هكذا تهدد البدانة الحياة...! المضاعفات خطيرة والعادات السليمة تنقذنا

كارين اليان ضاهر 13 يناير 2018

حتى اليوم، يبدو للبعض أن البدانة تميل إلى كونها مشكلة تطاول الشكل، من دون الأخذ في الاعتبار المضاعفات الصحية والنفسية والاجتماعية التي تنتج منها، والتي لا بد من التركيز عليها.
ثمة أمراض كثيرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبدانة بحيث يمكن الوصول إلى مرحلة تصبح فيها العلاجات التقليدية بلا فائدة. تؤكد الأرقام اليوم تفاقم المشكلة وانتشار معدلات البدانة بشكل مخيف في العالم وخصوصاً في العالم العربي، مع ما ينجم عن ذلك من انتشار لأمراض خطيرة ومن تراجع لمتوسط معدل العيش.
لذا، لا بد من تسليط الضوء على النمط الصحي، سواء للحفاظ على وزن صحي أو لخفض الوزن لاعتباره علاجاً أولياً معتمداً، فلا يتم اللجوء إلى العلاج الدوائي على الرغم من فاعليته، وإلى الجراحة إلا في الحالات التي يحدّدها الطبيب عند الحاجة.


الطبيب الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري والدهنيات أكرم إشتي: البدانة لا ترتبط بالشكل فحسب بل خلفها مضاعفات خطيرة تهدد الحياة


- كيف يمكن تحديد البدانة وهل تُعتبر مرضاً؟
تُعرف البدانة بأنها حالة طبية تتراكم فيها الدهون الزائدة بشكل غير طبيعي ومفرط بما يشكل خطراً على صحة الفرد.
ولا تعتبر البدانة مشكلة مرتبطة بالشكل فحسب، بل هي عبارة عن مرض يرتبط بمجموعة من الأمراض الأخرى التي تترافق معها.
من هنا تركَّز الجهود على محاربة هذا المرض على الصعيد العالمي ووقف تداعياته ومحاولة الحد من نسبة الإصابة به. مع الإشارة إلى أن معدلات الإصابة بالبدانة حول العالم ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ويبلغ معدل زيادة الوزن اليوم في العالم حوالى 40 في المئة، أي ما يوازي بليوني شخص، فيما يصل معدل السُمنة إلى نصف بليون شخص.
وتكمن الخطورة الكبرى في الزيادة السريعة في معدلات السُمنة على الرغم من كل الجهود للحدّ منها. إضافة إلى الخطر الأكبر في النسبة العالية للبدانة المفرطة، والتي تشكل النسبة الكبرى بين معدلات البدانة الموجودة.
أما في لبنان فتصل نسبة البالغين الذين يعانون زيادة الوزن إلى 67 في المئة، فيما تصل نسبة الذين يعانون البدانة إلى 31 في المئة. والأرقام هذه في ازدياد واضح وسريع.

- كيف يتم تشخيص حالة البدانة؟
ثمة طرق عدة لتشخيص البدانة، وتقضي الأولى بقياس سماكة الجلد لكنها قد تكون غير دقيقة. وفي الطريقة الأخرى الأكثر تعقيداً يتم الاستعانة بالـ CT Scan لتحديد الطبقة الدهنية وكيفية توزيعها. أما الطريقة الأكثر شيوعاً ودقة للتشخيص فتكون على أساس مؤشر كتلة الجسم BMI.

- ما مؤشر كتلة الجسم الذي يشير إلى البدانة؟
إذا كان مؤشر كتلة الجسم دون 18،5، يُعتبر الشخص نحيلاً. أما إذا كان يراوح بين 25 و30 فهناك زيادة وزن. وعند تخطي معدل الـ 30 فهذا يشير إلى البدانة.

- ما المضاعفات الصحية التي يمكن أن تنتج من البدانة؟
ثمة أمراض كثيرة يمكن أن تنتج من البدانة كالسكري وأمراض القلب والشرايين والسرطان وارتفاع معدلات الدهون وأمراض الرئة والجهاز التنفسي وآلام المفاصل والعظام والأمراض النسائية كوقف الدورة الشهرية والعقم وخطر الإجهاض في حال الحمل وغيرها... وتجدر الإشارة إلى أن معدل الحياة يتراجع مع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
فإذا كان المؤشر عادياً، يكون متوسط معدل الحياة 70 سنة لدى نسبة 77 في المئة بين الرجال و 88 في المئة بين النساء. أما إذا كان مؤشر كتلة الجسم بين 35 و 40 فتكون فرص بلوغ 70 سنة لدى نسبة 60 في المئة بين الرجال و80 في المئة بين النساء.
وتنخفض النسبة أكثر بعد إلى 49 في المئة لدى الرجال و72 في المئة لدى النساء إذا كان مؤشر كتلة الجسم يراوح بين 40 و50 .

- هل من مسبّبات واضحة لهذا الارتفاع السريع في معدلات السُمنة في العالم؟
هناك عوامل عدة تساهم في البدانة، منها العوامل الوراثية التي تلعب دوراً مهماً، والعوامل الهورمونية والبيئية والنفسية والعصبية والاجتماعية والتربوية.

- بأي سرعة يمكن أن تحصل زيادة الوزن؟
تكفي زيادة نسبة 5 في المئة فقط على معدل الوحدات الحرارية لزيادة 5 كيلوغرامات من الأنسجة الدهنية خلال عام.

- هل تظهر الفوائد الصحية لخفض الوزن لدى من يعانون البدانة بشكل سريع؟
يمكن الحد من مخاطر البدانة والبدء بالاستفادة من خفض الوزن مع خسارة 5 إلى 10 في المئة من الوزن، وتزيد الفوائد تدريجاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن والبدانة. من هنا أهمية الحرص على خفض الوزن بشتى الطرق المتاحة.

- في حال الإصابة بالبدانة، يتم اللجوء عادة إلى الجراحة، هل هي الحل الوحيد أم ثمة حلول أخرى متاحة؟
في حال الإصابة بالبدانة، العلاج الأول يقضي بتغيير نمط الحياة من خلال اتباع حمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية. لكن تكمن المشكلة في أن معظم الأشخاص الذي يعانون البدانة لا ينجحون في المواظبة على هذا النوع من الحلول فلا يتمكنون من الحفاظ على الوزن بعد إنقاصه في حال القدرة على خفضه.
وتزيد المشكلة سوءاً لأن الذين يخفّضون أوزانهم يواجهون مشكلة الزيادة في الشعور بالجوع وعدم الإحساس بالامتلاء، مما يزيد الرغبة في تناول الطعام فتحصل تقلّبات خلال عام على الأقل على المستوى الهورموني كوسيلة للجسم لمكافحة فقدان الوزن.
من هنا ضرورة اللجوء أحياناً إلى اختيارات علاجية أخرى كالعلاج الدوائي بناءً على استشارة الطبيب. أما الجراحة فوحده الطبيب المختص يقرر ما إذا كان هناك من داعٍ لإجرائها استناداً إلى مؤشر كتلة الجسم ودرجة خطورة الأمراض المرافقة للبدانة.

- كيف يمكن أن تحدث التغييرات في نمط الحياة عملاً على خفض الوزن؟
لا بد من التأكيد أولاً أن التغييرات لا تحصل بين ليلة وضحاها. كما أن خفض الوزن لا يتم بهذه السرعة. فلا بد من تغييرات عدة في نمط الحياة تعمل على تنشيط عملية الأيض، سواء من خلال الأعمال اليومية التي تتطلب نشاطاً جسدياً وتزيد من معدل حرق الوحدات الحرارية، أو من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، وطبعاً من خلال اتباع نظام غذائي صحي يرتكز على عادات غذائية صحية. ويبقى هنا التحدي الأكبر في الحفاظ على الوزن الصحي بعد خفضه من خلال اتباع نمط حياة صحي.

- متى يتم اللجوء إلى الجراحة؟
لا يتم اللجوء إلى الجراحة إلا في حالات معينة، كأن يتخطّى مؤشر كتلة الجسم الـ40 أو الـ30، وثمة مخاطر صحية تستدعي ذلك.

              
اختصاصية التغذية مونيك باسيلا زعرور: أخطاء غذائية بسيطة يمكن أن تسبب البدانة

ثمة أخطاء كثيرة يتم الوقوع فيها في نمط الحياة وتؤدي مع الوقت إلى زيادة الوزن وصولاً إلى البدانة فتزيد عندها صعوبة خفض الوزن، خصوصاً مع اكتساب العادات الغذائية السيئة إلى جانب الكيلوغرامات الزائدة. وكثر لا يدركون أهمية هذه الأخطاء وأبرزها:

إهمال تناول الفطور الذي يبدو أحد أهم الأخطاء الشائعة بحيث يظن كثر أن تناول الفطور يساهم في زيادة أوزانهم أو في فتح الشهية. في الواقع، دور الفطور هو العكس تماماً، خصوصاً عندما نتحدث عن الفطور اللبناني الذي يتميز باحتوائه على المكونات الغذائية الصحية التي تلبي حاجات الجسم. علماً أن الفطور يؤمّن نسبة 25 في المئة من الحاجات الغذائية اليومية. في المقابل، يمكن أن يزيد الوزن بمعدل 4 كيلوغرامات في حال إهمال تناول الفطور.
معلومة لك: يمكن أن يكون الفطور عبارة عن وجبة صغيرة كسندويتش لبنة أو كوب من الحليب مع الكورن فليكس فيحتوي على 200 إلى 500 وحدة حرارية.
استثنائياً: أما المناقيش بأنواعها فيمكن تناولها بشكل استثنائي إذ تحتوي المنقوشة الواحدة على 400 أو 500 وحدة حرارية. فيما يمكن تناول الكنافة نادراً بما أنها تحتوي على 100 إلى 1200 وحدة حرارية.

• أيضاً من الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها وتؤدي إلى زيادة الوزن، اللقمشة غير الصحية. فعند الرغبة بتناول وجبات صغيرة، غالباً ما يتم اللجوء إلى الوجبات غير الصحية.

وجبات صغيرة غير صحية تحتوي على 500 وحدة حرارية ويتم اللجوء إليها عند الرغبة في اللقمشة:

• المكسرات المحمّصة (مقدار كوب)

• كوبان من المشروبات الغازية (تحتوي على 16 ملعقة من السكر)

• لوح من الشوكولاتة

• كوب من التشيبس

تناول العصير: أيضاً من الأخطاء التي يقع فيها كثر، العصير، لاعتباره مشروباً صحياً، لكنه في الواقع يحتوي على 8 ملاعق من السكر. وحتى إذا كان العصير طازجاً، يُفضّل تناول الفاكهة الكاملة لكون كوب العصير الواحد يحتوي على حبّات عدة من الفاكهة، وبالتالي على مزيد من الوحدات الحرارية.

تناول السلطة: تعتبر السلطة وجبة صحية، لكن من الخطأ الاعتقاد بصحّتها الدائمة للجسم. إذ إن ثمة إضافات تجعلها مصدراً غنياً للدهون بشكل لا يمكن توقعه، سواء بسبب الصلصات الدسمة التي تضاف إليها أو بسبب الجبنة والخبز المقلي، فقد يصل معدل الوحدات الحرارية في طبق من «سلطة القيصر بالدجاج» إلى 660 وحدة حرارية بسبب مكوناته الدسمة، ومنها 46 غراماً من الدهون و11 غراماً من الدهون المشبعة. كذلك يمكن أن يصل معدل الوحدات الحرارية في «سلطة الشيف» إلى 930 وحدة حرارية، منها 71 غراماً من الدهون و 18 غراماً من الدهون المشبعة.

بدائل صحية ومغذية
في مقابل الأطعمة العديدة غير الصحية التي تحتوي على 500 وحدة حرارية، ثمة بدائل صحية مغذية تؤمّن حاجات الجسم يمكن تناولها والإحساس بالشبع لمدة أطول كطبق البازلاء مع الرز واللحم مثلاً، أو غيره من الأطباق الصحية التي يتميز بها المطبخ المتوسطي.

الرياضة ثم الرياضة
مما لا شك فيه أن الرياضة يجب أن تحتل موقعاً مهماً في حياتنا حفاظاً على وزن صحي وتجنباً للبدانة، إضافة إلى فوائدها العديدة الصحية والنفسية. لكن ليس ضرورياً الاكتفاء بممارسة الرياضة بانتظام، بل يجب أن يغلب النشاط الجسدي على نمط حياتنا وتجنب الركود.
إذ يمكن الحرص على الذهاب مشياً إلى مكان العمل وصعود السلالم وغيرها من الوسائل التي تساعد في الحفاظ على النشاط.