الشرطة النسائية

عمل المرأة, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, الشرطة النسائية

10 سبتمبر 2009

في الغالب كان العمل في جهاز الشرطة الفلسطينية حكرا على الذكور، وكانت هناك عوامل عدة تعمل على دعم ذلك ومنها العادات والتقاليد التي عملت على منع الكثير من النساء الفلسطينيات من الالتحاق بالعمل في جهاز الشرطة، بالإضافة إلى أن العدد الكبير من أفراد المجتمع الفلسطيني لا يمنحون المرأة حق القرار في أبسط حقوقها الحياتية. ولكننا في هذه الأيام بتنا نرى بكثرة العديد من النساء في أقسام الشرطة المختلفة. وللإطلاع بشكل أوسع على دور الشرطية وطبيعة عملها ونظرة المجتمع إليها، أجرينا اللقاءات التالية.


الشرطية منار حمايل
، من سكان كفر مالك، في محافظة رام الله. تعمل في الإدارة العامة للمباحث. تحدثت عن طبية عملها فقالت: «أعمل في مقر الإدارة العامة للمباحث، وهو صلة وصل ما بين فروع المحافظات للمباحث ومديرية الشرطة».

وعن اختيارها لهذا العمل قالت: «كنت آمل أن أدخل جهاز الشرطة، وان يكون لدي دولة فلسطينية مستقلة، وأن يكون هناك شرطيات متساويات في المهمات والوجبات مع الرجال في الشرطة، وأن يتحملن المسؤولية ويقدمن المساعدة للناس، وان يعملن في الأقسام المختلف، وان يحققن ويحمين الأحداث و يساعدنهم. وعندما سمعت عن الدورات العسكرية والتفريغات الجديدة في جهاز الشرطة، التحقت بجهاز الشرطة دون تردّد».
عن سبب اختيارها للشرطة بالذات قالت: «إن جهاز الشرطة يختلف عن أي جهاز أمني أو عسكري آخر، لأنه حلقة الوصل ما بين الشعب والمسؤولين القادرين على مساعدة الناس وحل قضاياهم، وأنا أنصهر في بوتقة السلطة من خلال مساعدة الناس».
وعن طريقة تعاملها مع المشاكل التي كانت تواجهها قالت: «لم تواجهني مشاكل بمعنى المشاكل، بل واجهتني عقبات بسيطة، ومنها قلق الأهل، والأسئلة الكثيرة من الأهل، مثل أين سأعمل؟ وكيف وكم ساعة سأداوم؟ ومع من سأعمل؟ وأيضا الدورة العسكرية التي اجتزناها، وقد واجهت الصعوبات فيها. وأيضاً من المشاكل موضوع النوم خارج البيت، وهناك نظرة المجتمع أنه لا يوجد لدينا شرطيات، فهم يستغربون ذلك، وكذلك كيف سأتعامل مع الشباب الموجودين في الشرطة، وكيف ستقسم المسؤوليات التي سأتحملها، وهل ستكون مثل المسؤوليات الواقعة على عاتق الشباب. وكل ذلك صعب ولكنني والحمد لله استطعت أن أجتازها وأقنعهم».
وتحدثت منار عن الصفات التي اكتسبتها من خلال عملها في الشرطة فقالت: «طبعاً، كانت هناك نظرة عامة أن الشرطة تحل مشاكل المجتمع، ولكن ما هي المشاكل وكيف يتم التعامل معها في الإدارات المختلفة من مباحث  وتحقيق وسجون ومعابر وعلاقات عامة. ولم أكن  أمتلك الخبرة في أي مجال من مجالات الشرطة، ولكن عملي في إدارة  المباحث منحني الخبرة. إضافة إلى انه يجب أن تتوافر في الشرطيات اللواتي يعملن في المباحث قوة الشخصية، مع اكتساب صفات جديدة مثل الحذر الشديد في التعامل مع الناس وفي مواجهة القضايا. كما أن أي كلمة تتحدث بها من تعمل في الشرطة ستحاسَب عليها، ويجب أن يعرف الشرطي الوقت المناسب للحديث دائماً».
وعن القوة التي منحها إياها عملها قالت: «أولاً أسير بثقة كبيرة جداً، وحتى لو لم أرتدِ الزيّ العسكري، وأحب أن يعرف جميع الناس أنني شرطية، وأنني أتحمل المسؤولية، وأنني قادرة على مساعدتهم. في الشارع أساعد أي إنسان وخصوصاً

النساء، وأقدم المساعدة دون أن يعرفوا أنني شرطية. وأحب دائماً أن أكون قادرة على تحمل المسؤولية، وقادرة على التصرف في الوقت المناسب».
وعن تخيلها لطبيعة عملها قالت: «في السابق كنت اعتقد انه أصعب بكثير، وأن كل الأقسام مختلطة مع بعضها، وكنت أفكر بأن جميع عناصر الشرطة والحراسات يعملون في العمل نفسه. وكنت اعتقد أن هناك «اكشن» مثل الذي نشاهده في التلفاز. وعندما تخصصت في إدارة معينة، تعلمت ما هي الحقوق والواجبات والمسؤوليات التي تقع على عاتقي، والحمد لله كان العمل أسهل مما كنت أتوقع».
وعن نظرتها إلى الزي العسكري قالت: «الزي بحد ذاته إلزام للفرد، وعندما أرتدي الزي العسكري أشعر بأنني أحترمه قبل أن أخطو أي خطوة في حياتي».
وعما إذا اختلفت نظرة رجال العائلة إليها بعدما أصبحت شرطية وصاحبة قرار قالت: «بالنسبة إلى الكبار في العمر وإخوتي الشباب، فهم يتفهّمون أن لديّ شخصية قوية، وقادرة على أن أتحمّل المسؤولية وأنني أعمل في مكان حساس، وأستطيع التعامل مع الأمور بشكل جديد. وأما بالنسبة إلى الصغار في السن، فهم يعتقدون أنني مخيفة وقادرة على القيام بأشياء كثيرة».
وعن طريقة تعاملها مع المراجعين قالت: «نعمل كأي دائرة حكومية ثانية، أو أي دائرة من دوائر السلطة. وأخلص لوظيفتي وأتفانى في عملي، وأما بالنسبة إلى المراجعين، فهم يستغربون وجود شرطية في المكان، ومنهم من يشكّون في أنني أستطيع إتمام معاملاتهم مثل الرجال».

وعن المواصفات التي يجب أن تتوافر في الشرطية قالت: «أولاً ضبط النفس، والتصرف الصحيح في الوقت الصحيح، وقوة الشخصية، والحذر الشديد، واخذ الأمور بجدية، وتحكيم الضمير والعقلانية في الأمور».
وعن الحصول على فرصة زواج قالت: «إن التجربة أكبر برهان، لأنني مخطوبة وأنا أعمل في جهاز الشرطة. والفتاة التي تعمل في الشرطة لا يسأل عنها أحد لأن سمعتها معروفة وتقوم بعملها ومحترمة بين زملائها، وقوية وقادرة على تحمل مسؤوليتها ومسؤولية بيتها وأولادها في المستقبل».
واختتمت معلقة على نظرة المجتمع قائلة: «العمل ليس عيباً، وأنا جرّبت هذا المجال وانصهرت في بوتقة الشرطة والسلطة. ودخلت المجال وتعاملت مع زملائي في الشرطة، والحمد لله هناك احترام كامل مثل أي مؤسسة حكومية أخرى، لأن الشباب يتحملون المسؤولية عن أنفسهم، فكيف لا يتحملون المسؤولية عني ويحاسبون أنفسهم  قبل أن يتصرفوا أي تصرف! وإن شاء الله سأبقى في الشرطة، وأعلي الشرطة وتكبر الشرطة معي».


أما الشرطية ألين الطويل
، فتحمل درجة البكالوريوس في اللغة الانكليزية من جامعة القدس المفتوحة، وتبلغ من العمر 26 عاماً، وتقيم في رام الله. تحدثت عن طبيعة عملها فقالت: «أعمل في مكتب التحقيق الجنائي في قسم التحقيق، ووظيفتي هي التحقيق مع السيدات، وبشكل عام التحقيق مع كلا الجهتين. وطبيعة عملي في التحقيق سواء كان مع صبية أو شاب فيها صعوبات، لأنني أحقّق لكي أظهر الحقيقة، وليس الأمر بالسهولة التي يمكن لأي شخص أن يتوقعها».

وعن سبب اختيارها للعمل في جهاز الشرطة قالت: «عملت سابقاً في مجالات عدة منها التعليم، والتسويق العلاقات العامة وإعداد البرامج والسكرتارية والسوبر ماركت، والملاحم فكنت أمسك الساطور وأقطع اللحم وأبيع الزبائن. لكن التحاقي بجهاز الشرطة كان له أكثر من سبب، منها رغبتي الشخصية في الإلتحاق بجهاز الشرطة منذ صغري، وطبيعة العائلة، لان أهلي كلهم يعملون في العسكرية. ونما داخلي حب الوطن وحب الأجهزة العسكرية، ورغبتي في تحقيق المساعدة لشعبي».
وعن الصفات التي أكسبتها من عملها قالت: «العمل في الشرطة يزيد الثقة بالنفس وقوة الشخصية والمسؤولية». وعما إذا تعرضت للتهديد خلال عملها قالت: «لا، فعندما يتعامل المتهم مع الشرطية يتعامل معها بنوع من الاحترام، والشرطية هي التي تحدد طريقة المعاملة، وعندما أعامل من أحقق معه على انه إنسان، لا أعتقد أنه سيهدّدني إطلاقاً».
وعن شعورها بأنها امرأة صاحبة قرار قالت: «أشعر بالمسؤولية الكبيرة، لأنني صاحبة قرار وأستطيع أن أدخل إنساناً متهماً السجن أو أخرجه، أو أن أبرئ  إنساناً مخطئاً. وهذا يحمّلني مسؤولية كبيرة. فأنا أعمل على إظهار الحقيقة، ويجب أن أكون حيادية، لذا عندما ألتقي أشخاصاً أعرفهم في قضية معيّنة، أعمل على إبعاد العاطفة، فالمجرم يجب أن يعاقب، والبريء يجب أن يحصل على براءته».

وعما إذا حلمت بان تكون شرطية في يوم من الأيام قالت: «شخصياً نعم، لأن هذا حلم حياتي منذ الطفولة، وكنت أسعى له منذ زمن، ولو انتظرت أيضاً عشرين عاماً، وكنت مصرّة على أنه إذا لم يحالفني الحظ سأدخل بناتي في الشرطة».
وعن نظرتها إلى المراجعين لها أكدت أنها تنظر إليهم «كأناس يطلبون مساعدتي، وأتعامل معهم بإنسانية وتسامح ومحبة. وعندما بدأت بالعمل كان القليل منهم مستغربين من التعامل معي، ويقولون في أنفسهم، هل هي كأنثى تستطيع أن تعمل وتنجز أم لا؟ واختبرني أناس كثيرون من المدنيين، والحمد لله يتعاملون معي بكل ثقة واحترام».
وعن توافر فرص الزواج للشرطيات قالت: «الموضوع نصيب سواء كنت شرطية أو معلمة أو سوى ذلك. وهذا قضاء وقدر من رب العالمين. وهناك الكثير من زميلاتي اللواتي دخلن الشرطة تزوجن من الشرطة، وتعرفن على أزواجهن داخل الشرطة. وعندما يرتبط الشرطي بشرطية يكون لديه ثقة بنفسه أكثر من أي شخص آخر، والشرطة بالنسبة إلينا هي أسرتنا الثانية، والشرطة تحافظ عليّ مثل أهلي تماماً».
وعن المواصفات التي يجب أن تتمتع بها الشرطية أوضحت: «أهمها ثقتها بنفسها وأن تكون فخورة بعملها، وأن تسعى دائماً لتطوير نفسها. ويجب أن تكون مثقفة لأنها ستتعامل مع فئات كثيرة من المجتمع».
وعن طموحاتها قالت: «أنا كشرطية أنجزت أمور كثيرة، منها أنني أثبت لنفسي القدرة على أن أعمل في جهاز عسكري من الصعب على أية فتاة أن تعمل فيه، وأثبتت لمجتمعي الفلسطيني أنني كامرأة أستطيع العمل في أي مكان، وأثبت للعالم العربي أن المجتمع الفلسطيني مجتمع ديمقراطي. وأقول لكل النساء لا تخفن من العمل في جهاز الشرطة لأنه مثله مثل أي وظيفة أخرى، ولكن الفرق إنني أملك قراري وقرار غيري. وفي جهاز الشرطة أطمح إلى أن أتطور، وأطوّر الجهاز نفسه وأسير إلى المستقبل».