ثريا العوضي: الرجال أصبحوا أكثر تقبّلاً لوجود سيدات أعمال

الإمارات العربية المتحدة, سيدة أعمال, المرأة الخليجية / نساء خليجيات

01 أكتوبر 2012

عندما تحادثك تخرج من بين حروف كلماتها رائحة الماضي الإماراتي الأصيل، المغلّفة بروح دبي العصرية. ويبدو هذا أكثر وضوحاً في تمسكها بما نشأت عليه من قيم ومبادئ إماراتية خالصة غرسها في وجدانها والدها رجل الأعمال الراحل عبد الله قمبر العوضي، وظل صدى كلماته ونصائحه في أذنيها حتى الآن، متخذة منها نبراساً تهتدي به في أعمالها ومشاريعها التجارية، حتى غدت خلال ثماني سنوات واحدة من أبرز سيدات الأعمال الناجحات في الخليج والمنطقة.
سيدة
الأعمال الإماراتية ثريا العوضي حدثتنا في الحوار التالي عن مسيرتها العلمية والعملية، وعن أهم النصائح والأسلحة التي يجب أن تتمسك بها سيدة الأعمال، إضافة إلى الحديث عن شركاتها ومشاريعها الجديدة في الإمارات وخارجها.

- من هي ثريا العوضي؟
ثريا عبد الله قمبر العوضي، سيدة أعمال إماراتية، أعتز بكوني من مؤسِسات مجلس سيدات أعمال الإمارات في العام 2000. الوالد كان رجل أعمال ناجحاً، وهو أول من بنى قسماً كاملاً في مستشفى آل مكتوم منذ 50 عاماً. عندي 7 من الأولاد (خمس إناث وولدان). عندما تزوجت لم تكن هناك جامعة في الإمارات، فسافرت مع زوجي إلى أميركا، وأمضينا هناك عشر سنوات، التحقت خلالها بالجامعة، وعندما عدت كان الجميع يقولون لي ستحصلين على وظيفة محترمة لشهادتك الجامعية، لكني قلت أنا أم وأولادي عندي في المقام الأول، وعندما يكبرون سأبدأ أعمالي التجارية. وبالفعل هذا ما حدث، فلم أدخل مجال المال والأعمال والتجارة إلا منذ سنوات قليلة، وبالإضافة إلى الشركة الأم الخاصة بالعائلة، والتي تعمل في مجال العقارات، أنشأت شركات خاصة بي.

- من كان وراء بلورة شخصيتك المحبة للعمل؟
في الواقع هو الوالد (رحمه الله)، فعلى الرغم من أنه توفي وعمره 42 عاماً فقط فقد أثر فينا كثيراً. وأذكر أننا عندما كنا نعود للبيت من المدرسة وننزل من الحافلة كنا نجده في انتظارنا بسيارته أمام البيت، يستقبلنا ويأخذنا بالأحضان. حتى إن زميلاتي كن يحسدنني على هذا، ويقلن لي ما شاء الله والدكم عطوف جداً ويحبكم كثيراً، لأن الآباء وقتها كانوا أكثر جدية وشدة من الآن. لكن والدي يرحمه الله كان غير ذلك، وكان يشجعنا، ودائماً ما كان يقول: إن التعليم أهم سلاح للإنسان، وهو الذي يساعده على رسم مستقبله، فكثير من التجار يملكون المال، وعندما يخسرونه فهم قد خسروا كل شيء، لكن الإنسان المتعلّم حتى لو خسر ماله فعنده أساس يستطيع أن يبني عليه وهو دراسته وعلمه، الذي يؤهله للعودة والوقوف على قدميه مرات ومرات. وعندما سافرت إلى أميركا كان صدى كلماته دائما في أذني، خصوصاً عندما كنت أخوض مسابقات علمية.

- وماذا عن بداياتك العملية في عالم البيزنس؟
دخلت مجال الأعمال منذ ما يقرب من 8 سنوات، وكانت أختي ناريمان العوضي تدير شركاتنا، وبحكم عملها في البنك المركزي كانت توكل إليّ مهمات خاصة في الشركة، فكنت أتعامل مع الدوائر والبنوك، وأدير هذه الأعمال من بيتي، وعندما كانوا يسألونني أين مكتبك؟ كنت أجيب مكتبي في البيت، وعندما دخلت ابنتي الروضة انتقلت للقيام بأعمالي من مكتب الوالد.

- هل من عراقيل واجهتك في بداياتك؟
أرى أن أي إنسان عنده الرغبة الجادة في النجاح وخوض أي عمل لا يهتم كثيراً بالعراقيل التي قد تعيق نجاحه، والحمد لله لم أواجه صعوبات من الممكن أن أطلق عليها معوقات أو عراقيل، بل كانت كلها أمورا عادية مثل التي تواجه أي إنسان في بداياته. والحمد لله دولتنا وشيوخنا الكرام يوفرون لنا كل مقومات النجاح منذ أيام المغفور لهما الشيخ زايد والشيخ راشد، ومن بعدهما صاحبا السمو الشيخ خليفة بن زايد والشيخ محمد بن راشد، وكذلك سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات). وعندما ترى عدد سيدات الأعمال وعضوات المجلس الوطني الاتحادي والنساء العاملات في المؤسسات والهيئات الحكومية، تدرك مدى دعم قيادة الإمارات للمرأة.

- وما الذي شجعك على دخول مجال العمل؟
أرى أنني من المحظوظات، فعندما دخلت مجال الأعمال لم أبدأ من الصفر، بل كانت عندنا شركات ومكتب الوالد، لكن أهم وأكبر سلاح برأيي هو التفاؤل، فدائماً أنا متفائلة، بخلاف من يضعون الصعاب والعراقيل نصب أعينهم منذ البداية، إضافة إلى ذلك أنا طموحة الى أبعد الحدود.

- ما أساس نجاح أي مشروع تترأسه سيدة؟
أساس نجاح أي مشروع تديره سيدة يأتي أولاً من الدراسة الجيدة للمشروع قبل البدء فيه، شرط ألا تعقد الأمور على نفسها من البداية، ولا بد أن تملك مقداراً كبيراً من الجرأة المطلوبة جداً في التجارة، وأن تكون صادقة في كلامها ووعودها، وأمينة، ونشيطة ومطورة لنفسها وأدواتها، وأن تلتزم المواعيد وتقدر قيمة الوقت، وأن تكون اجتماعية وعندها القدرة على تكوين صداقات وشراكات في مجال عملها.

- وما النصائح التي يمكن أن تسديها لسيدة أعمال مبتدئة؟
إضافة إلى ما ذكرت آنفاً، أنصح من تود خوض أي مجال من السيدات أن تبدأ بمشروع صغير، وألا تضع كل أموالها فيه دفعة واحدة، من الممكن أن تبدأ من بيتها ولو برخصة مشروع منزلي، مما يوفر عليها إيجار مكان للمشروع. وعندما تتأكد من نجاح تجربتها لا مانع من استئجار مكان خاص بعملها وتكبر رويداً رويداً، وأهم شيء ألا تضع العراقيل نصب أعينها من أول خطوة، لتبدأ صغيرة وتكبر شيئاً فشيئاً، كما أنصحها بالمشاركة في المعارض والمؤتمرات، وأن تكوّن دائرة علاقات وصداقات ومعارف في مجالها. فأنا منذ ثلاث سنوات أعمل في تنظيم المعارض، وشاهدت الكثيرات من صاحبات المشاريع المنزلية اللواتي توسعن في أعمالهن وأنشأن مكاتب ومحال خاصة بهن لعرض أعمالهن. كما أنصحها بأن تبدأ بنشاط واحد، وعندما ينجح تبدأ في نشاط جديد، ولا تشتت نفسها وتركيزها ومالها في مجالات متعددة من البداية.

- حدثينا عن يوم عمل كامل لك؟
عادة ابدأ عملي عند التاسعة صباحاً، ودائماً أرتب مواعيدي ومقابلاتي واجتماعاتي من بداية اليوم، إضافة إلى أنني في بعض الأحيان أقوم بمراجعة الدوائر المؤسسات الحكومية بنفسي، ليس لعدم وجود مندوب يقوم بذلك، ولكن لأني أحب بين فترة وأخرى القيام بهذا الأمر لكي أشاهد صديقاتي ومعارفي الذين يعملون في هذه الأماكن. وفي المكتب يذهب معظم الوقت في الاتصالات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، حيث معظم الأعمال تتم حالياً من خلالهما، إضافة إلى بعض الأيام التي أرتبط فيها بمناسبات اجتماعية أو معارض، تكسبني معارف وصداقات جديدة، أراها أهم شيء في التجارة.

- ما طبيعة أعمال الشركات التي تملكينها؟
عندي شركة ديكور، وأعمل حالياً على تأسيس شركة (HTH) في السودان مع سيدة أعمال سودانية، على أن تختص الشركة بالإنشاءات والديكور أيضاً، وسنركز من خلالها أكثر على الأعمال خارج الإمارات. كما أنشأت منذ ست سنوات شركة للتنظيفات والحمد لله تتوسع بشكل جديد، وأخيراً عندي شركة (ثريا الإمارات) لتنظيم المعارض، وقد نظمت في دبي نحو ثمانية معارض، وكذلك معارض في الاتحاد النسائي في أبوظبي، وتوجهي حالياً أن أنظم معارض خارج دبي، بعد تشجيع الجميع لي لإعجابهم بجودة وحرفية التنظيم الذي نقوم به. وقد أنشأت منذ أربع سنوات مشروع «البيت العائم»، وهو عبارة عن ملحق لفندق يطل على البحر وكأنه فيللا خاصة منفصلة عن الفندق، وقد لاقت هذه الفكرة ترحيباً كبيراً، وأعمل حالياً على تطويرها وتنفيذها في أماكن متعددة.

- ولماذا خضت هذا المجالات تحديداً؟
عندما دخلت مجال الأعمال لم تكن هناك فكرة أو مجال معين يدور في تفكيري أو كنت أخطط له، بل كلها جاءت بناءً على متطلبات السوق ووجدتها ناجحة، لكن الشيء الوحيد الذي حصل برغبة شديدة مني هو شركة تنظيم المعارض، لأنني بطبعي اجتماعية وأحب التواصل والتعرف على الناس، سواء من الإمارات أو من خارجها.

- ما مقومات المديرة الناجحة؟
في الواقع أنا مديرة طيبة، أعامل من يعملون معي بكل احترام وتقدير، وهذا ما غرسه في نفوسنا الوالد رحمه الله. والحمد لله علاقاتي مع الموظفين قائمة على الاحترام والصدق والصراحة. وأهم شيء للمديرة الناجحة أن تكون على قدر كلامها وأن يكون كلاماً هادفاً موزوناً، وإذا لاحظت تغيراً على أي موظف تسأل عن أسبابه وتحاول حل مشاكله أو المساعدة على حلها.

- هل تواجه سيدة الأعمال إشكالية في تعاملها في سوق يتسيدها الرجل؟
نحن بلا شك مجتمع ذكوري، السيطرة فيه للرجل، لكن ما يدعم سيدة الأعمال في المقام الأول هو وقوف قيادتنا الحكيمة معنا، ودعمها لنا كسيدات أعمال، وتذليل كل العراقيل التي تواجهنا، وبناءً عليه لا أرى أي عائق، حتى إن الرجال أنفسهم أصبحوا متقبلين لوجود سيدات أعمال في المجتمع، وفي النهاية النجاح للأفضل، ودائماً مساعدة الزوج أو الأب لها أثر كبير في نجاح سيدة الأعمال.

- ما مدى تعاطي سيدة الأعمال الإماراتية مع الدعم والموارد المتاحة لها؟
الحمد لله عندنا في الإمارات الكثير من المؤسسات الداعمة للمرأة وللشباب عموماً، مثل مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد، ومؤسسة الشيخ محمد بن راشد، فالدعم موجود، لكن أرى أن سيدة الأعمال، والمرأة الإماراتية عموماً، لم تستغل هذا الدعم بالطريقة المرجوة إلا بنسبة 40 في المئة.