سفيرة السلام والطفولة الدكتورة وفاء أبو هادي: الإعاقة ليست جسدية بمقدار ما هي فكرية

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 15 أبريل 2018

نالت مناصب عدة نظراً الى عملها الدؤوب واهتماماتها الإنسانية بذوي الاحتياجات الخاصة، ساعية كي تحقق للطفولة السلام في كل بقعة من بقاع العالم. عُينت الدكتورة وفاء أبو هادي عضو الفيديرالية العالمية لأصدقاء الأمم المتحدة وممثلتها في الأعمال الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وسفيرة نادي اليونسكو لاتحاد سفراء الطفولة العرب، ورئيس مجلس إدارة شبكة الإعلام السعودي، وعضواً شرفياً في وكالة الصحافة العربية، لما لها من بصمة إعلامية وإنسانية على المستوى المحلي والدولي والإقليمي، كما مُنحت شهادة خبرة رسمية وبطاقة سارية المفعول مدى الحياة من الوكالة تقديراً لدورها.


- ما سر اهتمامك بالأطفال بعامة وبذوي الاحتياجات بخاصة؟
الأطفال في مجتمعاتنا العربية لم يأخذوا حقوقهم كاملة، فكيف بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، تلك الفئة اسْتُغلت استغلالاً كبيراً من بعض الأفراد أو بعض المؤسسات، لذلك أحببت إبراز جانب من ذوي الاحتياجات الخاصة وأولائك الذين يعانون من الإعاقة الجسدية، ويتمتعون بمواهب عالية وفكر متألق، فركزت عليهم لأرفع صوتي أمام الجميع وأقول: «إن الإعاقة ليست جسدية بمقدار ما هي إعاقة فكرية» حين يستسلم الشخص لقدره.

- سفيرة السلام، أي سلام تحققه د. وفاء للطفولة في عالم عربي متّقد بالنار؟
دائماً ما أردد: عندما نريد أن نبني أمة فلنزرع في نفوس أطفالها السلام الداخلي، وإن أردنا هدم أمة فلنزرع الفوضى داخل نفوسهم. وبالتالي، إن لم تجد الطفولة الأرض الخصبة لزراعتها الصحيحة ورعايتها بالكامل لتنمو ضمن ظروف صحية نجني منها ثماراً مباركة سنخسر كل شيء، فالسلام ينشأ من الطفولة البريئة، ومن البيئة الصحيحة التي تعجُّ بالحب والمحبة بعيداً عن العنصرية والتطرف والتفرقة، وحين أنشر السلام بين الأطفال بغض النظر عن لون أو عرق أو دين أو مذهب، أشعر بسعادة داخلية تسكنني، وحين أنظر إلى ابتسامتهم الكبيرة ومحبتهم تتملكني رغبة في الحياة ملؤها السلام.

- قبل سنيتن دُعيت إلى القمة العربية في موريتانيا من قِبل الرئاسة، بماذا خرجت؟
كانت دعوة رسمية من الرئاسة الموريتانية لحضور القمة العربية التي أقيمت في نواكشط، فالتقيت بالرئيس وطلبت منه زيارة بعض الجمعيات التي ترعى أناساً تحت خط الفقر المدقع، والتي ترعى الأطفال المجهولي الأبوين، واقترحت التعاون في شأن هؤلاء الأطفال، كون أكثر الدول العربية لا تعترف بوجودهم ككيان إنساني.

- ما الهدف الأساسي من تلك الزيارة؟
أولاً، لحضور فعاليات القمة العربية، ومن ثم انبثقت فكرة تأسيس جمعية عالمية بعيدة عن التمييز العنصري وعدم التفريق بين دين أو جنس أو عرق أو لون لحماية هؤلاء الأطفال، كي تعطيهم حقهم بحياة آمنة نظراً الى ما شاهدت في موريتانيا من مآسٍ في حق الطفولة.

- جمعية «الوداد» برئاسة المهندس حسين بحري مهتمة جداً بالأطفال المجهولي الأبوين، أين د.وفاء منها؟
للأسف الشديد، في الخليج العربي كلّ يعمل بمفرده، ولو تضافرت الجهود لخرج العمل متكاملاً وكل منا استفاد من رأي الآخر، ويهمني لقاء المهندس حسين، ليتم التعاون بيننا على أكمل وجه.

- عضو منظمة الفيديرالية العالمية لأصدقاء الأمم المتحدة وممثلتها في الأعمال الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة في المملكة ورئيس مجلس إدارة شبكة الإعلام السعودي، ما هي مخططاتك لحماية الطفولة من العنف والتشرد والتحرش لينعم الطفل بالسلام؟
تأمين ‎أسرة مستقرة خالية من الأمراض النفسية لكل طفل، وأقصد هنا العنف الأسري سواء التعذيب الجسدي أو اللفظي أو حتى طرق المعاملة، وعدم ‎المتاجرة بالأطفال سواء بأعضائهم أو بتسخيرهم في أعمال التسوّل والجريمة بشتى أنواعها، والتحرش، لتهيئة بيئة لإكمال عجلة الزمن بغد أفضل مما هو عليه الآن.

- اليوم، هناك أكثر من 10 ملايين طفل في العالم العربي أصبحوا مشردين وأطفال شوارع، وفي غالبيتهم محرومون من التعليم، ما هي الحلول؟
الطفولة إن لم تجد حقها في التعليم الصحيح غير المنحاز الى أي منحنى سياسي أو طائفي أو ديني أو غيره، ستضيع وتتشرد. لذلك، وجب علينا التأكيد على التعليم، ومن خلاله على تنمية العقل البشري طبقاً لقوله تعالى (علم الإنسان مالم يعلم) لإعمار الأرض، فالتعليم ينهي الجهل ويقلل نسبة الفقر، ويسعى إلى نقل الأطفال من حالة التشرد في الشوارع إلى مقاعد المدرسة.

- ماذا عن العنف الأسري الذي استشرى في المجتمعات العربية؟
ركزنا على العنف الأسري الذي غاب بغياب الحوار بين أفراد الأسرة الواحدة سواء بين الأم والأب أو بين الوالدين والأولاد، ومما زاد عليه وسائل التواصل الاجتماعي التي سرقت لغة الحوار بين أفراد الأسرة وقتلت الحياة الاجتماعية، وأصبحت بؤرة لاختطاف الأولاد إلى مشاكل وربما إلى أبعد من ذلك من الجرائم الإلكترونية التي تحصل للأطفال.

- إلى أي حد أثرت وسائل التواصل الاجتماعي في الروابط الأسرية؟
لكل شيء إيجابيات وسلبيات أكبر، إن لم نوازن بأسلوب جيد، لكن حين تُعطي الأم طفلها الآيباد بعمر الخمس سنوات تكون قد أفقدته الحب والمحبة والعاطفة والسلام الداخلي، وجعلته مدمناً من دون أن تدري، وكم من أطفال فاقدون النطق بسبب وسائل التواصل الاجتماعي.

- وقّعت كتابك «رحلة ألم» في معرض الكتاب الدولي في القاهرة ضمن حضور مميز، وعلى ما يبدو هي «رحلة» تحمل أثلاماً وآلاماً!
«رحلة ألم» كتاب تم توقيعه للمرة الخامسة وأربع مرات على مستوى الشرق الأوسط، وفي معرض الكتاب الدولي في القاهرة لاقى نجاحاً كبيراً، وتلك الطبعة الثانية، لأن النسخ من الطبعة الأولى عام 2007 م كلها بيعت وكنت صغيرة.

- لماذا أخذ كل هذا الألق؟
بفضل الله وتوفيقه ودعاء والدتي، فهو من ضمن إصداراتي الأربعة وله مكانة كبيرة عندي، حيث تنوع الإصدار ما بين خواطر تخاطب مشاعر الحب، وتستنكر الخداع، وبين العادات والتقاليد ومشاعر الأمومة وتضحياتها وحب الوطن وغيره من المشاعر المتنوعة التي كنت صادقة فيها، وكل ما أشعر به وأراه أنقله الى القارئ بصدق، حتى أنه وُجه لي سؤال على هامش توقيع الكتاب، بأن كتاباتي تحمل حيرة وألم، فأجبت حينها بأن الحزن النبيل والحقيقي في ما حولنا هو من يصنع تلك الحيرة وذاك الألم.

- لماذا نحن مكبلون وغير مقتنعين؟
لعدم تصالحنا مع أنفسنا وقناعتنا بما نحن فيه، وغلبة الحياة المادية على مشاعرنا وتحكّمها في حياتنا، وخروجنا من فطرة البساطة التي تؤمن الاستقرار الداخلي، كلها جعلت منا مقيدين بقيود حرمتنا متعة الحياة وأفقدتنا السلام الداخلي مع أنفسنا ومع من حولنا.

- نحن في الألفية الثالثة وما زلنا ندافع عن حقوق المرأة، ما هي كلمتك للمرأة؟
أشد على يدها وأقول لها استمري في تقدمك وفي تألقك فأنت لست نصف المجتمع فحسب بل المجتمع كله انطلاقاً من كونك مربية أجيال إلى عاملة، استطعتِ أن تجعلي لبصمتك على أروقة التاريخ سجلاً ناصعاً. لا تدعي شيئاً يثنيك عن نجاحك وعطائك، فأنتِ المخلوق الذي أودع الله فيه سر جمال الكون وقوته.

- ماذا بخصوص مؤسسة مولاتي الدولية؟
فكرة انبثقت من مبدأ إبراز المرأة العربية من جوانب عدة، كأم مثالية وامرأة عاملة ناجحة وسيدة ناشطة مؤثرة، كجزء من الكون تضفي عليه جمالاً، وتُعد صرحاً يجمع كل الدول العربية ويتم فيه تكريم من لهنّ بصمة في الحياة حتى يكنّ قدوة للأجيال المقبلة، وهي فكرة الدكتورة الإعلامية صفاء يونس.

- ما أهداف مؤسسة مولاتي؟
من أهدافها، طمس أي حدود وفوارق بين الشعوب، والتي توحّدها المرأة، ومن شأنها زراعة القيم في المجتمع الذكوري، وستكون نبراساً للمرأة العربية ومساندة لنجاحها.

- من هي وفاء أبو هادي التي لا يعرفها الناس؟
هي الطفلة ذات الخمسة أعوام، وأقولها للمرة الأولى عبر مجلة «لها» الغراء، الطفلة التي في داخلي لم يعرفها أحد ولَم يعاملني أحد على أساسها، والكل تعامل معي كأنثى ناضجة وسيدة مجتمع مرموقة ناجحة تتقلد المناصب بين فترات وجيزة وتنجز في فترات قصيرة مقارنة بعمرها.

- الرجل، ماذا يمثل في حياة الدكتورة وفاء كأنثى وكسيدة مجتمع؟
الرجل هو نصفي الثاني إن كان مناسباً لنصفي، وحقق لي الأمان الذي أرجوه من وجوده، وإلا فليس هناك رجل يكمّلني أو يُنقص مني.