“بنت الخياطة” لجمانة حداد رواية الوجع النسائي المرير

06 يناير 2019
صدرت عن دار هاشيت أنطوان/نوفل رواية “بنت الخياطة” للشاعرة والكاتبة والصحافية اللبنانية جمانة حداد.

تحكي الرواية ملحمة المآسي التاريخية المتعاقبة، الفردية والجماعية، وتفتّح قمر الضوء على أوجاع النساء العلنية وتلك المدفونة في اللاوعي، وتشرّع شموسها على مآسي الحروب والهجرات وأهوال الاغتصاب والتيه والوحدة، منذ بدايات القرن الماضي حتى الزمن الروائي الراهن.

الرواية التي تقع في 252 صفحة من الحجم الوسط، تأسرنا بأسلوبها وحبكتها وطريقة معالجتها لمواضيعها المتنوّعة، التي يتشكّل منها عَقدٌ متآلفٌ وتناسقٌ متكاملٌ من الشخصيات والأحوال والحوادث، التي يتوحّد فيها الألم الفردي بالألم الجماعي، في تناغمٍ جنائزيٍّ رهيب.

وبمقدار ما تتأجّج نيران الحسّ الملحمي في الرواية، تنكتب صفحاتها بلغةٍ داخليّة خافتة وخفرة، وبرويّةٍ مُحكمة البناء، حيث ينسحب صوت البعد النسوي لصالح الكتابة الروائية المحنّكة التي تقول المآسي بلا صخبٍ وبلا ضوضاء وبلا هتافاتٍ على السواء.

“بنت الخياطة” ملحمةٌ عائلية عن نساءٍ ولدن قبل شعارات النسوية، وكنّ بطلاتها حتى وهنّ منكسرات: نساءٌ اجتهدن في الالتفاف على الحرب والجوع والفقر والذلّ. نساءٌ في حلب، نساءٌ في عنتاب، نساءٌ في القدس وفي الشام وفي بيروت.

نساءٌ من أزمنةٍ مختلفة بمصيرٍ واحد. نساءٌ هنّ ولائم هادئة وناضجة لوحش الوحدة، قبل أن ترمي بهنّ هذه الوحدة في حضن الموت الدافئ. أربعة أجيالٍ لنساءٍ من دمٍ واحد يسبح في بحيرة الألم.

نساءٌ بكثيرٍ من القصص، بكثيرٍ من الحب، وبكثيرٍ من الموت. من أجل كل هذه الصور المكثّفة والحكايات، شيّدت جمانة حداد نصّها بإحكام، مستخدمةً لغة أدبية سلسة وكتابةً حسيّة بصرية في الدرجة الأولى، لكنها سمعية وشمّية تختلط فيها الأصوات بالألوان والروائح...