"ناركوس: المكسيك" يربط الواقع العنيف بالخيال المشوّق

01 ديسمبر 2018

أطلقت أخيراً سلسلة “ناركوس: المكسيك»، على موقع “نتفليكس» أحد أعمالها الأصلية، وهو عبارة عن قصة جديدة تربط بين الخيال والواقع في رصد لبدايات تطور عصابات المخدرات في المكسيك وانتقالها من زراعة تقليدية الى عمل مافيات منظّمة ومعقّدة وموحّدة، استناداً إلى حكايات واقعية وشخصيات حقيقية وأحداث فعلية، في عمل تولت Gaumont Television إنتاجه، تحت إشراف المنتج التنفيذي ومدير العرض إريك نيومان، فيما تولّى الإنتاج التنفيذي كلٌ من خوسيه باديلا ودوغ ميرو وكارلو برنارد.


أجواء العمل

قبيل العرض، عقدت «نتفليكس» مؤتمراً صحافياً في أحد فنادق إمارة دبي، تميز بديكور مستوحى من أجواء السجون وحرب الشرطة الأميركية على عصابات زراعة المخدرات وتجارتها. وأعلن أحد الناطقين باسم الشبكة العالمية، وهو يتقمص شخصية أحد ضباط مكافحة المخدرات “العميل لوبيز”، بأسلوب إعطاء التعليمات، أن القصة تدور في ثمانينيات القرن الماضي، حول معركة جديدة ضد المخدرات، “السُّم الذي يدمر الشباب حول العالم”، وعن بداياتها التي لا نهاية لها.

 

سلسلة جديدة منفصلة عن «ناركوس»

أكدت الناطقة باسم «نتفليكس» بيكي بريغز لـ»لها» أن «السلسلة تتضمن عشر حلقات»، وهي لا تشكل جزءاً رابعاً من سلسلة «ناركوس»، مشددةً على أنها «منفصلة تماماً ومعتمدة على ممثلين وأبطال جدد»، على الرغم من معالجتها موضوع زراعة المخدرات ومكافحتها في أميركا اللاتينية، ولافتةً إلى أن التشابه في التسمية مرده الى اعتماد كلمة “ناركوس» بمعناها اللاتيني «مهرّب مخدرات”، والتي لا تعني بابلو إسكوبار. وأشارت بريغز الى أن لا معطيات حتى الساعة عن جزء ثانٍ من السلسلة الجديدة، والتي من المنطقي أن يحددها نجاح الخطوة الأولى.

وصرح إيريك نيومان بأن النية للاتجاه إلى المكسيك، لتناول تجارة المخدرات هناك، كانت موجودة منذ البداية، ووجدوا في غوادالاخارا نقطة البداية الجيدة للانطلاق، فهي تمثل التاريخ الحديث لتجارة المخدرات. وأضاف: "منذ البداية، قرّرنا أن نروي قصة تجارة الكوكايين وحرب المخدرات في تلك المنطقة، والتي لم تنتهِ بموت إسكوبار، ولم تكن قَطّ مرتبطة بشخص واحد أو منظمة واحدة".


الحلقة الأولى

تضمّنت الحلقة الأولى بكثير من التشويق أحداثاً متصاعدة مصحوبة بموسيقى تصويرية بلحن محلي، في قصة تعود الى جذور توسع زراعة المخدرات في المكسيك على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأميركية، بالتوازي مع توسع إدارة مكافحة المخدرات فيها، وتنطلق من ولاية سينالوا المكسيكية، لتعايش سيناريو مستمداً من قصص وشخصيات حقيقية، ومصوّراً في أماكن الحدث الأصلية، علماً أن أحد مستكشفي المواقع عبر شركة “ريدروم”، كارلوس مونيوس بورتال، اغتيل في شهر أيلول/ سبتمبر قتلاً بالرصاص في سيارته، أثناء معاينته بعض مواقع تصوير “ناركوس: المكسيك”، في أحد شوارع بلدية تيماسكلابا، الأمر الذي دفع روبرتو شقيق بابلو إسكوبار إلى حضّ “نتفليكس» على رفع تدابير الحماية خلال عمليات التصوير.


أبطال العمل بين الدراما والواقع

دييغو لونا بدور “فيلكس غالاردو”

وعلى رأس الشخصيات الواقعية التي تتحدّث في العمل بلغتَيها الأصلية المكسيكية والإنكليزية، يجسّد الممثل المكسيكي دييغو لونا دور «فيلكس غالاردو»، زعيم العصابة غير التقليدي، الذي تحوّل من شرطي إلى عرّاب المخدرات الأول. يشهد الأخير حملات الجيش ضد منطقته الفقيرة والمهمَلة، لإتلاف نبات حشيشة الكيف والماريوانا فيها، فيقرر الشاب ذو الطموح والذكاء الحاد والحلم الجريء توحيد مزارعي وتجار المخدرات في “كارتيل” واحد تحت زعامته، والتوجّه الى ولاية غوادالاخارا الغنية والتي تتمتع بتغطية إعلامية عالية وبوجود أصحاب النفوذ، حيث يبدأ بقتل متزعّمي عصاباتها لإرساء مخططه الجديد بنقل زراعته المطوَّرة جينياً إليها.


الممثل مايكل بينيا بشخصية «كيكي كامارينا»

وتلحظ الحلقة الأولى، توجّه ندّ «فيلكس غالاردو»، عميل إدارة مكافحة المخدرات انريكه كامارينا المعروف بـ»كيكي» من أداء الممثل الأميركي ذي الأصل المكسيكي مايكل بينيا، من ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى غوادالاخارا مع زوجته وابنته، من أجل الحفاظ على مكانته المهنية بعد أن خسر الترقية لمصلحة أحد زملائه، فيخترق صفوف العصابات متخفّياً، حتى يقترب من الزعيم الملقّب بـ”البادرينو” (العرّاب باللاتينية)، علماً أن القصة الحقيقية للمحقق تنتهي باختطافه وتعذيبه وقتله في عام 1985 في المكسيك، على يد «غالاردو» الذي يقضي حالياً في سنّ الثانية والسبعين، عقوبة السجن لمدة 37 عاماً منذ اعتقاله في عام 1989، في حملة طاولت أكثر من تسعين ضابط شرطة من المتواطئين في أعماله.

وتحدّث بينيا عن العمل في تصريحات صحافية قائلاً إنه شعر بضغط كبير عندما طُلب منه لعب الدور، كاشفاً أنه في البداية لم يرغب في القيام بالمهمة، ولكن أثناء الاستعداد للدور وتمضية بعض الوقت مع زوجة كامارينا، ميكا، قال بينيا إنه تمكن من العثور على الشخصية، موضحاً: “أخبرتني أن الشيء الذي جعل هذا الشخص يتحرك، الشيء الذي حفزه، هو حقيقة أنه كان يريد أن يشعر... أن شيئاً ما يحدث، وأنه كان بحاجة إلى القيام بشيء حيال ذلك». وأكّد أنه أدرك أن لا أحد يعرف مدى تعقّد العصابات، مضيفاً: “ليست المشكلة فقط في أن كيكي لم يدركها، لكن أميركا لم تدركها أيضاً، ولا أعتقد أن المكسيك أدركتها».


يواكيم كوسيو يؤدي «دون نيتو»

ومن الشخصيات الرئيسة أيضاً التي ظهرت في الحلقة الافتتاحية وتستمر في البطولة، إرنستو فونسكا كاريللو الشهير بـ”دون نيتو” ورافايل كارو كوينتيرو، من أداء الممثلَين المكسيكيين على التوالي يواكيم كوسيو وتينوش هويرتا. وفي جانب السياق الدرامي، يقضي كاريللو في الواقع عقوبة السجن لمدة أربعين عاماً، منذ اعتقاله في عام 1985، علماً أنه نُقل الى “حبس منزلي” منذ عام 2016 بسبب ظروفه الصحية.


ينوش هويرتا يجسّد «رافايل كارو كوينتيرو»

وتضع السلطات الأميركية مكافأة قدرها عشرون مليون دولار للقبض على كوينتيرو، بعد أن خرج من السجن في عام 2013، رغم الحكم عليه بالحبس مدة أربعين سنة في عام 1985، ليصبح من بين أكثر خمسة عشر رجلاً مطلوبين من جهاز الإنتربول. وفي شهر آذار/مارس الماضي، نفّذ الجيش المكسيكي بالتعاون مع البحرية حملة إنزالات جوية استخدم فيها طائرات «بلاك هوك» المروحية، للقبض على كوينتيرو، من دون أي نتيجة. وعلى الرغم من الاستناد إلى قصص حقيقية، بما يتعين على ذلك من مصائر مكشوفة، إلّا أن البناء على تجربة سلسلة "ناركوس" الأولى، ومعالجة الحلقة الأولى، يبيّن أن لا خطر من ناحية فقدان التشويق، لا سيما أنها تدخل الى العوالم النفسية الخاصة بالشخصيات وتاريخها ودوافعها وحياتها الخاصة، إضافة الى كشف تفاصيل لم تكن معروفة أيضاً.