن لا بد من التوضيح أن ثمة عوامل عدة تلعب دوراً في مدى تأثر المرأة بتشخيص المرض لديها. إذ يختلف ذلك إذا كانت لا تزال في سنّ مبكرة وفي مرحلة نشطة من حياتها ومع شريك عاطفي وحنون.
قد تتأثر أحياناً بمعدل أقل، ويختلف معدل تأثرها بشكل خاص بحسب المرحلة التي تم اكتشاف المرض فيها.

- ماذا عن مرحلة ما بعد التشخيص، كيف تتأثر بما يحصل معها في هذه المرحلة؟
عند خضوعها لجراحة استئصال الثدي أو الورم، من الطبيعي أن تتأثر المرأة أولاً بالجرح الناتج من العملية والذي يسبب لها انزعاجاً وألماً تركز عليهما فلا تعود تهتم بأمور أخرى في حياتها وتقل رغبتها في العلاقة الزوجية. فهي تشعر عندها بتشوّه جسمها وبفقدان جزء مهم من أنوثتها.
من هنا أهمية التشجيع على ترميم الثدي بأسرع وقت بعد خضوعها إلى جراحة الاستئصال بهدف الحد من الآثار السلبية على حالتها النفسية، وهذا أياً كانت سنّها. فمن المهم أن يستمر شعورها بجمالها وأنوثتها وألا تشعر بالتشوّه.

- لكن مما لا شك فيه أن للعلاجات المعتمدة بعد الجراحة في حالات سرطان الثدي تأثيراً مباشراً في الحالة النفسية للمريضة فحسب، بل في الناحية الفيزيولوجية بشكل خاص، كيف تظهر هذه التأثيرات؟
في الدرجة الأولى، قد يُعتمد العلاج بالهورمونات الذي يحد من إفرازات الهورمونات لدى المرأة فيمنع تحوّل الأستروجين إلى أندروجين، مما يؤدي إلى نوع من الانقطاع المرحلي للطمث.

- هل النتيجة هي نفسها بغض النظر عن سنّ المرأة؟
من الطبيعي أن تختلف النتائج والآثار باختلاف سنّ المرأة. فإذا حصل ذلك في سنّ مبكرة، في عمر الـ 25 سنة مثلاً، تكون التأثيرات أكثر صعوبة وقساوة لأنها تكون مفاجئة للمرأة لاعتبارها غير معتادة عليها، وجسمها لا يكون مستعداً لها فتتأثر أكثر لاعتبارها لم تعش أي تغيير.
أما التغيير الناجم عن العلاج فلا يتم تدريجاً كما هو حال التغييرات الحاصلة قبل انقطاع الطمث والتي يستعد لها الجسم شيئاً فشيئاً.
هذه التغييرات الناتجة من العلاج تؤثر كثيراً في المرأة من الناحيتين الجسدية والنفسية، ولا بد من التذكير بأن هذه التغييرات تختلف بين امرأة وأخرى بحسب ما كانت عليه قبل أن تصاب بالمرض وتبدأ بالعلاج.
وتختلف الأمور أيضاً باختلاف السنّ، فالمرأة الأصغر سناً تتأثر بفكرة الخصوبة والإنجاب والحمل، وتجد صعوبة في إقامة علاقة زوجية طبيعية.

- ماذا عن العلاج الكيماوي وآثاره الجانبية على جسم المرأة؟
في حال خضوع المرأة للعلاج الكيماوي، نادراً ما ترغب في إقامة علاقة زوجية بسبب الآثار الجانبية العديدة الناتجة منه كالغثيان والإرهاق والتقيؤ وغيرها.
هذه الأعراض كلّها تؤثر في نوعية حياتها وتحدّ من رغبتها في العلاقة الزوجية. التأثير هنا يكون جسدياً وبالتالي نفسياً عليها، فهو ليس مباشراً لكنه يؤدي إلى تراجع الرغبة لديها بطريقة غير مباشرة .
بالإضافة الى العلاج بالأشعة الذي يسبب لها آلاماً في الصدر ويؤثر أيضاً فيها.

- بالتالي يمكن القول إن الآثار الناجمة عن المرض والعلاج هي نفسية بشكل أساسي وتنعكس على العلاقة الزوجية في معظمها، وإن كان هناك أسباب مباشرة أيضاً.
من الواضح أن ثمة مسببات تنعكس على الحالة النفسية وهي تشكل جزءاً أساسياً، إضافة إلى الهورمونات التي تؤثر بشكل مباشر. لكن لا بد من التشديد أيضاً على الاكتئاب الذي يبدو شائعاً بين مريضات سرطان الثدي، مما يؤثر بشكل أساسي في العلاقة الزوجية.
وتكمن المشكلة في أن ثمة مضادات اكتئاب توصف للمرأة وتؤثر أيضاً على الرغبة في العلاقة الزوجية. ومن الأفضل تجنبها واختيار تلك التي ليس لها تأثير سلبي، إذا كان ذلك ممكناً.

- ما مدى أهمية العلاقة الزوجية للمرأة في هذه المرحلة؟
يمكن أن تلعب العلاقة الزوجية دوراً مهماً في مساعدة المرأة على الخروج من الحالة التي تمر بها، فهي تشعرها بأنوثتها وتساعد عملياً في إطلاق هورمونات السعادة التي تشعرها بالارتياح. كما أن إحساسها بعاطفة زوجها يترك أثراً إيجابياً ويُشعرها بأنها لا تزال مرغوبة.

- ما الدور الذي يلعبه الزوج هنا ليدعم زوجته من هذه الناحية؟
يبرز دور الزوج بشكل واضح. فإذا كان داعماً تكون الأمور أسهل بكثير. قد لا يشعر برغبة في التقرّب منها، ويمكن ألا يتخطى حالتها، وهنا تبرز المشاكل. لكن من الواضح أن لطبيعة العلاقة التي كانت تجمعهما قبل إصابتها بالمرض تأثيراً كبيراً في طبيعة علاقتهما خلال هذه المرحلة.
لا بد من التركيز على أهمية الناحية العاطفية نظراً للدور الإيجابي الذي تلعبه العلاقة الزوجية بالنسبة إلى المريضة وزوجها أيضاً. لكن يجب عدم التركيز على فكرة العلاقة، بل على اللحظات الحميمية التي تجمعهما وصولاً إلى المرحلة التي تعود فيها العلاقة الزوجية ممكنة.
ولكي يتخطى الزوجان هذه المرحلة، يجب أن يعيشا اللحظة بعيداً من التفكير في المستقبل. يجب أن يعبّر الزوج عن حبّه لزوجته بالكلمات، وأن يُفهمها أنه لا يعير شكلها أي أهمية، وأن حبّه لها لن يتغير.
وفي المرحلة التي تشعر فيها بالتعب نتيجة العلاج الكيماوي، يمكن أن يلجأ مثلاً إلى التدليك كوسيلة للتقرّب منها فيُشعرها بالراحة والطمأنينة، لكن بشرط ألا يتحوّل إلى ممرض، بل أن يركز على اهتمامه بها كحبيب حتى لا تزيد المشكلة سوءاً.
ويبقى الضحك والتفاؤل وحبّ الحياة كلها عناصر إيجابية لتخطي هذه المرحلة بسلام. قد يمسك الزوجان بيديّ بعضهما البعض فيشعران بالحميمية من دون حاجة إلى تقديم المزيد. فالمسألة في هذه المرحلة بحت عاطفية.

- كيف يمكن أن تعود العلاقة الزوجية بعد انتهاء العلاج؟
بعد انتهاء العلاج لا يمكن أن تعود الأمور إلى طبيعتها بشكل مفاجئ، بل تدريجاً يسترجع الزوجان حياتهما الطبيعية. يجب أن يستمرّا باللحظات الحميمية وأن يخصصا الكثير من الوقت لهما معاً إلى أن تعود العلاقة الزوجية بشكل طبيعي مع انتهاء العلاج.
ويبقى الحوار ضرورياً هنا حتى ينطلقا من جديد فيُشعر الزوج زوجته بأنها امرأة مرغوبة وكائن حي يحبّه ويهتم به وأن لها حاجات يعمل على تلبيتها.
ومن الضروري أن يعمل أيضاً على جعلها تؤمن بذلك. مع الإشارة إلى أن هذه الأمور تختلف باختلاف الأهمية التي توليها إياها المرأة أصلاً. وإذا لم تقتنع بأنوثتها وبحاجاتها وبأهمية العلاقة الزوجية لها فلن تتمكن من العودة الى سابق عهدها.

ما الخطوات التي يمكن اتباعها في هذه المرحلة الدقيقة حفاظاً على العلاقة الزوجية وعلى الحياة المشتركة للزوجين؟
ثمة إجراءات عدة يمكن اتخاذها، منها ما هو عملي ويمكن أي زوجين أن يعتمداه حفاظاً على حياتهما معاً. ولا بد من التركيز أولاً على أهمية المناقشة مع الطبيب أو الممرضة حيث تتحدث المريضة عن مخاوفها وهواجسها وعما يزعجها ويحرجها في العلاقة الزوجية. هذه نقطة أساسية لا بد من التركيز عليها، لأن منها تنطلق باقي الخطوات التي يمكن اتباعها.

وأيضاً...

· تُنصح المرأة بالعناية بجمالها حتى تحافظ على ثقتها بنفسها. يمكن أن تلجأ إلى مراكز تجميل متخصصة لمريضات سرطان الثدي للعناية بجمالهن حتى تحافظ على الشعور بالأنوثة.

· إذا كان شكل الثدي يزعجها، يمكن أن تلجأ إلى حمالة صدر بحشوة.

· في العلاقة الزوجية، يجب الحفاظ على الحميمية والناحية العاطفية بعيداً من العلاقة الزوجية الكاملة التي قد لا تـتم في هذه المرحلة.