زكام وسعال وعطس...

علاج, معاناة, بوربوري, السعال, نزف الأنف, الإلتهابات, إنفلوانزا, زكام, تضاؤل الأوكسيجين, ترشح, العطس, تنفس

03 يناير 2012

تعاني غالبيّة الناس من موسم الرشح والزكام، خاصةً في فصل الشتاء مع تساقط الأمطار وتدنّي درجات الحرارة. بيد أنّ الأمر يختلف من شخص إلى آخر،
إذ ترى أنّ إنساناً يشفى في غضون أسبوع، فيما يقبع آخر طوال أسابيع أو حتى أشهر، في معاناة مستمرّة مع العطس وسيلان الأنف والسعال.
ذلك أنّ فيروس الرشح لا يقتصر على الإنفلوانزا أو سواها، إنما يعاني عدد لا يُستهان به من الناس مشكلة «حساسية»، بينما قد يواجه البعض أيضاً حالات ربو.
وهذه الأمراض المزمنة تتداخل مع الرشح العادي، لتصبح فترة المرض أطول والأعراض أكثر حدّة.

ولعلّ أبرز لغط حاصل، هو ببساطة التغاضي عن الأمر، بإعتبار أنّ المطر والشتاء والبرد تسبب الزكام المستمرّ لا محالة. بينما الحساسية والربو موجودان طوال أيّام السنة، وخاصةً أثناء الخريف والربيع.

أطفال وكبار معرّضون للحساسية والربو. المسبّبات كثيرة، والعلاج موجود، لكن التشخيص الدقيق والوقاية خير من ألف علاج.

يُقال إنّ الرّشح يستغرق ما بين ثلاثة إلى عشرة أيّام ليزول من تلقاء نفسه، وهو يوجب الإكثار من شرب السوائل، إضافةً إلى الراحة والدفء. كما يمكن تناول أدوية لتسكين الحرارة فقط، في حال عدم تطوّر الزكام إلى التهاب.
أمّا الحساسية في الأنف، فهي موسمية لكنها تبقى على مدار السنة، بحيث تختلف حدّتها بين الفصول لتبلغ أوجّها في فصلي الخريف والربيع. فيما حالة الربو مزمنة وقد تزول من تلقائها في سن الست سنوات، أو إبّان البلوغ.

- فكيف تتداخل هذه «الأمراض» أو الحالات بعضها مع بعض؟ وما إنعكاساتها على مختلف أعضاء الجسم وصحّته؟ وهل العلاج فعّال ونهائي؟
تشرح الدكتورة كارلا عيراني، الاختصاصية في أمراض الحساسية والربو والمناعة والأمراض الداخلية، مشاكل الرشح والحساسية في الأنف والربو، مفصّلة الأعراض والأسباب والعلاجات كلّ شقّ، وعارضةً للتداخل الحاصل بينها.
كما يتحدّث الدكتور عادل زينون، الإختصاصيّ في الصيدلة، عن أهمية تناول الدواء الصحيح للمدّة المناسبة بغية تسريع الشفاء ومنع التفاقم.
عندما يسيل الأنف ويبدأ السعال ويحصل ألم في الرأس ويتعب الجسم... يكون المرء قد أُصيب برشح لا محالة! لكن للتنويه فقط، يجب معرفة نوع الرشح لتحديد العلاج المناسب.
فمتى تدخّلت الحساسية أو تفاقم الربو، يختلف التطبيب وتطول فترة النقاهة. المتابعة الصحيحة والتشخيص السليم كفيلان بجعل الإنسان يعيش حياة طبيعية ولو كان يعاني تحسّساً في الأنف أو الربو.

الرشح
تقول الدكتورة عيراني: «الرشح هو تحقّن في الأنف أو سيلان، يترافق مع عطس وألم في الرأس وتعب في الجسم برمّته. وغالباً ما ترتفع الحرارة لتصل من 38 درجة مئوية إلى 40 أحياناً.
يكون المسبّب عادةً نوعاً من أنواع الفيروس، وفي أحيان نادرة بكتيريا». تستمر حالة الرشح من بضعة أيّام إلى أسبوعين كحدّ أقصى. وغالباً ما تأتي موجة الرشح بسبب الRhinovirus، أو الإنفلوانزا التي بات من الممكن التلقيح ضدّها.

حساسية الأنف
عندما تطول فترة الرشح ولا تشفى، نبدأ بالتفكير بحالة أخرى ألا وهي التحسّس في الأنف. وتلفت الدكتورة عيراني إلى أنّ «حساسية الأنف هي ردّة فعل مبالغ بها من الجسم على محسّسات يتعرّض لها الجميع بإستمرار، مثل الشجر ورحيق الأزهار والغبار في الجوّ والرطوبة وحتى العث المنزلي».
وتضيف أن «أعراض الحساسية شبيهة بأعراض الرشح العادي، من حيث الزكام وسيلان الأنف والسعال، وحتى وجود البلغم الداكن اللون، لكنها بلا حرارة، وتتكرّر بوتيرة متقاربة وتستمر طويلاً وقد يتخلّلها حكاك».
تختلف وطأة أعراض تحسّس الأنف بين الفصول وتبلغ أوجّها Peak في موسمي الخريف والربيع، بفعل وجود الرطوبة والشجر والأعشاب والغبار والعث المنزلي، إضافةً إلى وجود شجر السرو والزيتون وعشبة القزاز Parieteria في منطقة حوض المتوسّط، طوال أيّام السنة.

 

رشح وحساسيّة
إذا كان المرء عُرضة لحساسية الأنف وعانى رشحا عاديا، فغالباً ما يتحوّل الزكام وينقلب أزمة حساسية، بفعل المحسّسات الموجودة من غبار وشجر، إضافةً إلى التعرّض للدحان، أو بسبب القيام بمجهود جسديّ.
تطول عندها فترة الرشح أكثر من العادة، وعلى الإنسان أن يتناول أدوية خاصة بالحساسية كي لا تتفاقم حالته. وتقول الدكتورة عيراني: «خلال أزمة الحساسية، تكون الأعراض أقوى من العادة بسبب وجود التهاب غير بكتيريّ على غشاء الأنف أو الصدر أحياناً.
وعند الأطفال دون سنّ الثالثة الذين عندهم استعداد جينيّ للحساسية، يكون الفيروس أكثر تسبّباً بأزمات الحساسية من المحسّسات في المحيط».

وقاية ومتابعة
يؤكّد الدكتور زينون «وجوب المتابعة الدورية عند الطبيب المختصّ لتحديد نوع الحساسية وحدّتها للبدء بالعلاج الوقائي قبل أسبوعين من موسم الرشح والحساسية.
فبعض الأدوية موسمية، فيما بعضها الآخر يكون على مدار السنة وليس له مضاعفات جانبية». ويبقى الأهمّ هو معالجة الحساسية للسيطرة عليها قدر الإمكان وليس تسكينها فحسب عند الأزمة.

الربو
تفسّر الدكتورة عيراني: «الربو هو تضيّق في القصبات الهوائيّة، يؤدّي إلى تضييق مجرى الهواء، ما يسبّب ضيقاً في النفس وصفيراً وسُعالاً حاداً ولهاثاً.
وهو التهاب غير بكتيريّ للقصبات الهوائية ويسبّب إفرازات كثيرة. 80 في المئة من الناس الذين يعانون داء الربو عندهم حساسيّة أنف. و40 في المئة من الذين يعانون تحسّساً في الأنف، تتحوّل حالتهم إلى ربو».
وتضيف: «تتدرّج أعراض الربو من مجرّد سعال إلى ضيق نفس وهبوط مستوى الأوكسيجين في الدم. وللربو درجات من الحدّة، بحيث قد يبلغ حالة الإستيقاظ ليلاً من ضيق النفس أو بسبب السعال، كما قد يعدم القدرة على القيام بمجهود جسديّ».
وسببه إجمالاً فيروس عند الأطفال، والمحسّسات في الجو، إضافةً إلى التدخين والمجهود الجسديّ. كما يلعب العامل الجيني دوراً أساسياً في المعاناة من داء الربو.

معالجة فورية
يقول الدكتور زينون: «من الضروري معالجة الرشح الذي قد يتحوّل إلى ربو، وليس فقط فتح الرئتين بالبخاخ، لأنّ الداء مزمن، وكلّ أزمة تؤثّر سلباً على الرئتين وتضعف فرصة الشفاء».
ذلك أنه من الممكن أن يزول الربو عند الأطفال في سن الست سنوات أو عند البلوغ. ويضيف زينون: «يجب عدم الخوف من التعوّد على البخّاخات وأدوية الربو، لأنّ العلاج يمكّننا من الشفاء أو على الأقلّ من العيش بصورة طبيعيّة».
كما تكون الوقاية بالإبتعاد عن التدخين وبتخفيف الرطوبة في غرف النوم عبر فتح النوافذ خلال النهار والتطهير بمعقّمات والتخفيف من الPeluche وما شابه خوفاً من العث والغبار.

عواقب وإنعكاسات
تؤكّد الدكتورة عيراني أنّه «من الممكن أن تسبّب حساسيّة الأنف التهاباً في الجيوب الأنفيّة Sinus ، ومشاكل في الأسنان عند الأطفال لأنهم يضطرّون لفتح أفواههم للتنفّس ليلاً.
كما قد تؤدّي إلى الربو، وإلى تكوّن ماء على الأذن وتؤدّي إلى إلتهابات في الأذن مع مشاكل في السمع والنطق. وقد تسبّب مشاكل تركيز في المدرسة بسبب عدم القدرة على النوم بشكل سليم أو التنفّس براحة».
أمّا الربو، فله أيضاً مضاعفات وخيمة. وتقول عيراني إنّ «الربو غير المُعالج قد يؤثر على القصبات الهوائية وعلى تغيّر أنسجة الرئتين من حيث تقلّص القصبات أو جفافها حتى، فيصبح العلاج أطول وأبطأ وأصعب».

في الختام
تشدّد الدكتورة عيراني على أن «ليس كلّ رشح هو حالة حساسية أو ربو! فمن الممكن أن يكون السبب نقصاً في المناعة أو أمراً آخر... لذلك، عند عدم التجاوب مع علاج الربو أو الحساسية، لا بدّ من إعادة التشخيص».
الأطفال بشكل خاص، هم أكثر عُرضة للرشح والتحسّس وحتى الربو، وتقتضي حالتهم العلاج الفوريّ والمتابعة المستمرّة، كي لا تتفاقم الحالة وتقلّ أرجحيّات الشفاء.
ومن المهمّ التنبّه إلى أنّ التدخين السلبيّ أيضاً هو عامل جوهريّ في التسبّب بالأمراض، لأنه يؤثر في التنفّس السليم والقصبات الهوائية.
يبقى أن العلاج الطويل الأمد كفيل بالحدّ من الأعراض الجانبية والعواقب التي لا تُحمد عقباها.