جمعيات نسائية وحقوقية تحرج الحكومة المغربية

حقوق المرأة, عنف ضدّ المرأة, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, ندوة

15 أكتوبر 2012

أحرجت جمعيات نسائية وحقوقية رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي خلال المؤتمر الإقليمي حول الوقاية ومحاربة العنف ضد النساء الذي عقد في الرباط أخيراً٬ بخوض ممثلاتها وقفة احتجاجية صامتة رفعن خلالها شعارات نارية تصف الوضع المزري للمرأة المغربية، وطالبن بالتعجيل في إنشاء هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وبتوضيح موقف الوزارة بالنسبة الى استراتيجيتها في مجال مناهضة العنف ضد النساء.


«العنف ضد المرأة في المغرب، يدق ناقوس الخطر»، بهذه العبارة علّق رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران على الإحصائيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط، والتي تفيد بأن نحو 6 ملايين امرأة تعرضن للعنف بمختلف أنواعه، مشددا في كلمة افتتاحية على أن هذا الرقم يفرض وضع إجراءات تنظيمية وتربوية وثقافية وقانونية من أجل التقليل من الظاهرة في سياق محاربتها، داعيا إلى توثيق الشراكة بين مختلف الفاعلين في مجال محاربة العنف ضد النساء من أجل تعزيز حماية المرأة. كما أكد ضرورة إعادة النظر في القانون الجنائي بما يحمي النساء من العنف، وإنشاء مرصد وطني لحماية المرأة من التعنيف، فضلا عن ضرورة وضع برامج تستهدف الضحايا.

إلى ذلك، لفت بن كيران إلى أن الثقافة الإسلامية أعطت المرأة مكانة عالية لم تمنحها إياها أي ديانة غيرها، مشيرا إلى أن من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة كون الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يضرب امرأة في حياته قط سواء زوجاته أو أي امرأة أخرى، الأمر الذي اعتبره بن كيران بمثابة توجيه نبوي للناس باعتبار أن العنف ضد النساء جريمة وسلوك منحرف.


العنف مستمر

من جهتها، اعتبرت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي أن الندوة الإقليمية تسعى لجمع الكثير من التقارير والاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية والإقليمية، والعديد من المبادرات المجتمعية والمدنية والإعلامية أيضا، بالإضافة إلى الاتفاقات والمعاهدات والتوصيات العربية والأوروبية التي أبرمت في هذا الصدد، من قبيل الميثاق الاجتماعي الأوروبي، والتوصية الخامسة المتعلقة بحماية النساء من العنف لسنة 2002، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وكذلك إعلان الرباط بمناسبة انعقاد الملتقى المتوسطي الأول لمحاربة العنف ضد النساء 2005.

وأشادت الحقاوي بالجهد الأوروبي في مجال محاربة العنف ضد النساء من خلال إنتاج استراتيجيات وتنظيم حملات والالتزام بالمعاهدات، ونوهت بالجهود العربية المشتركة التي نسقتها منظمة المرأة العربية، والمتمثلة ابتداء في إطلاق استراتيجية النهوض بالمرأة العربية عام 2002، وصولا إلى الإستراتيجية العربية لمناهضة للعنف ضد المرأة لـ2011/2020، والمعنونة «حق المرأة في حياة خالية من العنف».
وأشارت إلى أنه رغم الزخم والتراكم الإيجابي من المنجزات الإقليمية التي حُققت على مستوى محاربة العنف ضد النساء، لا يزال العنف مستمرا، ولا تزال الظاهرة مستفحلة بمختلف أبعادها، مضيفة أن الجهود المبذولة لا تزال منعزلة بعضها عن البعض.

وأفادت أن العنف الممارس ضد النساء يتركز بالخصوص في الفئة العمرية النسائية النشطة (18-45 سنة)، وهو ما اعتبرته الحقاوي معطى إحصائيا وديموغرافيا له كثير من الآثار الاقتصادية والاجتماعية، لأن الفئة العمرية المتضررة هي المساهمة في الناتج الداخلي الاجمالي، وهي أيضا الفئة العمرية التي تكون عموما ذات مسؤوليات أسرية واجتماعية مهمة، بحيث يكون وقع العنف مزدوجاً يمس المنظومة الاجتماعية والاقتصادية للدول.

ولفتت الحقاوي إلى أن قياس ظاهرة العنف يعرف صعوبة، فرغم الجهود الحكومية والمدنية المبذولة لرصد الظاهرة وقياسها، يبقى تقديرها إحصائيا أمراً نسبياً، على اعتبار أن الأمكنة والفضاءات التي يمارس فيها العنف بكثرة هي عموما الفضاءات الخاصة، إذ يتصدر العنف المنزلي بين الأزواج أشكال العنف بنسبة تفوق 50 في المئة، مشيرة أن الأمر يصبح أكثر تعقيدا في حالة التبعية الاقتصادية للزوج العنيف، ومعترفةً بأنه يصعب أو يندر التصريح بالعنف في غياب مسارات الحماية القانونية.


جعل الظاهرة أولوية

في المقابل، رأى المدير العام في المديرية العامة لحقوق الإنسان ودولة القانون في مجلس أوروبا فيليب بويا، أن محاصرة ظاهرة العنف ضد النساء تتطلّب جعل الظاهرة أولوية سياسية وملحّة لأي حكومة ديموقراطية.
وأشاد فيليب، في كلمة له في الجلسة الافتتاحية للندوة، باستضافة المغرب هذه الندوة الإقليمية، وبالجهود التي تبذلها الدولة المغربية لمحاربة العنف ضد النساء، مؤكدا أن مشكلة العنف ضد النساء تعانيها جميع البلدان بتعدد ثقافاتها.

في حين قالت وزيرة المرأة وشؤون الأسرة التونسية السيدة سهام بادي إن المغرب حقق مقدارا كبيرا من النجاح وراكم تجربة ثرية يجب الإفادة منها في الشؤون المتعلقة بالمرأة والأسرة وكذلك في الجانب السياسي.
وجزمت بأن المغرب حليف لا غنى عنه لتونس ولا يمكن إلا أن تكون له المكانة التي يستحقها في منظومة المغرب العربي٬ مضيفة: «نعوّل على المغرب كثيرا وعلى تجربته وعلى قدرته وعلى مسيرته وعلى تاريخه في العديد من المجالات» التي حقق فيها «نجاحا ملحوظا في وقت قصير»، مشيرة إلى أن في المغرب أكثر من 85 مؤسسة تعنى بشأن المرأة المعنفة٬ في حين لا يوجد في تونس أي مركز للإيواء أو الإحاطة أو إدماج المرأة المعنفة.
وقد أجمع المشاركون في الندوة التي اتخذت شعار «لوضع حد لمعاناتهن، لنوقف العنف»، على ضرورة محاربة العنف ضد المرأة عبر تكامل أدوار المجتمع المدني مع القطاعات الحكومية، بما يحقق هدف الحد من هذه الظاهرة التي تمس كل المجتمعات.