خطورة الوضع في الشرق الأوسط في ما يتعلّق بمرض السكري

مرض السرطان, الأنسولين, مساجد, توعية صحية, زيادة الدهنيات, داء / مرض السكري

13 يوليو 2010

مهما تحدثنا عن مرض السكري تبقى التوعية ناقصة والتثقيف فيه غير كافٍ نظراً لأهمية هذا المرض وخطورة مضاعفاته التي تزداد تدريجاً وتمتد نتائجها سنوات طويلة. ورغم كثرة الحديث عن هذا الموضوع، تُظهر مختلف الدراسات نقصاً في الوعي لدى مرضى السكري وقلّة التزامهم العلاج الموصى به وتقيّدهم بتعليمات الطبيب. هذا ما تبيّن في آخر الدراسات العالمية، دراسة IDMPS التي عرضت في المؤتمر السنوي للجمعية اللبنانية للغدد الصماء والسكري والدهنيات الذي جمع اختصاصيين من مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط  بهدف البحث عن سبل الحد من الإصابة بالسكري من النوع الثاني الذي يشهد انتشاراً واسعاً في المنطقة.

البروفسور كامل العجلوني: المساجد حلّ أمثل للتوعية الصحية
خطورة مرض السكري تستدعي زيادة الوعي والتثقيف في المجتمع قدر الإمكان بهدف محاربة مضاعفاته. واعتبر رئيس المركز الوطني للسكري والغدد الصماء والوراثة في الأردن كامل عجلوني، خلال المؤتمر، أن دور العبادة تعتبر من أهم وسائل نشر التوعية الصحية والتعليم في مختلف المواضيع، وتحديداً في ما يتعلّق بالسكري والسمنة. وقد عرض عجلوني نتائج دراسة قام بها عام 2009 بهدف تقويم دور المساجد في نشر التوعية وشملت 1743 مسجداً في مناطق مختلفة من الأردن . وتمت في الدراسة مشاركة الخطباء من خلال خطبة الجمعة والدروس الدينية ومجموعات النقاش داخل المسجد وخارجه، وشملت 10000 مصلٍّ على مدار 6 أشهر. وعلى أثرها، كانت النتيجة أن نسبة 72 في المئة منهم تحسّنت معلوماتهم بشكل جيد، و 15 في المئة كانوا يعرفون معظم ما قيل، و13 في المئة لم يعيروا الموضوع اهتماماً. لذلك أكد عجلوني أن استخدام المساجد للتثقيف الصحي أمر عملي وفاعل ومن الضروري العمل عليه، خصوصاً أن كلفته متدنية.


البروفسور سامي عازار: دراسة
IDMPS أظهرت أن المرضى لا يلتزمون بالعلاجات الموصى بها
تظهر مختلف الدراسات ارتفاع مستويات السكري في الشرق الأوسط والخليج وفي شمال أفريقيا. وبحسب البروفيسور اللبناني الاختصاصي بأمراض الغدد والسكري من مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت سامي عازار نسب الإصابة بالمرض في ازدياد سريع. «من بين الدول ال10 الأولى من حيث عدد المصابين بالسكري، البلدان الستة الأولى هي من الدول العربية.
وهذا ما يظهر خطورة الوضع في المنطقة حيث ترتفع نسب الإصابة نتيجة عوامل عدة كنمط الغذاء غير الصحي وقلة ممارسة الرياضة، إلى جانب قلة الوعي والتثقيف الصحي. وتظهر الدراسات أنه من الآن حتى سنة 2030 ستكون الأرقام في تصاعد كبير ويتزايد المرض بشكل سريع في المنطقة». ويضيف عازار: «تظهر نتائج دراسة IDMPS مدى سوء الوضع في منطقة الشرق الأوسط حيث من المتوقع أن ترتفع نسبة الإصابة بالسكري من الآن حتى ما بعد 20 سنة بنسبة 95 في المئة. وبشكل خاص ترتفع نسب الإصابة في سن مبكرة.
 وبشكل عام تزيد الحالة سوءاً في البلدان التي في طور التطوّر، خصوصاً لدى الأشخاص الذين هم في سن متوسطة.  وقد شملت الدراسة 20739 مريضاً يعانون السكري في العالم، في عامي 2006 و2007، بهدف عرض طرق معالجة السكري ومدى تقيّد المرضى بالتوصيات. وعلى أثرها تبيّن أن المرضى في لبنان لا يلتزمون نمط حياة صحياً ولا يتقيّدون بالعلاجات الموصى بها.
 كما أنهم لا يتلقون التوعية المناسبة لضبط المرض. علماً أن معظم المرضى المشاركين في الدراسة يعانون السكري من النوع الثاني الذي يصيب الراشدين. وتبيّن أنه في نسبة70 في المئة من المرضى في لبنان المرض ليس مضبوطاً، بحسب توصيات الجمعية الأميركية لداء السكري والجمعية الأوروبية حيث ينصح بأن يكون مخزون السكري أقل من 7 في المئة. ولم يتم تحقيق ذلك إلا في نسبة 29،6 من الحالات. كما أنه في 80 في المئة من الحالات في لبنان يتعدى مخزون السكر نسبة 8 في المئة، وهي نسبة مرتفعة جداً وتشير إلى عدم ضبط مستوى السكر لدى المرضى. تدعو هذه النتائج، بحسب عازار، إلى مضاعفة الجهود في تثقيف المرضى وتأمين العلاجات لهم والإشراف عليهم ليتمكنوا من السيطرة على المرض وتجنب مضاعفاته الخطيرة في المدى البعيد والإشتراكات التي تنتج عنه. وأظهرت نتائج الدراسة أن نسبة 30 في المئة فقط من المرضى تضبط نسبة السكر في الدم بمخزون سكر أقل من 7 في المئة.
من جهة أخرى، ونظراً للاعتقاد السائد حول أضرار الأنسولين تكمن المشكلة في أن نسبة لا تتعدى 23 في المئة من مرضى السكري تعالج بالأنسولين بعد 10 سنوات من الإصابة، مما يحول دون ضبط معدل السكر لديهم، رغم توصيات ADA/EASD باستعمال الأنسولين القاعدي Basal Insulin في مرحلة مبكرة. كما أن نتائج الدراسة أظهرت أن نسبة 10 في المئة فقط من مرضى السكري يقومون بفحص مخزون السكر في الدم الواجب إجراؤه كل ثلاثة أشهر، ونسبة 70 في المئة تقوم بفحص مخزون السكر مرة في السنة. كل هذه النتائج تؤكد نقص التوعية المرتبطة بمرض السكري وعلاجاته بحسب عازار. كما أن فوائد حقن الأنسولين هي إحدى أبرز نقاط الضعف في معالجة المرضى في لبنان، علماً أن ضبط المرض في مراحله الأولى يعتبر مسألة أساسية لتجنب مضاعفاته في مراحل لاحقة.

د. سمير عويس: يجب رفع مستوى الوعي حول الأنسولين وإزالة المفاهيم الخاطئة
من جهته ركز الطبيب السوري، الاختصاصي بأمراض الغدد والسكري ومستشار وزارة الصحة السورية سمير عويس على أهمية تثقيف مرضى السكري بشكل دوري ليتمكن المريض من الاعتناء بنفسه من خلال تبني السلوكيات المطلوبة في مثل وضعه. وقال عويس: «من الضروري رفع مستوى الوعي في ما يتعلّق بأهمية الأنسولين بالنسبة إلى مريض السكري وإلغاء المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الموضوع لأنها تشكل عائقاً يحول دون استعمال المبكر للأنسولين، مما يزيد خطورة المضاعفات في مراحل لاحقة. هذا مع الإشارة إلى أن مرض السكري هو من الأمراض التي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير والتي يمكن ضبطها بشكل فاعل عندما يكون المريض مسؤولاً ويعتمد السلوكيات المناسبة كممارسة الرياضة يومياً واتباع نمط غذائي صحي والتزام العلاج، خصوصاً أن العلاج المبكر في بداية المرض يقلل من الأعراض والمضاعفات لاحقاً».
من جهة أخرى، أشار عويس إلى أنه في حال انخفاض مستوى السكر يجب ألا يتجه المحيطون بالمريض إلى إعطائه كميات زائدة من السكر لان هذا يشكل خطراً عليه ويؤدي إلى ارتفاع مفاجئ وسريع لمستوى السكر. ويقول: «في حال انخفاض مستوى السكر يمكن إعطاء المريض ثلاث ملاعق صغيرة من السكر، وإذا فقد الوعي يمسح باطن فمه بالقليل من العسل».
أما عن الحامل، فيجب أن يكون مستوى السكر لديها أقل من 105 قبل الأكل،لا كما بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين لأن ارتفاع مستوى السكر يشكل خطراً على الحمل وعلى الجنين».