مذيعة راديو «مكس أف أم» أميرة العباس التأثير المجتمعي أهم من الشهرة

آمنة بدر الدين الحلبي (جدة) 20 مايو 2018

تمتلك أدواتها بثقة عالية، وتقف كشجر النخيل شامخة بما تحمل من ثمار لتقدمها رطباً نديّاً إلى مجتمعها، تسلحت بالعلم والمعرفة وتوّجتهما بالثقافة لتكون كشلال لا ينضب، ولتعطي ما اختزنه فكرها لوطنها كي تحقق مسيرة حافلة بالنجاح. حققت حضوراً مجتمعياً وإعلامياً كبيراً في فترة وجيزة لتكون المرأة المشتعلة بالعطاء من دون توقف.
أميرة العباس، مذيعة راديو «مكس أف أم»، حققت شهرتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشر صوتها عبر الأثير مقترناً بالفكر والثقافة والعمل الجاد.


- لكل امرأة كاريزما تتمتع بها، ما الذي حققته أميرة من خلال تلك الشخصية المتقدة؟
أول ما سعيت إليه هو التأثير وليس الشهرة، فانطلقت إلى شريحة الشباب، كي أستطيع تغيير اتجاهها نحو الأمور الإيجابية، لأنني رفضت رفضاً قاطعاً أن أكون شخصية سلبية تجاه أي موقف، وما عليّ إلا التغيير للأفضل، فالتأثير في المجتمع أهم بكثير من الشهرة.

- لك حضور مجتمعي وإعلامي كبير، كيف تحقق ذلك بسرعة؟
إن توافر عناصر الدعم الإعلامي والأسري مع الموهبة التي حفني الله عز وجل بها، وأنا بعمر الواحد والعشرين، جعلني أوفّق باختياري لبيئات العمل التي عملت بها من اليوتيوب إلى الصحافة والإذاعة والكتابة، وجميعها ساهمت في حضوري الإعلامي والمجتمعي.

- هل دعمك المجتمع؟
المجتمع انقسم إلى قسمين، قسم وقف إلى جانبي، والقسم الآخر حاربني في بداية ظهوري، لكنه دعمني وبقوة بعدما شاهد خط سيري الصحيح.

- ماذا عن برنامجك الإذاعي «عيشها صح» الذي تقدمينه عبر إذاعة «مكس أف أم»؟
حين بدأت في برنامج صباحي تحت عنوان «كافيين» لمدة أربع ساعات مع زميلي علاء المنصري، حصلت على ترقية بعد أربع أشهر، حيث بدأت بتقديم برنامج «عيشها صح»، الذي كان يبثّ من الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الواحدة بعد الظهر، وهو أشبه بمجلة أسرية، إذ يتكلم عن الصحة والجمال والديكور والعلاقات الأسرية والاجتماعية، وفي القسم الثاني منه يناقش أموراً قانونية عدة وقضايا مجتمعية ورأي عام،  ويستضيف أطباء.

- ما نوع تلك القضايا المجتمعية؟
أطرح قضايا تستفز الرأي العام، أو قضايا تحتاج إلى آراء محامين، أو استضافة شخصيات ملهمة ومؤثرة، وهكذا دواليك، والخبر الجميل أن البرنامج أصبحت مدته ثلاث ساعات بعد قوة التأثير المجتمعي الذي حققه، حيث وصل عدد مستمعيه إلى أكثر من أربعة ملايين شخص.

- ما أهم القضايا التي تكلم عنها البرنامج؟
كل قضية تخص المجتمع والشارع كانت جلّ اهتمامنا ونتكلم عنها بشكل أسبوعي، على سبيل المثال لا الحصر مشاكل الأطفال والمراهقين وقضايا الشباب والبنات، وأيضا الأزواج، وذلك بمشاركة استشاريين أسريين وحقوقيين.

- هناك قضية شائكة عند الأطفال الذين يستخدمون الآي باد بعمر السنتين، مما يؤثر على النطق عندهم بعمر الخمس سنوات، والأم هي الحاضر الغائب!
في الحقيقة، هي قضية اجتماعية وأسرية شائكة، طرحتها من خلال البرنامج، وأخذت آراء الشارع، لكن كانت الردود صعبة وغير متوقعة، إذ قالت إحدى الأمهات أنها تفضل إشغال ابنها بالآي باد بدلاً من سماع بكائه أو الجلوس معه، فوقفتُ مذهولة أمام هذا الرد! وكيف أغير هذا السلوك عند الآباء والأمهات حين يوقفون بكاء طفلهم بإعطائه الآي باد؟

- ألا توجد توعية لهذه المشكلة، التي ربما تأخذ الطفل الى متاهات صعبة؟
إنها مشكلة كبيرة بحاجة إلى توعية كبيرة ودراسة اجتماعية أكبر، حتى لا يصل الطفل إلى متاهات كبيرة من النت العميقة، ويصبح من السهل استدراجه حين يكبر من خلال الألعاب، مثل لعبة «الحوت الأزرق» التي توصلهم الى الانتحار أحياناً، أو الاستغلال الجنسي والجسدي، وهذه القضية يجب العمل عليها بالتوعية المجتمعية المتواصلة، وهذا ما أفعله من خلال برنامجي لأترك أثراً في الناس.

- ما الذي تقولينه للوالدين من خلال «لها»؟
الزواج مسؤولية كبيرة لمن يؤسس لنواة أسرة لها ما لها، وعليها ما عليها، فهل فكر كل فرد قبل الارتباط بالشريك الآخر، أن يسأل نفسه: لماذا أتزوج إن لم أكن على قدر من المسؤولية تجاه تلك الأسرة التي أبنيها؟ ومن المسؤول عن تربية ذاك الطفل الذي سيرى النور وأخلاقه وسلوكه؟ وكيف سيندمج مع مجتمعه الأسري الكبير أو مجتمعه المدرسي؟ وكيف يتم تحصيله العلمي؟ وكيف يمارس هواياته؟ ليصبح في المستقبل رجلاً نافعاً للوطن، بدلاً من الآي باد الذي يؤدي به إلى الهلاك.

- يحتفل العالم سنوياً بيوم المرأة، هل حصلت المرأة العربية عموماً والسعودية بخاصة على حقوقها، وهل صكت قانوناً ينصفها وينصف بنات جنسها؟
تكمن المشكلة في المرأة نفسها، لأن المجتمع والقانون أنصفاها، إلا أنها هي من تظلم نفسها، فأين إدراكها وقوة دفاعها عن نفسها حين تُضرب سواء من الزوج أو الأب أو الأخ وتصمت؟ لا سيما أن القانون أعطاها حقها في التبليغ، والمجتمع فتح لها المجال لتدافع عن نفسها، والله سبحانه وتعالى وضّح لها حقوقها، فلماذا تصمت تجاه من يعنّفها وهي لم تسأل نفسها يوماً ما هي احتياجاتها، ماذا حققت من أحلامها وطموحاتها، أهي فقط للعطاء المستمر؟ ألم تفكر يوماً في ما الذي يجب أخذه والمطالبة فيه؟ على المرأة أن تسعى الى تحقيق إنجازاتها وما تصبو إليه. 

- ما سر تلك الشهرة الإذاعية اللامعة التي وضعتك على أول الطريق الإعلامي؟
منذ بدايتي الإعلامية، حملت شفافيتي وصدقي، وأول ما وضعت رحالي في الإعلام كنت صادقة في هدفي وطبيعتي من دون تصنّع، ومثلما أتكلم مع «لها» اليوم أتكلم في الإذاعة مع الناس على سجيتي بكل شفافية، فكلما بعدتُ عن القالب المتعارف عليه في الإعلام وصلت أكثر الى الناس، وكلما تكلمت عن قضاياهم بصدق وشفافية دخلت قلوبهم ولامست مشاعرهم وأحاسيسهم.

- ما هي سمات المذيعة الناجحة في ظل كل الفضائيات والقنوات الإعلامية المرئية والمسموعة؟
أن تتوافر لديها موهبة الإعلام، وتتمتع بثقافة عالية، وأن تكون مطلعة على كل ما يخص مجتمعها ووطنها، وتمتلك أدواتها، ومحدّدة لهدفها بالدرجة الأولى، هل هو الشهرة أم السفر، أم الرسالة التي تريد إيصالها؟ وأن تقتنص الفرص المناسبة لها، وإن لم تتمتع بالتأهيل الأكاديمي، يجب عليها ألا تضيع أية فرصة للالتحاق بالدورات التدريبية لتبقى الرقم الصعب في مكانها، وأخيراً أن تدرك تماماً أن لكل قناة سمتها.

- هذه الجماهيرية الكبيرة التي حققتها أميرة، من وراءها؟
إيماني القوي بالله عز وجل هو وراء نجاحي، ومن ثم أهلي الذي يدعمونني بقوة في السراء والضراء، ولولاهم لما وصلت، لأنني كُسِرت مرة وخُذِلتُ مرات، لكنهم استمروا بدعمهم الكبير لي.

- أميرة ما زالت في ريعان الصِّبا، عن أي كسرٍ تتحدثين؟
لم أصل إلى القوة التي أتمتع بها إلا بعد الانكسار، ولم أحقق النجاح إلا بعد الفشل، وإن كانت الإنجازات السريعة عمرها قصير، لكن تجاربها كبيرة.

- ماذا عن برنامجك الذي قدمته على «يوتيوب»، وهل هو سبب شهرتك؟
برنامج «بناتيوب» هو السبب الرئيس في شهرتي، فقد حقق لي أكبر انتشار، من حيث حصولي على الجوائز، وما كُتب عني من التقارير العالمية، فأنا ممتنة لمن فتح لي هذه الفرصة.

- من اختار الاسم؟
شركة الإنتاج هي من اختارت الاسم.

- هل كان الهدف مادياً من وراء برنامج «بناتيوب»؟
مطلقاً، كان الهدف كوميدياً اجتماعياً تناول قضايا المرأة السعودية بجرأة وفي قالب كوميدي، وقد حقق البرنامج صدى ممتازاً ونسبة مشاهدات عالية خلال حلقاته الأولى.

- ما التحديات التي تواجه أميرة في ظل الفضاء المفتوح؟
حين بدأت العمل كنت صغيرة، وخبرتي في الدرجة صفر، ولا أملك سوى موهبتي وكتبي التي قرأت. وكان اختيار الفرص صعباً في ظل مجتمع قاسٍ وحاد، ورغم ذلك تصدرت بعمري الصغير اليوتيوب لأتكلم عن قضايا المرأة السعودية، وهو موضوع كبير جداً نسبة إلى عمري، بعدها تعمقت في الإذاعة وتكلمت بجرأة عن قضايا المجتمع السعودي، وقدمت لقاءات كبيرة، وألّفت كتاباً، تلك هي التحديات التي واجهتني، وكانت المواجهة صعبة، لكن الصعاب تذلّلت بوجود أهلي الداعمين لي.

- إلى أي حد خدمتك وسائل التواصل الاجتماعي؟
خدمتني كثيراً وساهمت في انتشاري، لأن كل إنسان يأخذ المنحى الذي يريد من خلالها، سواء نفعاً أو ضرراً، تفاهة أو نصحاً.

- ما هو طموحك، وهل تسارعين لتكوني على إحدى القنوات الفضائية المرئية؟
الخطوة الثانية لي ستكون قناة فضائية وعالمية، مثل bbc أو cnn أو mbc، فطموحي لا حدود له، وآفاقه مفتوحة، لأنني أملك قدرات لم أكتشفها بعد، وهناك أشياء لم أرَها، لكنْ لديّ إيمان قوي بالله عز وجل وبأنه سيعطيني أكثر مما أتوقع.

- ما هي المساحة التي تأخذها أميرة في الإذاعة، وهل أرضت غرورها؟
بعد اختياري الإذاعة، حصلت على مساحة أرضت غروري بشكل كبير، وهي أكثر مكان وجدت نفسي فيه، إذ عاملتني كشخصية موهوبة ونجمة، ولطالما تكلمت بصدق وشفافية من دون قيد أو شرط.

- أين تجدين نفسك كإعلامية وكإنسانة في القرية الكونية؟
كإعلامية، أجد نفسي في السماء السابعة، وكإنسانة أجد نفسي وسط الشارع الذي يعجُّ بالناس الموجوعين والمحتاجين، والذين يحملون أعباء الحياة ولم يستطيعوا رفع صوتهم. كذلك، أجد نفسي في حضن الحب والحنان بين والديّ.

- هل تظهر شخصية أميرة الجذابة من خلال صوتها أو أسلوبها؟
تظهر شخصيتي من خلال روحي، وهذا ما أوصلني إلى المستمعين.

- يُقال أنك خضت تجربة التمثيل، كيف وجدتها؟
لا أعتبر أنني خضتُ تجربة التمثيل فعلياً، لأن الأدوار التي قدمتها من خلال برنامج «بناتيوب» ما هي إلا كراكتيرات ليس إلا، وحتى لو كنت موهوبة بالتمثيل إلا أنني لا أجد نفسي فيه.

- كنت سابقاً تعلنين عن أي برنامج جديد من خلال السناب شات.
صحيح، لكن لم أكن أدري إن كانت تلك الخطوة صحيحة أم لا، بعدها اكتشفت أن المغرضين كثر، فاتبعت مقولة «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، علماً أنني أشتري فرحة المحبين بفلوس العالم كلها.

- لك تجربة أدبية من خلال كتاب «وتاهت»، من هي تلك التائهة؟
الرواية دراما اجتماعية تدور أحداثها في مدينة جدة من 2010 إلى 2017، حول فتاة مراهقة اسمها ديمة، «تاهت» ووجدت نفسها في آخر الرواية، وقد لاقت صدى عند الجمهور، وإلى وقت قريب كانت الأكثر مبيعاً.

- هل هي سيرة ذاتية تتكلم عن أميرة؟
الرواية فيها الكثير من حياتي ممزوجاً بفنتازيا خيالية. 

- أنت تدندنين في بعض الأحيان، فهل تحضرين لألبوم غنائي؟
أكذب على «لها» إن قلت لا، لكن أتمنى أن أحضر لشيء جديد لا أعرف ما هو، وإن كان ألبوماً غنائياً فسيكون مميزاً.

- ما الذي يزعجك في الرجل؟
الأنانية، وحب الذات، والبخل بكل أنواعه سواء في اليد أو في المشاعر، والكذب وتزوير الحقائق، واعتقاده أن المرأة القوية عدوّ لدود له، من دون أن يدرك أنها سند له، كما ويزعجني الرجل السطحي والاتكالي.

- في مهرجان «الكوميديا الدولي» الذي أقيم في أبها، حصلت على جائزة أفضل مقدمة برامج «يوتيوبية»، ما الذي منحتك إياه تلك الجائزة؟
شعرت بالإنصاف، وأحسست بالفخر، وجعلتُ أهلي وأصدقائي سعداء بما حصلت عليه، كون الجائزة أضافت الكثير الى مسيرتي الإعلامية حين تكرّمتُ على أكبر مسرح في المملكة العربية السعودية في مدينة أبها، وهو «مسرح المفتاحة»، الذي وقف عليه كبار الفنانين والفنانات، كما حققت نجاحاً كبيراً للبرنامج وللقناة.

- هل تؤيدين ظهور الإعلاميات على سناب شات باستمرار؟
إذا كان ظهورهن جميلاً بأسلوب مشوّق وجميل، والمحتوى ممتاز، فلما لا؟!

- ما هي أحلامك المستقبلية؟
لدي أحلام كثيرة وكبيرة، من بينها: أن أحقق أهدافاً إنسانية عالمية، وأن أصبح زوجة صالحة وأماً ناجحة، وسيدة أعمال من الدرجة الممتازة، وأبقى بارة لوالديّ.

- قدمت إعلانات على السناب شات، وقد حصدت أكثر من راتبك!
أجل، ولا مجال للمقارنة، كون الإعلانات تحقق أرباحاً طائلة، لا سيما أن وجهتها محلية وعربية وعالمية.

- هل أصبحت مليونيرة؟
من المبكر القول إنني مليونيرة، لكن هذا الأمر ليس ببعيد.

- ما هو برجك؟
السرطان.

- ماذا تحبين في هذا البرج؟
شخصيته، وإنسانيته، وحنانه، وتميّزه بحرصه على سعادة الناس أكثر من نفسه.

- هل هذا النجاح وراءه رجل؟
أجل، والرجل الأفضل في حياتي هو والدي، ومن المستحيل أن أضع رجلاً بموازاة والدي الطبيب، أو أن يصل الى تلك المرحلة من التميز والكرم في العطاء والاحتواء.