نجود سعودية لا تملك هوية...

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, جنسية / هوية, الهوية السعودية, حقوق الإنسان, حسين الشريفي

11 فبراير 2013

هي ربما الأصعب والأقسى، تطل علينا قضية نجود التي لا تعلم ما ستؤول إليه حياتها، بعد حرمانها، طوال ثلاثين عاماً، من الحصول على هوية بلادها، مع ما يترتب على ذلك من صعاب وتعقيدات.


لم تعرف طريق المدرسة يوماً، ولم تفارق الدمعة مقلتيها  منذ ولدت. كانت تتحمل آلام المرض لأنها  بلا هوية ولا تستطيع مراجعة المستشفيات، ولم تحصل حتى على اللقاحات التي يتلقاها الأطفال، علماً أن أشقاءها ووالدتها نعموا بها. تقول:»كنت اشعر بأنه ليس والدي، ولكن لم استطع إن أواجه والدتي بذلك، فصبرت  وكان الثمن أن أصبحت مجهولة ولم اذهب إلي المدرسة لعدم اكتمال أوراقي الثبوتية. كنت اشعر بالحسرة وأنا أرى من هن في سنّي يذهبن إلي المدرسة.  لم اعرف طريقاً للسعادة، فجميع من حولي أصبحوا أشباحاً، حتى والدتي تحولت معهم إلي شبح مخيف يفزعني في نومي، ويقض مضجعي. وعندما أحسست باني اقترب من النهاية، قررت مخالفة توجيهات والدتي لأني اعلم أنها سبب الجحيم الذي أعيشه».

تضيف: «كنت أعيش في أحضان جدتي  لأمي، ولم أجد من يرشدني أو يوجهني. حتى والدتي عندما كنت اسألها عن والدي لم اخرج منها بنتيجة، وعند إلحاحي عليها تقلب الدنيا على رأسي، فكل ما تقوله أنها كانت متزوجة من  رجل قبل  31 عاماً غير زوجها الحالي، وكانت تحاول إقناعي بأنه والدي، وعندما أسألها عن ثبوتياتي تقول: اذهبي إليه! كنت دائما ألح عليها أنني بلا هوية، إلا أن  توسلاتي تذهب مع ارتفاع صراخها، لأعود أدراجي وأنطوي على ذاتي».
في ظل تنكر الجميع لها،  كانت تشعر بأن المدينة بكاملها تحاول طردها من قلوب أهلها ومن أزقتها، ومن ميادينها، واستطردت: «كنت أبكي وأنا أحمل أمتعتي أبحث عن مأوى. وكان حزني يزداد كلما شاهدت طفلة يحملها والدها أو طفلة متشبثة بعباءة والدتها تبحث عن مكان آمن تلوذ به من أعين المارين في تلك الأزقة».

كان تحركها الأول عن طريق إحدى صديقاتها التي  أخذتها إلي أحد فروع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حقوق الإنسان فعلقت عليها الآمال في بداية الأمر، لكن هذه الآمال ما لبثت إن  تبددت وأصبحت سراباً، فطوال الثلاث سنوات الماضية لم تجد منهم إلا الأماني التي تحلم بها طوال الليل، وتختفي مع ساعات الفجر الأولى.  وأضافت: «بقيت معاملتي تدور على جهات كثيرة، ولم أجد بصيص أمل يعيدني إلى عالم البشر، فمن خلال متابعاتي لقضيتي حضر من يقال إنه والدي  لكنهم  اكتشفوا من خلال تحليل  الحمض النووي انه  ليس والدي لأصدم من جديد».

واستطردت نجود: «القاضي في المحكمة أصر على إنزالي  تحت اسم زوج والدتي الأول،  فكيف يتم ذلك وهو ليس والدي والــ «دي ان أي»  أثبت انه ليس والدي، فكيف يجبرني على  شخص لا علاقة لي به؟  أنا أحمّل والدتي المسؤولية  أمام الله والقانون،  فهي من يعرف الحقيقة، وهي من يتحمل ضياع سنوات عمري. حياتي من بدايتها كانت جحيماً وغربة رغم أني أعيش بين  أهلي».  و تساءلت: «ماذا تستفيد والدتي من ضياعي، ولماذا تصر على أن أبقى مجهولة؟ مازلت أعاني مع المحاكم التي تتباعد مواعيد جلساتها، وتؤجل، وحكايتي لا تنتهي».
وعند سؤالها: هل تساعدك والدتك في المراجعات وفي إثبات نسبك  أجابت: «لم أجد من والدتي إلا الرفض الدائم لتحريك معاملتي. فكيف ترضى أن أبقى كذلك وأنا ابنتها التي حملتها في أحشائها؟ فحبها لأبنائها الذين معها من زوجها الحالي وعطفها عليهم يقابلهما المزيد من الإساءة والنكران لي».


حقوق الإنسان

 في اتصال هاتفي  بالدكتور حسين الشريف المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في محافظة جدة، أكد أن الفتاة كانت تراجع الجمعية وانقطعت منذ فترة، ولا يوجد لها أي عنوان أو وسيلة اتصال. وطلب من خلال «لها» من الفتاة أن تعاود الاتصال وأن تتواصل مع مكتب الجمعية.  وتواصلت « لها» مع الفتاة وبالفعل راجعت مكتب الجمعية،  وذكر الشريف بعد مراجعتها  أن الفتاة لها مطالب عدة منها طلبها إثبات نسبها، وبهذا الخصوص أكد أن القاضي أحال الموضوع على الشرطة للمتابعة، وذكر أن المسألة بدأت تتجه إلى مسار التحقيق. وأضاف أنه في ما يخص طلبها الثاني الذي يشمل توفير السكن والدعم المادي، فقد تم تجهيز خطاب للشؤون الاجتماعية  في هذا الشأن، وخطاب آخر للتعليم، وقال: «زوّدناها تعريفاً يساعدها في التنقل وإثبات شخصيتها موقتاً». وطالب الشريف بمساعدتها لتحصل على وظيفة تعينها على ظروف الحياة.