سمنة الأطفال تتضاعف بحلول العام 2022

01 مارس 2018

ميس نمر حمّاد

يعاني بعض الأطفال من مشكلات في الوزن، ويمكن أن تتحول هذه الزيادة في الوزن إلى سمنة ينجم عنها أمراض يكون الطفل في غنى عنها. وتشكل السمنة أو البدانة عند الأطفال إحدى أهم وأخطر مشاكل العصر.

وأظهرت دراسات طبية حديثة أجراها متخصصون في مجال التغذية في ألمانيا أن زيادة الوزن عند الأطفال قد تؤثر كذلك على قدراتهم العقلية والتحصيل العلمي.

المشكلة عالمية

في دراسة حديثة أجرتها كلية لندن الملكية ومنظمة الصحة العالمية في تشرين الأول (أكتوبر) 2017، بينت أنه وخلال العقود الأربعة المنصرمة، زاد عدد الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة (ممّن تتراوح أعمارهم بين خمس إلى 19 عاماً) بنحو عشرة أضعاف في أرجاء العالم كافّة". ووفقاً لما ذكرته الدراسة، فإن الوضع الحالي يشير إلى زيادة عدد الأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة بالمقارنة مع عدد من يعانون منهم من نقص الوزن بشكل معتدل أو شديد بحلول العام 2022.

ونُشِرت الدراسة في مجلة "لانسيت"، وحلّلت القياسات المأخوذة بشأن وزن وطول 130 مليون شخص تقريباً تزيد أعمارهم على خمس سنوات (31.5 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و19عاماً)، و97.4 مليون شخص يبلغون من العمر (20 عاماً فما فوق)، ما يجعلها في مصاف الدراسات الوبائية التي تضم أكبر عدد من المشاركين فيها على الإطلاق. وشارك أكثر من 1000 مساهم في الدراسة التي بحثت موضوع نسب كتلة الجسم، والكيفية التي تغيرّت بها معدلات السمنة في جميع أنحاء العالم في الفترة بين عامي 1975 و2016.

وارتفعت نسبة السمنة لدى الأطفال والمراهقين في العالم من أقل من واحد في المئة (أي ما يعادل خمسة ملايين فتاة، وستة ملايين فتى) في عام 1975. إلى نسبة 6 في المئة تقريباً لدى الفتيات (50 مليون فتاة)، ونحو 8 في المئة لدى الفتيان (74 مليون فتى) في عام 2016.

وإجمالاً، فقد ارتفع عدد الذين يعانون من السمنة ممّن تتراوح أعمارهم بين 5 وحتى 19 عاماً إلى أكثر من عشرة أمثالها على الصعيد العالمي، أي من 11 مليون شخص في عام 1975 إلى 124 مليون شخص في عام 2016. وكان هناك 213 مليون شخص آخرين في عام 2016، يعانون من زيادة الوزن ولكنهم لم يبلغوا عتبة السمنة.



السمنة انحراف في النمو

تقول اختصاصية التغذية العلاجية أريج بسام، إن السمنة تُعد "انحرافاً في النمو الطبيعي والمسلك المعتاد لحياة الإنسان. ووجودها يكون مصاحباً للكثير من الأمراض العضوية والنفسية التي تهدد حياة الإنسان بصفة عامة والطفل بصفة خاصة".

وتضيف: "المشكلات النفسية تُعتبر من أهم السلبيات المصاحبة للسمنة، ومثال على ذلك الاكتئاب وعدم الثقة بالنفس، وهي من العوامل التي تؤثر سلباً على وزن الإنسان، وقد أثبتت الدراسات، أن 10 في المئة من الأطفال الذين يعانون من الوزن الزائد، مصابون بالاكتئاب، ما يُشكل حلقة مغلقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن. ولعلاج ذلك يجب أن يتم كسر هذه الحلقة، عن طريق الوقاية من السمنة ومن مسبباتها، إضافة إلى علاجها، وعلاج مضاعفاتها العضوية والمرضية والنفسية".

تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن سمنة الطفولة تصيب بشكل مطرد العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لا سيما المناطق الحضرية منها.

أمراض مزمنة تهدد الأطفال

ولعل أهم مخاطر وأضرار السمنة عند الأطفال تتمثل في أن من يعانون من فرط الوزن والسمنة من المحتمل أن يبقوا على حالهم عند الكبر، أكثر من أي أطفال آخرين، فضلاً عن أنهم معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالسمنة في أعمار مبكرة، كأمراض القلب ومرض السكري. غير أن الأطفال الذين يعانون من فرط الوزن من المحتمل أن يتعرضوا في عمر صغير للإصابة ببعض أمراض الجهاز التنفسي، وارتفاع ضغط الدم، و زيادة معدلات الكوليسترول أكثر من غيرهم من الأطفال، وذلك بحسب بيانات لمنظمة الصحة العالمية.

خطة علاجية

ذكرت الجمعية الألمانية لمكافحة السمنة ‫المفرطة في الطفولة والمراهقة، أنه يمكن محاربة السمنة المفرطة لدى ‫الأطفال من خلال وضع خطة علاجية شاملة، تقوم على نمط حياة صحي، أي اتباع نظام ‫غذائي متوازن يعتمد على الإكثار من الخضروات والفواكه، والتقليل من ‫الدهون والسكريات، والاعتدال في تناول اللحوم، بالإضافة إلى التخلي عن ‫الوجبات السريعة. كما تعد المواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية ‫من ركائز نمط الحياة الصحي.

وإلى جانب ذلك، تتضمن الخطة أيضاً دورات تدريبية للأهل ‫والأطفال، حول الطرق السليمة لإنقاص الوزن والعادات الحياتية والغذائية ‫الخاطئة، التي تقف عائقاً أمام خسارة الوزن. ومن المهم كذلك ألا تغفل الخطة العلاجية الجوانب النفسية للطفل، التي تلعب ‫دوراً مهماً في العلاج، حيث ينبغي العمل على زيادة الثقة بالنفس، والإحساس ‫بقيمة الذات لدى الطفل المصاب بالسمنة المفرطة.