الشاعرة حزامة حبايب تفوز بجائزة نجيب محفوظ في الرواية

طارق الطاهر (القاهرة) 04 فبراير 2018

كثيرون لا يعرفون أن الكاتبة الفلسطينية حزامة حبايب، التي فازت مؤخراً بجائزة نجيب محفوظ في الرواية، بدأت كشاعرة، ونشرت أعمالها في صحف مختلفة، قبل أن تصدر ديوانها الشعري الأول والوحيد في العام 2009 بعنوان «استجداء»، كما أنها- أيضاً - قصاصة، وبدأت في إصدار مجموعاتها القصصية منذ 1992 بنشر قصتها «الرجل الذي يتكرر»، وتوالى بعد ذلك نشر الأعمال القصصية: «التفاحات البعيدة» 1994، «شكل للغياب» 1997، و«ليلى أحلى» 2002.

وبعد هذه الإبداعات الشعرية والقصصية، كتبت حزامة الرواية، فكانت روايتها الأولى بعنوان «أصل الهوى» 2007، «قبل أن تنام الملكة» 2011، وأخيراً في 2016 روايتها «مخمل»، التي فازت بها بجائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأميركية في كانون الأول/ديسمبر 2017، وكذلك لم تكن هذه هي أول جائزة تفوز بها حزامة، إذ سبقتها جائزتان: جائزة محمد سيف الدين الإيراني، وجائزة مهرجان القدس للإبداع الشبابية في القصة القصيرة.

ما يربط بين أعمال حزامة قضيّتها الأساسية فلسطين، فهي ابنة اللاجئ الفلسطيني حامد محمد حبايب، الذي غادر قريته الفلسطينية طفلاً وهو في السابعة من عمره، وقد أنجب ابنته حزامة في الكويت، التي حصلت فيها على تعليمها، وتخرجت في جامعة الكويت 1987، وهي حاصلة على ليسانس اللغة الإنكليزية وآدابها، ورغم مولدها واستقرارها في الكويت، إلا أنها لم تنس قضيتها الأساسية، وهي وجودها بعيداً عن موطنها الأصلي «فلسطين». وقد أجادت الكاتبة في روايتها تصوير مأساة أهلها في المخيمات، وهو ما دفع الدكتورة تحية عبدالناصر، وهي واحدة من لجنة التحكيم التي منحتها الجائزة، إلى تبيان سر انجذابها الى هذا العمل قائلة: «تتميز رواية «مخمل» بأسلوبها الجميل في سرد قصة نساء المخيمات الفلسطينية في الأردن. تنطوي الرواية على وصف شعري للمخمل المترف وإتقان النساء الحياكة في المخيم والمدينة. تجسد حزامة حبايب الشيء البديع الذي يختلف عن اليومي والعادي، ونعومة المخمل في تناقضها مع قسوة المخيم، تقدم حبايب رؤية جديدة للمخيمات الفلسطينية بلغة ناعمة مثل المخمل».

لكن ما الدافع الذي حفز حزامة حبايب على كتابة هذه الرواية، التي يدرجها النقاد ضمن ما يسمى بروايات المخيمات؟ تروي الكاتبة قصتها مع هذا العمل قائلة: «مخمل جاءتني على هيئة هجوم مباغت على حواسي. نمت ذات ليلة على عطش كبير في قلبي، قبل أن أصحو في الفجر على رائحة عنيفة. لقد كانت رائحة طيب طازج، تراب صبر على الجفاف طويلاً وبلله أخيراً مطر متمنع، ومن وسط سحابة الرائحة الحسية التي نفذت إلى روحي الدائخة، تخايل أمامي فجأة وجه امرأة... وقفت هناك... ساقاها غرستا في الطين، أو ربما في تلك اللحظة كانت تجبل، لتتشكل منحوتة من الرغبة. راقبتها بافتنان وشيء من أسى، كانت كلما تحاول أن تنتزع نفسها من الطين، تغوص أكثر. لم أشأ أن أمد لها يداً. كنت واثقة أن كائناً شهياً مثلها اختار أن يرسم مشهديته بطريقته، وما عليَّ سوى أن أجمع في حضني مشاعرها التي فاضت من حواليها... «مخمل» هي رواية المرأة، عاشقة ومعشوقة، المرأة التي وإن أنهكها الضيم والمرارات وأزقة الحياة الوعرة وجبروت الرجال الذين نخرتهم هزائم التاريخ، فإنها تتقن صنع الحب وعيش الحب والموت كرمى للحب، ونساء «مخمل» قادرات على اقتناص البهجة من وسط القهر، وهن يشتهين الطعام والأقمشة المترفة وينتظرن رجلاً واحداً ووحيداً، حتى ضمن فضاء عريض من البؤس والانتهاك والكبت عنوانه المخيم».

تعد جائزة نجيب محفوظ، التي تمنحها الجامعة الأميركية سنوياً في عيد ميلاد صاحب نوبل، واحدة من أهم الجوائز الحالية، وسبق أن فاز بها أدباء من مختلف الأجيال، وتبلغ قيمتها ألف دولار، مع ترجمة العمل الفائز للإنكليزية.