جراحة البدانة في تطوّر مستمرّ!

حمية غذائية, تخفيف / تخفيض الوزن, أمراض / مشاكل القلب, الوزن الزائد, ربط المعدة, شفط الدهون, ممارسة الرياضة, تدبيس / تكبيس المعدة, الكالسيوم, عملية جراحية, النظام الغذائي السليم, الفيتامين ج, نجاح المرأة, كارلا كتاني, الضغط, السكريات, الحديد, حلويات,

27 يناير 2010

عندما يتخطّى الإنسان الوزن الطبيعيّ بأشواط يصبح من الصعب عليه خسارة ما إكتسبه من شحوم ودهون زائدة من دون مساعدة طبية أو جراحية. فبغضّ النظر عن المنحى التجميليّ الذي يتشوّه تماماً مع التغيير الجذري في الشكل، يظهر العامل الصحي بشكل لافت، لما يترتّب من مضاعفات وأمراض ومشاكل بسبب الوزن الإضافي. إذ إنّ البدانة المفرطة من شأنها أن تؤثر على كل الجوانب الحياتية، كونها تُعيق الحياة الطبيعية. لقد قطع الطبّ والعلم أشواطاً هائلة في ميدان جراحة البدانة، وتمكّن من مساعدة كلّ شخص يعاني من كيلوغرامات زائدة.
والمقصود بها ما يتخطّى الوزن الطبيعي بأكثر من عشرين كيلوغراماً. إذ يجب ألا يُسارع كلّ من إكتسب كيلوغراماً أو خمسة إلى الخضوع لمبضع الجرّاح. كثيرة هي العمليات الجراحية التي يمكن القيام بها لخفض الوزن بما يضمن إنطلاقة جديدة للتمكّن من إستعادة الرشاقة والقوام الممشوق والتخلّص من الوزن الإضافيّ. من ربط المعدة إلى تكبيسها إلى الإستعانة بالبالون... كلّها تقنيات يختارها المرء للحفاظ على جماله وصحّته وشكله
.

بعد فشل الأنظمة الغذائية المنحّفة وممارسة الرياضة وحتى تجويع الذات والإمتناع عن التمتع بالحياة لأتفه الأسباب، يبقى الحلّ الأمثل لمن يعاني من البدانة المفرطة هو التوجّه لإجراء جراحة، تختلف حسب حاجة المريض ووضعه الصحّيّ. يفسّر الدكتور عماد عاد، الإختصاصيّ في الجراحة العامة وجراحة المنظار، التقنيات الخاصة بجراحات المعدة، مفصلاً كلّ واحدة على حدة، عارضاً لإيجابياتها وسلبياتها. كما تشرح الإختصاصية في علم التغذية كارلا كتاني تبعات إجراء عملية جراحية للمحافظة على الوزن المثالي وعدم إكتساب الدهون الزائدة من جديد.
تشكّل الجراحة نقطة البداية لإعادة الإنطلاق بزخم في الحياة من الباب العريض، دون العبء الزائد والوزن الإضافي والدهون المتكدّسة. إذ يجب المثابرة على حمية غذائية دقيقة والإبتعاد عن كلّ من من شأنه أن يُعيد الوزن الزائد مجدّداً. يكون الحلّ الجراحيّ الأمل الأخير في بعض الأحيان لمساعدة الشخص على خسارة عشرات الكيلوغرامات التي لا يستطيع خسارتها من تلقاء نفسه. إلاّ أنّ ما يجهله البعض هو أنه لا يمكن إختيار عملية معيّنة عشوائياً والقيام بها بسبب رواجها أو لإقدام الآخرين عليها، بل يجب أن يتقرّر ذلك مع الطبيب المختصّ، حسب حالة الشخص ووضعه ووزنه وسنه.

جراحة البدانة
يقول الدكتور عاد: «الهدف من القيام بهذه العمليات الجراحية هو «إجبار» المرء على تناول كمّيّات أقلّ من الطعام، ليخفّ وزنه بالتالي. فالوزن الزائد يسبّب مشاكل صحّيّة كثيرة، منها أمراض السكّريّ والضغط والقلب والمفاصل وسواها. فإنّ مساعدة الشخص على خفض وزنه عبر تصعيب تناول كمّيّات كبيرة من الأكل دفعة واحدة وإعطاء الشعور بالشبع بعد تناول كلّ وجبة طعام هي ما نسعى إليه».
هناك ثلاث طرق جراحية يمكن القيام بها وهي: ربط المعدة عبر وضع حلقة Ring من السيليكون الذي لا يرفضه الجسم، أو تكبيس المعدة وتصغيرها وإلغاء قسم منها أو يمكن القيام بعملية Gastric Bypass وهي كناية عن تصغير المعدة ووصل جزء من الأمعاء وإلغاء القسم الآخر من المعي الرفيع. كما يمكن الإستعانة بتقنية البالون التي تُجرى عبر المنظار.

تكبيس المعدة
غالباً ما يكون الحلّ الثاني هو اللجوء إلى عملية تكبيس المعدة التي تقتضي بإقتطاع قسم من المعدة للحصول على معدة أصغر.
يفسّر عاد «يتمّ تكبيس المعدة الكبيرة وإلغاء وظيفة القسم الأكبر منها مع الحفاظ على عمل المعدة الصغرى. كما يمكن إقتطاع القسم الأكبر نهائياً وإخراجه من الجسم». في السابق، كانت المعدة تُترك ويتمّ فقط تكبيسها وفصل الصغرى عن الكبرى. ولكن لوحظ أنّ نسبة النجاح تكون أكبر عند إستئصالها تماماً من الجسم، وذلك منعاً لمعاودة إكتساب الوزن الزائد متى عاود المرء تناول الطعام بشراهة.
يضيف عاد «من الناحية الإيجابية، إنّ نسبة فشل هذه العملية هي أقلّ من عملية ربط المعدة. لكن يجب أن نعلم أننا نقتطع قسماً من المعدة ولا يمكن بالتالي عكس الجراحة بعد فترة. كما من الممكن أن تتمدّد المعدة بعد بضع سنوات عندما يتناول الشخص الطعام بكثرة وبطريقة غير مدروسة».

جراحة ال Gastric Bypass
تعتبر جراحة ال Gastric Bypass من العمليات الجراحية الدقيقة لأنها ضخمة وليست مناسبة لجميع الحالات. فهي مُعدّة خصيصاً للذين سبق أن خضعوا لتقنية من الإثنتين السابقتين ولم تنجح أو لم يحصلوا على النتيجة المطلوبة كاملةً. كما يُنصح بها للأشخاص الذين يعانون من بدانة مفرطة بشكل كبير.
يقول عاد «تتمثّل هذه العملية بتصغير المعدة ومن ثمّ بقطع كمّيّة من المعي الرفيع ووصل المعي مباشرة بالمعدة لتسريع الهضم وتقصير طريق مرور الأكل داخل الجسم. إنّ نسبة فشل هذه العمليّة قليلة جداً كما أنّها تعطي نتائج جيّدة، لكنها قد تؤدي إلى سوء التغذية بسبب الإفتقار إلى الفيتامينات والمعادن الأساسية والكالسيوم والحديد بسبب قصر المعي الجديد وسرعة عملية الهضم، فلا يعود الجسم قادراً على إمتصاص المغذّيات. لذلك، يجب تناول الجرعات الإضافية».

ربط المعدة
يقول عاد «إنّ عملية ربط المعدة تتمّ بإستخدام حلقة من شأنها أن تضيّق باب المعدة، فيشعر الإنسان بالشبع بعد تناول كمّيّة معيّنة من الطعام ويتوقّف عن الأكل. تُعدّ هذه التقنيّة الأبسط بين الجراحات الثلاث، إذ لا يتغيّر شكل المعدة ولا يتمّ إقتطاع أيّ قسم منها أو من المعي، بل الإجراء هو لحصرها لإستيعاب كمّيّات أقلّ. ومن الجدير بالذكر ان التعافي منها لا يستلزم وقتاً طويلاً بسبب قصر عملية الشفاء وإمكان معاودة النشاط في اليوم التالي للجراحة».
ولكن يلفت عاد الى أنّ «لهذه التقنية ناحية سلبيّة أيضاً  كونها لا تعطي النتائج عينها على المدى الطويل. فهي تفيد لخسارة أربعين أو خمسين كيلوغراماً على أكثر حال، لكنها تستلزم أيضاً إرادة قويّة وإلتزاماً من المرء بالإبتعاد عن السكّريّات والمشروبات الغازيّة التي تستطيع عبور الحلقة والتسبّب مجدّداً بالوزن الزائد».

تقنيّة البالون
إنّ تقنيّة «البالون» ليست عمليّة جراحيّة بل تتمّ عبر المنظار. يفسّر الدكتور عاد «يتمّ خلال هذه التقنية وضع بالون في المعدة ويُنفخ ليأخذ مكان الطعام، فيشعر المرء بالشبع ولا يعود قادراً على تناول كمّيّات كبيرة من الطعام. تظهر النتيجة سريعاً على المدى القصير. لكن هذا الإجراء هو فقط لإنقاص بضعة كيلوغرامات. وهو الان مُستعمل كمرحلة أوّليّة للمريض الذي يعاني من وزن مفرط لمساعدته في خسارة بعض الوزن قبل الإقدام على جراحة من الجراحات الأخرى وذلك لتسهيل تقنيّة العمليّة». ومن المحتمل أن ينثقب البالون داخل المعدة، فلا يعطي النتيجة المطلوبة في بعض الأحيان.

فشل العملية
يخضع المرء لتقنية جراحية ويخسر الوزن المطلوب، لكنه سرعان ما يبغي عكس الإجراء الذي قام به لمعاودة حياته بشكل طبيعيّ. وما يجب معرفته هو أنه لا يمكن إعادة الأمور إلى ما كانت عليه على الدوام. وهنا يقول عاد: «في حال الإستعانة بالحلقة لربط المعدة يمكن إجراء عملية لنزعها. وأمّا في حال تكبيس المعدة فهناك حلاّن.
فإذا حافظنا على المعدة الكبرى، يمكن عكس التقنية وفكّ التكبيس. ولكن اذا تمّ إقتطاع المعدة الكبرى من الجسم، فلا يمكن طبعاً عكس العملية. ويبقى أنّه في ال Bypass الأمر أكثر دقّة وتعقيداً حسب حالة كلّ شخص».
وفي بعض الأحيان، لا تنجح العملية وتبوء كلّ المحاولات بالفشل، ومردّ ذلك طبعاً هو عدم تجاوب المريض مع الإرشادات والإخلال بالنظام الغذائيّ.
يؤكّد الدكتور عاد «يمكن أن تفشل هذه التقنيات عند تناول السكريات والحلويات والإفراط في الأكل، لأنّ ذلك يساهم في إعادة تكبير المعدة وتوسيعها، فتعود مع الوقت إلى حجمها السابق.
لذلك، يجب التروّي في أخذ القرار في البداية لأنه يستلزم المثابرة وقوّة الإرادة والعزيمة للمحافظة على ما توصّل إليه المرء بعد إجراء العملية مهما كان نوعها».
وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الناس لا يجوز خضوعهم لهذه التقنيّات. فحسب الدكتور عاد «إنّ الأشخاص الذين يريدون خسارة كيلوغرامات معدودة ومرضى القلب والربو والذين لا يتحمّلون التخدير والمتقدّمين في السن، لا يجوز ان يخضعوا لهذا النوع من الجراحات. كما لا يجب أن يكون الهدف تجميلياً فقط، بسبب وجود جراحات طبية-تجميلية تعطي النتائج الأفضل لهذه الغايات مثل شفط الدهون Liposuction  وسواه».

المحافظة على النتيجة
بادئ ذي بدء، يجب ان ندرك أنّ الخضوع لجراحة ليس حلاً سحرياً لا يتطلّب المواظبة، بل هو الخطوة الأولى على طريق النجاح، بحيث يستدعي العمل للمحافظة عليه. وتشير الإختصاصية كارلا كتاني إلى أنه «يجب التقيّد بإرشادات الطبيب الإختصاصيّ وتناول كميّات أقلّ من الطعام ونوعيات أفضل.
فبعد إلغاء السكريات والحلويات، يجب التنبه إلى النوعية أيضاً. ويجب ممارسة الرياضة لتمرين الجسم وصقله وشدّ العضل ومنع الترهّل خاصة بعد خسارة الوزن الكثير.» ويجب ألا يظنّ المرء انه بمجرّد الخضوع لجراحة  سوف يحصل على قوام ممشوق وجسم مثالي  دون عناء وأنه سوف يستطيع معاودة تناول ما لذّ وطاب دون حسيب أو رقيب. فالنظام الغذائيّ المعتدل والمدروس هو أساس النجاح وهو الضمانة الوحيدة للحفاظ على الوزن الذي توصّل إليه الشخص بعد العملية بفضل الحمية والرياضة أيضاً.
تضيف «بعد إجراء الجراحة، يكون الطعام في الفترة الأولى كناية عن سوائل وكمّيّات صغيرة غنية بالبروتينات، ويكون مطحوناً ليزداد تدريجياً مع المحافظة على النوعية والكمية ضمن النطاق المعقول. وبما أنه لا يمكن للمعدة الجديدة أن تتحمّل كمّيّات كبيرة من الطعام دفعة واحدة، فمن المستحسن أيضاً تقسيم الوجبات وعدم الإفراط في الأكل طبعاً».