الفنان التشكيلي رضا عبدالسلام: عدت الى مخزون ذكرياتي لأحوّل الحنين طاقةً تدفع الى الأمام

طارق الطاهر (القاهرة) 15 يوليو 2018

هو واحد من أبرز الفنانين التشكيليين المصريين والعرب، له إسهاماته الواضحة في مسيرة الفن التشكيلي المصري والعربي، فضلاً عن مشاركاته الدولية في عدد كبير من المحافل العالمية، فقد أثرى الفنان الدكتور رضا عبدالسلام أستاذ التصوير الجداري في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، الحياة الفنية على مدى أكثر من نصف قرن، وتوّج هذا المشوار الكبير بمعرض استيعادي، استضافته قاعات مركز الجزيرة للفنون في القاهرة، بعنوان «الانطلاق الحر في فضاء التجريب والتجريد والتعبير»، وهو يضم مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي أنتجها الفنان على مدار مسيرته الفنية، كما تقدم ملامح لمحطات مهمة في تجاربه الإبداعية، فضلاً عن عرض مجموعة جديدة من أعماله.

للدكتور رضا عبدالسلام فلسفة خاصة في فكرة الإبداع، يقول عنها: «حين التحقت بالفنون الجميلة وتعلمت مهارات فن الرسم والتصوير، وأصبحت قادراً على التعبير بهما عن الموضوعات المختلفة التي تشدّني، ورأيت في نفسي طموحاً لتحويلها الى أعمال فنية، أدركت عندها بوضوح حقيقة الجمال في الطبيعة، وبدأت في محاورته رسماً».
المتأمل في المعرض الاستيعادي لرضا عبدالسلام سينجذب بالتأكيد إلى لوحات بعينها، تمثل رسالة يريد الفنان إيصالها، فالعالم الفني لرضا عبدالسلام شاسع، ويقول عن هذه الفكرة: «منذ الصغر، يلفت نظري كل شيء حولي، فالطبيعة عالم كبير وذو دلالات عظيمة، والإنسان في تحركاته يشغلني، وكذلك في استقراره النفسي أو العكس، من هنا كان معرض «البحث عن البهجة في الأزمنة المنسية»، إحدى تجاربي المهمة، فقد لاحظت بعض الكآبة التي بدأت تظهر على الوجوه، فأردت أن أذكّرهم بالسعادة والصفاء اللذين نفتقدهما مع ضغوط الحياة، فعدت إلى مخزون ذكرياتي وإلى العوالم المنسية، لأقدم لهم من خلال لوحاتي عودة إلى الزمن الجميل، وكأنني أقول إن علينا ألا نكتفي فقط بالحنين إلى الماضي ومشاهدة الأفلام القديمة، لكن أن نستمد أيضاً من هذا الحنين طاقة تدفعنا الى الأمام».
من اللوحات التي تستوقفنا في هذا المعرض، لوحة الطبلية، وكذلك لوحة بائع الفريسكا، الجاذبتان بألوانهما ودلالاتهما، بائع الفريسكا من وجهة نظر رضا عبدالسلام هو القادر على إضفاء نوع من السعادة على زوار المعرض، فهو لحظة منسية في حياة الكثيرين، أما «الطبلية» ففلسفتها هي الحنين الى هذا الماضي، الذي كانت الأسرة فيه تتجمع حول «الطبلية»، التي قضى عليها تغير نمط الحياة الاجتماعي والاقتصادي، وأصبحت الآن جزءاً من الفولكلور والماضي الذي نحنّ إليه كلما اشتقنا الى الدفء الأسري.
من جانبه، يؤكد الفنان الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، أن المعرض الاستيعادي للفنان الكبير رضا عبدالسلام يقدم لنا تجربة إبداعية مثيرة للتأمل والدهشة، تجربة شهدت محاولات واضحة للتجديد والتجريب، محاولاً فيها المزج بين الأصالة والمعاصرة. وأهم ما يشد الانتباه في هذه التجربة هو قدرة الفنان على التعبير عن واقعه من منظوره الخاص، ومن زوايا كسرت الإطار المادي التقليدي للوحة ومسطحها.
والجدير ذكره أن الفنان رضا عبدالسلام من مواليد السويس 1974، وهو أستاذ التصوير الجداري في كلية الفنون في القاهرة، وله خمسة كتب في مجال النقد التشكيلي، منها: «فن الرسم المصري المعاصر»، «الرسوم التحضيرية وعلاقتها بلوحات الفنان مصطفى أحمد»، وقد حصل خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز، آخرها جائزة لجنة التحكيم في ملتقى الكويت للفن المعاصر 2014.