هل تسرّع كثرة الإنجاب شيخوخة الأمهات؟

18 أغسطس 2018

عندما تصبح المرأة حاملاً، يخضع جسمها لتغيرات هائلة، فتكتسب وزناً، ويتسارع نبضها، ويتسع رحمها ويضغط على الأعضاء والأوعية الدموية المحيطة، ويرتفع هرمون الاستروجين والبروجيسترون ليصل إلى مستويات فلكية، وتضعف عظامها وأسنانها، وينكمش حجم المادة الرمادية في دماغها.
هبة دنش

وفي حين أن جميع هذه التغييرات ضرورية ومفيدة للجنين والولادة، فإن العديد منها قد يسبب للأم مشاكل في وقت لاحق من الحياة. ونسمع كثيراً من الأمهات يومياً يرددن أن ضغوط ومسؤوليات الأمومة جعلتهن يكبرن بالعمر بسرعة. لكن الآن أثبتت الدراسات صحة هذا الكلام.

ووجد باحثون في جامعة نورث وسترن بولاية إلينوي، أن شيخوخة المرأة تتسارع لمدة تصل إلى عامين في كل مرة تلد فيها. وهذا يعني أنه كلما زاد عدد الأطفال لدى المرأة، كان متوسط ​​العمر المتوقع لها أقصر. ووجدت الدراسة التي أجريت على أكثر من 3200 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و 22 عاماً في الفليبين، أن كل ولادة لها تأثير ضار على المستوى الخلوي.

وبحسب تقرير نشرته صحفية "دايلي ميل"، فإن الأمهات اللواتي لديهن العديد من الأطفال يزداد عمر الخلايا لديهن بمقدار نصف عام إلى عامين في كل مرة ينجبن فيها طفلاً. وتم النظر في اثنين من علامات الشيخوخة الخلوية: طول التيلومير (الهياكل الواقية في نهاية الكروموسومات التي تتقلص مع التقدم في العمر، ما يؤدي إلى موت الخلايا) والعمر اللاجيني.

المؤلف الرئيس للدراسة كالين ريان يشير إلى أن "كليهما ظهر بعمر أكبر في النساء اللائي كان لديهن عدد أكبر من حالات الحمل في تاريخهن الإنجابي". وحتى بعد احتساب العوامل الأخرى التي تؤثر على الشيخوخة الخلوية، فإن عدد حالات الحمل لا يزال تأتي في المقدمة.

ويشير الفريق إلى إن التغيرات الخلوية خلال فترة الحمل قد تكون مرتبطة بتغيرات تكيفية في جهاز مناعة الأم.

وفي دراسة سابقة قادها أستاذ العلوم الصحية بابلو نيبومناشي ونشرها موقع sciencedaily تبين أن النساء اللاتي يلدن مزيداً من الأطفال، يتعرضن للعديد من الأمراض. وقيمت الدراسة عدد الأطفال المولودين لنحو 75 امرأة من اثنتين من المجتمعات المحلية الريفية في غواتيمالا، من خلال العينات اللعابية ومسحات الفم. وكانت هذه هي الدراسة الأولى لفحص الارتباط المباشر بين عدد الأطفال وتقصير التيلومير في البشر مع مرور الوقت.

ويشير نيبومناشي الذي كان مديراً لمختبر صحة الأم والطفل في كلية SFU إلى أن التباطؤ في وتيرة التيلومير الموجود لدى المشاركين في الدراسة من الذين لديهن أطفال أكثر، قد يعزى إلى الزيادة الهائلة في هرمون الاستروجين، وهو هرمون ينتج أثناء الحمل. ويعمل (الاستروجين) كمضاد أكسدة قوي يحمي الخلايا من تقصير التيلومير.

وقد تؤثر البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها المشاركات في الدراسة على العلاقة بين جهودهن الإنجابية ووتيرة الشيخوخة. فالنساء اللاتي تمت متابعتهمن خلال فترة الدراسة كن من سكان بيئة تتلقى فيها الأمهات اللائي يحملن العديد من الأطفال دعماً اجتماعياً أكثر من أقاربهن وأصدقائهن. ويقول نيبومناشي: "يؤدي المزيد من الدعم إلى زيادة كمية الطاقة الأيضية التي يمكن تخصيصها لحماية الأنسجة، وبالتالي تباطؤ عملية الشيخوخة".

وتبدو هذه الدراسات الحديثة مناقضة للمفهوم الشائع من أن الأمومة تحمي النساء من الموت المبكر، وأنهن أقل عرضة للموت المبكر من نظيراتهن اللواتي يمضين عمرهن بلا أطفال. وتعلق إحدى السيدات وتدعى بينكيربيرت، على الخبر على موقع "دايلي ميل" قائلة: "هذا هراء، أنا أعرف سيدة تبلغ من العمر 80 عاما، ولديها 10 أبناء".

نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"