جمال سليمان: استغلال النجاح ليس عيباً

نورهان طلعت (القاهرة) 19 نوفمبر 2017

في حوار شديد الصراحة، يكشف الفنان السوري جمال سليمان لـ«لها» تفاصيل حالته الصحية بعد الأزمة التي تعرض لها، وعلاقته بنجله محمد، والأماكن المفضلة لديه للسفر، إضافة الى مطربه المفضل، الصفات التي يكرهها في البعض، والأضرار التي أصابته من «السوشيال ميديا.
كذلك، يتحدث عن أفضل النجوم السوريين حالياً بالنسبة إليه، والجديد في الجزء الثاني من مسلسل «أفراح إبليس»، وأزمة اعتذار أبطال الجزء الأول عنه.


- أين وصلتم في تصوير الجزء الثاني من مسلسل «أفراح إبليس»؟
أنجزنا نحو نصف العمل، وتوقفنا خلال إجازة العيد، ثم عدنا منذ فترة لاستكمال التصوير، وما زلنا مستمرين حتى الآن.

- حقق الجزء الأول نجاحاً كبيراً وارتبط به الجمهور، ألم تقلق من المجازفة بجزء جديد؟
طبعاً قلقت، لكن الجزء الثاني سيحمل تطوراً على صعيد الشكل والمضمون، فقد مرّ أكثر من ثماني سنوات على الجزء الأول، وخلال هذه الفترة طرأت أحداث ومتغيرات اجتماعية وسياسية كثيرة، تفوق مخيلة أي مؤلف، كما أن ثورة كبيرة حصلت في الصناعة التلفزيونية، من حيث مفهوم الصورة.
ومع التقدم التقني الهائل، ودخول المخرجين ومديري التصوير السينمائيين إلى هذا الميدان، تغير مفهوم المسلسل التلفزيوني وشكله، بخاصة على صعيد الصورة وحركة الكاميرا، والاعتماد أكثر على المواقع الحقيقية بدلاً من ديكورات الاستديو.

- عُرض الجزء الأول، كما ذكرت، منذ ثماني سنوات حصلت فيها متغيرات وأحداث كبيرة، فكيف ستنعكس هذه المتغيرات على أحداث الجزء الثاني؟
لقد أدخل مجدي صابر، مؤلف الجزء الثاني، خطوطاً درامية جديدة تعكس هذه الأحداث والمتغيرات، فمنها على سبيل المثل، شخصية الدكتور أبو منصور، رجل التنظيمات الجهادية العابرة للحدود، والذي عاش لسنوات طويلة في بريطانيا، حيث درس الطب وتزوج وعمل، ثم عاد فجأة ليفتح مستوصفاً ويحظى بشعبية كبيرة، مستغلاً الفقر والحاجة، ثم يبدأ بتجنيد الشباب في خلايا جهادية وتدريبهم على حمل السلاح.
أما همام أبو رسلان الذي أؤدي دوره، فيدخل في صراعات جديدة مع خروج عابد صديقه وغريمه من السجن، بعد أن أمضى فيه نحو خمس عشرة سنة، ليبدأ رحلة الانتقام من همام، الذي كان سبباً في دخوله السجن. ونتيجة هذا الصراع، يدخل همام في أزمة مالية حادة تجعله يفتح الدفاتر القديمة، لنتعرف على ماضيه الذي كنا نجهله في الجزء الأول، هذا إضافة إلى خطوط كثيرة أخرى.

- هل تعتبر إنتاج أجزاء جديدة لمسلسليك «أفراح أبليس» و«حدائق الشيطان» استغلالاً من شركات الإنتاج لنجاح الأجزاء الأولى؟
طبعاً، فلا أحد يقدم جزءاً ثانياً لمسلسل لم يحقق نجاحاً، ثم إن استغلال النجاح ليس عيباً.

- اعتذرت عبلة كامل وكذلك أيتن عامر عن الجزء الثاني، ألم تجدوا صعوبة في إيجاد بدائل؟
لا شك في أن المخرج أحمد خالد أمين والشركة المنتجة وجدا صعوبة في ذلك، لكن في النهاية كان التوفيق حليفهما، بأن انضمت الفنانة صابرين الى العمل في دور «كمالات»، ومنة فضالي في دور «دهب»، كما انضمّ إلى العمل في خطوطه الجديدة عدد من الفنانين المتميزين، من بينهم: محمود الجندي، كمال أبو رَيَّة، منى عبدالغني، ومحمود عبدالمغني.

- قدمت هذا العام مسلسل «أوركيديا»، هل حقق النجاح المتوقع له؟
نجح «أوركيديا» عند هواة هذا النوع من المسلسلات، وهو محاولة معقولة لتقديم نوع من الأعمال التاريخية المتخيّلة، لكن في شكل رصين.

- هل كان المسلسل محاولة لاستمرار الدراما السورية؟
بالتأكيد، كان محاولة لتأكيد حضور الدراما السورية، التي تعرضت لكثير من الأذى خلال السنوات الماضية.

- في رأيك، هل استطاعت الدراما السورية أن تعكس ما يحدث في سورية؟
تحاول أن تفعل ذلك من خلال أعمال عديدة، بعضها كان في غاية الأهمية كمسلسل «غداً نلتقي»، وبعضها حاول أن يلقي الضوء على بعض الظروف التي سبقت هذا الانفجار الكبير، كما فعلنا في مسلسل «العرَّاب»، وهناك أيضاً أعمال أخرى مثلت محاولات لقراءة الحدث، كل بطريقته، ومن زاويته، فالقضية السورية لا يمكن الإحاطة بجوانبها ومسبباتها ونتائجها ببضعة مسلسلات وأفلام، بل تحتاج إلى عشرات الأفلام والمسلسلات والروايات والدراسات والتحليلات والوثائقيات، ففي كل بيت من بيوت السوريين، على اختلاف مواقفهم ومواقعهم، توجد حكاية يمكن أن تضيء على جانب من جوانب المأساة، وتصلح لأن تكون موضوعاً لفيلم أو مسلسل، وأتمنى أن يأتي يوم ونراها على الشاشة.

- هل يجد هذا النوع من الأعمال حماسة لدى المشاهد؟
بالتأكيد، فالناس تريد أن تعرف، وترغب في المشاركة الوجدانية مع الأحداث والشخصيات، لكن المحطات وشركات الإنتاج غير متحمّسة، وتقول أن المشاهد متعب ويودّ مشاهدة مادة مسلية تبعده عن همومه.

- ألا تظن أن رأيها في مكانه؟
جزئياً نعم هو في مكانه، لكن الزعم بأن كل الجمهور يريد مادة خفيفة تهدف الى التسلية السطحية، أمر غير صحيح، وهو يشبه الرأي الذي ساد لوقت طويل، والذي يقول بأنه يجب علينا ألا نقدم للجمهور إلا أعمالاً صعبة وجادة بعيدة عن الترفيه، في كلا الحالتين هناك من يظن أن كل الجمهور في سلة واحدة، ولديه كله المزاج نفسه والميول ذاتها، وهو أيضاً ينصب نفسه نيابة عن الجمهور، ويقول ماذا يريد المشاهد وما لا يريده.
والحقيقة، أنه حتى المشاهد الواحد متقلّب المزاج، فأحياناً يبحث عن الثمين والمهم، وأحياناً أخرى يبحث عن مجرد تسلية خفيفة.
شخصياً، أمر بأوقات أهرب فيها من كل شيء جاد، ولا أكون أريد فيها إلا فنجان شاي وصديقاً عزيزاً ألعب معه الطاولة، وأحياناً أجد متعة خاصة في البحث عن شيء مهم ومفيد حتى لو كان صعباً، ونحن في النهاية بشر نريد أن نعرف ونستمتع، والتمتّع أنواع.

- هل يوجد عمل درامي سوري جديد تستعد له خلال الفترة المقبلة؟
لديَّ أكثر من عرض ولم أقرر بعد.

- ابتعدت عن الدراما المصرية في رمضان الماضي، ألم تجد العمل الفني الذي يقنعك للمشاركة فيه؟
السبب في ذلك، أنني ارتبطت بالجزء الثاني من «أفراح إبليس»، وكذلك مسلسل «أوركيديا»، وكان هذا أكثر من كافٍ.

- ما العمل الذي شاهدته وأعجبك هذا العام؟
أعجبتني مسلسلات «واحة الغروب»، «لأعلى سعر»، و«لا تطفئ الشمس».

- منذ فترة طويلة لم تشارك في السينما المصرية وتركز فقط على الدراما التلفزيونية!
ببساطة، لأنه لم تُعرض عليَّ المشاركة في أفلام سينمائية.

- هل ترى أن الحالة الفنية في الوطن العربي تراجعت في السنوات التي تلت ما يسمى «الربيع العربي»، وأصبح تركيز شركات الإنتاج على كيفية الربح فقط؟
من الأمور التي سمعتها كثيراً في أعقاب الثورات العربية، أن صفحة الفن الهابط قد انطوت، وأن لا مكان الآن إلا للفن الراقي والجاد. وبصراحة، كنت أضحك من هذا الرأي.

- لماذا؟                                     
لأن الفن الهابط كان وسيبقى، وهو جزء من حياتنا وله جمهوره، فمعظمنا يشتم الأغاني الهابطة فيما نراه يضعها في الأفراح ويرقص عليها. المشكلة ليست في وجود الفن الهابط، بل في إمكان اختفاء الفن الراقي وسيادة الفن الهابط وحده، ثم إن الظاهرة الفنية لا تتغير بين ليلة وضحاها بقرار أو حتى ثورة، إنها بطيئة التغيير وتحتاج إلى وقت، وأحياناً إلى أكثر من جيل قبل أن تهضم المتغيرات وتعيد إنتاجها فنياً، لذلك أعتبر أن كل المسلسلات والأفلام والروايات التي تم إنتاجها عربياً بوحي من الثورات العربية، هي محاولات مبكرة جريئة وشجاعة.

- هل لدينا أزمة في كتابة الأعمال الفنية؟
إذا كنا نريد أن ننتج عشرة مسلسلات في السنة فلا أزمة لدينا، لكن إذا أردنا أن ننتج خمسين وستين مسلسلاً، فسنكتشف أننا في أزمة، ليست دائماً أزمة مواهب كما يمكن لنا أن نتخيل، بل هي أحياناً أزمة العشوائية والارتجال، مما لا يتيح لتلك المواهب أن تطور ذاتها وإنتاجها.

- مَن يعجبك مِن الفنانين السوريين الذين برزت أسماؤهم في الفترة الأخيرة بمصر؟
باسل خياط وتيم حسن وكندة علوش.

- كيف هي صحتك الآن بعد هذه الأزمة؟
الحمد لله، ممتازة.

- والصحة النفسية ما أخبارها؟
أخبارها «تعبانة»، من منا اليوم صحته النفسية كما يتمناها، من منا لم يقل مع ذاك التونسي «لقد هرمنا»، ويقول اليوم «لقد تعبنا»، لكن مهما كان التعب علينا أن نشد العزم ونحاول أن نسير إلى الأمام، لعل غدنا يكون أفضل من يومنا.

- كيف تمضي وقتك بعيداً عن التصوير؟
إذا لم يكن لديَّ سفر أو اجتماعات تتعلق بالشأن العام، أتواجد في بيتي، أهتم بعائلتي، أقرأ، أشاهد التلفاز، أستقبل بعض الأصدقاء، أعمل في الحديقة، وأمضي وقتاً طويلاً مع نجلي محمد.

- كيف هي علاقتك به؟
«العيال كبرت»، واليوم طلب أموالاً لأنه تواعد مع أصدقاء المدرسة أن يلتقوا في الكافيه قرب البيت، وهذا أول خروج له من المنزل وحده، فرحت بطلبه وأعطيته المال وذهب لوحده. أحاول أن أكون أباً جيداً، وأن أترك محمد ينمو بشكل طبيعي، لكني أحياناً لا أستطيع منع نفسي من التدخل بصرامة، لأن المؤثرات من حولنا كثيرة، وعلينا كأهل ألا نتجاهلها، بل ينبغي أن نخفف من تأثيرها السلبي قبل أن يفوتنا القطار ونندم.

- هل الندم يتواجد في حياتك؟
كلنا نندم على أشياء فعلناها وأشياء لم نفعلها، لكن أنا مع سؤال الست أم كلثوم «تفيد بإيه يا ندم... وتعمل إيه ياعتاب؟!

- ما أكثر صفة تكرهها؟
الكذب والغباء.

- آخر فيلم شاهدته وأعجبك؟
ذهبنا إلى السينما أنا ومحمد لنشاهد فيلم «عودة سبايدر مان». لم يعجبني الفيلم، لكنه أعجب محمد، إذ يبدو أن الفيلم له وليس لي.

- آخر كتاب قرأته؟
رواية ربيع جابر «دروز بلغراد»، ورواية لينا هويان الحسن «نازك خانم»، وبعد ذلك انتقلت إلى عالم آخر ونوع آخر من الكتب، حيث بدأت بقراءة كتاب الباحث الألماني فولكر بيرتس «الاقتصاد السياسي في سورية تحت حكم الأسد».

- هل تحب السفر؟
كنت أحبه أكثر عندما كنت أصغر سناً، الآن أشعر بالتوتر قبل السفر وأحتاج لإجازة طويلة بين السفرة والأخرى.

- أكثر مكان تفضل السفر إليه؟
أحب المدن ذات الطابع العريق.

- من هو مطربك المفضل؟
في الموسيقى كما في الأكل، أنا من الأشخاص المنفتحين، لست أسير ذائقة معينة، لكني أميل إلى الأشياء الكلاسيكية، أحب عبدالوهاب، فريد الأطرش، عبدالحليم، نجاة، شادية، وبالتأكيد فيروز وأم كلثوم.


علاقتي بالسوشيال ميديا

- أصبحت السوشيال ميديا أمراً مهماً في حياتنا، لكن هل ترى أن أضرارها تزايدت في الفترة الأخيرة؟
السوشيال ميديا ككل الاكتشافات والاختراعات سلاح ذو حدين، ليست كلها خيراً ولا كلها شراً، الأمر يتوقف على المستخدم وغايته منها. طبعاً هي لم تعد ذاك الفضاء الحر البريء كما تخيلناه في بدايتها، فسرعان ما تبين أنها فضاء للشر كما هي فضاء للخير، وفضاء للوهم كما هي فضاء للحقيقة، وفضاء للتضليل كما هي فضاء للمعرفة، وكما هي سوشيال ميديا يمكن لها أن تخالف معنى اسمها وتصبح «آنتي سوشيال» عندما تُستخدم لنشر الكراهية والعنف والبذاءة والإسفاف والعنصرية.

- ما رأيك في ترويج البعض نجاحات وهمية على السوشال ميديا والتأثير في آراء الجمهور؟
هذا جزء مما قصدته حين تكلمت عن الوهم والحقيقة. في البداية، تفاءل المجتمع بأن السوشيال ميديا ستكون مرآةً تنعكس عليها آراء الناس بصدق، وذلك خلافاً للبيانات التقليدية التي يمكن التلاعب بها، لكن مع الوقت أصبحت السوشيال ميديا مهنة كثيرين ممن يعرفون كيف يستخدمونها في التلاعب والتضليل، وأصبح تأثير تلاعبهم أكثر انتشاراً، لكن هذا لا يعني أبداً أننا لا نأخذ من السوشيال ميديا كثيراً من البيانات والنتائج الإحصائية، والدراسات الجادة والرصينة ذات المصداقية العالية، ونعود لنقول إنها سلاح ذو حدين، بخاصة في مجتمعاتنا، فهي في النهاية سلاح فعال في يد الجاهل كما في يد العالم على السواء، وساعدت كليهما في تقديم ما عنده.

- هل تعطيها الكثير من وقتك؟
لا، أنا أتعامل مع السوشيال ميديا بحدود حاجتي إليها، فهي ليست المكان الذي أريد أن أثبت فيها حضوري وجماهيريتي، وليس لي في المهاترات والقيل والقال، سواء في ما يخصني أو يخص الآخرين، آخذ منها ما أحتاجه ويفيدني من دون أن أدمنها، لقد أتاحت لي مجالاً واسعاً للتواصل مع من أريد من الأصدقاء والأحباء، كما أنها أتاحت لي فرصة الوصول السريع الى الخبر والمعلومة، وأحياناً من مصادر مختلفة.

- هل تعرضت لأي أضرار من «السوشيال ميديا»؟
طبعاً، تعرضت كغيري من الفنانين للضرر والقلق، كنت لا أزال على سرير التخدير لإجراء عملية استئصال للمرارة، وهي عملية جراحية بسيطة، عندما انتشر الخبر أنني مصاب بأزمة قلبية وأنني في وضع حرج، هل لنا أن نتخيل مشاعر الأهل والأصدقاء بين سماعهم الخبر وتبيانهم الحقيقة؟! السوشيال ميديا، والميديا عموماً، يمكن أن تكون بلحظات ما في منتهى اللاإنسانية.