تحقيق مغربي - فرنسي في اغتصاب قاصرين بمراكش

قضية / قضايا الطفل / الأطفال, الإعتداء الجنسي, طفل / أطفال, دار الحكمة, النيابة العامة, عنف جنسي, إغتصاب, مراكش, عنف ضد الطفل

04 يوليو 2011

أقامت جمعية «ما تقيش ولدي» (لا تمس ولدي) التي تنشط في المغرب في مجال محاربة الاعتداء الجنسي على الأطفال وزنا المحارم والاستغلال الجنسي،  دعوى في باريس على مجهول، بتهمة الاعتداء على أطفال مغاربة في مدينة مراكش، وذلك بصفتها طرفاً مدنياً عقب صدور تصريحات صحافية من الوزير الفرنسي السابق لوك فيري على قناة «كنال بلوس» الفرنسية في برنامج «Le  grand journal» قال فيها إن وزيراً زميلاً له في الحكومة مارس الجنس مع مجموعة من الأطفال المغاربة في مدينة مراكش، إلا أن المسؤول الفرنسي لم يكشف هوية زميله ولا تاريخ الاعتداءات الجنسية

وانضمت إلى الجمعية جمعيتان مغربيتان مسجلتان في فرنسا، وأودعت شكوى مماثلة الأسبوع الماضي لدى النيابة العامة في مراكش من جانب مصطفى الراشدي باسم الجمعي نفسها
. وطالبت جمعيات مدنية بإطلاع الرأي العام المحلي والوطني والدولي على مجريات التحقيق في قضية الوزير الفرنسي المتهم باغتصاب أطفال في مراكش. وأضافت أن «كرامة المغاربة فوق كل اعتبار»، وأن على الحكومة أن تعالج الظاهرة في شموليتها لما أصبح يعرف عن المغرب بأنه وجهة مفضلة للراغبين في تفريغ نزواتهم الجنسية البهيمية.


وعلى خلفية تصريح وزيرة التنمية الاجتماعية للأسرة والتضامن نزهة الصقلي أن «وكيل الملك بمراكش تلقى أمرا قضائيا من قبل وزير العدل يقضي بفتح تحقيق معمق حول القضية»، اعتبرت الجمعيات ذاتها أن خروج الحكومة المغربية عن صمتها المريب خطوة إيجابية لكنها غير كافية إذا لم يستمر التحقيق بطريقة صارمة وجادة.

من جهته، ثمن مولاي مصطفى الراشدي المستشار القانوني لجمعية «ما تقيش ولدي» قرار فتح التحقيق، مشيرا الى أن ذلك ليس إلا بداية للعمل بجدية للكشف عن الحقيقة كاملة، وأضاف أن المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية في فرنسا عرف اهتماما إعلاميا كبيرا، لثقل القضية وتأثيرها على الرأي العام، مشيرا الى أنه قدم للصحافيين إجابات حول «دفاع المغاربة عن كرامتهم» في سياق الدعوى التي رفعتها الجمعية ضد الوزير المجهول، وأن الجمعية لم يكن في حسبانها ما يجري في المطبخ الفرنسي عندما أقدمت على ذلك.

وحذرت رئيسة جمعية «ما تقيش ولدي» نجاة أنور مستغلي الأطفال جنسيا الأجانب من أن المغرب بات يملك ترسانة قانونية تعزز حماية القاصرين، معبرة عن «غضبها» و«استيائها» إزاء هذا «الاستعراض الإعلامي» لأطفال مغاربة في فرنسا.
وقالت في مؤتمر صحافي عقدته في باريس: «احذروا، المغرب أضحى جد حازم»، مستشهدة بعقوبة الحبس لثلاثين سنة الصادرة أخيرا في المغرب في حق إسباني متورط في إقامة علاقات جنسية مع أطفال.


إدانة

إلى ذلك، أكدت السلطات المغربية أنها «تتابع الملف بما يلزم من الجدية، وأعطت تعليمات للنيابة العامة والوكيل العام للملك باستئنافية مراكش للقيام بالتحريات القضائية اللازمة لاستجلاء الحقيقة».
ودان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري هذه «الجريمة النكراء»، معبرا عن دعمه لعمل المجتمع المدني، وقائلا «إن المجتمع المدني تحرك ولديه الحق في ذلك».

ورأت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية بثينة قروري أنه كان على الحكومة القيام بهذه الخطوة تلقائيا لما يفرض عليها واجبها من حماية سمعة المغاربة وأطفالهم، بدل أن تنتظر أن تبح أصوات الجمعيات المدنية وتهتم بذلك وسائل الإعلام الغربية. وأكدت نية المنتدى الدخول كطرف مدني في هذه القضية وتتبعها عن قرب، مطالبة الحكومة بإطلاع المغاربة على مجريات التحقيق.

وطالبت بتشديد العقوبات ضد جرائم السياحة الجنسية، منوهة بقرار محكمة الاستئناف في القنيطرة القاضي بسجن مواطن إسباني لمدة 30 سنة بتهمة الاعتداء الجنسي على نحو 10 أطفال قاصرين في المدينة.
واستغرب عبد الكريم الهوايشري، النائب عن فريق العدالة والتنمية، كون الدراسة الوطنية حول ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال التي وعدت الحكومة بإنجازها لم تر النور حتى اليوم، مؤكدا أنها ستشكل استراتيجية لمحاربة العنف الجنسي للأطفال.

 


من جهتها، فالت النائبة بسيمة الحقاوي: «فيما تطل علينا وجوه مسؤولين حكوميين فرنسيين يفضح بعضهم بعضا بخصوص الاستغلال الجنسي لأطفال مغاربة في مراكش، لا تتحرك الحكومة ولا تتابع الأمر ولا يصدر عنها أي رد فعل على الفضائح المرتبطة ببلادنا».
ومن جهتها، أعلنت الجمعية الدولية لمكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال «براءة في خطر» عزمها على  إقامة دعوى على الوزير الفرنسي لوك فيري من أجل «عدم التبليغ عن جريمة يعاقب عليها القانون».

وقال المحامي يوسف شهبي الذي أوكلت إليه مهمة إقامة الدعوى، إن الفصل 299 من القانون الجنائي ينص على أن أي شخص علم بجريمة وقعت أو يخطَّط لها، ولم يعلم بها السلطات المعنية، يعاقب من شهر إلى سنتين حبسا نافذة وبغرامة من 200 إلى ألف درهم. وأضاف أن هذه القضية ستحرج العديد من المسؤولين المغاربة، لأن التحقيق فيها يمكن أن يدل على من تستر على جريمة الوزير الذي اتهمه لوك فيري باغتصاب 14 طفلا.


ملاحقة

لم يتأخر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه في التعليق على القضية، فقال في تصريح لإذاعة «فرانس كولتور»، إنه «كان يتوجب على الوزير السابق لوك فيري التقدم بشكوى أمام العدالة بدل الثرثرة» في وسائل الإعلام. وأضاف أن من الخطأ عدم كشف الأمر في حال التأكد منه، كما أن الحق في الإعلام لا يعني الحق في التقول.

من جهتها، أدلت وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي بدلوها، أيضا، في تصريحات إذاعية، قائلة إن ما ورد على لسان فيري من اتهام من دون تسمية المتهم يعتبر تسترا على جريمة. وأضافت النائبة الأوروبية أن في فرنسا تشريعات تسمح بملاحقة كل من يرتكب أفعالا جنسية ضد أطفال، ولو تمت في الخارج.


تقارير سابقة
وتستقبل جمعية «ماتقيش ولدي» سنويا العشرات من قضايا اغتصاب الأطفال، وفي تقرير سابق لها لسنة 2008، تظهر الإحصاءات أن عدد حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال تزايد بشكل خطر وصادم، إذ وصلت إلى 306 حالات، في الوقت الذي كان ينحصر عدد الحالات المحصية في سنة 2006 فقط في 20 حالة، وفي 2007 في 50 حالة. وبدأت ظاهرة الاستغلال الجنسي، حسب تقرير للجمعية، تأخذ طابعاً بنيويًا وهيكليًا لارتباطها من جهة بجزء من السياحة التي تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ومن جهة أخرى بالطابع المنظم لارتباطها بشبكات ومنظمات إجرامية تجعل من دعارة الأطفال تجارة تتجاوز حدود المغرب، ولها امتدادات على الصعيد الدولي.

وكشف تقرير سابق لـ «التحالف ضد الاستغلال الجنسي للأطفال» في المغرب، أن نحو 80 في المئة من حالات استغلال القاصرين هي اعتداءات جنسية. وأشار التقرير، الذي أعده خالد الشرقاوي السموني رئيس التحالف، إلى أنه ما بين 600 مليون من السياح، هناك 60 مليونا يختارون تمضية عطلهم في بعض البلدان بهدف السياحة الجنسية. وذكر التقرير، إن نسبة الأطفال ضحايا السياحة الجنسية ارتفعت إلى مليون سنويًا.