إيميه صياح: "تانغو" عرض مغر ولكنني فضّلت الإعتذار

ميشال زريق 13 يونيو 2018

تنتقي إطلالاتها بدقّة، وتختار الأدوار التي تؤديها وفق قناعاتها وما يُشبه منطقها في التفكير، التصرّف وتُقدّم نفسها في كلّ دور تؤدّيه بأسلوب مختلف و«تغيّر من جلدها» كرمى للمعالجة الدرامية. إيميه صياح واعدت جمهورها في رمضان بخماسية «شهر عسل» ضمن مسلسل «الحب جنون/ حدوتة حب»، ولا تزال تنتظر عرض «ثورة الفلاحين» قريباً، وهي تتحدّث في هذا الحوار مع «لها» عن التحديات التي تعيشها مع كلّ عمل تقدّمه، وتكشف عن سبب اعتذارها عن «تانغو» ورأيها بالعودة إلى الدراما المحلية.

-كيف وجدتِ العودة إلى الدراما اللبنانية في مسلسل يُعرض على قناة مشفّرة ويضمّ عدة بطلات؟
الخماسيات تُشكّل مسلسلاً ذا حلقات قليلة، وكلّ قصّة من «حدوتة حب» مختلفة عن الأخرى، وكلّ خماسية بالنسبة إليّ «طبخة» مستقلّة، ولكن ما يجمعها مع الخماسيات الأخرى هو موعد العرض والإطار الدرامي الموحّد. العرض على قناة مشفّرة يحدّ من انتشار العمل الفني ولكن لا يؤثر في نجاحه فلا مشكلة في ذلك، لأن الأعمال تُعرض لاحقاً، وتجدها على الانترنت في أي وقت.

-ما العوامل التي دفعتكِ للقبول ببطولة «شهر عسل»؟ وهل ترين أنّ حظ العمل قليل من ناحية الانتشار؟
عوامل عدة دفعتني للموافقة على العمل، بدءاً من النص، مروراً بالدور والحبكة الدرامية، وصولاً إلى الإخراج الذي يلعب دوراً مهماً في المسألة. ومن ناحية الحظ القليل في الانتشار بسبب العرض على قناة مشفّرة، فلا علاقة للممثل عموماً بذلك، وعندما نوقّع عقداً لأي عمل، لا نعرف السياسة المتّبعة في تسويقه، ولا حتى أين سيُعرض، ولا حتى موعد العرض. لذا يجب أن تأخذ قراراً وتقتنع به، والأمور الأخرى تأتي لاحقاً. أتمنّى أن يحظى العمل بانتشار أوسع في عروضه المقبلة، والمهم أن تثق بما تقدّمه للجمهور.

-هل الانكفاء المادي والذاتي بالدور وإرضاء الممثل للـ Ego الدرامي لديه، يعوّضان عن الانتشار؟ أعني هل قدّمتِ العمل ليُضاف إلى «بورتفوليو» أدوار إيميه صياح بصرف النظر عن جماهيريته؟
يجب أن يكون هناك توازن بين كل عناصر العمل، بدءاً بالفكرة، مروراً بالدور والحبكة، ووصولاً الى الإخراج والشق المادي، والأهم هو الإقتناع به كما ذكرتُ آنفاً. قناعاتي تكمن في توازن العناصر، فعندما تتكامل العناصر وتتوازن فهذا يعني أنّك كسبتَ من كل الجهات.

-لم تصلني إجابة شافية... هل أنتِ مكتفية مادياً من العمل بصرف النظر عمّا يحققه من متابعة؟
لم ولن أصل إلى مرحلة أقول فيها أنا لست مكتفية مادياً ولا مهنياً من أي عمل، لأنّك حين تقول هذه الجملة يعني أنّك تضع سقفاً وحدّاً لطموحاتكَ.

-للعام الثاني على التوالي تغرّدين خارج سرب منافسة الممثلات اللبنانيات، هل لأنّكِ لا تحبّين المنافسة أم أنّك تحبّين أن تكوني آمنة في ملعبكِ؟
المنافسة دائماً صحية وجميلة وتمنح الممثل حب التحدّي وحب العطاء والاستمرارية. المهم أن أكون راضية عمّا أقدّمه. وإذا لم أكن سعيدة فأفضّل عدم العمل. لا أخطّط للمنافسة ولا للظهور بصورة معيّنة. أقدّم ما يُشبهني، وأكرّر لكَ، يهمّني الاقتناع بالدور والشعور نحوه بالارتياح. والباقي يأتي لاحقاً.

-كان من المفترض أن تكوني بطلة «تانغو»، لماذا رفضتِ العمل؟
كلمة رفض لا أحبّها، أشعر وكأنّني أتحدّث عن العمل بطريقة سلبية... ولكن بوجود مفاوضات، قد تصل الأمور إلى خواتيمها السعيدة وقد لا تصل. وفي نهاية المطاف، لكل شخص سياسته في العمل. شخصياً، لا أحبّ التوقيع على عقد عمل لم أقرأ كامل تفاصيله، أو على الأقلّ ما هو كافٍ لأبني رأيي وأتّخذ قراري.

-هل للمماطلة في بدء تصويره دور أم هناك أسباب أخرى؟
الحلقات التي قدّمت لي كانت قليلة جداً بما لا يخوّلني اتّخاذ قرار في شأن العمل، ففضّلت الاعتذار رغم أنّ عرضاً كهذا مغرٍ... هو عمل رمضاني عربي مع مجموعة من النجوم، وطبعاً أقول لكل القيمين والمشاركين، مبروك العمل ونجاحه الجماهيري التي يحققها.

-ولكن شخصية «فرح» التي تؤديها دانييلا رحمة كانت تليق بكِ أيضاً... هل تحزنين لأنّكِ لم تقدّميها؟
لطالما آمنت بأنّ كلّ أمرٍ يحصل لسبب معيّن أو «Everything happens for a reason». وأريد التنويه أن دانييلا تؤدي الدور بصورة جميلة جدّاً، وهو يليق بها وأهنئها علي النجاح الذي يحققه.

-أيزعجك أنك استُبدلتِ بممثلة مبتدئة في أولى تجاربها الدرامية؟!
ومن قال إنّ الممثل المبتدئ صفة سلبية وتهمة... أنا أيضاً كنتُ مبتدئة عندما قدّمتُ دوري في «وأشرقت الشمس»، وكان دور بطولة وحصلتُ على فرصتي، وأتمنى التوفيق لدانييلا وأن تنال نصيبها من النجاح. لا أحبّ كلمة «استبدال» لأنّه من الأمور الطبيعية التي تحصل في عالم التمثيل، وهناك أعمال كثيرة تنتقل مداورةً بين الفنانين. من الطبيعي والصحي أن تتفاوض، قد تؤول الأمور الى اتفاق أو لا.

-تتحدّثين عن الأولويات... هل برأيكِ أولويات شركات الإنتاج مختلفة عن أولويات الممثل؟ يعني أنّهم يرون في الممثل عنصر مفاجأة وإضافة للعمل أكثر من كون العمل يشكّل إضافة للممثل عينه...
ليس من هذا المنظار. لكلّ شخص أولوياته، ولكلّ شركة طريقتها ونهجها في العمل، وعندما تلتقي أولوياتي بأولويات شركة الإنتاج فهذا يعني أنّنا اتفقنا وسنعمل معاً.

-باتت لديك قناعة بأن التواجد في رمضان ليس ضرورياً...
لا أحسب الوقت والتوقيت لإطلالاتي على الشاشة، ولا أحبّ الظهور بهدف إثبات وجودي على الساحة الفنية. مسلسل «أوركيديا» كان عملاً نخبوياً ولم يصل إلى شريحة كبيرة من الناس، وهو واحد من أجمل الأعمال التي قدّمتها، ورغم الانتشار المحدود الذي حظي به، عشقتُ الشخصية وتفاصيلها وكان لديها وقع لدى المشاهدين. ليس هاجسي الظهور كلّ عام في رمضان، وها قد صوّرتُ مسلسل «ثورة الفلاحين» وما زلنا ننتظر عرضه على الشاشة، ليس لأنّني أرغب في الظهور على الشاشة في توقيت معين، ولكن ليرى الناس نتيجة تعبنا على مدار 9 أشهر.

-ماذا عن تعلّقكِ بالدراما اللبنانية؟
منها بدأت ولا أنكر ذلك... ولا أعاني عقدة التواجد هنا أو هناك طالما أنني مقتنعة بما أقدّمه. أفتّش عمّا يناسبني والدراما اللبنانية فتحت لي ذراعيها في بداياتي، وهذا لا يحول دون كوني انتقائية في ما أقوم به.

-لنقفل الباب على موضوع مسلسل «شهر عسل»... ماذا تخبريننا عن الشخصية التراجيدية التي تؤدّينها؟
أؤدي شخصية اسمها «نور»، أحببتها لأنّها أعادتني إلى الدراما المعاصرة، فهي بعيدة من الرومانسية التي اعتاد الجمهور أن يراني فيها، لما تتضمنه من حب وانتقام وشخصية قوية وعنصر مفاجأة... هي شخصية غير مسطّحة وفيها مساحة  درامية وتحدٍّ.

-لو لم يكن مسلسل «وأشرقت الشمس» أول عمل قدّمته، هل كانت مهمة اختيار العروض في ما بعد أسهل عليكِ؟
لا شكّ في ذلك، فمسلسل «وأشرقت الشمس» كانت له أصداء رائعة وحقّق إجماعاً جميلاً بين الجمهور، وأعتقد أنّه بمقدار ما سهّل عليّ أمر دخولي الدراما، حمّلني مسؤولية كبيرة من ناحية الاختيارات، وأجبرني على أن أكون واعية تجاه كلّ عمل أختاره، وفي كلّ خطوة أُقدم عليها. والأهم أنّني أصبحتُ على دراية بأنّ الأصداء حول أي عمل أقدّمه قد تختلف، وهناك أعمال أنجح من أخرى، والعكس صحيح.

-عام 2016 كان «عام إيميه صياح» بامتياز... هل عزّز ذلك الغرور لديكِ وفرض شروطكِ الخاصة في الأعمال التي تقدّمينها؟
أبداً... «كلّه ولا الغرور لأنو ساعتها بينتهي الفنّان بنظري». ومن جهة أخرى، بتُّ مقتنعة أكثر بنظرية العرض والطلب، وبالنسبة إلى النصوص القانونية أصبحت أكثر إدراكاً وحكمة في ما يتعلق بالمفاوضات والبنود. شروطي ليست تعجيزيّة، إنّما أحفظ حقوقي وتعلّمت من أخطاء سابقة، ولا أنكر أنّ عام 2016 كان من أجمل الأعوام التي عشتها، وهذا يحثّني على تقديم الأفضل في الأعوام المقبلة.

-هل أصبحت إيميه صياح أكثر قساوةً؟
أبداً... بل كبرتُ وأصبحت أكثر نضجاً. وأنا شخص يعتمد كثيراً على قلبه خلال اتخاذه القرارات.

-يُقال إنّ الدراما تروّض أحاسيس الفنان وتقديم البرامج يمنحه الثقة بالنفس؛ ماذا أخذتِ من المجالين؟
في تقديم البرامج و «ذا فويس» تحديداً، اكتسبتُ ثقة أكبر في نفسي من خلال تقديمي برنامجاً من أكبر البرامج مباشرةً على الهواء عبر أهم الشاشات العربية، وجعل شخصيتي أقوى، والتمثيل بالنسبة إليّ هو علاجٌ من خلال المشاعر التي نستخدمها في أماكن عدة، والشخصيات التي نجسّدها وتكون منفصلة عن الواقع في بعض الأماكن، ونعيش حالات كثيرة لم نختبرها قط.

-ما الذي خسرته بعد قرار مغادرتكِ «ذا فويس»؟!
الخسارة كلمة كبيرة جداً. أنا إنسانة عاطفية، أفتقد كثيراً التفاصيل والكواليس وفريق العمل وكلّ ما يتعلّق بذلك. في النهاية لا يبقى سوى الذكريات.

-في الحديث عن «ذا فويس»... لم تجيبي على الاتصالات والمقابلات واكتفيتِ بالتصريح على «تويتر»؛ لمَ تلجئين دائماً إليه عندما تريدين الإدلاء بأي تصريح؟
لم أشأ التحدّث في الموضوع لأنني لا أريد أن تصل الأمور الى «القيل والقال» والمشاكل والعناوين الرنّانة. السوشيال ميديا أعطتنا منابر للتصريح من خلالها وتوضيح ما نريد توضيحه. لم يكن لدي شيء إضافي لأقوله، ولهذا السبب اكتفيت بتغريدة.

-ألا تخشين أن يتعرّف إليك الجيل الجديد من مستخدمي السوشيال ميديا بصفتك Social Influencer؟
أكيد... وهذا أسرع جواب لي على الإطلاق. أهتم كثيراً بمسيرتي في عالمَيّ التقديم والتمثيل، والسوشيال ميديا تكمّل هذه المسيرة وليست ضرورة. يُمكن أن تكون مصدر شهرة ورزق إضافي، ولكنّها ليست أولويّة عندي.

-بعيداً من الدراما، هل أنتِ قادرة على الفصل بين شخصيتكِ الحقيقية وما تقدّمينه على الشاشة؟
أؤدي الشخصيات بصدق وإحساس، وقد تطلّب منّي موضوع الفصل وقتاً طويلاً، ففي أحد مشاهد مسلسل «ثورة الفلاحين» شهدتُ على حالة وفاة ضمن السياق الدرامي، وأثّر فيّ هذا كثيراً وضايقني لفترةٍ زمنية، ومنذ ذلك الحين تعلّمت كيف أسيطر على مشاعري. ولا أخفي عليك أنّ الشخصيات التي تؤديها توّلد بعض الهواجس.

-هل تفكّرين في اعتزال الأضواء خوفاً من فشلك عند الناس أو من فشلك عند نفسكِ؟
تسألني عن أمر لم يخطر في بالي يوماً، ولكن إذا أتى موعد اتخاذ القرار، أشعر أنّه يكون خوفاً من التقصير تجاه عائلتي، وهي أهم شيء في حياتي، لذا أحاول الموازنة بين حياتي المهنية والشخصية. وعندما يلحق العمل ضرراً بحياتي الخاصة، أخفّف من وطأته.

-مسلسل «طريق» للثنائي عابد فهد ونادين نسيب نجيم يطرح الموضوع عينه... هل شاهدتِ بداية المسلسل؟
لم يتسنَّ لي متابعة العمل، لكن اسمح لي هنا أن أبارك لنادين وعابد وجميع الممثلين الذين تعبوا على أعمالهم هذا الموسم.

-هل ترين أنّ إشكالية النجاح الباهر والخسارة في الحياة الخاصة صحيحة؟
قد يترافق النجاح المهني مع نجاح الحياة الخاصّة، وأرى أنّهما قد يؤثّران في بعضهما ويزيدان من نجاحهما. الأمر يتطلّب وعياً وثقة وتضحية والكثير من الحبّ.

-ألا تتأثرين بفكرة غيابكِ عن الساحة لفترات طويلة؟
قد أكون غائبة عن الساحة ولكنّني في الوقت نفسه أحضّر وأصوّر. يجب ألا نتواجد بهدف التواجد. وعندما نكون غائبين قد تعوّض السوشيال ميديا هذا الغياب، وكما يقول لي والدي «الزقفة بتقوا وبتخفّ... وما لازم تخف الثقة».

-متى تخضع إيميه صياح لـ Digital Detox وتتمنى أن تكون وحدها؟
ليس من الضروري أن أحدّد وقتاً كي أكون وحدي، فغالباً ما أنعزل عن العالم وأعيش حالة «ديتوكس»، وهذا يمدّني بالقوة. أفكّر يومياً وأعيد حساباتي قبل أن أخلد الى النوم. وأحيانا أغيب عن الـ social media .

-تتمتّعين بشخصية مرحة... متى سنراكِ في دور كوميديّ؟
الكوميديا ليست قراراً سهلاً وهي أصعب من غيرها. أنتظر الوقت المناسب لأُقدم على هذه الخطوة، ولم أحظَ بعد بالوقت الكافي لأختبر نفسي واكتشفها في هذا المجال.

-عندما نتحدّث عن الكوميديا، لمَ تتجاهلين «زفافيان»؟
لا أتجاهله، ولكن بالنسبة إليّ، دوري فيه كان خفيفاً وليس كوميدياً بحتاً.

-هل تخافين خسارة جمالك أو شهرتك؟
جمالي... «وبثقة»!

-ماذا تحضّرين للموسم المقبل؟
أنتظر عرض مسلسل «ثورة الفلاحين» في الدورة البرامجية المقبلة، كما أقرأ بعض النصوص وأدرس عدداً من المشاريع، والتي بحاجة الى بعض الوقت لتتبلور.

-سؤالي الأخير، لماذا عندما تعتذر إيميه الصياح عن عمل، تُستبدل بممثلة جميلة؟
«ما بعرف، بدّك تسأل المعنيّين بالموضوع... أصلاً الجمال منّو تهمة اذا كان في موهبة حقيقية».

-علمتُ أنّك تلقيت عرض بطولة مسلسل مصري...
عُرِضَ العمل في رمضان واعتذرتُ عنه لأسباب معيّنة. لا أعلم لمَ التركيز على موضوع رفض الممثل للأدوار... هذا أمر عادي. «متل ما في قبول، في عدم قبول».