نادية لطفي: قلبي توقف عن الخفقان... وهؤلاء أنقذوني

القاهرة – محمود الرفاعي 09 ديسمبر 2018

تعد نادية لطفي إحدى أيقونات السينما المصرية والعربية، بحيث قدمت خلال مسيرتها الفنية أكثر من 100 فيلم سينمائي، واختيرت واحدة من أجمل النساء العربيات في القرن العشرين، وكانت فتاة أحلام الشبان طوال فترة تألقها الفني. “لها” التقت الفنانة القديرة نادية لطفي، فتحدثت عن مسيرتها الفنية الطويلة، وتكريمها الأخير في مهرجان الإسكندرية السينمائي، وكشفت عن رأيها في الثنائي الذي كوّنته مع الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، والفنانين الذين تحب مشاهدتهم في الوقت الحاضر.

 

- في البداية نود الاطمئنان على صحتك...
الحمد لله صحتي اليوم مستقرة، وأودّ أن أشكر الفريق الطبي في مستشفى القوات المسلحة، الذي أحاطني بالرعاية والاهتمام، وخصوصاً الطبيب محمد توفيق رئيس قسم جراحة الأعصاب، كما أشكر الأطباء في مستشفى قصر العيني، وخصوصاً الدكتور فتحي خضير، الذين أسعفوني بعد أن توقف قلبي عن الخفقان. وأضافت ضاحكة: “يحيي العظام وهي رميم”.

- بمَ شعرتِ بعد أن تم اختيارك لتكوني رمز الدورة الجديدة من مهرجان الإسكندرية السينمائي؟
سُررتُ كثيراً باختياري رمزاً لمهرجان الإسكندرية الدولي، فهذا المهرجان يدل على تطور الفن في مصر، ويعكس أهمية الحضارة المصرية.

- ما رأيك في تصميم “الأفيش” الذي تلقيته هديةً من رئيس المهرجان؟
للأسف، لم أرَ “الأفيش” بعد، وهو على أي حال خاص بالجمهور، لكن “الأفيش” الذي رسمته في مخيلتي تصعب مقارنته بما تم تصميمه، فرغم أنه رائع الجمال، كان هناك ما هو أجمل منه، أي دعوتي للمهرجان وعيشي أسعد اللحظات مع الحضور، وهنا أشكر إدارة المهرجان ورئيسه الأمير أباظة، الذي سعى جهده لإنجاح المهرجان، وإظهاره بصورة تليق بمصر.

- لكِ أرشيف فني ضخم، لكنكِ اخترتِ ثلاثة أفلام فقط لعرضها في المهرجان، وهي “السمان والخريف” و”قصر الشوق” و”قاع المدينة”، فما السبب؟
في الحقيقة، اخترت هذه الأفلام في محاكاة مني لثلاثية الأديب الكبير نجيب محفوظ، ولأنني وجدتها رائعة وجديرة بالتكريم، ففي فيلم “السمان والخريف” قدمت شخصية “ريري”، وفي “قصر الشوق” جسّدت دور “زنوبة”، وهذان العملان من إبداع الكاتب العظيم نجيب محفوظ، وقد سبق له أن أشاد بأدائي الجيد لأدواري في هذين الفيلمين اللذين حققا نجاحاً باهراً، إضافة الى فيلم “قاع المدينة” للكاتب الشهير يوسف إدريس.

- هل صحيح أنك اعتذرتِ عن تكريمك من مهرجان الإسكندرية في دورته الثلاثين لعام 2014؟
هذا الكلام لا أساس له من الصحة، فأنا أحرص دائماً على حضور المهرجان، سواء أكان لتكريمي أم لا، ولم يسبق لي أن اعتذرت عن حضور هذا المهرجان، ذلك لما يمثّله من أهمية بالنسبة إليّ، فقد كُرّمت في عهد السيد كمال الملاخ، وسعد وهبة، ووزير الثقافة الأسبق فاروق حسني.

- حين يتناهى اسم نادية لطفي إلى مسامعنا، تدغدغنا مشاعر جميلة هي مزيج من السعادة والفرح والحب والرومانسية، هل تشعرين بهذا الحب؟
دائماً تتلاقى القلوب، ولطالما شعرت بهذا الحب الذي يرافقني أينما ذهبت، لكنه بلغ ذروته في هذه المرحلة.

- هل كنت فتاة أحلام الشبان؟
كنت فتاة أحلام الشبان وصديقة لكل الفتيات.

- ما حقيقة أن السيدات كن يقلّدنك في ملابسك؟
هذا ما كان يحدث فعلاً، لكن سأوضح لك أمراً، وهو أن الجمهور ينجذب الى صورة الفنان البرّاقة على الشاشة، والذي يرتدي الملابس وفقاً للشخصيات التي يجسّدها في أعماله الفنية، ولكن الجمهور يغفل عن واقع هذا الفنان وما يرتديه من ملابس في حياته اليومية، وأنا شخصياً أعشق البساطة في كل أمور الحياة، بما في ذلك الملابس، ربما هذا سر حب الناس لي.

- هل تذكرين أول مشهد قدّمته أمام الكاميرا؟
لا يمكنني أن أنسى هذا المشهد، فقبل أن تدور الكاميرا كان القلق والخوف مسيطرين عليَّ، لكن بعد أن أعلن المخرج بدء التصوير، تبدّد خوفي وتحول الى رغبة في تحقيق حلم النجومية، منذ بداية ظهوري الأول في عالم الفن.

- هل تعرفين كم هو عدد أفلامك في قائمة أهم 100 فيلم مصري؟
أذكر منها أفلام: “سلطان” و”الناصر صلاح الدين” و”المومياء” و”حبي الوحيد” و”الخائنة”.

- ما أصعب تلك الأفلام بالنسبة إليك؟
“المومياء”، لأنه يتحدث عن القدرة على استخدام أدوات التعبير في وقت لا يزيد على ثلاث دقائق، وكان هذا تحدياً مهماً بالنسبة إليّ.

- لماذا كنت تفضلّين دائماً تجسيد أدوار لأفلام مأخوذة عن كبار الكتاب من أمثال نجيب محفوظ ويوسف السباعي وإحسان عبدالقدوس؟ ومن أقربهم إليك؟
يُعد هؤلاء من أبرز الكتّاب في العالم العربي، ويشرّفني تقديم شخصيات في أفلام من كتابتهم، وهذا شكّل إضافة الى رصيدي الفني، ومن الأدوار التي أفخر بها شخصية “ريري” في فيلم “السمان والخريف” للكاتب نجيب محفوظ، والمخرج المبدع حسام الدين مصطفى، ففي هذا العمل استقى الأديب نموذجاً فقيراً من المجتمع تعاطفتُ معه ووقفت الى جانبه وساندته في أدائي ودافعت عنه، مما جعل الناس يعشقون “ريري”... كما أعتز بأدائي لشخصية العالمة “زنوبة” في فيلم “قصر الشوق”، وهو أيضاً للأديب نجيب محفوظ، فهذه الشخصية لا تزال راسخة في ذهني، لأنها تطلبت مني مجهوداً كبيراً كي أتعلّم رقص العوالم وأبرع فيه... كذلك أفخر بدوري في فيلم “النظّارة السوداء” من تأليف إحسان عبدالقدوس، هذا الدور الذي لاقى إعجاب الجمهور.

- قال إحسان عبدالقدوس إن نادية لطفي وفاتن حمامة أفضل من جسدتا رواياته، فما تعليقك؟
لـ”سيدة الشاشة العربية” فاتن حمامة الأسبقية والأولوية في تجسيد كتابات إحسان عبدالقدوس، وأداؤها يجمع بين البساطة والاحتراف، فهي بسيطة أمام الجمهور الذي عشقها، وممثلة محترفة وراء الكاميرا، فهي نجمتي المفضلة منذ الصغر، ولطالما حلمت بلقائها ومصافحتها. لم أفكر يوماً بالعمل في السينما، أو أن أصبح نجمة، أو صديقتها حتى آخر لحظة... ومن شدّة حبي لها، عندما وقّعت أول عقد عمل مع رمسيس نجيب، اشترطت ألاّ أمثّل مشاهد خادشة للحياء، ولا أمثل إلاّ مع فاتن حمامة وتحية كاريوكا، ففراق فاتن آلمني كثيراً.

- حدّثينا عن تجربتك مع يوسف شاهين في فيلم “الناصر صلاح الدين”.
هذا الدور أكسبني المزيد من الخبرة، ولا أنسى مدى صبر يوسف شاهين عليّ وإرشاداته وتوجيهاته لي كي أقدّم أفضل أداء في هذا الفيلم التاريخي.

- من كان الأقرب إليك من الفنانين الذين وقفت أمامهم في السينما؟
أستطيع القول إن كل فنان وقفت أمامه كان متفرداً في منطقته، وقد تشرّفت بالعمل مع نجوم كثر، لعل أبرزهم العملاق فريد شوقي، والفنان أحمد مظهر الذي مثلت معه في أفلام “الناصر صلاح الدين” و”النظّارة السوداء” و”أيام الحب”... ورشدي أباظة الذي شاركته في فيلم “عدو المرأة”، والفنان عماد حمدي الذي تعاونت معه في فيلم “أبداً لن أعود”، ومحمود ياسين في فيلم “زهور البرية”، والقدير محمود مرسي في “السمان والخريف” و”الخائنة”، إضافة إلى أعمال سينمائية مميزة مع العندليب الأسمر.

-وماذا عن الثنائي الذي كوّنته مع عبدالحليم حافظ في “أبي فوق الشجرة”؟
هذا الفيلم أكثر من رائع، وقد شكّل نقلة نوعية في السينما الاستعراضية، لكن لي مأخذ على المشاهد الجريئة في الفيلم، وأرى أنها لو حذفت فلن يتاثر السياق الدرامي للأحداث. كان عبدالحليم حافظ يتمتع بشعبية كبيرة، وهذا وضع المخرج حسين كمال في مأزق كبير، فبذل جهوداً مضاعفة كي ينجح الفيلم ويرقى الى نجومية “العندليب الأسمر”.

- هل ما زلت تحتفظين بنظّارتك السوداء الشهيرة التي ظهرت بها في أشهر أفلامك؟
نعم، لأنني أحبّها وتعني لي الكثير وأستعيد بها ذكريات جميلة، لعل أهمها اللحظات السعيدة التي عشتها في فيلم “الخطايا” الذي جمعني مع عمالقة التمثيل، مديحة يسري وعماد حمدي وعبدالحليم حافظ وحسن يوسف والقدير فاخر فاخر الذي تعلّمت منه الكثير.

- قدّمت الكثير من الشخصيات، لكن من أقربها إليك؟
شخصية “لويزا” في “الناصر صلاح الدين”، تشبهني في تركيبتها الإنسانية والنفسية والاجتماعية، فهي فارسة وأنا أهوى الفروسية...

- ما الصوت الذي يلفتك؟
عبدالحليم حافظ وعبد المطلب وليلى مراد.

- ما رأيك في مستوى الفن حالياً؟
لا يمكنني تقييم مستوى الفن، لأنني فنانة وجزء من الفن، ولست في موقع النقد، فالنقد هو من اختصاص الكتاب والنقاد.

- من هم الفنانون الحاليون الذين يعجبك أداؤهم؟
هند صبري، أحمد السقا، أحمد مكي ودنيا سمير غانم في ديو “الكبير أوي”، ومحمد هنيدي ومحمد سعد يضحكاني، وهناك نجمات يعتبرن أقرب إلى جيلي، من أمثال إلهام شاهين، يسرا، ليلى علوي، وميرفت أمين.

- كيف تلخصين مسيرتك الفنية؟
هي مسيرة فنية ممتعة جداً، وفخورة بها، ويكفي أنني استمتعت بحب الناس، وهذه في رأيي أكبر جائزة حصلت عليها عن مجمل أعمالي.

- قدّمتِ مئات الأعمال الفنية، هل ندمتِ على أي منها؟
العمل الذي ندمت عليه هو “ثورة بنات”، من تأليف وإخراج كمال عطية، فهذا الفيلم لم ينل إعجاب الجمهور، ولم يحقق أي نجاح.