عملية طفل الأنبوب تعطي الحظ الأوفر في الإنجاب إلا إذا...

كارين اليان ضاهر 19 مايو 2018

ليس سهلاً على أي زوجين الغوص في وقت من الأوقات في المشاكل المرتبطة بضعف الخصوبة والعقم. إلا أن حلم الإنجاب وتأسيس عائلة يدفعهما إلى المثابرة واللجوء إلى كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذه الغاية. فمن لحظة الزواج، يراود المرأة حلم الأمومة، كما يحلم الزوج باللحظة التي سيصبح فيها أباً.
لكن قد يواجه الزوجان مشكلات تعيق تحقيق هذا الحلم، فلا بد عندها من اللجوء إلى الفحوص اللازمة من دون تأخير، وما يتبعها من علاجات ومنها عملية طفل الأنبوب التي تبدو الوسيلة التي تتيح الفرصة الكبرى للإنجاب في معظم الحالات.
مديرة مختبر أطفال الأنابيب في مركز عازوري لأطفال الأنابيب، ومستشارة العقم في مستشفى جبل لبنان د. جيسيكا عازوري شدّدت هنا على أهمية عملية طفل الأنبوب في زيادة فرص الإنجاب إلى أقصى حد، باستثناء حالتين يبدو فيهما الأمل مفقوداً.


- كيف يتم تحديد العقم من الناحية الطبية؟
يُحكى عن عقم، من الناحية الطبية، بعد مرور سنة على زواج تقام خلالها علاقات منتظمة من دون النجاح في حصول حمل.
علماً أنه بحسب منظمة الصحة العالمية يعتبر العقم مرضاً لا بد من معالجته، خصوصاً أن علاجاته تسمح بتحقيق نتيجة عند المثابرة في نسبة 95 في المئة من الحالات.

- هل يُقصد بالعقم كل مشاكل الخصوبة التي يمكن أن يواجهها الزوجان؟
ثمة مشاكل خصوبة لها حلول بسيطة وعلاجات، وأخرى لا حلّ لها. توضع كلّها تحت مظلّة العقم، لكن لا يمكننا القول سوى أن معظم مشكلات الخصوبة قابلة للمعالجة وتبقى حالات نادرة نتحدث فيها عن عقم فعلي مرضي.

- ما حالات العقم التي لا علاج لها؟
ثمة حالتان من العقم لا علاج لهما حتى اليوم، الأولى ترتبط بالرجل الذي تنعدم لديه الحيوانات المنوية حتى في الخصية، أما الحالة الثانية فترتبط بالمرأة التي تخطت سنّ الـ 45 أو 46 سنة ولا يعود لديها بويضات.

- هل من أسباب معروفة لهذا النوع من العقم لدى الرجل؟
في نسبة 50 في المئة من الحالات، عدم تصنيع حيوانات منوية هو مشكلة خلقية. كما أن هناك حالات مماثلة تظهر لدى الأشخاص الذين خضعوا إلى علاج كيميائي نتيجة إصابة بالسرطان. لذا، يتم التشديد حالياً على الشباب المصابين بالسرطان، على تجميد البذرة، قبل خضوعهم إلى العلاج الكيميائي.

- غالباً ما يُقال إن التوتر هو سبب لعدم نجاح الزوجين في الإنجاب، هل هذا صحيح من الناحية الطبية؟
مما لا شك فيه أن التوتر يؤثر في القدرة على الإنجاب بصورة طبيعية، أي من دون تدخل طبي، فيساهم في حصول خلل في الهورمونات وفي الإباضة. كما أنه يؤثر حتى في العلاقة الزوجية.
لكن إذا كانا يخضعان إلى علاجات هورمونية لتنشيط الإباضة، أو في حال اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب فلا تأثير للتوتر في معدل النجاح في الإنجاب.

- بشكل عام، ما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى العقم أو ضعف في الخصوبة؟
الأسباب كثيرة وتختلف بين الرجل والمرأة. لا بد من التوضيح أولاً أن مسألة الإنجاب تتم خلال مراحل عدة. عملية الإباضة بالنسبة إلى المرأة تحدث مرة واحدة في الشهر وتكون لديها بويضة واحدة. وليحصل الحمل، لا بد من أن تتم العلاقة في هذه الفترة من الشهر وأن تصل الحيوانات المنوية إلى البويضة.
فإذا كان هناك ضعف في حركة الحيوانات المنوية أو انسداد مثلاً في الأنابيب لدى المرأة، لا يحصل الحمل. يجب أن تلتقي الحيوانات المنوية ذات النوعية الجيدة مع البويضة وأن تصل إلى الرحم ويتقبّلها. كذلك في حال وجود تليّف أو مشكلة مناعة لا يحصل الحمل.

- ما الأسباب الخارجية التي يمكن أن تؤدي إلى أي نوع من هذه المشاكل؟
الأسباب كثيرة، منها ما هو خلقي ومنها ما يتعلق بالالتهابات. وبالنسبة إلى الرجل تظهر العوامل البيئية من تلوث وتدخين، ويبدو أثرها لديه أكبر مما هو لدى المرأة.

- هل يتم اللجوء تلقائياً إلى عملية طفل الأنبوب في حال وجود مشكلة في الخصوبة؟
في حال وجود مشكلة ضعف متفاقمة لدى الرجل، يتم اللجوء مباشرة إلى عملية طفل الأنبوب تجنباً لإضاعة الوقت. أيضاً في حال وجود مشكلة انسداد في الأنابيب لدى المرأة، نلجأ إلى عملية طفل الأنبوب.
علماً أنه في حال وجود مشكلة انسداد وإن تم اللجوء إلى عملية لفتحها، قد لا تعمل الأنابيب بالشكل الصحيح وقد يكون من الأفضل اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب.
لكن إذا كانت الزوجة صغيرة في السنّ، يمكن الانتظار لبضع سنوات قبل القيام بذلك. أما إذا كانت في سن الـ 35 وما فوق فمن الأفضل عدم الانتظار أبداً.

- إلى أي مدى تصل فرص نجاح عملية طفل الأنبوب؟
تصل فرص نجاح عملية طفل الأنبوب إلى 60 أو 70 في المئة عند تكرار العملية، فيما تصل حظوظ النجاح إلى 30 أو 40 في المئة في عملية واحدة منها. أما في المعالجات الأخرى فلا تتخطى فرص النجاح 6 في المئة.
وبعد سنّ الأربعين لا تتخطى فرص حصول حمل بالمعالجات الأخرى 3 في المئة، فيما تكون في عملية طفل الأنبوب 30 في المئة. وهنا لا بد من التشديد على عدم إضاعة الوقت، لأن فرص نجاح العملية وحصول حمل عامةً تتراجع مع تقدم المرأة في السنّ.

- هل يمكن أن تظهر مشاكل في الخصوبة بعد ولادة طفل أول؟
يحصل ذلك في كثير من الأحيان فيولد الطفل الأول وتظهر الصعوبات مع الطفل الثاني. وبشكل عام، أي مشكلات يمكن أن تحصل تؤدي إلى تدنّي حظوظ حصول الحمل، باستثناء غياب الحيوانات المنوية الذي يؤدي إلى انعدام فرص الإنجاب.

- ما الحالات التي تفشل فيها حتى عملية طفل الأنبوب وتنعدم فرص الإنجاب؟
في حال عدم وجود بويضات أو بذرة حتى في الخصية لدى الرجل، ما من فائدة حتى في اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب، فهي لا تنجح.

- ما المراحل التي تمر فيها عملية طفل الأنبوب؟
الخطوة الأولى من عملية طفل الأنبوب هي تلك التي يتم العمل فيها على تقوية الإباضة لدى المرأة من خلال حقن الهورمونات للحصول على العدد الأكبر من البويضات التي يُستخرج أفضلها وتُجمع مع الحيوانات المنوية في المختبر من طريق الحقن المجهري، ثم يلاحق التطور في المختبر لمدة 3 إلى 5 أيام ويتم اختيار الأجنّة الجيدة في الوقت نفسه ويُنقل جنينان أو ثلاثة إلى رحم المرأة بعدها.
أما الأجنّة الفائضة فيتم تجميدها لتُستخدم في عملية تالية. والأفضل اليوم ألا يُنقل إلى الرحم أكثر من اثنين من الأجنّة، لأن هذا يقلّل من فرص نجاح الحمل كما تبين في السنوات الأخيرة.
حتى أنه في أوروبا لا يُنقل أكثر من جنين واحد اليوم تجنّباً لخطر الإجهاض. فإذا كان الحمل جيداً والجنين أيضاً فما من حاجة للإكثار من الأجنّة، لأن هذا يخفف من فرص اكتمال الحمل.

- ما الخطوات الوقائية التي يجب أن تتقيّد بها المرأة بعد خضوعها للعملية؟
ليس صحيحاً أن على المرأة أن تستلقي بعد خضوعها لعملية طفل الأنبوب. ما من فائدة لذلك كما تبين في الدراسات والتجارب.
في المقابل قد ننصحها بأن تستلقي يومين إذا كان ذلك يؤمّن لها الراحة النفسية حتى لا تشعر بالذنب ما لم تنجح العملية. لكن طبياً ليس لذلك أي جدوى.

- بعد كم من الوقت يمكن أن تظهر النتيجة؟
بعد 12 يوماً من نقل الأجنّة، تُجري المرأة فحصاً للدم لا للبول، للتأكد من الحمل. فالرقم في هذه الحالة في غاية الأهمية ويتم الاستناد إليه عند الاضطرار للجوء إلى عملية أخرى لطفل الأنبوب.
قد يكون الحمل ضعيفاً ويزول بعدها ولا بد من فحص للدم للتأكد من الرقم وملاحقته في مرة أخرى عند الحاجة.

- هل تختلف ظروف الحمل إثر عملية طفل الأنبوب عن أي حمل آخر؟
الحمل في هذه الحالة هو نفسه كما في أي حمل عادي. الفارق الوحيد هنا يكمن في العامل النفسي حيث تكون المرأة قد عانت الكثير من أجله وتتمسك به بطريقة مختلفة وقد تطاردها الهواجس.

- بعد كم من الوقت يمكن اللجوء إلى عملية طفل أنبوب ثانية في حال فشل الأولى؟                  
إذا لم تنجح العملية الأولى، يمكن تكرار التجربة في الشهر التالي.

- هل صحيح أن اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب يقلّل من عدد البويضات لدى المرأة؟
هذا ليس صحيحاً. ففي كل الحالات ومن دون اللجوء إلى العملية تخسر المرأة من عدد بويضاتها. أما في ما يتعلق بطفل الأنبوب فعملية التجميد تضمن الحفاظ عليها، وهي لا تخسر من البويضات بل على العكس لا تستخدم من المخزون. في كل الحالات لا بد من التوضيح أن عملية طفل الأنبوب هي الوسيلة التي تعطي المرأة الحظ الأكبر في الإنجاب.

- هل العلاج بالهورمونات ضروري قبل اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب؟
العلاج بالهورمونات ضروري، لكن البعض يرفضه ويفضل عدم اللجوء إليه. مع الإشارة إلى أننا لا نقضي على الأجنّة في حال عدم الحاجة إليها، بل نحفظها. أما تلك التي نتأكد علمياً من أنها لن تعيش فلا نحفظها.


مشاكل العقم، هل تظهر أكثر لدى المرأة أم الرجل؟
في السابق كانت مشاكل العقم تنتشر أكثر بين النساء، لكنها اليوم تزيد أكثر فأكثر بين الرجال نتيجة المشاكل البيئية والحروب ومدى تأثرهم بها.
لكن سواء كانت المرأة أو الرجل السبب في عدم الإنجاب، تُحمّل المرأة المسؤولية وكأنها المذنبة فيما قد تكون المشكلة لدى الرجل في كثير من الأحيان. فالمجتمع الذكوري يُلقي دائماً المسؤولية على عاتق المرأة. حتى أنه غالباً ما يرفض الرجل فكرة الخضوع للفحوص لكشف المشكلة لاعتبارها تمسّ برجولته.