الفنان التشكيلي طوني مسعد يرسم الحياة ويلوّنها في «رباعيات الأحلام»

بيروت-إسماعيل فقيه 30 ديسمبر 2018
ألوانه الصافية لا تعكس جوهر الوردة والزهرة فحسب، بل تذهب مع اللون الى أبعد مداها في البصر والأحاسيس. الفنان التشكيلي اللبناني طوني مسعد الذي رسم المكان والأرض بألوان الطبيعة الصافية، يواصل رسم المشهد والمكان بكل تحولاته ومشتقاته ونظراته. ويقدم باقة من أعماله ولوحاته الجديدة، ويوزعها في معرض لافت ومميز، في الصالة الفنية الراقية في القصر البلدي جونيه، في الضاحية الشمالية لبيروت، ويتحدث عن أعماله وألوانه وخطوطه التي رسمها ورسمته على مدار الوطن وزمنه، فماذا يقول؟


- ماذا ترسم اليوم ولماذا هذا الهدوء كله في ألوانك ولوحتك السعيدة دائماً؟

في مرحلة سابقة، في بدايات تجاربي منذ الثمانينات، تفاوتت لوحاتي بين الخطوط والرسوم بالقلم الرصاص والتلوين بالألوان الزيتية... كانت تعابير شبه سوريالية الى التجريدي التصويري... ربما انشغالي في تلك المرحلة والهموم الدراسية الجامعية تخصّصاً في الأدب العربي والرسم والتصوير معاً، ما حال دون انغماسي كلياً في اللوحة وسبر خفاياها شكلاً ومضموناً وروحاً...

ما بين الكتابة والرسم، ثمّة تلاق نتج منه آنذاك (عام 1977) إصدار وجداني وطني بعنوان «قطار سنوات الكفاح»... ثمة اليوم ما حصر تجاربي باللوحة المائية، كخلاصة تجارب في الألوان الزيتية وأقلام الرصاص والحبر الصيني. اخترت الألوان المائية لأنها تتشرّب من منابع الفرح والضوء... ألوان الفرح وقوس قزح التشكيل، ما يرضي الذات والعين في آن معاً، ويريح ذاتي من عناء التكثيف اللوني وحدّة الأشكال في اللوحة الزيتية.

ثمّة صفاء لوني وشفافية هنا، ما يولّد نسيجاً شعرياً أنحاز إليه أيضاً... رومنسية مشبّعة من قراءاتي الشعرية للكبار من الروّاد الشعراء، من أمثال الياس أبو شبكة وصلاح لبكي، ولأدباء من أمثال فؤاد سليمان وخليل تقي الدين وسواهم من المبدعين...

من هنا الهدوء في ألواني، خلاصات شعرية، رومنسيّة تحديداً، تتلاقى وقراءاتي وإعجابي بشعر وأدب لوحات روّاد، من أمثال عمر الأنسي ومصطفى فرّوخ...

لذا، انسابت ريشتي فرحاً، بسعادة متناهية، حالماً مرتاحاً الى الصمت والعزلة وتفجير ينابيع الألوان من داخلي أكثر منها من الواقع الطبيعي الذي رزح تحت وطأة التشويه والتدمير.

أحاول في لوحتي إعادة ترميم ما رحل... أبني من جديد عمارتي التشكيلية، أعيد الصفاء الى المشهد وفسيفسائية محيطه وأعماقه.

- اللّون الزهريّ كأنّه منارة في لوحتك، علامَ تسلّط نور ألوانك؟

إنه لون الرّبيع... لكن في فصل شتائي إثر التقدّم في العمر. النوستالجيا هنا، لمواجهة موت الذاكرة.

الزهريّ نافذتي الجديدة الى النور، الى نفق يؤدي الى غابات الفرح التي ولّت.

منذ ما يقارب العام، عمدت الى قطف رحيق اللّون، تالياً سجنه في مساحة تعبيريّة، لأنه يحملني على بساط الحلم الى تلك البدايات من العمر، التي احتلّت حيّزاً فسيحاً من حياتي.

هذا اللّون تحديداً، يترجم ما في داخلي الى حبّ أفتقده بريئاً صافياً، مثلما قطر الندى. ذلك الحبّ الذي ألهمني في البدايات عشرات القصائد واللوحات وتعداد النجوم، من تحت شجرة كانت مظلتي في بيتنا القديم.

إنه لون الماضي الذي فقدناه من حياتنا، يوم عصفت أنواء الحرب واشتعلت الساحات حقداً والأبنية التراثية تدميراً.

لا تفسير للون الحبّ، لا تحديد لشعلة اللّون الذي بدأ في الآونة الأخيرة يمتدّ كما العشب البرّي بين شقوق الحجارة في منزل قديم.

- الطبيعة والدرج والزّمان في نواحي الزمن المعتّق، صورة نابضة في لوحتك. لماذا ومن أين أتيت بهذه الخفقات الدافئة الحنونة في أعمالك؟

أنا ابن قرية وذاكرة تالياً، أعشق الفصول بمتناقضاتها: بثلجها ورياحها وهوائها وشمسها ودفئها وحقولها الزاهرة بالسندس الربيعيّ. بخريفها وأوراق شجرها المتساقطة أحزاناً عند بوابة أيلول.

أعشق التراث، لأنه هويتنا، ببيوته الحجر وأدراجه المتعمشقة الى السطوح الخاشعة، الكروم والحفافي والصخور وناي راع من بعيد... انا ابن فيطرون وعاشق جونيه... فيطرون الصخور التي وصفها أمين الريحاني في «قلب لبنان» بمتحف الصخور إثر عبوره في وعرها يوم كانت لا تزال ترفل بحلّة الجمال قبيل هجمة العمران. أعشق جونيه ببيوتها القرميد وشاطئها الرملي يوم كان مساحة حرّة لروّاده... بتاريخها وإرثها الحضاريّ، بقبب كنائسها الضارعة الى أزرق السماء الفاتحة قلبها للجبل وللأفق في آن معاً.

من هنا، برز تأثري العميق، صرت جزءاً من تلك الذاكرة بما حملت من دفء ألوان ورهبة حنين يشدّني الى ما قبل هذا الزمن المخضبّ بأنواع البشاعة والتدمير.

تنقّت لوحاتي شيئاً فشيئاً، خرجت من قوقعة الظلمة الى النور. كان سبقني الى رسم معالم ذلك الإرث كثر من الفنّانين الروّاد من أمثال عمر الأنسي ومصطفى فرّوخ.

اخترت طريقي بألواني الهادئة الدافئة التي تنعكس في اللوحة مرآة لطبيعة حالمة في ذاتي أكثر منها في الخارج. بات وخز الحنين يحثّني أكثر على البوح الهادئ، لإلباس الذاكرة ثوب عروس بأبهى حلّتها.

- ماذا تريد القول في معرضك الجديد؟

أستعرض جزءاً من مسيرتي التشكيلية. مراحل متدرّجة لتشكيل سلم تصاعديّ استعاديّ. من الألوان المائلة الى عتمة الحزن الذي أغرقني في ظلاله، لا سيّما في مطلع القرن الحالي، إثر تبدّل فاضح في الحياة السياسية اللبنانية، وعلى إثر اغتيالات طاولت العدد الأبرز من القيادات اللبنانية. عبّرت عن تلك المرحلة بمجموعة لوحات زيتية خلفيتها السوداء تنمّ عن الحزن الكبير الذي لازمني لفترة طويلة. ثمّ تالياً أنتقل تدريجياً الى حال من الاستقرار، مستعيداً ظلال ما قبل الحرب، تلك الظلال الغارقة في النوستالجيا، الى الحنين الذي ما إن يتغيّب فترة حتّى يطل من جديد. لقد بات ظلاً يلازمني.

فاللوحات المائية التي أستعرض القسم الأكبر منها في معرضي الجديد، تنهل من ذلك الحنين، من ذلك الربيع الذي يفرض وجوده، إذ بتّ أعيش حالة من الصمت والعزلة والتأمّل. في عالم أرفض الغوص في ضوضائه وفساده. في لوحاتي الحديثة، أرسم حلماً كنت أتمناه واقعاً. حلم إنسان يصرّ على تجسيد الماضي حاضراً .

أولي أهمية قصوى لمفردات التراث الذي بات على شفير الزوال.

فمضامين لوحاتي ممّا تقطفه العين من حولي. من جمال لا يزال يشرئبّ برأسه بين الأبنية الحديثة، ولو نادراً، بهدف إبراز الجمال وانتشال واقع التراث من عزلته الى الضوء.

- حنان الزمن أو حنان الجغرافيا؟ أين أنت من هذا الصخب اللونيّ؟

إنه بحق الحنان والدفء والنوستالجيا في آن معاً. محور عاطفيّ مشبّع في المرحلة الجديدة من حبّ التراث، بعد مراحل متعدّدة من التجارب التشكيليّة. كأنني أستقرّ هنا على جزيرة في محيط اجتزته طوال سنوات حياتي.

أستريح مغمضاً عينيّ، مشرّعاً نوافذ قلبي الى الماضي كردّ فعل، في وجه أعاصير الحاضر وبشاعة ما نحياه.

أعود في الزمن الى البدايات التي استقرّت مشاهدها في بؤبؤ العين وفي قعر القلب والوجدان... الى قرية ومدينة، الى فيطرون وجونيه. فيطرون قريتي التي أكسبتني ذلك الصفاء الوجداني لما تحتلّه من جمال طبيعة وروعة صخور وطيب مناخ، ولطف أبنائها، وبفصولها ومشاهدها، بدروبها القديمة وعين مائها وصفصافها وكرومها... إنها الجغرافيا المؤثرة منذ طفولتي، ترجمتها أعمالاً وقصائد وكتابات احتلّت الصحف والإصدارات.

الى جونيه التي قصدتها ذات يوم وأنا فتى، فتجوّلت في شوارعها القديمة وسُحرت بمرأى خليجها وبيوتها القرميد المنثورة كحبّات العنّاب على امتداد الشاطئ. الى بساتين الليمون واللوز التي كانت حلماً وفردوساً تتنعّم به قبل الامتداد العمرانيّ والتكاثف السكاني. إن التمازج ما بين عشقين وحبيّن، جعلني في مرحلة ما، أكثّف من الوجدان، لتحتلّ مساحات أعمالي التشكيلية مائيات زاهية تنقّت من التكثيف.

- كأنه الحبّ العظيم في تفاصيل لوحتك، أيّ حبّ هو الذي تدخل إليه؟

هو الحبّ المتجسّد في رسم معالم الجمال في الطبيعة. أسعى الى الجوانب المضيئة، شكلاً ومضموناً، الى استنهاض ما خفي من عميق أثر.

هو الحبّ الكبير الذي قادني بيد من حرير الى عوالم التشكيل والكتابة والحلم.

الحب مساحة واسعة في حياتي التشكيلية: حبّ المرأة يحتلّ الحيّز الأوسع، لا سيّما في مرحلة الشباب، الى حبّ الوطن والتعلّق بالهويّة، وتالياً حبّ الذاكرة، وقد بتّ راهناً على مسافة أقرب حيث تصفّى ذهني وتنقّت أحلامي، فرحت أسعى الى هذا الحبّ القديم الجديد، بكامل طاقتي الإبداعية، تعبيراً صادقاً، أحمّله مكنوناتي واختلاجاتي وجزءاً من روحي، إذ أمضي الساعات الطويلة غائصاً في بحر التنقيب عن أجمل الألوان لإلباس لوحاتي أثواب الفرح في عرس الطبيعة.

إنه الحبّ العظيم، ولولاه لما استراحت لوحاتي في أحضان الجمال والفرح، مرايا تعكس روح الحبّ، التي تتغلغل سرياناً في عروقي، لا سيّما في الفترة هذه. فلولا الحبّ لما رسمت ولما كتبت، هو الحبّ العظيم المطعّم بالمرارة ليتنقّى، وبالأرق الشديد لينصهر.

- كيف بدأت مع مكونات اللوحة واللون؟ ما الذي حرّضك على خوض هذا الغمار المفعم بالرؤيا والرؤية؟

البدايات كانت بالقلم الرصاص، بدايات موجزة تعبيرية لأشكال سوريالية ووجوه نساء، ومتشابكة بخطوطها، الى حين بدأت تشكيل أعمال باللوحات الزيتية من وحي الطبيعة وفي أحيان لأشكال تتمايز بالغرابة. كان اللون في بداياتي بما توافر لديّ من إمكانات. جاءت لوحاتي مزيجاً خليطاً من مدارس فنية مختلفة. كنت أقف عند مطلّ مشهد أرسمه بقلم القلب قبل نقله الى الورق. أو هي رسائل مرسومة بالحبر واللون الى من أحبها قلبي وشغفت برائحة عطرها حين تمرّ، تاركة أزاهير أناقتها في حنايا ألواني. إنه الحبّ الذي غمرني بنسائمه وحوّل مساري الى اعتناق اللوحة والحرف، الى اعتماد الكتابة والرسم دون سواهما. الى أن أحلم، أن أبني منزلي من التشكيل والتأليف والانحياز الى لغة، من العسير أن نحيا بسلام في كنفها. لغة القلب النابض بالوجدان عصارة الألم والمعاناة.

- هل تحضر المرأة بما تمثّل من جمال الروح والجسد في لوحتك؟

للمرأة حيّز فسيح من أعمالي، بما تمثّل من أنوثة وجمال وبعد إنساني. إنها المدى والأفق الذي يشدّني الى عناقه، شكلاً وروحاً. بتعابيرها الحزينة أو الفرحة... تظهر أحياناً جلّية وطوراً تختفي حول غمامة أو في ظلّ دالية أو بستان ملأته أزهاراً، هدية لها... تعكس ما في داخلي من أحلام تروي ظمأي الروحي حين تبتسم. مرهفة هي، في معجم أعمالي، رقيقة، تحمل في تقاسيم وجهها غضب الأنوثة... في زمن الدراسة الجامعية، انكببت على رسم المرأة دون سواها، ما عدا القليل من مشاهد البحر والطبيعة، تمرّست على تفاصيلها الأنثويّة، بأسلبة نمّت آنذاك عن رغبتي في كشف سحر كينونتها... عشرات الأعمال ترقد بين أعمالي القديمة.

أما راهناً، فهي روح تتجلّى في الطبيعة. فأنا أحلم بها حين أرسم، أخبئها خلف جدار الطبيعة والذاكرة وحبّ رحل برحيلها.

- هل أنت فنّان حزين أو سعيد؟ أو أن لوحتك تعكس الحالتين؟

الحزن الذي عاش في داخلي لأزمنة متلاحقة جعلني أنصهر شيئاً فشيئاً. غير أنّ هذا الحزن تبدّد مع الزمن، ثمّة ما جعلني أعود الى ذاتي. أشذب من ذاكرتي الأوراق الصفراء. أحتفظ بتلك اللحظات الجميلة التي عشتها رغم ندرتها.

أقول اليوم، إنني في حالة استكانة أكثر منها حزناً أو فرحاً. بتّ على قناعة بأن الصمت الذي أحياه يولّد في نفسي تلك الطمأنينة. فلوحتي صديقتي التي أرتاح الى محادثتها بمفردات الألوان. هنا يكمن فرحي الحقيقي الذي ينتشلني لساعات في نهاري من ذكريات عبرت مطعّمة بأكثرها بمرارة فقدان أحدهم أو رحيل آخر.

أنا سعيد، لأنّ مساري التشكيلي بلغ في أوانه، لأنّ ثمرة جهد مارسته طوال حياتي أنتج ثماره، لأنّ ما سعيت لأجله في احتلال مكانة في التشكيل أو الكتابة ترضي ذاتي والآخرين... هنا مكمن سعادتي.

- ماذا رسمت بالأمس... وماذا ترسم اليوم وماذا سترسم غداً؟

أمس، أنهيت اللوحة الأخيرة المخصّصة لمعرضي في القصر البلدي - جونيه بعنوان «رباعيّات الأحلام». لوحة نافذة معلّقة في فضاء النسيان. رأيتها بينما أسير في شارع من شوارع المدينة في جونيه. أما اليوم، في أثناء هذه اللحظة، فأنا أستريح لأيام، ريثما ينتهي معرضي لأعود الى نبش ما يرضي رغبتي من المشاهد التراثية التي أفضّلها دون سواها مادة، تعيد الى الذاكرة ألقها بما أمنحها من حبّ وصدق وحرّية في التعبير اللونيّ، تلك الحرية التي باتت مسرحاً جديداً لانطلاقتي الجديدة.

خلاصة مسيرة:

● العالم الجديد يقرّب المسافات ما بين البلدان. بات هذا العالم في منأى عن خصوصيات الشعوب والعادات والتقاليد.

● أقاتل، ربما، طواحين الهواء، في سماء العالم الجديد.

● غير أني أشعر بالاستكانة حين أمضي ساعات طويلة في إعادة صوغ الماضي بحلّته البهيّة ورصد ما تبقّى من بيوت عتيقة وأدراج وحفاف بين الأبنية الحديثة المتراصّة. إيماناً مني بأن الفن العالميّ ينطلق من المحلّي. فكبار الفنانين الروّاد في العالم رسموا محيطهم وبيئتهم. كانت البساطة مفتاحاً لشهرتهم. البساطة المدبجة بصدق وانتماء حقيقيّ والأحاسيس، لا يمكن أن تنهل من تجارب بعيدة أو من تيارات غير مرتبطة بواقعيتها. فبقدر ما تكون لوحتي أقرب الى ذاتي بقدر ما أشعر بالاطمئنان والفرح. فلا غاية عندي إلاّ إرضاء شغفي وتحويل مساحات ألواني الى لوحات فرح، لا سيما في المرحلة هذه. أما راهناً، فأنا في حال من الهدوء الذاتي، من الاستكانة بعيد أزمات متلاحقة. الى تبدّلات وأحداث عصفت في لبنان. بتّ أحبّ الصمت أكثر، الى العزلة في رحاب المقاهي، رفقائي القهوة والقلم والألوان...

● أرسم عالمي الجواني المشبّع بالحنين الى فراديس الماضي، وغالباً ما يطلّ عليّ من بين الأبنية الحديثة بقايا ذاكرة، تكاد تنطفئ شعلتها في خضمّ حداثة العمران: قرميد هنا، أو درج عتيق غزاه العشب، أو نافذة مهجورة، أو باب خطّت عوامل الزمن في خشبه ما يشبه الجداول المنسابة بين الحقول.

● ثمّة نافذة معلّقة في فضاء التغرّب. هنا، بينما أسير على رصيف المدينة، جونيه، ينتشلني فجأة من شرودي، أغوص في داخله، في ناسه الذين تركوه تحت رحمة الريح والمطر والشموس المتتابعة.

● إنها الهجرة بما تحمل في طياتها من عناوين، مشكوكة كحبات عند مشارف المدينة أو في عمق الأحياء السكنية، تروي حياة أناس كانوا هنا ثمّ غادروا، تاركين أبواب العودة مشرّعة للفراغ... للنسيان.

● إنه الهدوء في ألواني التي تبدو فرحة زاهية من الخارج، غير أنها ترجمة لأحزاني الداخلية، أصوغها على هذه الشاكلة، بمثابة أداء هرب من الواقع، الى فضاء الحلم...

● الألوان الزاهية، الفرحة المفعمة بالإحساس، ما هي إلاّ نوافذ تشرق من داخل مظلم الى مساحات تمنيّتها ذات يوم تبسط ألقها في حياتي...

● أعيش الماضي... أسعى إليه في المدينة أو الريف، بما تبقّى منه، بات وشماً في لوحاتي، أهرب إليه من حاضر مثقل بالآلام والهموم والمعضلات... بالحروب والتدمير... بسجل الذاكرة التي تشكل هويتنا الحقيقية.